الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....31


محمد الحنفي
2021 / 10 / 15 - 02:13     

شروط التخلص من الفساد في جماعاتنا الترابية:.....4

ز ـ والعمال، عندما يمتلكون الوعي بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، فإنهم يعملون على الاطلاع على القوانين المعمول بها، ليعرفوا ليعرفوا:

هل هي متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبحقوق الشغل؟

فإن كانت كذلك، حولوا تلك الحقوق، إلى مطالب، في إطار النقابة التي ينتظمون فيها، وعملوا على وضع برنامج للنضال من أجلها، وخاصة منها، ذات الطابع الاقتصادي، الذي يجعل ما يتلقونه من رب العمل، لايستجب لبعض متطلبات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تمكن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من تعميق الوعي الإنساني، بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يقضون حياتهم من أجل تحقيق هدفين اثنين، لا ثالث لهما:

الهدف الأول: تحقيق العيش الكريم، الذي لا وجود فيه للإهانة، والذل، والهوان، وما يأتي منه، حتى يعد الأولاد، ليخوضوا بدورهم معركة الحياة، انطلاقا من القيم التي نشأوا عليها، وتشبعوا بها، وصاروا ينتجون أفضل منها.

الهدف الثاني: تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لضمان الاستقرار المادي، والمعنوي، ومن أجل العمل على تحقيق مستقبل أبنائهم، وبناتهم، حتى يطمئنوا على فلذات أكبادهم، في هذه الحياة، قولا، وفعلا.

ومعلوم، أن الحرص على التشبع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، بعد الوعي بها، يمكن من مجموعة من الفضائل، التي تعد بالنفع العميم، على المجتمع، ومنها:

أولا: أن التمتع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، يرفع رأسه إلى السماء، مستشعرا إنسانيته، التي ضاعت، قبل الوعي بها، وقبل النضال من أجلها، في الزمن الماضي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومدنيا، وسياسيا، حتى صارت محرمة من السلطات القائمة، ومن أرباب العمل، خاصة، وأن جميع أفراد المجتمع، وفي طليعتهم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، صاروا يدركون: أهمية الحرص على التمتع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل.

ثانيا: مساهمة التمتع بالحقوق الإنسانية، في فرض التمتع بالكثير من المطالب، التي كفت الدولة، أو أرباب العمل، عن الاستجابة إليها، فأصبحت الاستجابة إليها، أمرا مشروعا، نظرا لارتفاع درجة الوعي، بضرورة تحقيقها، لتصير وسيلة من الوسائل، التي ترجع الحياة إلى عموم جماهير الكادحين، وفي مقدمتهم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ثالثا: جعل الحقوق الاجتماعية، أساسا للتعبير عن التمتع بالحقوق الإنسانية، كالتعليم، والصحة، والسكن، وغيرها، مما يمكن من العمل، من أجل تحقيقه في النضال، من أجل التمتع بالحقوق الإنسانية المختلفة، وحقوق الشغل.

رابعا: اعتبار التمتع بالحقوق الاقتصادية، منطلقا للتمتع بالحقوق الإنسانية، مهما كان لونها، نظرا لأهمية الحقوق الاقتصادية من جهة، ولكون الاقتصاد هو أساس الوجود كله، وبدونه، لا نتمتع لا بالحقوق الاجتماعية، ولا بالحقوق الثقافية، ولا بالحقوق المدنية، ولا بالحقوق السياسية، ولا بحقوق الشغل.

بالإضافة إلى أن وجود الإنسان، في هذه الحياة، قائم على أساس الاقتصاد، من بداية وجوده، إلى نهايتها؛ لأنه بدون الاقتصاد، لا نتمتع لا بالحقوق الاجتماعية، ولا بالحقوق الثقافية ولا بالحقوق المدنية ولا بالحقوق السياسية. ولذلك اعتبروا الاقتصاد، هو أساس الوجود، ونعتبر أن الحقوق الاقتصادية هي أساس الحقوق الإنسانية الأخرى، وأساس حقوق الشغل.

خامسا: العمل على إيجاد مجتمع لا وجود فيه للفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لأن انتشار الفساد بأنواعه المختلفة، في أي مجتمع يتناقض مع التمتع بالحقوق الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وإذا لم تكن كذلك فإن كل الحقوق الإنسانية وكل حقوق الشغل محرمة على جميع أفراد المجتمع، مع انتشار الفساد في المجتمع. ولا حقوق لا للعمال، ولا للأجراء، ولا لسائر الكادحين، في المجتمع، اللا إنساني الفاسد. وإذا أراد أفراد المجتمع، أن يتمتعوا بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، عليهم أن ينخرطوا في محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وأن يلحوا على الاستجابة لمطلب تمتيع جميع أفراد المجتمع، بالحقوق الإنسانية، وتمتيع جميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بحقوق الشغل؛ لأن محاربة الفساد، إن لم تقترن بالحرص على ضرورة الاستجابة، لتمتيع كافة أفراد المجتمع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، لا معنى لها؛ لأن المجتمع بدون حقوق الإنسان، وحقوق الشغل، سيبقى مجتمعا فاسدا.

والقوانين المتبعة، والمفعلة في الواقع، إذا لم تكن متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ستبقى منطلقا، لممارسة كافة أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ولذلك، فإن الإقرار بضرورة تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، يجب أن تكون مقرونة بالمطالبة بملاءمة القوانين المعمول بها، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، باعتبار القوانين المتلائمة مع الصكوك المذكورة، تساهم، بشكل كبير، في جعل الناس يتمتعون بحقوقهم، وفي نفس الوقت، يتجاوزون وضعية الفساد القائمة في الواقع.

ح ـ التمتع بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، من عوامل تقدم الأمم، وتطورها، خاصة، وأن جميع أفراد المجتمع، عندما يتمتعون بحقوقهم الإنسانية، وبحقوق الشغل، يعبرون، بذلك، عن تقدم المجتمع، وتطوره، كما يعبرون عن إنسانية المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومدنيا، وسياسيا، حتى يتأتى لإنسانية الإنسان، أن تسود بين جميع أفراد المجتمع، من خلال علاقة الإدارة الجماعية، بالسكان، وبالوافدين عليها من خارج الجماعة، ومن خلال علاقة المجلس الجماعي، بالسكان، وبالوافدين عليه من خارج السكان، ومن خلال علاقة جميع أجهزة الدولة، المتمثلة في المصالح الخارجية، بالمواطنين؛ لأن احترام حقوق الإنسان، وحقوق الشغل، يجب أن يسود على جميع المستويات، وفي جميع المعاملات، بين المواطنين، وبين مختلف الأجهزة، والموظفين.

والتمتع بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، يقف وراء الازدهار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والإداري، معناه التقدم، والتطور، في جميع المجالات.

والتقدم، والتطور، في عقلية الإنسان، وفي جميع العلاقات الإنسانية، بين جميع أفراد المجتمع، وبين كافة الأجهزة الجماعية، وأجهزة الدولة، وكافة أفراد المجتمع.

كما أن التمتع بالحقوق المذكورة، يرفع شأن الإنسان المغربي، الذي حول الدولة من خدمة المخزن، والطبقة الحاكمة، إلى خدمة الجماهير الشعبية الكادحة، كما ترفع شأن جماعاتنا الترابية، وشأن أجهزة الدولة المغربية، وشأن الوطن، المغربي بين الأوطان، وشأن الدولة المغربية، بين الدول؛ لأن التقدم، والتطور، على المستوى الخاص، ينعكس على المستوى العام، كما أن سريان التقدم، والتطور، على المستوى العام، ينعكس على المستوى الخاص، خاصة، وأن منهج التقدم، والتطور، يتناقض كذلك مع كل أشكال الفساد، التي يعرفها المجتمع، وتعرفها أجهزة الجماعات الترابية، وتعرفها مختلف أجهزة الدولة، تتناقض تناقضا مطلقا، مع التقدم، والتطور، ومع منهج التقدم، والتطور.

ط ـ والأمم، والشعوب، لا تكتسب كرامتها، إلا بتمتع جميع أفرادها، بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، سواء تعلق الأمر بالمعاملات، بين الأفراد، أو بالمعاملات، بين الأجهزة الجماعية، وبين سكان الجماعة، أي جماعة، وبين السكان، والوافدين عليها، من خارج السكان، وبين أجهزة الدولة، وبين المواطنين، مهما كانوا، وكيفما كانوا، وبين أجهزة إدارة الدولة المغربية، وبين الشعب المغربي، في أي مدينة، وفي أي قرية، وعلى مستوى التراب الوطني.

فكرامة الأمم، والشعوب، تتجسد في كرامة الأفراد. وكرامة الأفراد، تتجسد في ممارسة الإدارة الحقوقية، تجاه الأفراد، في كل مكان، من تراب الدولة المغربية، لأن أي إهانة، تلحق أي فرد، من أفراد الشعب المغربي، لا تعني: إلا أن هذه الإدارة، لا تحترم الإنسان، ولا تقول بضرورة تمتيعه بالحقوق الإنسانية، وبضرورة احترام تلك الحقوق؛ لأن ذلك، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى احترام الإدارة المغربية، واحترام التعامل القائم بينها، وبين جميع أفراد الشعب. وكل من لم يحترم الإدارة المغربية، فهناك القانون، وهناك المحكمة، التي تصدر حكم القانون المناسب، لأي فعل يقتضي عرض القائم به على القضاء، إذا كان غير فاسد.

والسلطة القائمة في المغرب، يجب أن تلتزم بتفعيل الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، سواء تعلق الأمر بالسلطة التشريعية، التي عليها أن تعتبرها من مصادر التشريع، حتى تصير القوانين التي تصدرها متلائمة معها، كما عليها أن تعمل على ملاءمة كافة القوانين معها، والسلطة التنفيذية، التي عليها أن لا تطبق إلا القوانين المتلائمة معها، على الشعب، والسلطة القضائية التي يجب أن لا تعتمد إلا القوانين المتلائمة معها، حتى تلتزم بما هو إنساني، في الأحكام التي تصدرها كل المحاكم المغربية، أينما كانت، سواء تعلق الأمر بالسلطة التشريعية، أو بالسلطة التنفيذيةـ أو بالسلطة القضائية؛ فإن القوانين غير المتلائمة مع القوانين الدولية الإنسانية، كالإعلانات، والمواثيقـ والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، تصبح لا غية، حتى تتم ملاءمتها مغ القوانين الإنسانية.

وبذلك نستطيع، أن نجعل حقوق الإنسان، المضادة للفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سيد الموقف الإنساني، على جميع المستويات الإنسانية، في الجماعات الحضرية، والقروية الترابية، وبين السكانـ وبين أجهزة الدولة، وبين جميع أفراد الشعب المغربي.