عن علمانية المعارضة السورية


مازن كم الماز
2021 / 10 / 3 - 18:38     

استيقظ عدد من المعارضين السوريين مؤخرا و عادوا للحديث عن علمانية سورية ، علمانية خاصة بهم أو بنا ، خاصة بسورياهم الجديدة ، علمانية بخصوصية سورية ، أكيد أن آذاننا معتادة على قصة هذه الخصوصية ، بالنسبة للأنظمة العربية لسنا جاهزين للحرية بعد و لن نكون ، بالنسبة للإسلاميين لا وجود لحرية فردية و لن تكون ، و بالنسبة لمدعي العلمانية المعارضين فنحن أيضًا لسنا جاهزين لهذه الحرية الفردية و عيش يا كديش ، أجسادنا و عقولنا ليست لنا و لن تكون ، ولدنا و نستمر بالوجود كقطيع واحد ذا هوية واحدة ، بوصفة أخلاقية و عقلية و قيمية واحدة … أما الحريات الفردية ، المتطرفة ، بما فيها حرية التفكير و التعبير و الحب الحر و النقد و السخرية ، فإنها محظورة و مدانة أو في أفضل الأقوال : "مؤجلة" حتى تنضج الظروف" و حتى ذلك الزمان سيستخدم مدعو العلمانية الإسلام تمامًا كما يستخدمه الإسلاميون : كحقيقة مطلقة يمنع انتقادها و التفكير خارجها أو ضدها … لكن الدين يختلف تمامًا عن الأفكار أو الايديولوجيات الأخرى ، إن وجود الله عز و جل لا يحتمل إلا احتمالين لا ثالث لهما : إما أن الله موجود و بالتالي لا داعي لا لعلمانية و لا لمدنية أو أية أفكار بشرية أيًا تكن ، أو أنه غير موجود و في هذه الحالة لا أهمية لأي تفصيل آخر ، سواءً لعدد من يؤمنون بهذه الخرافة أو لقدمها أو حداثتها الخ ، و في هذه الحالة يكون استخدام هذا الكائن الخرافي لمخاطبة "الجماهير" و إخضاعها هو مجرد خداع لهذه "الجماهير" المؤمنة … في الحقيقة من الرائع أن هذه العلمانية المفصلة على مقاس المعارضة السورية و نظامها المنتظر أبعد ما تكون عن العلمانية ، أنها لا تعارض أية أوهام أو خرافات بل تكرس قداستها و تجرم نقدها تمامًا كما فعل طغاة لا حصر لهم ليس آخرهم الأسد الابن و الأب … تقول الفرضية السائدة في المعارضة السورية أن العلمانية المتطرفة أو الجذرية هي إما علمانية النظام الاستبدادي أو علمانية تخفي موقف طائفي و عميل للغرب أو موقف طوباوي و انعزالي و معادي للجماهير و "حريتها" بالمحصلة ترفض المعارضة السورية بكل أطيافها هذه العلمانية الجذرية و هذه أكبر خدمة تقدمها لهذه الجماهير و للعلمانية نفسها : إنها بذلك ، و لله الحمد ، تعفي العلمانية الجذرية من أية مسؤولية عن فشل هذه المعارضة المتكرر و سقوطها الأخلاقي و الإنساني ، هذا إلى جانب سقوط الإسلاميين و هزيمتهم و انحطاطهم يجب أن ينسب لإله محمد و هلاوس الرجل و إضافات تلامذته … لنترك المزاح جانبًا و لنتحدث بجدية قليلًا ، لا يمكن لأية فكرة ، لأي نظام ، أن يحرر البشر ، هذه كذبة يستخدمها من في السلطة و معارضيهم السلطويين لإقناع الناس أن كل ما يجب عليهم فعله أن يوصلوهم إلى السلطة و يمنحوهم صلاحيات مطلقة و يستسلموا لهذه السلطة … حتى العلمانية الجذرية ، و التي لا يمكن إلا أن تكون جذرية ، و التي تفترض تحرر البشر من الخرافات و الأوهام ، لا تكفي لتحرير عقول البشر ، إذا لم يعتقد البشر بهذه الحرية و يقاتلوا في سبيلها فلن يحظوا بها و لن يمنحهم إياها أي نظام أو فكرة أيًا تكن … تبقى المشكلة مع المعارضة السورية بطائفتيها الإسلامية و تلك التي تدعي "العلمانية" أنهم مصممون و يفعلون كل ما يمكنهم لمنع السوريين من ذلك …