ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة الحلقة الرابعة: (4/ 4)


حسن خليل غريب
2021 / 10 / 12 - 13:48     

من دون أن ننسى قيم العلاقات الإنسانية بين الشعوب
من حق العروبة أن تردع العدوان بشتى الوسائل
بين ثلاثي التحالف العدائي ضد العروبة علاقة مرحلية وليست استراتيجية:
إذا كانت العدائية ضد العروبة، نزعة عنصرية تجمع بين الثلاثي الصهيوني والاستعماري والفارسي، منهجاً استراتيجياً. وهو يُبقي الوطن العربي بشكل خاص على صفيح ساخن، كما أن آثاره السلبية تنال من أمن الشعوب الأخرى بشكل عام. فإن النزعة العدائية، كونها مبنيَّة على التفوق العنصري، لن توفِّر أمن المتحالفين الثلاثة، لأنها إذا حققت أهدافها في الوطن العربي، وإذا لم تكن قد بدأت منذ الآن، سوف تنقل الصراعات إلى ملعبها بعد أن تُخضع العرب لمشيئتها. وأما السبب فلأن الواحدة منها تستبطن العداء للأخرى لأسباب عنصرية أو تفوق عرقي أو نرجسية دينية أو مذهبية، ويجمعها في تحالفات مضمرة أو معلنة في المرحلة الراهنة ليس أكثر من عامل العداء للعروبة.
وأما حال الاستراتيجي في المستقبل، فسوف يتحول إلى صراعات ثنائية بين التحالف الصهيوني – الأميركي من جهة، والنزعة الفارسية من جهة أخرى، ليتحول فيما بعد إلى صراع بين النزعة العنصرية الأميركية والعنصرية الدينية اليهودية. وأما السبب في ذلك، فلن تتحمل العنصرية النرجسية عند كل طرف منها عنصرية الآخر. فكيف يمكن الجمع بين هدف (شعب الله المختار)، وهدف (تفوق العنصر الأبيض الأميركي)؟ وكيف يمكن جمع هدف (دولة المهدي المنتظر) الذي تستفيد منه النزعة الفارسية للترويج لنفسها، مع هدف دولة (المسيح المخلص)، الذي تنتظره النزعة اليهودية للترويج لنفسها أيضاً؟
وإن أي مشروع من المشاريع الثلاثة، يشكل خطورة بالغة على المجتمع الإنساني، وإذا كان ينال الآن بخطورته الكيان العربي برمته، فإنه يحمل الخطورة ذاتها إلى كل شعب من شعوب العالم. ولهذا، نرى أنه بالإضافة لواجب العرب في مواجهته، فإنه تلك المواجهة واجب من واجبات كل الشعوب أيضاً.
وأما عن مواجهة العروبيين للنزعة العدائية، الأميركية والصهيونية والفارسية، فمن حقهم أن يستخدموا شتى الوسائل من أجل ردع العدوان الثلاثي.
وهنا، هل على العروبيين، بعد ردع العدوان وهم بالغوه ولو بعد حين، أن يواجهوا العدائية الثلاثية بعدوانية عربية عنصرية في المستقبل؟
إذا استرخت بعض النفوس العربية الضعيفة واستسلمت إلى فائض القوة العسكرية للعدوانية الثلاثية، فلن يكون استسلامها استراتيجياً، بل سيكون مرحلياً، لأن الإنسان مهما بلغ من درجات الضعف فإنه يحلم بالطريقة التي سيتخلص فيها من العدوان. وهكذا سيقتلع الشعب العربي، بما تؤكد عليه الوقائع، كل مظهر عدواني مما تمارسه عليه ثلاثية عدائية الاستعمار والصهيونية والفارسية. والأمثلة كثيرة، وموجودة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. ولكن ما نحسب أنه واصل إلىه هذا الحلم إلى مآلات سعيدة، وإن كان بواسطة قلة، ومهما طال الزمن، فإن العدائية والكراهية والعدوان، ستندحر كلها أمام إرادة الشعوب وحقها بتقرير مصيرها.
إن ردع العدائية والعدوان ردع مشروع بكل الوسائل والإمكانيات، حتى ولو كانت مواجهة الحقد بالحقد، والعدائية بالعدائية، والعدوان بالعدوان. ولكن وإذا كانت الوسائل مشروعة مرحلياً فإن مداواة الخطأ بالخطأ على الصعيد الاستراتيجي خطأٌ فادح بدون شك.
من أجل ذلك، يمكن للعرب أن يستردوا حقوقهم بالوسيلة التي يختارون حتى ترخي الصراعات أوزارها. ومن بعدها لن يكون الحل سوى باقتلاع مخاطر العدائية والعدوانية من جذورها. وهذا ما يجب على العرب فعله. وذلك بأن تكون أيديهم على زناد البندقية بشتى أوصافها ورموزها، ولكن عليهم أن لا ينسوا بأن معركتهم ستصب في مصلحة القيم والمبادئ السامية العليا، واختيارها طريقاً من أجل سعادة البشرية كلها.
فيا أيها العرب اقتلعوا جذور العدائية حتى تستطيعوا اقتلاع العدوان من جذوره. ولكم في التاريخ أكثر من أنموذج وشكل. ولكم في الوقت الحاضر أمثلة الانتفاضات والثورات الشعبية التي انطلقت في أكثر من قطر عربي، وإنها لن ترخي رحالها، لأنها ككرة الثلج سوف تتراكم بالتدريج حتى تبلغ أهدافها في نهاية الأمر.
إنتهى