الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....26


محمد الحنفي
2021 / 10 / 1 - 20:35     

الإدارة الوصية تفقد قيمتها بعدم محاربة الفساد الجماعي:.....3

و ـ ومن حق سكان الجماعة الترابية، على الإدارة، أو على السلطة الوصية، حمايتهم من الفساد، الذي تنتجه الجماعة الترابية، التي ينتمون إليها؛ لأنه، بدون حمايتهم، سيلتهمهم الفاسدون، الذين يتحولون إلى دناصير كبيرة، أو متوسطة، أو صغيرة.

فهذه الدناصير، لا تعرف إلا افتراس السكان، والتهامهم بلباسهم؛ لأن لديها بطونا، لا تعرف الشبع، ولا ترضى بغير الافتراس، الذي يحول السكان إلى مجرد فضلات للدناصير البشرية، التي تأكل الجزء الكبير من البشر، بالإضافة إلى التهام ما يملكون، وما يتوفر عليه من ملكيات، لتصير الأرض، ومن عليها، وما عليها، في بطون دناصير الجماعات الترابية، على المستوى الوطني. وهو ما يستدعي تدخل السلطات الوصية، لحماية سكان الجماعات الترابية، من ابتلاع دناصير الجماعات الترابية، التي لا تعرف إلا ما تضمه حساباتها البنكية، في الداخل، والخارج، من أجل توظيفه في عملية الالتهام، التي لا تتوقف أبدا، خاصة وأن كل الجماعات الترابية، التي لا تعرف إلا ما تضمه حساباتها البنكية في الداخل، والخارج، من أجل توظيفه في عملية الالتهام، التي لا تتوقف أبدا، خاصة وأن كل الجماعات الترابية، تتحكم فيها ديناصورات الفساد الانتخابي، والفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية، بالإضافة إلى ديناصورات الإدارة الوصية، التي تعمل على إفراز دناصير الجماعات الترابية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وإذا لم تقم السلطات الوصية، بحماية السكان، من دناصير الجماعات الترابية، فإن السكان سوف يصبحون، بين عشية، وضحاها، في خبر كان. وبالتالي، فستتحول الأرض إلى بطون الدناصير الجماعية، والإدارية الجماعية، ودناصير الإدارة الوصية، خاصة، وأن من شب على شيء، شاب عليه.

والدناصير التي شبت على التهام سكان الجماعات الترابية، فإنها، لا بد أن تشيب، على التهام سكان الجماعات الترابية، بعد أن التهمت مداخيل الجماعات الترابية المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، مما يجعل الجماعة، أي جماعة، تستغيث ولا من يغيث، لا من السكان، ولا من السلطة الوصية، ولا من الدولة نفسها، لأن من تمرس على ممارسة الفساد، لا يمارس غير الفساد.

والدولة، عندما يبلغ شأن الفساد الزبى، ويجاوز الحزام الطبيين، فإن الفساد يبقى سيد الموقف، ولا يمكن التخلص منه، إلا بالتخلص من المطالبين بوضع حد للفساد، ولا نملك، حتى الآن، غير الفساد الجماعي. والوسائل الممكنة، المؤدية إلى تفعيل الفساد الجماعي، حتى ينفضح الفساد الجماعي، وغير الجماعي.

ز ـ ومن حق الشعب، كذلك، حمايته من الفاسدين، في الجماعات الترابية الذين يغتنون على حساب إفقار السكان، الذين ينساقون وراء المتحكمين في الجماعة، من الناهبين لخيراتها المادية، والمعنوية.

والممارسون للفساد، والمروضون للمتعاملين مع الجماعة، أي جماعة، على الإرشاء، حتى يرتفع مدخولهم من التواجد في الجماعة، التي تصير فاسدة، بسبب وصول الفاسدين إلى مسؤولياتها المختلفة، من أجل جعل فساد العمل الجماعي، هو القاعدة، التي يتم العمل بها، ويصير الحق، والقانون، في ذمة التاريخ؛ لأن الحق، والقانون، يستلزمان وصول الأعضاء إلى الجماعة، على أساس الحرية، والنزاهة؛ لأن الوصول إلى عضوية الجماعة الترابية، يكون بطرق أخرى، غير طريق الحرية، والنزاهة؛ لأن الحرية، والنزاهة، مترتبة عن الاقتناع بالبرنامج، وبالأشخاص الذين يمثلون ذلك البرنامج، وبأفق تفعيل البرنامج، وبالأشخاص الذين يعملون على تفعيل ذلك البرنامج، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وفيما يخص الطرق الأخرى، فإنها لا تحتاج إلى إقناع معين، ببرنامج معين، وبأشخاص يفعلون ذلك البرنامج، بقدر ما تحتاج إلى خدمة المصلحة، مصلحة الناخب، الذي يبيع ضميره، ومصلحة سماسرة الانتخابات، أو مصلحة تجار ضمائر الناخبين، ومصلحة المرشحين الذين يعولون على شراء ضمائر الناخبين، ومصلحة السلطات التي توجه الناخبين، إلى التصويت على مرشح معين. فلا وجود لشيء اسمه الحق، والقانون، في غير طريق الحرية، والنزاهة، التي تنغرس بالتصويت على الحق، والقانون؛ لأن الحق، والقانون، فوق كل اعتبار. فبه يتمتع جميع أفراد المجتمع، بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبه يخضع جميع أفراد المجتمع، لتطبيق مختلف القوانين، دون تمييز فيما بينهم.

ومهمة السلطات القائمة، ليس هو حماية الفساد، من المواطنين، وليس هو توجيه الناخبين، وليس هو التحيز لهذا المرشح، أو ذاك، أو القيام بفبركة تشكيلة المجلس، حسب هوى جهات عليا معينة؛ بل هو حماية المواطنين، في كل جماعة، من الفساد الانتخابي، ومن الفساد الجماعي، ومن فساد الإدارة الجماعية، حتى تقوم السلطات بدورها المنوط بها، بالإضافة إلى اتخاذ صفة الحياد، تجاه المرشحين، حتى يتنفس سكان الجماعة الترابية، الصعداء.

ح ـ وقيام الإدارة الوصية، على الجماعات الترابية، نجد أنها هي إدارة، تقع تحت طائلة الفساد، الذي يمارسه الأعضاء الجماعيون، وفي مقدمتهم: الرؤساء الجماعيون، إلا من اختار الحرية، والنزاهة، والأخذ بالحق، والقانون.

والرؤساء الجماعيون، الذين يحاربون الفساد، غالبا ما يصيرون فاسدين، أو يعتبرون كذلك، لفساد الإدارة الوصية، ولفساد الأعضاء الجماعيين، ولفساد الإدارة الجماعية، لأن الجماعة الفاسدة، بأعضائها، وبإدارتها، يصعب أن يكون رئيسها غير فاسد، خاصة، وأن الإدارة الوصية، التي يتعامل معها الرئيس، فاسدة كذلك.

والتوفيق بين الفساد المتعدد الأوجه: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبين الفساد الانتخابي، والفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية.

فالفساد ذو الطبيعة الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو السياسية، بهدف جعل طبيعة الفساد انتخابية، أو جماعية، أو إدارية، كيفما كان؛ لأن طبيعة الفساد، هي المحدد لمسؤولية إنتاج الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبدون معرفة طبيعة إنتاج الفساد، لا نستطيع تحديد هوية المسؤولين، عن إنتـاج الفساد، مهما كان، وكيفما كان؛ لأن تحديد المسؤولية، يسهل أمر التعرف على الجهة التي قامت بإنتاج الفساد.

وبالتالي، فإن المحاسبة تكون في المتناول، وعلى القائم بإنتاج الفساد، أن يقر بذلك، وأن يتحمل مسؤولية إنتاج الفساد، سواء كان اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو سياسيا.

والإدارة الوصية إذن، هي أم الفساد الانتخابي، وأم الفساد الجماعي، وأم الفساد في الإدارة الجماعية، وهي المنتجة لكل أشكال الفساد الأخرى، التي يعرفها المجتمع، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وإلا:

فلماذا لا تعمل على محاربة الفساد الانتخابي، والفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية؟

لماذا لا تتدخل لمنع كل أشكال الفساد الأخرى، التي يعرفها المجتمع؟

ولماذا لا تحرص السلطات الوصية، على أن تكون الانتخابات حرة، ونزيهة، وبدون فساد؟

لماذا لا تعمل هذه الإدارة، على محاربة الفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية؟

لماذا لا تحارب أشكال الفساد الأخرى، الشائعة في المجتمع؟

إننا، ونحن نتتبع ممارسة هذه السلطة الوصية، على الجماعات الترابية، نجد أنها متورطة في الفساد الجماعي، ومتورطة، كذلك، في كل أشكال الفساد.

والتورط في كل أشكال الفساد، يجعل من واقع الجماعات الترابية، ما يقتضي، كذلك، استئصال الفساد من بين أفراد السلطة الوصية، الحاكمة، والمتحكمة في الواقع الاقتصادي، وفي الواقع الاجتماعي، وفي الواقع الثقافي، وفي الوقع السياسي، حتى تزول الأسباب، والمسببات، من أجل أن يصير الفساد في ذمة التاريخ.

ط ـ ويمكن أن يصير الفساد، الذي يمارسه الأعضاء الجماعيون، سببا في خراب جماعاتنا الترابية، من منطلق: أن فساد الأعضاء الجماعيين، يحول الفساد، من فساد غير مشروع، إلى فساد مشروع، يمارسه كل سكان الجماعة، وكل الوافدين عليها، لارتباطهم بها، بشكل، أو بآخر. والذي يتحمل المسؤولية، في جعل الفساد الجماعي، مشروعا، هو السلطة الوصية، التي لم تعمل على وضع حد للفساد الجماعي، حتى وإن اعتبر مشروعا، بسبب العادات، والتقاليد، والأعراف.

وإذا كان الفساد الذي يمارسه الأعضاء الجماعيون، غير مشروع، فإننا نعتبر سكوت السلطات الوصية، غير مشروع، كذلك؛ لأن السلطات القائمة عندنا، لا تتحرك في اتجاه استئصال الفساد، حتى تصير هذه السلطات فاسدة. وفسادها، يجعل منها سلطات غير مشروعة، أي أن انعدامها، أفضل بكثير من وجودها، إذا كانت لا تستأصل الفساد من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن واقع الجماعات الترابية، ومن واقع الجماهير الشعبية الكادحة.

ذلك، أن قيام السلطات الوصية، باستئصال الفساد الجماعي، الذي يمارسه الأعضاء الجماعيون، وباستئصال الفساد الإداري، من إدارة السلطة الوصية، ومن الإدارة الجماعية، ومن المجتمع، حتى تصير السلطة الوصية، خالية من الفساد، والجماعة خالية من الفساد، والإدارة الجماعية، خالية من الفساد. وهو أمر يثلج صدور السكان، ويجعل السلطة الوصية، فعلا، في خدمة سكان الجماعة، والمتعاملين مع أي جماعة، من خارج السكان؛ لأن هذه السلطة، وقفت، وتقف وراء وجود جماعات ترابية، بدون فساد، وفي خدمة سكان الجماعة، أي جماعة، والمتعاملين مع أي جماعة، من خارج سكان الجماعة، وعلى مستوى التراب الوطني، لا لشيء، إلا لأن السلطة الوصية، قطعت دابر الفساد.