إلى السلطة الثورية الجديدة … أحلامنا لا تعرف حدودا


سفيان بوزيد
2021 / 10 / 3 - 23:29     

هكذا قال القائد الثوري الارجنتني تشي غيفارا ، و طالما أنّ الثورات ليس لديها جنسانية أو مرتهنة في حدود ما ، و لأنّ أثر الفراشة في أي تحرك شعبي من أجل الخبز و الأرض و الحريّة له تأثير عميق على النفس النضالي للشعوب …
فما شهدته تونس اليوم في مسيرات شعبية بكافة ولايات الجمهورية التونسية ، مساندة للاجراءات السلطة الثورية الجديدة ، التي قام بها الرئيس قيس سعيد ، و عززها بإعلان تدابير إستثنائية حماية للبلاد من تفكككها ، و الحفاظ على سلامة ترابها و شعبها ، و تأتي قرارات السلطة الثورية التي تولت فعليا الحكم في البلاد منذ 25 جويلية 2021 بعد ان تسبب حكم اليمين الديني و الذي تمثله حركة النهضة المتحالفة مع اليمين الليبرالي و المافيا التي تمسك بزمام الاقتصاد في البلاد و حيث ان سياستها طيلة العشرية السوداء خلفت الخراب و الدمار للدولة :
- اذ تم اغراق البلاد بالمديونية فحسب الارقام تمثل الديون التي اقترضتها حكومات النهضة من سنة 2011 الى غاية 25 جويلية 2021 (تاريخ تولي السلطة الثورية الجديدة الحكم) 90 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد ، و تكون بذلك قد رهنت سيادة القرار الوطني للصناديق الاستعمارية على غرار صندوق النقد و البنك الدوليين
- فساد البرلمان اذ تفشى فيه العنف و تبييض الارهاب و تولى عدد من "الكناطرية" و "منظري الارهاب" اعطاء الصفقات للوبيات المال و الاعمال ، ليجهظوا بذلك اي محالة للنهوض بالاقتصاد الوطني.

-انتقال ديمقراطي مزور :

إنّ المتتبع لهذه العشريّة المسمّاة زورا بالإنتقال الديمقراطي ،سجدّت عبثيّتها أحزاب سياسيّة حاكمة تلقت تمويلات من جهات داخلية و خارجيّة مشبوهة حسب تقارير لمحكمة المحاسبات و مراقبيين من المجتمع المدنيا فتورطت بعصابات التهريب و الإرهاب و لعلّ أكبر دليل على ذلك هو ما كشفته هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد و الإبراهمي عن الغرفة السوداء ( و هو جهاز عمليّاتي استخباراتي تابع لحركة النهضة ) و علاقاتها بالمجموعات الإرهابية و الإغتيالات السياسية كما أنّ هذا الانتقال الديمقراطي المزور إنحصر جلّه في تسويات و ترتيبات و توافقات للالتفاف على شعارات 17 ديسمبر /14 جانفي و مطالبها،
بعد أن إستعملت عدد كبير من الأحزاب السيّاسية خاصّة منها الإسلامية البعد الديني و العقائدي في الإنتخابات السابقة ، دخلت الطغمة الماليّة بقوةّ في انتخابات 2019لتمولّ الأحزاب السياسية ، كما أنّ عددا من رجال الأعمال وٌجدوا على رأس الكثير من القائمات الإنتخابيّة ، علاوة على دخول أطراف دوليّة خاصةّ الخليجية و التركية بدعم مادي و معنوي لعدد من الاحزاب خدمة لأجندتها و مصالحها في المنطقة.
فكانت نتيجة هذه المنظومة الفاسدة أن أفرزت تركيبة هجينة ، غريبة و خطرة على البلاد ، حيث أن ظهرت كتل نيابيّة لا برنامج لها ، و رجال أعمال يمررون قوانين تخدم مصالحهم ، و نواّب فاسدون إتخذوا من الحصانة حماية ، و تفاقم العنف داخل المجلس ، فكانت الحصيلة : ترذيل للعمل النيابي ، و إغراق بالبلاد بالمديونية ، و إرتهانها للخارج ، و تفقير للشعب و تفشي الشعبويةّ خاصة من كتلة لمجلس النوّاب غلبت عليها و المحاصصة السيّاسية الضيّقة أدّت إلى إستشراء الفساد و الإرهاب و العنف "الفوقي" .
عدالة "انتقاليّة" أم عدالة "تكميم و مال"
لا توجد مرحلة انتقالية دون عدالة انتقالية ، فإنتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت منذ الإستقلال إلى غاية الثورة – رغم أنّ الإنتهاكات الجسدية و الهرسلة و النفسية تواصلت في عهد حكم الخوانجيّة- قَبرها الحكم الخوانجيّ ، إذ لم يؤسسوا منظومة انتقالية تقطع مع انتهاكات الماضي و تمنع تكرار انتهاكات الماضي بدليل ان الانتهاكات الجسدية و النفسية و الهرسلة تواصلت في عهدهم : فتواصل التعذيب بمراكز الإيقاف و السحل و الضرب التونسيين دون حساب ، و وصل الأمر بهم إلى إستعمال سلاح "الرشّ " المحرمّ دوليّا ضدّ المحتجين المطالبين بالتنمية الجهوية العادلة في سليانة ذات 27 و 28 و 29 نوفمبر 2012 ، فأصيب الضحايا في أعينهم و وجهوهم…
كما أن الأحزاب الحاكمة لم يكن لديها الإستعداد في ترسيخ العدالة الانتقالية فكانت النية من البداية واضحة في الإسراع بطيّ صفحة الماضي عبر عقد التسويات ، و كان جليّا بشدة في ملف شهداء و جرحى الثورة ، هيئة الحقيقة و الكرامة .
تدمير الإقتصاد الوطني :
بلغت نسبة الفقر في تونس حسب ارقام المعهد الوطني للاحصاء و البنك الدولي 20,2 في المائة ، كما سجلت نسبة البطالة 17,4 % في الثلاثي الأول لسنة 2021 و على مستوى الهجرة الغير النظاميّة "الحرقة" سجلّ 6100 مهاجر سنة 2020 علما أنّه في السداسي الأولّ لسنة 2021 سجلّ المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية 11609 مهاجرا غير نظاميّا للسواحل الأروبيّة ، و نأتي على رقم آخر خطير ، أفقد البلاد سيادتها : إذ كانت نسبة الديون من إجمالي الناتج المحلي 37 % سنة 2010 لتقفز إلى 87 %سنة 2020 مع توقعات ان تبلع نسبة الديون إلى 114 % في نهارية سنة 2021 حسب البنك الدولي و البنك المركزي ، رقم آخر يبرز ما قدمتهّ العشريّة السوداء من حكم الخوّانجية إذ أنّه في سنة 2010 بلغت 3,51 % لتصل إلى 8,8 -%!حسب ارقام البنك الدولي في النفس السياق تتحدثّ أرقام عجز الميزان التجاري لسنة 2020 12757,8 – بعد أن كانت في نسة 2010 8297,7 – حسب أرقام وزارة التجارة ، و يواصل الدينار التونسي إنهياره أمام الدولار إذ كان في سنة 2010 يساوي دولار واحد = 1,27 دينار ، لينهار في سنة 2021 و تبلغ قيمته 2,79 دينار حسب بورصة تونس ،
السياسة الأخرى التي إعتمدته حركة النهضة هو تعميم الجهل و إجبار الكفاءات الوطنيّة من أطباء و أساتذة و جامعيين و مهندسين و باحثين فسحب مكتب تونس للمنظمة الدولية للهجرة ، كان عدد الكفاءات المهاجرة في سنة 2010 لا يبلغ سوى 6,10 % ليصل إلى حدود 48 %



كما أنّ التحركّات الشبّابية إتخذت - بعد عشرية سوداء من فشل حكومات الخوانجيّة- منحى تصاعديّا و أكثر وعيا و تنظمّا ، كما أنّ مكونّات المجتمع المدني و المنظماّت الوطنيّة و التفافها حول مطالب الجماهير ساهمت في توسيع أرضيّة الثورة طبقيّا و مناطقيّا ممّا أدّى إلى ارباك مفاصل الحكّام الجدد
و المسار الثاني و هو مسار التمسك بهاته الشعارات و الدفاع عنها و النّضال من أجل وطن حر كامل السيادة و شعب سعيد . و قد راكم هذا المسار سلسلة طويلة من الهبَّات الشعبيّة و التّضحيات و قدم الشهيدات و الشهداء و الجرحى.

فشل ذريع و صادم في مجابهة جائحة الكورونا :
البلاد حيث أنّ معدلّ الوفيات في تونس تجاوز 200 حالة وفاة يوميا لنبلغ في عهد النهضة و المشيشي عددا مهولة للمواطنين الذين توفوا بسبب الكورونا ، وسط تشكيك في الأرقام الرسمية المعلنة التي اعلنت على ان عدد الوفيات هو 20 الف ، رغم ان الرقم المتوقع اكثر بذلك بكثير و لتحتل تونس المرتبة اولى عربيا بسبب الوفيات بالكورونا

هذه قطرة من فيض ، عشرية سوداء من مفسدة الاخلاق السياسية و من التمعش على حساب الدولة و بل وصلت الوقاحة بعبد الكريم الهاروني القيادي بحركة النهضة ان يطالب الدولة بالتعويضات على "نضاله" و الا سوف يحرك الشارع ، و لكن يا خيبة مسعاه ، تحرك الشعب ضدهم ، و قام باسقاطهم ، و برميهم الى مزبلة التاريخ .
المجد و الخلود لشهداء البلاد ، و العزة للسلطة الثورية الجديدة