الفساد القضائي سبب رئيسي للفساد الإداري والمالي


عبد الهادي الشاوي
2021 / 10 / 21 - 15:13     

ما زرعه الاحتلال الأمريكي في العراق عام 2003 يحصده العراقيون خراب في الوطن .
ان عجز القضاء عن حسم ملفات الفساد المحالة اليه بالرغم من كثرتها هو عدم استقلال القضاء وخضوعه للتأثيرات الحزبية والسياسية والطائفية , اضافة الى ذلك فإن مجلس النواب العراقي قد صادق في الحادي عشر من آب 2015 على حزمة اقتراحات برلمانية قال انها تكملة لمقترحات رئيس الحكومة الاصلاحية والتي من ضمنها مطالبة مجلس القضاء الأعلى بإقامة دعاوى قضائية بحق مجلس النواب ورئيس الوزراء وممثل المرجعية الدينية العليا بحق السياسيين بتهمة الطعن بنزاهة واستقلال القضاء . وحتى قرارات الحكم التي يصدرها القضاء بحق المحالين اليه من المتنفذين نتيجة افتضاح امرهم تكون مخففة لا تتناسب مع تلك الأحكام التي يصدرها القضاء بحق المحالين من عامة الناس , وان القرارات الصادرة بحق المسؤولين المتنفذين ليس سوى ذر الرماد في عيون الشعب لإسكات صوته الذي يطالب بمحاسبة الفاسدين. فلقد اصدر القضاء العراقي قرارا بحق أحد المتنفذين بسنتين سجن مع وقف التنفيذ لقاء هدره ثلاثين مليار دينار بينما اصدر قرارا بحق طفل عمره ثماني سنوات بسنة سجن لقاء سرقته اربعة علب مناديل ورقية , علما ان القضاء غير المستقل يسمي سرقات المتنفذين للأموال العامة بالهدر للأموال العامة وذلك لغرض مداراتهم وتبرير اصدار الأحكام المخففة بحقهم امام الشعب . وعليه فالقضاء على الفساد الاداري والمالي المفضوح يتطلب اصلاح القضاء وتحقيق استقلاله . وفي الحقيقة لا يوجد ما يثبت استقلال القضاء لكونه مسير من قبل الكتل السياسية المتنفذة والتي تتحكم بقرارات القضاء .
ان اسباب عدم استقلال القضاء يعود الى تشريعات الحاكم المدني الأمريكي ( برايمر ) الذي عينته سلطة الائتلاف المؤقتة بالقرار رقم 35 في 18 / 9 / 2003 والذي تم اقراره في المواد 61 و 89 و 91 من دستور جمهورية العراق من قبل العراقيين مزدوجي الجنسية الذين كتبوا الدستور العراقي .
ان الغرض من قيام الحاكم المدني الأمريكي برايمر بإصدار امر اعادة تشكيل القضاء هو لجعل القضاء يقاد من قبل شخص واحد وهو ( رئيس مجلس القضاء الأعلى ) ليسهل على الطبقة السياسية المتنفذة السيطرة على القضاء وتنفيذ قراراتها لكونها هي التي تسير القضاء وتنفذ قراراتها لكونها هي التي تسير القضاء حسب مشيئتها والتي كانت نتيجتها سرقة المال العام وتكبيل العراق بالقروض وفوائدها وتهريب مليارات الدولارات الى خارج العراق حيث تشير الأرقام الى تهريب اكثر من 450 مليار دولار خلال 17 عام من قبل المتنفذين ,بعد ان تم تدمير الاقتصاد العراقي وتفشي الفساد وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والخريجين وخاصة من حملة الشهادات العليا , الى جانب ارتفاع نسب الفقر والفقر المدقع . واهمال وتدمير القطاع العام الذي يمثل القطاعات الانتاجية التي لو استغلت بصورة علمية لاستوعبت ملايين العاطلين عن العمل . ان التعمد في القضاء على الزراعة والصناعة والتعدين والسياحة هو السبب المباشر لجعل العراق يعتمد على اقتصاد ريعي وحيد الجانب بؤرة للفساد الاداري والمالي .
ولو نظرنا الى اعداد الموظفين في دوائر الدولة اليوم فهو يزيد على الأربعة ملايين موظف معظمهم يمثلون البطالة المقنعة وغير منتجين . وكل هذا بسبب سوء الادارة التي يقودها عناصر فاشلة وغير كفؤة وغير مخلصة للوطن نتيجة الاعتماد على نهج المحاصصة الطائفية سيء الصيت . وام شئنا ان ننهض بالاقتصاد المنتج , فعلينا ان نبدأ بالقضاء على الفساد بكافة اشكاله وتفعيل القوانين التي تحمي المنتج المحلي وتحمي المستهلك العراقي.
وفيما يتعلق بالقضاء فقد اكد الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه على ضرورة اصلاح القضاء والنظام القانوني , مبينا ان استكمال البناء الديمقراطي للدولة وتوطيده وحماية منظومة الحقوق والحريات الدستورية يتطلب قضاء مستقلا ونزيها وعادلا , ويؤكد الحزب كلك على العمل من اجل تعزيز مبدأ استقلال القضاء العراقي وتشكيل مجلس القضاء الاعلى وفق اسس ومعايير مهنية ابرزها المنجز الفكري او المهني للقاضي وضمان حماية القضاء واجهزته من التدخلات السياسية ومن الضغوط والتهديدات على اختلاف مصادرها . مؤكدا على اعتماد مبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص والنزاهة والكفاءة والاستقلالية ومعايير السلوك القويم في تعيين بالقضاة والعاملين في الاجهزة القضائية بعيد عن اي شكل من اشكال التمييز بما في ذلك على اساس الجنس ( الجندر ) . ويرى الحزب اهمية اجراء تغييرات في اجهزة القضاء تبعد من ثبت عدم كفاءته وحياديته واهليته والمتورطين في الفساد . مع وضع خطة استراتيجية لإصلاح المؤسسة القضائية بالتعاون والتنسيق بين المؤسسة القضائية والسلطة التنفيذية والمنظمات غير الحكومية بما في ذلك النقابات ذات العلاقة والشخصيات السياسية والاكاديمية والمتخصصون في مجال الاقتصاد والاعمال والاستعانة حتى بخبرات اجنبية . كما يؤكد الحزب الشيوعي العراقي عل تأهيل القضاة المستمر من خلال التدريب المتخصص مع مراجعة القوانين لا سيما قانون العقوبات بما يواكب التطورات في المجتمع والغاء القوانين المشرعة للتمييز والعنف والكراهية . اضافة الى تعزيز صلاحية السلطة القضائية في مراقبة الثروات وتقصي مظاهر الثراء ومتابعة التصرف بالمال العام وفي المكافحة الحازمة لكل مظاهر الفساد . الى جانب تفعيل وتعزيز دور الادعاء العام في ملاحقة مظاهر الفساد المالي والاداري والمحافظة على اموال الدولة وفي حماية امن الدولة والحرص على الديمقراطية والمصالح العليا للشعب وملاحقة الجرائم الارهابية . مؤكدا على فصل المحكمة الاتحادية عن السلطة القضائية باعتبارها جهة قضائية اتحادية عليا مستقلة لا تخضع لعمل السلطة المذكورة . ويرى الحزب كذلك ضرورة تشكيل محكمة مختصة بجرائم المال العام .