ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تجمعها وحدة الكراهية للعروبة (2/ 4) الحلقة الثانية:


حسن خليل غريب
2021 / 10 / 7 - 22:55     

كراهية الصهيونية – الأميركية للعروبة
مظاهر العداء الصهيوني:
بالإضافة إلى حضور ممثل للصهيونية للمؤتمر، وموافقته على كل بنوده، فقد نالت الصهيونية حصتها الدسمة من مقرراته. وقد برز ذلك من خلال البنود ذات العلاقة بمنع قيام وحدة جغرافية تضم مختلف المناطق الناطقة باللغة العربية. فقد كانت من بين أهم تلك البنود التي تجمع مصلحة الدول الاستعمارية ومصلحة الصهيونية العالمية كان في النص التالي: »من أجل الحؤول دون الوحدة، قرر المؤتمر زرع كيان جغرافي سياسي بين القسم الآسيوي والقسم الأفريقي، أي على أرض فلسطين، على أن يسكنه شعب صديق للغرب، ومعادٍ للعرب«. وقد تمت ترجمة القرار بإعطاء وعد من بلفور، وزير خارجية بريطانيا بعد إسقاط الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. وتم تنفيذ هذا الوعد على أرض الواقع في العام 1948، بإصدار قرار تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب. هذا وما تقوم به الدول الغربية من إرغام الأنظمة الرسمية العربية على عقد معاهدات التطبيع مع العدو الصهيوني،، له دلالات وأبعاد استكمال تنفيذ المشروع العدائي للعرب.
وإذا أعدنا التذكير بما يكنه اليهود من مظاهر العداء الديني ليس للإسلام فحسب، بل للمسيحية أيضاً، فسنجد عاملاً آخر للعداء الذي تكنه الصهيونية للعرب، مسلمين ومسيحيين. وهو أكثر دلالة من أي شيء آخر، وهو النص التوراتي الذي يأمر اليهود بأنهم عندما يدخلون أرضاً، فعليهم أن يقتلعوا الشجر والحجر، وأن يبقروا بطون النساء...
وإذا راجعنا ما جرى منذ العام 1947 حتى الآن، نجد أن يد الصهيونية تكون المشارك المميز في كل ما يجري من فظائع ارتكبت على الساحة العربية. خاصة دخول العامل اليهودي مع الاحتلال الأميركي إلى العراق المحتل. فهناك حيث تجد للأميركي وجود، فهو وجود للصهيونية.
-مظاهر العداء الأميركي:
وإذا كان الدخول الأميركي إلى المنطقة العربية قد جاء متأخراً، بعد أن أُنهكت أوصال دول الاستعمار القديم، بسبب خوضها حربين عالميتين الأولى والثانية، ابتدأت في نصف العقد الثاني من القرن العشرين، وانتهت في النصف الأول من العقد الخامس. وما كادت تلك المرحلة تنتهي حتى ابتدأ دخول أميركا، الدولة الفتية، الحديثة التكوين إلى الوطن العربي. بحيث فرضت سيطرتها ونفوذها على العديد من الأنظمة الرسمية العربية، وبتلك الهيمنة أخذت تنفذ مشاريعها العدائية ضد العرب عبر تلك السيطرة.
وإذا لم تكن مناهج التواجد الأميركي في الوطن العربي نابعة من أيديولوجيات دينية متعصبة، فإنها مبنيَّة على قواعد عنصرية يوجه مساراتها مبدأ »تفوُّق العنصر الأميركي الأبيض«. وإن هذه العنصرية، بكونها عدائية في أكثر جوانبها الإنسانية، تحتاج إلى عوامل تساعدها على تصدير نفسها، فكانت مقررات مؤتمر كامبل بانرمان النظرية، وتطبيقاتها العملية، مما تحتاج إليه العنصرية الأميركية، ولذلك، فإن أميركا من جملة ما ورثته من تركة الاستعمار القديم، فقد ورثت تأييد قيام الدولة الصهيونية في فلسطين، وأعلنت تبنيها لاحقاً حتى للأيديولوجيا الصهيونية في عهد جورج بوش الإبن. وهو الرئيس الأميركي الذي تم الترويج له، بأنه »مُرسل من الرب لتخليص البشرية«، متضمناً التبشير بقيام آخر معركة بين الخير والشر في هرمجدون الفلسطينية.
وأما عن عنصرية أميركا، بالإضافة إلى عشرات الأقوال التي رددها أميركيون، من رؤوساء جمهورية وغيرهم، فقد عبَّر عنها، لوليان كورز، أحد أقطاب صناعة البيرة، عندما خاطب الأميركيين السود قائلاً: »إحدى أفضل الأشياء التي قام بها تجار العبيد بحقكم هي جرّ أجدادكم المكبلين حتى وصلوا بهم إلى هنا«. ولم يكتفوا بذلك، ومن أجل عنصريتهم الشديدة التعصب، فقد أبادوا الملايين من سكان القارة الأميركية الأصليين. وهذا يطرح التساؤول التالي: إذا كان الأوروبيون الذين غزوا أميركا، منذ ما قبل العام 1493، قد فعلوا بعبيد أفريقيا من جهة، وبسكان أميركا الأصليين من جهة أخرى. فلنتصور نظرتهم وتصرفهم ضد الشعوب الأخرى، كما فعلوا ويفعلون بالعرب؟
وإذا فتحنا صفحات الجرائم الكبرى التي لا تزال أميركا الرأسمالية العنصرية ترتكبها، بشكل خاص منذ احتلال العراق في العام 2003، الذي أرهقته قبل احتلاله بحصار اقتصادي صارم. فقد أكملت تدميره تدميراً كاملاً، ومسحت كل معالم النظام الحضاري مسحاً كاملاً، وجعلت منه بلداً يئن سكانه من التدمير والقتل والتهجير والجوع والمرض. ولم تكتف بذلك، بل سلَّمته إلى نفوذ إيراني، مجبول بالعدائية الفارسية، فعاثت بدورها في تدمير بنيته الاجتماعية تمزيقاً، وعاثت في ثرواته سرقة ونهباً.