حول الخطاب الاخير لحسن نصر الله حول احداث الطيونة


عصام شكري
2021 / 10 / 20 - 09:38     

بنظري ان خطاب حسن نصر الله الاخير والذي يهدد فيه باستخدام ميليشيات حزب الله بوجه ميليشيات القوات اللبنانية يحمل دلالتين سياسيتين: اولهما انه يشير الى افلاس اجتماعي وسياسي وايديولوجي وثانيهما انه موجه لثورة تشرين وليس لسمير جعجع.
ان حزب الله بعد ان افلس اجتماعيا واصبح يرأس منظومة المحاصصة والفساد والقطب الاقوى في الحكومة وبعد ان شرع بعمليات اغتيال (سجلت ضد مجهول) وبعد ان كشف ديماغوجيته و" شماعة فلسطين" والمقاومة والتحرير والشيطان الاكبر والصهيونية… لم يعد لديه الكثير من الخيارات سوى ان يستخدم الارهاب الاجتماعي كوسيلة للبقاء.

ولكن الاهم بنظري من نقطة الافلاس السياسي والاجتماعي هو ان خطابه ليس موجها الى سمير جعجع بل ثورة تشرين. فثورة تشرين هي التي هددت وبشكل جدي كل التوازن الطائفي الديني الحالي وبالتالي هزت وبشكل عنيف موقعية حزب الله السياسية واعلنت ديماغوجية ادعاءاته بانه يناضل من اجل فلسطين او انه مقاومة او انه حتى عدو لاسرائيل. ان افضل طريقة لتدمير ثورة مدنية نسوية وتحررية هو جر المجتمع برمته نحو الاستقطابية الطائفية والتلويح بالارهاب المسلح (شيعة وسنة ومسيحيين الخ). هذا التصعيد الطائفي "نحن نملك كذا مسلح وهم لايملكون...الخ" هو فبركة حقيرة هدفها تدمير ثورين تشرين العلمانية والتحررية والنسوية والمساواتية والمواطنية وسلبها لعنفوانها المدني والانساني. ان ثورة تشرين بمبادئها العلمانية والمواطنية والتحررية هي الخطر على حسن نصر الله تحديدا اليوم اكثر من اي خطر يمكن ان يمثله "رفيقه" سمير جعجع.
ان ما يثير الانتباه هو ان التيارات اليسارية القومية السخيفة التي تشعر بالانتعاش مع كل صراخ "انتي امبريالي" اسلامي يمدها بالمصل اللازم لابقاءها في الساحة تعيد انتاج نفسها (وان بشكل اكثر سخرية حيث قضية فلسطين لم تعد ذكرا يذكر في خارطة السياسة العربية) مع الاستقطاب الديني والطائفي الفاشي ولكنها طبعا تؤله الى ان المهم هو "مقاومة العدو الصهيوني". ان هذه الديماغوجية القومية هي الوجه الاخر للاسلام السياسي الذي دمر المنطقة ورسخ البربرية وعداء المرأة وجر المجتمع في كل مكان وطأته ارجله الى الحضيض الحضاري والانساني.

وباختصار شديد الاسلام السياسي وعلى رأسه الجمهورية الاسلامية الايرانية المدانة والتي شهدت عدة ثورات من جماهير ايران خلال السنين القليلة الماضية والتي وجهت لها اكبر الصفعات في جارهم الاقرب العراق يائس من احراز اي تقدم ويبدو ان افاقه ملبدة كليا مع موجة تحررية علمانية واشتراكية تعلى في كل لحظة.

وفي التحليل الاخير، فان اوامر السيد باقامة التظاهرات الاستفزازية داخل الاحياء السكنية الامنة في بيروت (منطقة الطيونة) وحمل الار بي جي والاسلحة والصراخ الهستيري بحجة الاحتجاج على القاضي المعين بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت هي فعل سياسي مدروس هدف اساسا وتحديدا الى اثارة اجواء طائفية مشحونة. ان جر الموضوع الى صراع مع تيار القوات اللبنانية هو مسرحية مهندسة بشكل جيد. لا يتطلب الامر الكثير من الذكاء. ان اسهل سبيل لخنق صوت الثورة العلمانية والمساواتية والتحررية والاشتراكية المتصاعدة في لبنان هو في التلويح بالمقاتلين والاسلحة والخطاب الطائفي الحقير.