العراق ما بعد الانتخابات!


عادل احمد
2021 / 10 / 18 - 01:39     

عادل أحمد

ان الانتخابات البرلمانية كمبدأ عام، لم ولن تغير شيء في حياة ومعيشة الطبقة العاملة، وفي العراق اليوم خصوصا بأن ما بعد الانتخابات، لا تأتي بأي شيء إيجابي بل، وانما ستؤدي نتائجها إلى المزيد من المأساة والمعاناة للطبقة العاملة والجماهير الكادحة، وما تعود به العمليات الانتخابية سوى لتوزيع الأدوار بين اكثر الأطراف شرورا وفساداً ومن اجل خلق المزيد من الظروف مأساوية للمجتمع واستفادة قلة قليلة جدا من العصابات والمافيات الطائفية والقومية والدينية من ثروات المجتمع …
ان الانتخابات في العراق انتهت وفازت هذه المرة كتلة التيار الصدري بأكثر الأصوات وحصولها على 73 مقعدا، ولكن بأقبال جماهيري اقل حتى من 20% من مجموع من لهم حق التصويت. وفي كردستان حصل حزب البارزاني على 32 مقعدا أيضا في اقبال ضعيف جدا وتحت تهديد الناخبين بالقوة… وان انتخاب المرشحين بأقل من نسبة 20% وفي مجتمع تتجاوز نفوسه أربعين مليونا ومن لهم الحق في التصويت 25 مليون، فان نسبة المشاركين في الانتخابات لا يتجاوز نسبة 20% أي تم تصويت حوالي 5 ملاين من العراقيين لهذه الانتخابات مع مجموع الأحزاب والكتل السياسية. أي ان كل كتلة من الكتل السياسية اذا اخذنا بنظر الاعتبار عدد الأصوات الحاصلة عليها ، فان اكبر الكتل لا يتجاوز مليوني صوت وهذا حتى اقل من 10% من لهم الحق في التصويت؛ اذن ان كل الانتخابات قد تم مقاطعتها من قبل الجماهير اذا اخذنا بنظر الاعتبار إن النظام الديمقراطي والمواطنين احرار في اختياراتهم السياسية … انتهت عملية الانتخابات في العراق ولكن عملية رفض النظام السياسي في العراق دخلت الى مرحلة جديدة وان الصراع والنضال الطبقي قد دخل الى مرحلة تتمتع بالوعي الطبقي حتى وان كان ذلك في طور التكوين. ان الصراع الطبقي حتمي في النظام الرأسمالي ولكن الوعي الطبقي هو تحصيل حاصل، إنه تجربة ونهوض الطبقة العاملة من اجل مصلحتها ومن اجل تحقيق تغير في حياتها اليومية امام هجمة الطبقة البورجوازية والغنية عليها… وان رفض الجماهير لهذه الانتخابات في العراق احد الدلائل المهمة في نهوض الجماهير العمالية. ان الوعي الطبقي هذه المرة تعين في رفض الانتخابات والعملية السياسية، وإنه مكسب مهم ويجب ترقيته و جعله على استعداد لمواجه الميادين الأخرى في المجتمع كقضية المرأة والتي هي احد أهم قضايا المواجهة وان تقف بوجه اسلمة المجتمع والقوانين المناهض للإنسانية. ان قضية اضطهاد المرأة ومواجهة النضال من اجل حقوقها ، تضاعف الوعي الطبقي في المجتمع وتجعل من قضية المرأة تحقيقاً لمساواة حقيقية في المجتمع.
ان نتيجة عملية الانتخابات الأخيرة اثبتت حقيقة بان معركة الجماهير بالضد من كل الأحزاب والكتل السياسية في العملية السياسية مستمرة ولن تنتهي بانتهاء الانتخابات ، وانه بمثابة حضور الجماهير الى المواجهة المباشرة مع كل العملية السياسية وانهائها، تظهر الى العلن مرة أخرى كما رأينا المواجهة في انتفاضة أكتوبر 2019. ولكن هذه المرة تأتي ضمن مواجهة مع التيار الصدري الرابح المعلن في الوقت الحاضر لهذه الانتخابات والتي هيمن في السابق على انتفاضة أكتوبر سياسيا ولكن هذه المرة بدون توهم بالإصلاحات الصدرية… ويتحقق الشعار المعروف : كلهم يعني كلهم! وان نجاح هذه المواجهة هذه المرة يتوقف على الاتحاد والقوة أي التنظيم . وهذا ما يتطلب واجبات إضافية الى تجربتنا النضالية.
اثبتت تجربة ودروس الانتفاضة أكتوبر بان بدون الانسجام بين صفوفنا أي صفوف الجماهير العمال والكادحين ،سوف تذهب كل ما نقوم به من مقدرة ثورية الى صالح احد الأحزاب السياسية في العملية السياسية وتتقوى هذه الاحزاب على ما نضحي من دماء ومعاناة، ونحن نعود الى البيت خالي الوفاض وبدون تحقيق احلامنا… هذه المرة علينا ان نكون اكثر يقظة واكثر وعيا لحركتنا الاحتجاجية وان نفصل صفوفنا عن كل الأحزاب في العملية السياسية وان نبني خطاً واضحا وحائطاً عريضاً بيننا وبينهم جميعاً… وهذا يتم في إيجاد نوع من التنظيم سوف يجلب انسجاما في نظاراتنا ورؤيتنا السياسية وقوة وصلابة في تحدياتنا ومواجهاتنا من اجل انهاء كل العملية السياسية الحالية والتي جاءت محمولة بالطائرات والدبابات الامريكية الى السلطة السياسية. ان احد خياراتنا في المواجهة هي تجميع قوانا ابتدأ من مكان السكن والعمل ومن ثم توسيع رقعتها محليا وتوسيع ارتباطاتنا اكثر مع البعض ومن ثم تبادل خبراتنا مع البعض و نتبادل آرائنا ومقاصدنا مع البعض لكي نخرج بقوة لا تقهر حتى أمام فوهة بنادقهم. وان هذه المهمة لن تنتهي الا بانتهاء وكنس كل العملية السياسية برمتها وإرساء بدلاً عنها برامجنا السياسية المبنية على الحرية والمساواة وحكومة مجالسية تتجسد بإرادتنا المباشرة من اجل تحقيق اهدافنا الإنسانية…