حكم الاغلبية بارادة الناس.. وحكم التوافق- المحاصصة - يحبس الانفاس


علي عرمش شوكت
2021 / 10 / 22 - 15:09     

جاءت الديمقراطية الى العراق كبديل للحكم الدكتاتوري البغيض، ولكنها اتت تمشي بلا اقدام. قصيرة الرؤية ثكلى ببناتها المغيبات، كالعدالة الاجتماعية والمواطنة وسيادة القانون. ونظام حكم الاغلبية الفائزة بالانتخابات على وفق المادة 76 من الدستور.. حصل ذلك بحكم هجينية " نظام التوافق " التي فرضها غبار المتسابقين المتدافعين بالمناكب اذا لم يكن باخامص البنادق. حول كراسي الحكم القائم على تقاسم الحصص من المال العام والنفوذ واضعين لنمط نظامهم هذا اسماً. واخذوا يتداولونه تحت مسمى " العملية السياسية " الخالية من الفحوى الديمقراطي، ماعدا بند الانتخابات، الذي يمكن ان يصنع لهم غطاءً يستر جوهر فرهودهم بتقاسم الغنيمة.
وبعد صراع بيني مرير، وتزيف لكل القيّم والقواعد الديمقراطية واستباحة الاعراف والقوانين، القيت بمخلفات همجية الحكم على الناس. متجلية بافقارهم وخراب البلد. مما شكل صدمة انتجت وعياً صارخاً سمع دويه في انتخابات 10 تشرين الحالي الاخيرة . و بهذه الدراما الانتخابية، تلمسنا ما صنعته قوى حراك التغيير المعترضة التي قلبت الطاولة على مزوري اجراء الانتخابات، حيث تم تجريدهم عن وسائلهم المخادعة واوقفت ممارستهم للتزيف الصارخ، الذي اسقط عنهم حتى براقعهم التي غالباً ما اخفت اخطاءهم وخطاياهم.. مستغلة طيبة وشهامة ووطنية العراقيين المطلقة..
وفي مرحلة من مسيرة هذا الحكم، توهموا بانهم يمثلون الاغلبية. فراحوا يدعون الى" حكم الاغلبية السياسية " وحقيقته اغلبية طائفية. غير ان انتخابات تشرين الاخيرة وبعزم قوى الحراك والمقاطعين، قد تعرّوا تماماً ، مما دفعهم الى البحث عن ملاذ يستر عورتهم، فراحوا ينادون بـ " بنظام التوافق " الذي لا يعني سوى المحاصصة التي دمرت البلاد والعباد، عكس ما كانوا ينادون به " حكم الاغلبية " الذي فلت عن قبضتهم، وبقي على طبعه، لن يتحقق الا باردة الناس، الامر الذي امسى راسياً في الصوب الاخر، بمعنى صوب التغيير الذي يصعب عبورهم نحو ضفاف الجماهير الغاضبة بذات الزوارق البالية الآيلة للغرق.
ولم يكتف اصحاب التوافق والمحاصصة بهذه الاستدارة المحفوفة بالانقلاب الكلي الخطير. انما مارسوا التظاهر وحرق الاطارات عكس ما كانوا يعارضون هذا الاسلوب، بل دأبوا على اتهام متظاهري حراك التغيير بـ {الجوكرية واولاد السفارات } علماً ان البون شاسع بين نمط تظاهر الحراك التشريني الذي يطالب بالحقوق لكافة العراقيين الذين اصيبوا بالفقر والحرمان، وبين تظاهرهم الذي يقتصر على مطالب حزبية ضيقة جداً، متمثلة بزيادة مقاعدهم في البرلمان، تلك التي انتزعتها الجماهير منهم بعد ان كشفت حقيقة فشلهم في بناء دولة وجلب السعادة لعموم الناس.
نظام التوافق المحاصصاتي غدا ورقة مهترئة وصار في حال لن ينفعه شيئاً من خلال " التظاهر النفعي الفئوي " المحدود، ازاء ما حل بكابوس الفساد والفشل.. من جراء تظاهر الحراك الديمقراطي في سبل الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية لكل الناس .. وقد اعطى قراءة منطقية مستحدثة للواقع السياسي العراقي، الذي لا يليق به غير النظام الديمقراطي المدني المختار من { الاغلبية الوطنية الحقيقية } التي تعبر عن ارادة الجماهير الواسعة ووحدة العراقيين. والتي تكشف عن التفرقة الكامنة في نظام التوافق الذي يحبس الانفاس حيث ينطوي على عوامل انفرط عقده في اية ساعة يختلف فيها اطرافه حول الحصص ..