الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....29


محمد الحنفي
2021 / 10 / 8 - 14:26     

شروط التخلص من الفساد في جماعاتنا الترابية:.....2

ب ـ وجماعاتنا الترابية، لا يمكن أن تتقدم، أو تتطور، بدون وضع حد لكل أشكال الفساد المذكورة، وتجاوز شروطها، التي تقتضي منا: الوعي بخطورتها على سكان الجماعة الترابية، وعلى الجماعة الترابية، وعلى الإدارة الجماعية، وعلى الشعب المغربي، وعلى الوطن ككل، وعلى الدولة المغربية، وعلى شهرتها بانتشار الفساد الانتخابي، والجماعي، والإدارة الحماعية، خاصة، وأن هذه الأنواع الثلاثة من الفساد، لها علاقة بما هو اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي سعيا إلى استئصالها من الواقع، وأملا في أن تصير جماعاتنا الترابية بدون فساد.

فعلاقة أشكال الفساد المرتبطة بالواقع، تجعل النمو الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي للناخبين، وللسماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، أو المرشحين الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، من أجل الحصول على عضوية المجالس الجماعية، ولا يطرحون برامجهم الانتخابية، ولا يعملون على توعية الناخبين، بمضامين تلك البرامج، من أجل إقناعهم بها، سواء تعلق الأمر بالبرنامج الاقتصادي، أو البرنامج الاجتماعي، أو البرنامج الثقافي، أو البرنامج السياسي. وبعد ذلك، يترك أمر الاختيار للناخب، بناء اقتناعه، أو عدم اقتناعه بالبرنامج، وبالشخص الذي يقدم ذلك البرنامج، وبمدى إمكانية التزامه به، حتى لا يكون البرنامج عبارة عن شعارات، لا مضمون لها على ارض الواقع، وفي أفق القضاء المبرم، على الاتجار في ضمائر الناخبين، ومن أجل أن لا يتواجد المرشحون، الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين.

وعلاقة البرنامج بالاجتماع، يجعل الناخبين يستحضرون واقع التعليم العمومي، الذي أصبح ينفر الناس منه، وصار يسعى إلى جعل التعليم الخصوصي، هو البديل لمعاناة التعليم العمومي:

وما ذا يفعل المرشح، في حالة فوزه بمقعد جماعي، من أجل إعادة الاعتبار للتعليم العمومي، أملا في جعله يرتقي بمستواه، حتى لا ينفر التلاميذ منه، وسعيا إلى جعل تلاميذ التعليم العمومي، يشرفون التعليم العمومي من جهة، ويشرفون الشعب، باعتبارهم من أبناء الشعب المغربي، من جهة ثانية؟

وماذا يفعل الأعضاء الجماعيون، باعتبارهم ممثلين للسكان، منتخبين في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، لا وجود فيها لأي شكل من أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بالنسبة للصحة العمومية؟

هل يسعون إلى جعل العلاج مجانيا، في مختلف المستشفيات العمومية؟

وهل يطالبون بمختلف التخصصات، والأجهزة الطبية الضرورية، في مختلف المستشفيات؟

وهل يمكن أن تكون مختلف التخصصات، رهن إشارة المواطنين؟

وماذا يفعل الأعضاء الجماعيون، الذي يعتبرون انفسهم ممثلين للسكان، عندما يتعلق الأمر بالسكن الاجتماعي؟

هل يعتمدون على إيجاد سكن اقتصادي، يكون في متناول ذوي الدخل المحدود؟

هل يمكنون ذوي الدخل المحدود، من جعل الأبناك تقرضهم، بما يتناسب مع مدخولهم، وبفوائد منخفضة، حتى يستطيعوا توفير واجب السكن الاقتصادي، الذي لا يكون في متناولهم، ورهن إشارتهم؟

هل يسعى الأعضاء الجماعيون، إلى جعل الجماعة، تحرص على إيجاد أماكن للترفيه، حتى يستغني السكان عن البحث عن أماكن الترفيه، في أماكن أخرى، وقد تكون هذه الأماكن، عبارة عن جماعات ترابية، تقوم بواجبها، تجاه سكانها، حتى لا يبحثوا عن أماكن الترفيه، في أمكنة أخرى؟

وهل يسعى هؤلاء الأعضاء، إلى إيجاد أماكن التنشيط الثقافي، والمسرحي، وغيرها، مما يمكن أن يساهم في مد الشباب، والشابات، بالقيم النبيلة، التي تلازم الشخصية، أي شخصية، التحلي بها ما ما دامت على قيد الحياة؛ لأنه بدون التنشيط الثقافي، لا يمكن إشاعة القيم النبيلة، بين الشابات، والشباب؟

وهل يمكن للأعضاء الجماعيين، أن يعملوا على جعل الجماعة، بؤرة سياسية، واقتصادية، واجتماعىة، وثقافية متكاملة، تتوفر فيها شروط الجذب، والانجذاب إلى الجماعة، وإلى فضاءاتها المختلفة، من قبل السكان، حتى يقوم هؤلاء الأعضاء، بدورهم، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، تجاه السكان؟

فتقدم جماعاتنا الترابية، لايتم إلا بتجاوز الشروط المنتجة للفساد.

فإذا كانت الشروط قائمة، ومستمرة، بقي إنتاج الفساد الجماعي.

وإذا تم تجاوز شروط إنتاج الفساد الجماعي، يتغير الأمر، وتصير جماعاتنا الترابية، في متناول خدمة السكان، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

ج ـ وبالنسبة للعوامل، التي تجعل جماعاتنا الترابية متقدمة، ومتطورة، فإننا نجد، أن هذه العوامل، تتمثل في:

أولا: القضاء على الفساد الانتخابي، الذي يتكون من الفساد الجماعي، وفساد الأعضاء الجماعيين، وفساد المجلس الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية؛ لأنه إذا تم التخلص من كل أشكال الفساد الجماعي الثلاثة: المتجسدة في الإعداد للانتخابات، في أفق إيجاد مجالس جماعية. وهو الفساد الذي سميناه بالفساد الانتخابي، ثم الفساد الذي يمارسه الأعضاء الجماعيون، في علاقتهم مع السكان المنتمين إلى الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية، ومع الوافدين عليها، من خارج الجماعة الترابية، ومع أعضاء المكتب الجماعين ومع الرئيس، ثم الفساد الذي يمارسه الموظفون الجماعيون، أو العمال العاملون في الإدارة الجماعية، والذي له علاقة مباشرة بالأعضاء الجماعيين، أو بالسكان مباشرة، أو بالوافدين على الإدارة الجماعية، من خارج السكان. وهذا النوع، هو الذي نسميه بفساد الإدارة، الجماعية.

وعندما يتم وضح حد لهذه الأنواع الثلاثة من الفساد الانتخابي، والفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية، تصبح جماعاتنا الترابية، خالية من الفساد، ويصبح التعامل مع الجماعة الترابية خاليا من الفساد، ويصير الفساد الجماعي في ذمة التاريخ، ويصير العمل الجماعي في خدمة السكان، وفي خدمة الوافدين على الجماعة، من خارج السكان.

غير أن الوزارة الوصية، على جماعاتنا الترابية، التي أشرفت على ترسيخ الفساد، في جماعاتنا الترابية، لا يظهر في ممارستها، أنها تسعى إلى إلى استئصال الفساد منها، وتسعى إلى أن تستمر مختلف الجماعات فاسدة؛ لأن فسادها، يستفيد منه المشرفون عليها مباشرة، خاصة، وأن الوزارة الوصية فاسدة، وأن فساد الجماعات الترابية، مستمد من فساد المنتمين إلى الوزارة الوصية، خاصة، وأن جماعاتنا الترابية، لا يمكن أن تقبل ممارسة الفساد من أعضائها، أو من الموظفين الجماعيين، ومن العمال العاملين في الإدارة الجماعية، لو لم تعرف: أن السلطة الوصية، تغض الطرف عن الفساد الجماعي، بأنواعه الثلاثة، ولا تقوم بأي إجراء ضد الفساد الانتخابي، أو ضد فساد الأعضاء الجماعيين، أو ضد الفاسدين من الموظفين، ومن العمال العاملين في الإدارة الجماعية، بسبب ممارستهم للفساد، حتى يرتدع الفاسدون؛ لأن غض الطرف، عن كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الممارس في الجماعة الترابية، وفي إدارتها، يشجع على ممارسة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وعلى مضاعفته، والمبالغة فيه.

ثانيا: إحكام المراقبة، على ممارسي كل أنواع الفساد، التي لها علاقة بالجماعة الترابية. وهم بالنسبة للفساد الانتخابي: الناخبون الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، وسماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، والمرشحون الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين. وبالنسبة للفساد الجماعي: الأعضاء الجماعيون، في علاقتهم بالسكان، وبالوافدين على الجماعة، من خارج السكان، وبأعضاء المكتب الجماعي، وبالرئيس، وبالإدارة الجماعية؛ لأن كل علاقات الأعضاء الجماعيين، لا تكون إلا في إطار الفساد الجماعي. بالإضافة إلى تشديد الرقابة على الموظفين الجماعيين، وعلى العمال العاملين في الإدارة الجماعية، في علاقتهم بالأعضاء الجماعيين، وبالسكان مباشرة.

ثالثا: اتخاذ الإجراءات الضرورية، التي يقتضيها ضبط المتلبسين بالفساد، من أجل إعداد الملفات، التي تعرض على القضاء، خاصة وأن ممارسة الفساد، لا تسيء إلى القائمين به، ولا إلى الجماعة فقط، ولا إلى السكان كذلك، بل تسيء إلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى سمعة الدولة المغربية، على المستوى الدولي. وهو ما يقتضي عرض المتلبسين بالفساد، على أنظار المحكمة، أي محكمة، من أجل أن تقول كلمتها فيهم.

رابعا: القيام بحملة توعوية، في أوساط السكان، وبين الأعضاء الجماعيين، وفي صفوف الموظفين، وفي صفوف العمال العاملين في الإدارة الجماعية، في أفق إقناعهم بخطورة ممارسة الفساد الجماعي، على الجماعة، وعلى السكان، وعلى الإدارة الجماعية، وعلى كل المتعاملين مع الجماعة الترابية، وعلى مستقبل الأجيال الصاعدة، الذين قد يتربون، بأموال الفساد، وينشأون على ممارسة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يمتلك كل المعنيين بالعمل الجماعي، الوعي بخطورة الفساد الجماعي، على مستقبل الجماعة بصفة خاصة، وعلى مستقبل الشعب المغربي، وعلى المغرب بصفة عامة.