رأس المال: نتائج عملية الإنتاج المباشرة (104) II: الإنتاج الرأسمالي كإنتاج لفائض القيمة ج 3


كارل ماركس
2021 / 9 / 29 - 11:11     



II: الإنتاج الرأسمالي كإنتاج لفائض القيمة ج 3

[…] أي للحصول من عملية الإنتاج على قيمة أعلى من مقدار القيم الموظف فيها ولأجلها (أي لعملية الإنتاج) من جانب الرأسمالي. إن إنتاج السلع هو، ببساطة، وسيلة لهذه الغاية، مثلما أن عملية العمل ذاتها لا تزيد حقا عن أداة لعملية إنماء القيمة، بمعنی عملية خلق فائض القيمة، وليس بالمعنى السابق، المقصور على مجرد خلق قيمة.
ولا تتحقق هذه النتيجة إلا إذا كان العمل الحي، الذي يملکه العامل تحت تصرفه، والذي يتشيّأ في منتوج عمله، أكبر من العمل الذي يحتويه رأس المال المتغير أو العمل المنفق في الأجور، أو بتعبير آخر اللازم لإعادة إنتاج قدرة – عمله. وبما أن إنتاج فائض القيمة هو الوسيلة التي يصبح النقد الموظف، بواسطتها، رأسمالا، فإن أصول رأس المال، مثل عملية الإنتاج الرأسمالي نفسها، ترتكز على لحظتين في المقام الأول:

أولا – شراء وبيع قدرة – العمل، وهو فعل يقع في نطاق ميدان التداول، ولكن إذا ما نظرنا إلى هذا الفعل في إطار الإنتاج الرأسمالي ككل، فإنه ليس إحدى لحظاته وشرطه المسبق فحسب، بل هو أيضا نتيجته المتواصلة. إن هذا الشراء والبيع لقدرة – العمل يفترضان أن الشروط المتشيئة للعمل – أي وسائل العيش ووسائل الإنتاج – منفصلة عن قدرة – العمل الحي ذاتها، بحيث أن هذه الأخيرة تصبح الملكية الوحيدة المتاحة للعامل والسلعة الوحيدة التي يتوجب أن يبيعها. ويبلغ هذا الانفصال حداً من الجذرية، بحيث أن شروط العمل هذه تظهر بمثابة أشخاص مستقلين في مواجهة العامل، لأن مالكها الرأسمالي ليس إلا التجسيد المشخّص لهذه الشروط في تضاد مع العامل الذي هو لا مالك لشيء سوى قدرة – عمله. إن هذا الانفصال وهذه الاستقلالية هما المقدمة التي ينطلق من أساسها بيع وشراء قدرة – العمل ويجري على أساسها امتصاص العمل الحي في العمل الميت كوسيلة لصيانة هذا الأخير وزيادته، أي لتمكينه من أن ينمي قيمته ذاتياً. وبدون مبادلة رأس المال المتغير لقاء قدرة – العمل، لا يمكن لرأس المال الكلي أن ينمي قيمته ذاتياً، وبذلك فإن تكوين رأس المال، وتحويل وسائل الإنتاج ووسائل العيش إلى رأسمال، لا يمكن أن يقعا. اللحظة الثانية إذن هي عملية الإنتاج الفعلية، أي الاستهلاك الفعلي لقدرة – العمل التي اشتراها مالك النقود أو السلع(*).

وفي عملية الإنتاج الفعلية تخدم الشروط الموضوعية للعمل – المواد والوسائل – لا لتضمن أن يتشيّأ العمل الحي فقط، بل أن يتشيّأ من العمل أكثر مما كان رأس المال المتغير يحتويه. ولذا فإنها تنشط بوصفها الوسائل التي يجري بها انتزاع وامتصاص العمل الفائض الذي يتجلى في شكل فائض قيمة (ومنتوج فائض surplus produce). وعليه إذا أخذنا العاملين كليهما: أولا، مبادلة قدرة – العمل برأس المال المتغير، وثانياً، عملية الإنتاج بالمعنى الحقيقي للكلمة (التي يدمج فيها العمل الحي كقوة فعالة (agens) في رأس المال)، فإن لمجمل العملية الخصائص التالية : (1) مبادلة عمل متشییء أقل لقاء عمل حي أكثر، نظرا لأن ما يتلقاه الرأسمالي تعويضا عن الأجور هو العمل الحي. و (2) إن الأشكال المتشيئة التي يتجلى فيها رأس المال مباشرة في عملية العمل، وسائل الإنتاج (من جديد: عمل متشییء) هي أدوات يجري بواسطتها اعتصار العمل الحي وامتصاصه. وهكذا فإن مجمل العملية هي وسيط ناقل بين العمل المتشییء والعمل الحي، يجري خلالها تحويل العمل الحي إلى عمل متشییء، وتحويل العمل المتشییء في الوقت ذاته إلى رأسمال؛ وهكذا يتحول العمل الحي في النتيجة الناشئة إلى رأسمال. من هنا فإن العملية لا تقتصر على إنتاج قيمة بل تنتج فائض قيمة، وبالتالي رأسمالاً. (راجع الصفحات 96 – 108)(**).

وعليه يمكننا القول إن وسائل الإنتاج لا تظهر فقط كوسيلة لإنجاز العمل، بل كوسيلة الاستغلال عمل الغير(***).

* * *

هناك نقطة أخرى يتوجب ذكرها بصدد القيمة أو النقود بوصفها تشيّؤاً لمقیاس وسطي من العمل الاجتماعي العام.

لو أخذنا الغزل، على سبيل المثال، لرأينا أنه يمكن أن يؤدی بمعدل إما أن يكون منخفضاً دون المعدل الوسطي الاجتماعي أو مرتفعاً فوقه. نعني القول، إن كمية معينة من الغزل قد تكون مساوية إلى، أو أكبر من، أو أصغر من الكمية الوسطية نفسها من العمل الاجتماعي، أي قد يكون لها الحجم نفسه (مدة) كوقت عمل متشیء في مقدار معين من الذهب. ولكن إذا جرى الغزل بدرجة اعتيادية من الشدة في ميدانه الخاص، أي إذا كان العمل المنفق على إنتاج مقدار معين من الغزول في ساعة = الكمية الاعتيادية من الغزول التي تنتجها ساعة غزل بصورة وسطية في الشروط الاجتماعية المعينة، فإن العمل المتشیی في الغزول هو عمل ضروري اجتماعياً. وبهذه الصفة يمتلك علاقة كمية محددة بالمتوسط الاجتماعي عموما، الذي يقوم كمعيار، بحيث يمكن لنا الحديث عن المقدار نفسه، أو عن مقدار أكبر أو أصغر. فهو نفسه يعبر، عندئذ، عن كم معين من العمل الاجتماعي الوسطي.

_______________

(*) إن المقتبس الذي سنورده أدناه في هذه الحاشية، والذي فقد جزؤه الأول، يرد في المخطوطة عقب السطر الأخير من النص أعلاه، حيث لا صلة له به، وهذا المقتبس هو في الواقع مواصلة لحاشية تتعلق بالنص المفقود من ص 262: [ورد في الأصل بالإنكليزية – راجع المقتبسات باللغات غير الألمانية، ص 1178-1179. ن. ع]. …. “لثلاثة عمال رئيسيين، أو لأربعة اعتياديين … فإذا أمكن استئجار ثلاثة بـ 3 جنيهات و10 شلنات للقطعة، في حين يستلزم الأربعة 3 جنيهات للقطعة، رغم أن أجور الثلاثة ستكون أعلى، فإن سعر العمل الذي يؤدونه سيكون أقل. والحق أن الأسباب التي ترفع مقدار أجور العمال غالبا ما ترفع معدل ربح الرأسمالي. وإذا ما أدى رجل واحد، بزيادة النشاط، ما يؤديه اثنان من عمل، فإن كلا من مقدار الأجور، ومعدل الأرباح، سوف يرتفعان عموما، لا بارتفاع الأجور، بل في أعقاب إضافة عمل جدید انخفض سعره، أو تقلصت الفترة التي كانت ضرورية في السابق لتسليف ذلك السعر. إن للعامل، من جهة، مصلحة مبدئية في مقدار الأجور. وإذا كان مقدار اجوره معيناً، فمن المؤكد أن من مصلحته أن يكون سعر العمل اعلى، إذ تتوقف على ذلك درجة الجهد المفروضة عليه”. (المرجع نفسه، ص 14، 5).
ومن الكتاب نفسه: “إن وضع العامل لا يعتمد على المبلغ الذي يتلقاه في أية مرة واحدة بمفردها، بل على متوسط عائداته خلال فترة معينة… وكلما كانت الفترة المأخوذة أطول، كان التقدير أدق. (نفسه، ص 7)، والسنة هي أفضل فترة قياس تعتمد. إنها تتضمن كلا من أجور الصيف والشتاء”. (نفسه، ص 7).
(**) تشير هذه الأرقام إلى صفحات المخطوطة 469m-469a [أي الصفحات (1079-1101) من الطبعة العربية. ن. ع].
(**) عند هذا الحد تنتهي الفقرة الثانية المضافة (الصفحات 262 – 264 من المخطوطة، حيث إن الصفحة 262 مفقودة بالأصل). ما سيلي ذلك من النص هو مواصلة للصفحة 469 من المخطوطة. [ص 1078-1079 من الطبعة العربية. ن. ع].