-بعض ما سُجل من غريب الطرائف في انتخابات 8 شتنبر!- 3


حميد طولست
2021 / 10 / 3 - 18:32     

في الحلقة الثالثة من موضوع غريب طرائف الانتخابات ،قررت الابتعاد عن كل ما يثير النقاشات العقيمة ، والجدالات المتشبة بخبيث الأفكار الذاتية، المتثبطة للحوارات والزاجة بالجاد منها في متاهات الصراعات والمعارك التي لا تقرب المتتبع من مجريات انتخابات 8 شتنبر في شموليتها ، والتي إخترت منها هذه المرة ، كمثال للتدليل علي استثنائيتها ، تاك السابقة الفريدة التي لم تعرف مثلها جميع الإستحاقات التي جرت بالمغرب، والمتمثلة في المشاركة الكثيفة لشباب في العملية الإنتخابية وتأثير زخم أصواتهم - التي شكِّلت جزءاً كبيراً لا يتجزّأ من الأصوات العامة - في إثارة النقاش السياسي الواسع حول انتخاب شباب في مقتبل العمر على رأس جماعات محلية بعدد من أقاليم المملكة ، النقاش الذي إنقسم حوله المتدخلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، بين مؤيد يرى في انتخاب شبان دون سن الـ21 لرئاسة مجالس جماعية، فرصة تمكن الجيل الصاعد من المساهمة في إنماء المجتمع وتقدمه وإزدهاره ، وبين رافض لتولي صغار السن هذه المسؤولية ، وإعتبارها مغامرة بمصالح المواطنين غير محمودة العواقب ، واستخفافا بتدبير الشأن المحلي ، لغياب تجربة تسيير شؤون المجالس -الميزانيات والصفقات والمشاريع - ولقلة ذربة تدبير الاختلاف بين أعضائها ، الذي قد يتسبب في "بلوكاج" يؤدي إلى مشاكل تدبيرية كبيرة تسيء لمصالح المواطنين .
فإذا صرفنا النظر عن الرافضين لتمكين الشباب من فرص تقلد المناصب المتقدمة في الجماعات بحجة كونها مسألة غير قانونية ومخالفة لمدونة الانتخابات ، وإذا تركنا رأي المؤيدين لذلك التمكين ، سواء كان بهدف التسويق السياسي، أو لارتباطه بالدعم العمومي للأحزاب السياسية المشروط بحجم تمثيلية الشباب والمرأة في اللوائح الإنتخابية ، فإن فتح المجال للتيارات السياسية الشبابية لخوض غمار منافسة الزعامات السياسية على ولوج مجالات التسيير للشأن العام بالمجالس الجماعية – الذي ظل مجرد أحاديث متداولة بالإعلام دون أن ترتقى لتطلعات الشباب في كافة الانتخابات السابقة - يبقى حالة صحية ، وخطوة جبارة نحو إعادة الثقة- لدى هذه الفئة العريضة من المجتمع - في فاعلية الصناديق على إحداث التغيير وتعزيز المسار الديمقراطية ، الذي مكّن الكثير منهم من انتزاع عدد كبير من رئاسات الجماعات من بين مخالب الزعامات السياسية الحزبية والأعيان المتنفذين ، الذين إستطابوها لسنين عديدة ، كما يظهر ذلك جليا في السابقة الطريفة والغريبة لزخم العناصر الشابة ، التي عجت مواقع التواصل الاجتماعي بأسمائهم ضمن رؤساء الجماعات الترابية على المستوى الوطني ، والتي أذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: انتخاب التلميذة إلهام بلكاس 19 عاماً، رئيسة لجماعة سيدي الذهني ،
وانخاب إكرام بوعبيد 21سنة رئيسة لجماعة "أولاد علي الطوالع" التابعة لإقليم سيدي قاسم،
وانتخاب نجية صديق ذات 19 سنة رئيسة لجماعة مستكمار بدائرة العيون الشرقية.
والشابة تحوسة 19 التي انتخبت رئيسة للجماعة القروية سيدي بورجا بإقليم ترودانت بجهة سوس ماسة جنوب المغرب.
والشاب رمضان 20سنة الذي انتخب لرئاسة جماعة ترگى وساي بإقليم أسا الزاك الواقعة بجهة كلميم واد نون جنوب المملكة ، وغيرهم كثير.
ربما يقول قائل :"أين هي الطرافة الغريبة في عملية انتخاب الشباب كرؤساء للجماعات وهو مطالب جماهري طالما نادى به المغاربة ؟" فيكون الرد بكل بساطة في الارتباك التشريعي الذي أحدثه الإشكال قانوني الموجود بين العام والخاص، الدستور والقانون التنظيمي للانتخابات ، اللذين لم يقيدا سن الترشح، وبين مدونة الانتخابات التي تحدد السن في 21 سنة ، الذي كان وراء تجريد القضاء الإداري لبعض المرشحين الشباب من عضويتهم لعدم استيفاء السن القانوني، كما حدث مع نجية صديق،التي ألغت المحكمة الإدارية بوجدة عضويتها على ضوء الطعن المقدم من أحد المنافسين بالدائرة 7، وكما الغت المحكمة ذاتها، في واقعة مماثلة، عضوية مستشارة بجماعة السعيدية لعدم بلوغها السن القانوني للترشح والمحدد في 21 سنة، وفق مدونة الانتخابات.
أليست هذه طرفة انتخابية غريبة ، وكأن واقع الحال يطبق على الشباب المثل المغربي الدارج :"طلع تكول الكرموص، نزل شكون اللي قالها ليك" والى طرفة غريبة أخرى من طرائف وغرائب انتخابية 8شتنبر، وبصمتها على المسار الديمقراطي الذي تشهده البلاد ،..