الفساد المُعَقْلَن و-الديمقراطي-- المدرسة السويسرية والأمريكية العريقة


الطاهر المعز
2021 / 10 / 12 - 00:55     

تهريب وغسيل المال الفاسد
المدرسة السويسرية والمدرسة الأمريكية

صُمِّمَ النظام المَصْرِفي السّويسري في الأصل لحماية خصوصية العلاقة بين المصرف وزبائنه، ثم نالت المصارف السويسرية شهرة عالمية في مجال التّغطية على جرائم الفساد المالي والتهرُّب الضريبي وغسيل الأموال المنهوبة، مع المحافظة على سُمعة حسنة، مُقارنة بملاذات ضريبية أخرى، اكتسبت سُمعة سيئة، وكشفت "وثائق بنما"، (نيسان/ابريل 2016)، وحَمَلات مُكافحة الفساد، أن عدداً من المحامين وشركات الوساطة المالية السويسرية مُتورّطة في استغلال الثغرات القانونية، لمساعدة زبائنها من مُمثِّلِي الشركات ومن الأثرياء، على إنشاء شركات عابرة للبحار (أوفشور) حقيقية أو وَهْمِيَّة، ذات نشاط غامض، أو غير معروف، في جزر الكاريبي أو المُسْتَعْمَرات والجزر البريطانية وغيرها من الملاذات الضريبية الأوروبية والآسيوية الأخرى. كما نَشرت وسائل إعلام دولية (منها السويسرية) تفاصيل بعض العلاقات بين شركات قانونية سويسرية وتُجَار أسلحة، ومسؤولين حكوميين فاسدين،أوْدَعُوا أموالًا مسروقة أو منهوبة، أو ذات منشأ غامض، في مصارف سويسرية، أو في ملاذات ضريبية، بمساعدة مكاتب مُحاماة، وهيئات استشارات سويسرية، تضم في مجالس إدارتها سياسيين ومصرفيين ومُحامين سويسريين، وعن الدّوْر الرّئيسي للمصارف وشركات الوساطة المالية السويسرية في صفقات مالية دولية سرية في ملاذات ضريبية، وتأسيس ما لا يقل عن أَلْف شركة سنويّا، في ملاذات ضريبية، خلال أربعة عُقُود، وثَبَتَ تَوَرُّطُ العديد من مُؤسِّسِي هذه الشركات، الحقيقية أو الوهْمية، في أعمال إجرامية أو فساد أو تهرب ضريبي.
اكتفى القضاء السويسري بمُصادرة مجموعة من الوثائق القانونية من المقرات التابعة للإتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي وَرَدَ اسمه ضمن "وثائق بَنَما"، بدل التّحقيق مع الشركات ومكاتب المُحاماة والإستشارات السويسرية، كما أعلن التّحقيق بشأن أنشطة بعض المحامين والمؤسسات المالية التي توجد مَقَرّاتُها بمدينة "جنيف" والتي تضم ما لا يقل عن مائتَيْ جمعية دولية، وتستضيف أيضًا مئات الشّركات والهيئات الأخرى، وأعلنت هيئة مراقبة السوق المالية أنها ستتحرى تفاصيل وثائق بنما، ولا داعي لإطلاق إجراءات رسمية، مُستَبْعِدَةً تَوَرُّطَ المصارف وشركات الخَدَمات المالية السويسرية في أي أعمال غير قانونية، أو أي انتهاكات للقواعد المُنَظِمة لعملها، ما أثار استياء الفرع السّويسري لمنظمة الشفافية الدّولية الذي دعا إلى الكشف عن الوُسطاء المالِيِّين والشركات والمكاتب المُتورطة أو المُستخدَمة كَمَنْفَذ خَلْفِي للأنشطة المشبوهة وغسيل الأموال، ودعا إلى إنشاء سجل عام عالمي يَضُمُّ جميع أصحاب الشركات والأطراف المستفيدة...
أظهرت وثائق "بارادايس"، التي تم نشرُها في الخامس من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، انتهاك الشركات متعددة الجنسيات لحقوق الانسان والبيئة في جميع دول العالم، وتشغيل الأطفال، في مصانع ومزارع آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وكَشَفَت وثائق "بارادايس" عدم التزام رأس المال المُعَوْلَم بالمعايير القانونية (قوانين العَمَل والسّلامة المهنية) والإنسانية والأخلاقية، وللعديد من هذه الشركات مقرات أو فُرُوع وحسابات مالية في المصارف السويسرية، ومع ذلك رفضت الحكومة السويسرية مشروع قانون أو تصويت شعبي يتضمّنُ تحميل الشركات العابرة للقارات مَسْؤُولية الإنتهاكات التي ترتكبها الشركات الصغيرة المتعاقدة معها، في البُلْدان الفقيرة التي تَمّتْ بها معاينة الإنتهاكات، لأن إنتاج هذه الشركات المحلية المتعاقدة من الباطن يُباع في الدّول الغنية، وتنتفع الشركات الكُبْرى الأوروبية والأمريكية واليابانية وغيرها بالأرباح الهائلة، وتَرْفُضُ حُكومات الدّول الغنية فَرْضَ قواعد مُلزمة للشركات العابرة للقارات، ومنها شركات تتخذ من سويسرا مقراً لها، لاحترام حقوق الانسان والبيئة، داخل أو خارج الدّول الرأسمالية المتقدّمة، بل كشفت وثائق "بارادايس" تَوَرُّطَ البرجوازية السويسرية وشخصيات مشهورة، في مجالات السياسة والجيش والمال والأعمال، في معاملات خارجية سرية، مشبوهة، منها مُساعدة شركات وأثرياء على إنشاء شركات في الخارج، بهدف التّهَرُّب من احترام حُقُوق العاملين، ومن تسديد الضّرائب، ورغم إدانة بعض السّويسريين من ذوي النّفُوذ السياسي والمالي، بتهمة سوء الإدارة وضبابية تصرفاتهم المالية، منذ 2011، بَقوا يعملون كمستشارين لعدد من المصارف والشركات، ولا يزالون أعضاء في مجالس إدارة العديد من الشركات، ويُساعدون الأثرياء والشركات على إنشاء فروع أو شركات وَهْمِيّة في الملاذات الضّريبية، مقابل رواتب سنوية لا تقل عن مائة ألف دولار، بحسب صحيفة "تاغس انتسايغر"( 06 تشرين الثاني/نوفمبر 2017)، والصّحيفَتَيْن الأسبُوعيّتَيْن "سونتاغس تسايتونغ" الناطقة بالألمانية و"لوماتان ديمانش"، الناطقة بالفرنسية.
للتّذكير: تُعتبر سويسرا مُنتجًا ومُصدّرًا للأسلحة نحو الدول التي تحكمها أنظمة دكتاتورية، ونحو البُلدان التي تعيش حُرُوبا داخلية، كما تزايد نُفُوذ اليمين المُتطرّف، منذ انتخابات 2015، في البرلمان السويسري وفي الحكومة الإتحادية...
تُنافس الولايات المتحدة، المُستعمَرات البريطانية، وسويسرا والملاذات الضريبية الأخرى، فقد نُشِرَتْ "وثائق باندورا" يوم الثالث من تشرين الأول/اكتوبر 2021، وهي الحَلَقَة الثالثة من سلسلة التحقيقات الإستقصائية الواسعة، بمشاركة ستمائة صحافي من أنحاء العالم بدعم من "الإتحاد الدّولي للصحافيين الإستقصائيين"، ضمن سلسلة كانت حلقتها الأولى بعنوان "وثائق بنما" والثانية بعنوان "وثائق بارادايز"، وكشفَتْ هذه الحلقة الثالثة والأكثر إثارة، معلومات عن تهريب الأموال والثروات إلى الملاذات الضريبية، من قِبَل العديد من الحاكمين ومن السياسيين ومشاهير آخرين، من بلدان فقيرة، ما يُنتج حرمان أبناء هذه الأوطان الفقيرة من الرعاية الصحية والتعليم والعمل والسّكن اللائق والنقل المُريح والترفيه، كما كشف التّحقيق بعض المُهَرِّبين الآخرين للثّروات من بلدان رأسمالية متطورة، وعمومًا كشفت "وثائق باندورا" عن المالكين الحقيقيين لأكثر من تسع وعشرين شركة يمتلكها سياسيون ورجال سلطة وأثرياء من معظم بلدان العالم، منهم العرب والصهاينة والأفارقة والآسيويين، وأوْرَدَت الوثائق أسماء أشخاص من الأسَر الحاكمة بالمغرب والبحرَيْن، وكذلك من باكستان والصّين وأذربيجان وفيتنام وغيرها، إلى جانب رئيس وزراء تشيكيا ورئيس كينيا ورئيس الإكوادور ورئيس أوكرانيا، وتوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق الذي يمتلك شركات عديدة للتجارة الخارجية وللإستشارات، وكان يشن حملات على المتهربين من الضرائب، وتمَيَّزَ بتبعيته المفرطة للسياسات الخارجية الأمريكية وحماسه لتدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين، واحتوت القائمة أيضا على العديد من المسؤولين السياسيين والأثرياء، ومنهم 336 من القادة والمسؤولين السياسيين، الحاليين أو السابقين، والمشاهير الذين انشأوا حوالي ألف شركة، أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين البريطانية، وظهرت بعض الأسماء في وثائق بنما وفي وثائق بارادايز، كما تَبَيّن أن 13 ولاية أمريكية، وعلى رأسها ولاية "نيفادا" و"ساوث داكوتا"، من أكبر الملاذات الضريبية العالمية، بفضل توفير السِّرِّيّة المصرفية والمالية، حيث تَضُمُّ 206 من الصناديق الإئتمانية التي تُستخدم لتهريب الأموال من 41 دولة، بحسب "الإتحاد الدّولي للصحافيين الإستقصائيين" الذي يتّخذ من واشنطن مَقَرًّا له، وتُموّلُ نشاطه مؤسسة "فورد" ومؤسسة "المجتمع المفتوح" (جورج سوروس) ومؤسسات من أوروبا الشمالية وأخرى مرتبطة بتمويل وتنظيم "الثورات المُلَوّنة"، وغيرها، بالإشتراك مع منظمة "الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد"، وساهمت مصارف شهيرة ( دويتشه بنك، وجي بي مورغان تشيز، وهتش إس بي سي ...) في غسيل الأموال ومُساعدة الزبائن الأثرياء على تهريب الأموال والتّهرّب من تسديد الضّرائب، ومع ذلك لم يُركّز التقرير على الأثرياء الأمريكيين المتهربين من الضرائب والمُستقرين بالولايات المتحدة، لما تُوفِّرُهُ من سِرِّيّة مصرفية وتكتُّم عن مصْدَر الأموال، بل ركّز التّقرير على أثرياء ورجال دولة أجانب، وورّط آخرين دون أي دليل...
حاولت الولايات المتحدة نسْخَ نموذج "ويكيليكس"، منذ سنة 2013، والذي وصفته إدارة الرئيس "دونالد ترامب"، سنة 2017، بأنه "جهاز استخبارات غير حكومي، مُعادي للولايات المتحدة"، لنشره وثائق حكومية سرية سلمها إليها المبلغون عن المخالفات لفضح جرائم القتل والقرصنة وغيرها من المخالفات التي ترتكبها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هذه المحاولات، تأسيس أو دعم الإتحاد الدولي للصحافيين الإستقصائيين و منظمة الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد، ومنظمات مُماثلة، تُغذّيها الإستخبارات الأمريكية، وحُلفاء أمريكا من مجموعة "العُيُون الخَمْس" (الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبريطانيا ونيوزيلندا) واستخباراتها بالوثائق...
نَظّم البيت الأبيض يوم الثالث من حزيران/ يونيو 2021 ، ندوة صحفية ، صرّح خلالها مسؤول بالرئاسة الأمريكية، ما مفادُهُ، أن الولايات المتحدة تستخدم قدراتها الاستخباراتية، لتخترق أنظمة مقدمي الخدمات خارج الحدود الإقليمية، وتنشر بشكل انتقائي ما تراه مفيدًا لأهدافها كدولة، وتُسرّب المعلومات إلى وسائل الإعلام، التي تنشُرُ أو لا تنشر تلك المعلومات، بحكم ارتباطاتها المالية والتجارية، مع مُراعاة مصالح المُعلنِين، وتُغلّف حكومة الولايات المتحدة هذا العمل الإستخباراتي بشعارات بَرّاقة مثل محاربة الفساد، ودعم الشفافية، والمجتمع المدني، وما إلى ذلك...
تُشكل وثائق "باندورا" نقدًا ذاتيًّا زائفًا للنظام النيوليبرالي، يدعم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في التّجسُّس على الأنظمة التي صنّفتها من الخُصُوم أو الأعداء، ويدعم أعمال التّجسُّس والمُراقبة التي تستهدف الدّول والمجموعات والأفراد، وتمكنت الولايات المتحدة، من خلال ما نُشر (انتقائيا) من "وثائق باندورا"، من حَرْف الأنظار عن الملاذات الضريبية الأمريكية مثل ألاسكا ونيفادا وديلاوير، بل هي دعاية غير مباشرة لكي يلجأ الأثرياء إلى هذه الملاذات الضريبية الأمريكية التي لا تطالها يد القضاء الأمريكي أو الدّولي...
تحتوي أوراق Pandora تفاصيل بشأن أكثر من مائتَيْ صندوق ائتماني تم إنشاؤه في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، نافست الملاذات التقليدية، مثل جزر فيرجن البريطانية وجزر الباهاما، لصالح الولايات المتحدة، إذ قُدِّرَت قيمة الأُصُول المُودعة بالصّناديق الإئتمانية بولاية ساوث داكوتا الأمريكية، بأكثر من 360 مليار دولار على مدى العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، ويسمح قانون ولاية ساوث داكوتا بإنشاء صناديق ائتمان سرية، بنسبة ضرائب رمزية، لفترة غير محدودة زمنيا، وبذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية تتهم الملاذات الضريبية الخارجية والحكام الأجانب بالفساد، بينما تُشجّع مؤسّساتها الأثرياء على إيداع أموالهم بالملاذات الضريبية الأمريكية...
تتنوع الوسائل التي تستخدمها سُلْطة الولايات، لاجتذاب الأثرياء، مثل الضرائب العقارية المنخفضة وانخفاض الرسوم على وقود السيارات وعلى المبيعات، وتفرض بعض الولايات على سكانها ضريبة لا تصل نسبتها إلى 1% من إيرادات الدخل، ونشر الموقع الإقتصادي "سي إن بي سي"، يوم الثامن من أيار/مايو 2012، بيانات مؤسسة الخدمات الضريبية إتش آند آر بلوك الأمريكية، بشأن خمس ولايات الأمريكية تُطبق الضريبة المنخفضة على العقارات والشركات والثروات، هي "وايومنغ" و "ألاباما" و "كولورادو" و "لويزيانا" و "تينيسي".
نشر موقع "هاو ماتش"، يوم 20 آب/أغسطس 2016 قائمة تضم ثلاثين شركة أمريكية، تتصدّرُها "آبل"، تُودع أموالها بملاذات ضريبية، خارج الولايات المتحدة، أي في دول تفرض سبة ضئية من الضرائب على أرباح الشركات، وتستغل معظم الشركات العالمية الكبرى وُجود فُروع لها في الملاذات الضريبية لتُسجّل مَقرّها وأُصُولَها وإيراداتها وأرباحها، وبالتالي ضرائبها، في المكان الذي يفرض أقل نسبة من الضرائب.
لا يردُ إسم هذه الشركات (مثل آبل) وأسماء مالكيها في مُلخّص الوثائق الذي تنشره وسائل الإعلام الكُبرى، فهو نشر انتقائي، لا ينشر سوى مُلخّصات الوثائق التي أوعزت الولايات المتحدة بنشرها...
بينما يُعاني عُمّال وكادحو وفُقراء العالم من استغلال الشركات العابرة للقارات وحكوماتها، لجائحة كورونا من أجل إعادة هيكلة الإقتصاد العالمي ونسف المكتسبات النقابية والإجتماعية، ولتشديد الرقابة على كافة المواطنين بذريعة "حالة الطّوارئ الصّحّية"، استحوذ الأثرياء، ووكلاؤهم في البلدان الفقيرة، من بعض الحاكمين، على الثروات ليُهرّبوها إلى الخارج، ولِيَحْرِموا هذه البُلْدان وكادحيها وفُقرائها من استثمارها في قطاعات منتجة أو خدمات ضرورية...
تُساعد شركات ومكاتب الخدمات والإستشارات القانونية والمالية زبائنها على إنشاء حسابات في الخارج، في مناطق تتميّزُ بالسّرّيّة وبعدم الكشف عن هوية أصحاب الشركات، ما يُسَهِّلُ عمليات غسيل الأموال والتهرب من الضرائب وتجنب التدقيق المالي، وتُساهم الملاذات الضّريبيّة في اتساع الفجوة بين الأثرياء والفُقراء، ما دفع العديد من النقابات والمنظمات السياسية والإجتماعية في العالم إلى مُكافحة هذه الظّاهرة، وتُعتبر سويسرا (وكذلك لكسمبورغ وبعض المُستعمرات البريطانية والعديد من الولايات الأمريكية) مكانًا آمنًا لتهريب الأموال، واشتهرت بعَدَمِ مُساءَلَةِ المُهَرّبين عن مصْدَر ثرواتهم، فيما تُعتَبَرُ الدّول الفقيرة، وشُعُوبُها وكادحوها وفُقراؤها، من أكبر المُتَضَرِّرِين من عمليات تهريب وغسيل الأموال، لأن مصارف كُبرى مثل المصرف السويسري "يو بي إس" وبعض شركات الإستشارات البريطانية والأمريكية، تقوم بعمليات إشهارية مُتَكَتِّمَة في أوساط أثرياء الدّول الغنية من منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأمثالهما) وأثرياء الدّول الفقيرة، في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، لمساعدتهم على تغليف العمليات المشبوهة وتهريب وغسيل الأموال، بغلاف قانوني، ورغم الفضائح العديدة، بقيت المصارف والمُؤسّسات المالية السّويسرية رائدة في مجال إدارة الثروات غير المشروعة والأموال القذرة لدول "الجنوب" واحتفظت هذه المصارف بأموال الشعوب التي تُوُفِّيَ بعض رُؤسائها (حسني مبارك وزين العابدين بن علي...)، كما تستعين هذه المصارف بطواقم من المُحامين وفُقهاء القانون، لمساعدة الزبائن على إنشاء شركات "أوف شور" (خارج الحدود ) وإخفاء الأرصدة في الملاذات الضريبية الآمنة، وهي أموال وقع تهريبُها وحرمان الشّعوب والفُقراء من استثمارها في توفير الخدمات الأساسية، كالبُنية التّحتية والرعاية الصحّيّة والتّعليم...