هراء الهوية


مازن كم الماز
2021 / 10 / 17 - 17:10     

الحقيقة للأسف أن العروبة و العودة إلى الإسلام و كل الحديث عن خصوصية عربية إسلامية هو في الحقيقة نتاج للغرب و الحداثة ، ليس مجرد تقليد لهذا الغرب و حداثته ، بل إنها محاولة لتقليد أسوأ ما في تلك الحداثة و ذلك الغرب … ظهر الحديث عن "الهوية" هناك كما عندنا ، بالتحديد في لحظتين تاريخيتين و في كل مرة كان الجواب مختلفًا ، جدًا ، و قمنا نحن بتكرار كل ذلك فيما بعد … في لحظة تاريخية أراد فيها الغرب أو أهله تجاوز سلطة الكنيسة و معتقداتها فعادوا إلى المدن الإغريقية القديمة ، إلى فنانيها و فلاسفتها و اعتبروا هؤلاء و ما أبدعوه و نحتوه و فكروا فيه و قالوه على أنه "هويتهم" التي حاربتها الكنيسة و أخفتها بصرامتها و تهافت أفكارها و قمعها للفكر و الإنسان … بعد ذلك بقرون ، أحفاد دا فنشي و دانتي أنفسهم "سيعيدون اكتشاف" روما و يوليوس قيصر و سيحلمون ببناء روما الثالثة و سيحاولون فعل ذلك بقيادة الدوتشي ، سيذهبون إلى أثيوبيا و البلقان و يموتوا في صحراء شمال أفريقيا و هم يحاولون فعل ذلك … مررنا بالمرحلة الأولى بسرعة هائلة ، و قبل أن يتمكن آباؤنا من إزاحة الغبار عن ابن رشد و القرامطة و المعتزلة و المعري كنا قد دخلنا فعلًا في المرحلة التالية ، أصبحت حكايات الفتوحات و الجنرالات الذين هزموا دولًا و احتلوا شعوبًا و قهروا أممًا و ارتكبوا مذابح و مجازر جماعية و الجنود الذين قتلوا و سحلوا و اغتصبوا و هم يهتفون الله أكبر ، هي فقط التي نسمعها ، أصبحت هي "هويتنا" ، يوليوس قيصر و إمبراطوريته الخاصين بنا ، لقد عبرنا من لحظة النهضة إلى الإيمان بالدوتشي بلمح البصر ، و ما نزال هناك ، لقد مات الدوتشي ، و أحلام بناء روما الثالثة ، هناك ، أو أنها هزمت ، أما هنا فإننا نزداد إيمانًا بالدوتشي الخاص بنا مع كل صباح و ما زلنا بانتظار الفاتحين الذين سيذبحون و يغتصبون و يرفعوا راية لا إله إلا الله على أكوام الجثث … قد يفهم أن يكون عفلق مجرد مقلد للغرب لكن البنا و خاصة قطب لم يكونوا يكررون ما يقوله أي رجل دين بروتستانتي محافظ في ألمانيا النازية أو أي فرد من عصابات الكو كلوكس كلان ، بل كانوا بالتحديد يكررون ما قاله الدوتشي و تلميذه الألماني النجيب … تعالوا الآن لنتحدث قليلًا عن الخصوصية العربية و الإسلامية المزعومة ، أين هي ، ما هي الأمور التي ننسبها ، أو نسبها عفلق و البنا ، لأجدادنا و لم يفعلها الآخرون ؟ احتلال الشعوب المستضعفة و سبي نسائها و قتل رجالها و استعباد أطفالها ، قتل المرتد ، رجم الزناة ، ختان الذكور و الإناث ، قرابين من الحيوانات و البشر ، قتل المثليين جنسيا ، الجزية ، أهل الذمة ، سبايا و إماء ، خصيان ، تحريم الغناء و الرسم و التفكير ، اذكروا لي "شعبًا" , "أمة" ، جماعة من البشر لم تفعل ذلك أو ما يزال فيها أفراد يتوقون لفعل ذلك مرةً أخرى