قوى الثورة المضادة علاء الركابي انموذجا


جلال الصباغ
2021 / 10 / 15 - 22:51     

اثارت الانتخابات الاخيرة في العاشر من تشرين الحالي، الكثير من التساؤلات حول قدرة هذه العملية على تمثيل طموح الجماهير في التغيير. فبعد مشاركة بعض القوى المنبثقة عن الانتفاضة ومقاطعة قوى اخرى لها، كان لكل طرف من هذه الاطراف مبرراته في المشاركة او المقاطعة، فالمشاركون بعد حصول قسم منهم على مقاعد معدودة داخل مجلس النواب، يلقون باللوم على المقاطعين، في انهم السبب الذي اعاق تحقيق قوى تشرين فوزا كبيرا في الانتخابات. فيما يتذبذب موقف المقاطعين بين الشعور بالذنب على موقف المقاطعة وبين التمسك بها دون فهم كاف لأسباب ونتائج هذا الموقف، والبقاء في دائرة القوى البرجوازية التي تؤمن بالانتخابات بشكلها الحالي مع التغيير في بعض من الياتها وقوانينها وابعاد ما يسمى بتأثير السلاح المنفلت والمليشيات والمال وغيرها من الدعوات التي لا تذهب الى جذر المشكلة. فيما القلة من قوى المقاطعة هم الذين يمتلكون رؤية سياسية واضحة ومنهج عملي يعبر بشكل رصين عن رغبة الجماهير في الخلاص ويدرس الحركة الاجتماعية والسياسية الحاصلة داخل البلاد.

ان الجماهير المشاركة في الانتفاضة او المتعاطفة معها، لم تخرج للمطالبة بانتخابات مبكرة او تعديل في قوانين المفوضية او بمراقبة دولية، كما تصور ذلك قوى الثورة المضادة سواء اكانت من بعض قوى تشرين ام من قوى السلطة ذاتها. انما كانت مطالب المنتفضين تتلخص بالخلاص النهائي من نظام المحاصصة الطائفية والقومية، والذي يترتب عليه عيش حياة حرة ومرفهة وتوفير للخدمات التي يحتاجها المواطن بالإضافة الى المطالبة بالمساوة والعدالة وانهاء هيمنة القوى الاقليمية والعالمية واذرعها على البلاد وثرواتها، هذه هي المطالب التي قتل من اجلها الف وجرح عشرات الالاف من المنتفضين، وليس الجلوس مع القتلة والسراق تحت سقف واحد من اجل مناقشة مستقبل الجماهير!!

افرزت نتائج الانتخابات حصول مقتدى الصدر ونوري المالكي والمليشيات يضاف لهم ما حصل عليه محمد الحلبوسي وخميس الخنجر وبارزاني والقوى القومية الكردية على غالبية المقاعد وهذه القوى التقليدية المتحكمة بمقاليد السلطة منذ الاحتلال الامريكي تتبادل المواقع بحسب الظروف والمتغيرات الداخلية والخارجية وطبيعة المرحلة. فالدول الراعية للنظام متمثلة بإيران وامريكا وتركيا والخليج تضاف لها الامم المتحدة والاتحاد الاوربي، تدعم بكل طاقتها الحفاظ على التشكيلة الطائفية القومية، ما زال مشروعها الليبرالي يسير على ما يرام، وما دامت ثروات الجماهير تدر ذهبا على الرعاة الاقليميين والدوليين.

ان حركة امتداد متمثلة بزعيمها علاء الركابي وغيرها من القوى " التشرينية" والمستقلين المحسوبين على الانتفاضة، يمثلون جزءا من قوى الثورة المضادة الذين دخلوا البرلمان والعملية السياسية تحت رعاية القوى التقليدية الميليشية، وسوف يخضعون لذات المنطق الذي يتحكم ويسيّر عملية النهب والقتل والارهاب، دون ان يفعلوا شيئا سوى اعطاء الشرعية لنظام متعفن وسارق، ويمارسون ذات الدور الذي مارسه الحزب الشيوعي العراقي طوال سنوات، وهو تجميل صورة النظام والاشتراك معه في اذلال وقمع الجماهير.
ان ضياع البوصلة والتخبط والتفاهة والانتهازية من اهم سمات الصاعدين الى البرلمان من القوى المنبثقة عن الانتفاضة، وطالما مارس هؤلاء دورا سلبيا داخلها، بل ان تاريخهم القريب شاهد على دورهم التخريبي في تحويل نضال الجماهير باتجاه يصب في مصلحة النظام. وكلنا يتذكر جيدا كيف ان علاء الركابي وامثاله كانوا مثل مقتدى الصدر مشاركين في الانتفاضة، لكنهم الخنجر المسموم الذي طعن ظهر الرافضين لبقاء النظام، فكما قتلت القبعات الزرق المتظاهرين، طالبت في ذات الوقت بانتخابات مبكرة وتغيير في قانون الانتخابات. كذلك يفعل اليوم الدكتور علاء الركابي فهو المشاههرك في الانتخابات وعضو البرلمان الجديد الذي سيجلس بجانب زعماء المليشيات وقادة الفصائل المسلحة ليقرر مصير الجماهير.