فرنسا والمغرب العربي، نموذج علاقات التبعية


الطاهر المعز
2021 / 9 / 30 - 11:08     

الفرانكفونية ، ما الفائدة؟

انخفاض عدد التأشيرات الفرنسية لمواطني المغرب العربي

الطاهر المعز

عن برقية لوكالة فرانس برس- 28 أيلول/سبتمبر 2021



جرت العادة، في فرنسا، طيلة خمسين عامًا، خلال كل حملة انتخابية، أن يحتل موضوع الهجرة، بشكل غير عادل صدارة المشهد السياسي-الإعلامي، دون أي مُبرّر سوى عُمق جذور الثقافة الإستعمارية، ولتَجَنُّب الخوض في المشاكل الحقيقية للجمتمع، وأهمها تَغَوُّل رأس المال، وارتفاع نسبة الأرباح، في مقابل خفض حصة العُمّال من إيرادات القطاعات الإقتصادية، ومن الناتج المحلي الإجمالي.

اقترب موعد الحملة الإنتخابية لسنة 2022، وبدأ بموسم تصعيد التطرف القمعي، قبل الأوان. أما بشأن موضوع المهاجرين، وعد الرئيس الحالي "إيمانويل ماكرون" (من أُسْرة ثرِيّة، ومدير سابق بمصرف روتشيلد) خلال الحملة الانتخابية للعام 2017 بـ "تنفيذ 100% من أوامر ترحيل المهاجرين خارج الحدود"، واليوم يُذَكِّرُهُ من هم أكثر يمينية ورجعية منه بأنه أخفق في تنفيذ وعده. لذا، ومع اقتراب انتخابات 2022، يُشكّل المهاجرون ، "العرب" ، "المسلمون" ، باختصار، السود والأفارقة ، سواء المغاربيين أو من جنوب الصحراء، الهدف المفضل لسهام معظم المُترشحين، نظرًا لسهولة التركيز على من هم في أسفل السّلم الطبقي (الإجتماعي)، كالعُمّال والمُهاجرين والفُقراء، لتحميلهم مسؤولية مشاكل المجتمع والأزمة الإقتصادية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة...

في هذا البلد الغارق في تاريخه الاستعماري ، لا أحد يذكر مُشاركة الجيش الفرنسي (بقيادة وإشراف الولايات المتحدة) في جميع الاعتداءات المسلحة، على شُعوب أفغانستان وسوريا واليمن وليبيا والصومال ومالي ودول أفريقية أخرى، كما لا حديث عن مصالح الشركات متعددة الجنسيات، ذات المنشأ الفرنسي، التي دفعت إلى تنظيم العديد من الانقلابات وإشعال الحروب "الأهلية"، ونَشْر الفساد والرشوة وتهريب الأموال إلى الخارج، وما إلى ذلك.

بقيت أفريقيا تُشكّل "حصنًا" للفرانكفونية، ربما الحصن الأخير، على حساب اللغة العربية واللغات الأفريقية المحلية، أما في فرنسا فإن الحساسية المُفْرِطة تجاه اللغة العربية والفن العربي، وتجاه الحضارة والتاريخ العربييْن، بلغت درجة المَرض المُزمن الذي لا شفاء منه، وذلك منذ احتلال الجزائر، على أقل تقدير.

ما الدّاعي إذن لتدريس اللغة الفرنسية ونشر وثائق رسمية، باللغة الفرنسية، لغة المُستعمِر، في المغرب العربي ولبنان وإفريقيا، خصوصًا إذا علمنا أن مداولات مجالس إدارات الشركات الفرنسية (العابرة للقارات) وبياناتها الإقتصادية وغيرها من الوثائق تُنْشَر باللغة الإنغليزية، لغة الإمبريالية المُهيْمِنَة...

بالعودة إلى موضوع التّأشيرات، قررت حكومة فرنسا (بمناسبة الإفتتاح غير الرّسمي للحملة الإنتخابية لسنة 2022) تشديد شروط الحصول على التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، لأن هذه الدّول "ترفض إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لعودة المهاجرين المُرَحّلِين من فرنسا، ولا تقبل باستعادة رعاياها الذين لا نرغب بالإحتفاظ بهم في فرنسا... إن موقف هذه الدول يعيق فعالية عمليات الترحيل إلى خارج حدود فرنسا، ولم يُسفر الحوار والإنذارات، واليوم نضع هذا التهديد موضع التنفيذ، ونفرض قواعدنا وإرادتنا "، بحسب المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، لمحطة الإذاعة "أوروبا رقم 1"، يوم الثلاثاء 28 سبتمبر 2021.

سبق أن زار رئيس الوزراء الفرنسي البلدان الثلاثة، مصحوبًا ببعض أعضاء حكومته، منهم وزير الداخلية، وجرت كذلك لقاءات مع سفراء الدول المعنية، لم تُسفر عن النتائج التي كانت حكومة فرنسا تنتظرها، ولذلك "قرر الرئيس ماكرون خفض عدد التأشيرات الصادرة، سنة 2021، للجزائر والمغرب إلى النصف وبنسبة 30% لتونس مقارنة بعام 2020".، بحسب صحيفة "لوفيغارو" (اليمينية) عن مستشار حكومي...