وداعا لآخر أديان الأرض!


محمد عبد المجيد
2021 / 9 / 29 - 08:04     

مقالي عن الإنسان والإنسانية والقلب المفعم بالجمال والإيمان والعلاقات الاجتماعية الراقية لم يُثر اهتمامَه!
حديثي عن الصداقة والتعاطف والدفء العاطفي بين البشر وعن الخير والتعاون الإنساني النبيل لم يُحرّك فيه شعرة!
حكايتي عن القبول بالقَدَر في مواجهة المرض والمصائب والكوارث، فالابتسامة أقوى من كل الفواجع؛ فلم تهتز فيه شعرة.
لكنه وضع قلبه في ثلاجة وترك الإنسانية في المقال وأراد أن يفحمني فسأل عن الموت على غير دين الإسلام، فمهما فعل المرءُ وجاء إلى الله بقلب سليم فمصيره جهنم وبئس المصير ما لم يؤمن بالإسلام حتى لو كان لا يعرف غير اللغة الآيسلندية أو النيبالية أو الايرلندية أو لغة محلية لقبائل الزولو؛ ولم يتعرف على مسلم من قبل!
حيوانات بشرية مفترسة تؤمن بما أورثته إياه أرحام أمهاتهم، وما لقنتهم فتاوى فجّة، حمقاء، وعمياء، وصمّاء بأنهم في الجنّة ولو كانوا قتلة وسفاحين وولاد ستين كلب ما دامت هوياتهم الشخصية تشير إلى الإسلام.
أي إلـَه هذا الذي يَعِد قوما بعينهم بجنة الخُلد ولا فضل لهم في اختيار دينهم؛ وآخرين بجحيم جهنم لأن المصادفة لم تدلهم على مكان الحور العين؟
إذا أردتَ أن تكره الإسلام فتعرّف على أكثر المسلمين؛ فنحن مغرورون، طاووسيون، متغطرسون، متكبرون، متعاجبون و.. متوحلون في الجهل.
الحمد لله أنني تعرفت على الإسلام الحنيف لأكثر من ستين عاما خلتْ، أي قبل ظهور تلامذة الفتاوى بأقدامهم الهمجية وأدمغتهم المهترئة.
الحمد لله أنني تعرفت على ديني قبل أن أتعرف على أتباعه!
الحمد لله أنني لا أعترف بأن الهستيريين والمتخلفين والبورنوجرافيين أمثال محمود المصري وعمرو خالد ومحمد حسان والحويني وعمر عبد الكافي وحسين يعقوب وياسر برهامي وأحمد العزب وحازم شومان وخالد الجندي ومصطفى حسني ومحمود طراد والشيخ الذي يشرح كيفية إطعام العفاريت وعشرات ومئات وآلاف من الذين لوّثوا، ودنسوا، وحجّروا، وجهّلوا، لهم أي علاقة بديني الإسلام الحنيف!
لقد قذف كوكب القردة على الأرض سُكّانا جدُدًا، وأسميناهم شيوخا ودُعاة وبعضنا ظنهم علماء، وهم يحققون نتائج ساحقة في متابعة الحمقىَ لهم.
لقد غيّبوا ملايين المسلمين في قاع الجهل، وكلما تضاعفت حماقاتهم التفّ حولهم البلهاء، أو تحوّل الطبيعيون إلى مخاط مقدس حتى يمتص هذا الهراء.
جاء حين من الدهر كان فيه الشيوخ علماء وفقهاء وفلاسفة ومؤرخين وأدباء ومفسرين ومتسامحين ينطلقون من الفهم الإنساني للإسلام، فلما استبدل عصر جديدٌ الأنيابَ بالأسنان، والغائط بالفكر، والجهل بالعلم؛ حدثتْ المفاجأة، فأصبح الإسلام حكايات حشّاشين، ووقفت أكثر الدول الإسلامية مع القردة الجُدُد، ورحبت المنابر واليوتيوبيات والفضائيات بهم، فالمسلم يهتم الآن بتضييق المسافة بين أصابع أرجل المصلين لئلا يتسلل منها الشيطان، وخصلة شعر المرأة أكبر عند الله من قتل أهل قرية آمنة، وبطن الأم يُحدد مصير الجنين في الجنة أو الجحيم، والدعاء أهم من كل الأعمال الصالحة، وآية واحدة تتفوق على معهد البحوث العلمية، وضمّة القبر نهاية مشوار الحضارة، والله خلق المسلمين لجــَـنّة الخلد، ومن أنجبتهم أمهاتهم غير مسلمين فهم ولاد ستين ألف كلب.
النتيجة الكارثة احلال الكليشيهات محل العقل، وتسعة أعشار حوارات المسلمين أدعية وآيات وأقوال ومحفوظات حتى لايتسلل العقل فيفكر، ويفسر، ويقترب من روح الكون، ويجعل الناس سواسية.
لا يتحاور المسلمون إلا حول التراشق بالحَكَم والجُمَل والآيات والأحاديث والمرويات حماية لأنفسهم من خطر التفكير.
إذا أبديت ما استند إليه عقلك قذف المسلمُ في وجهك بآية قرآنية أو حديث نبوي فيشُلّ دماغَك ويغلق أي فتحة في رأسك كانت تسمح لك بإطلالة على العالم الخارجي!
الله يطلب منك التعقل والتدبر، والقردة الجُدُد يأتون إليك من قاع التاريخ بحكايات لو قرأتها على مسمع من رواد غُرزة مخدرات فسيسقطون على أقفيتهم من الضحك؛ لكن مُسلمي عصر الانحطاط الحديث يتلهفون على مفرداتها العجيبة.
شيوخ ودُعاة ومنبريو ويوتيوبيو زمن القردة المُقدسة لو عُرض أكثرهم على مستشفيات عقلية ونفسية لما خرج منهم إلى دنيانا قبل أن يتشرف ملك الموت بزيارته.
إن زمنا يخشى طالب جامعي أن تلتقط عيناه خصلة شعر زميلته لئلا ينتصب عضوه التناسلي هو زمن حيوانات الغابة إثر هروبها إلى المُدن.
إن زمنا يفغر المسلم فاه فرحا وسعادة وغبطة بركوبه أربعين حورية في الجنة، في مشهد مؤسف حيث يشاهده رب العرش العظيم، وتجلس زوجته الدنياوية تصفق له لهدية الرحمن في ماخور أخروي هو زمن استبدال الخنازير ببني آدم.
إن المسلم الذي يتابع هؤلاء الشيوخ الأوغاد يُعد نفسه لجحيم لا يُبقي ولا يذر.
هل هناك فائدة في هذا المقال؟
ولا ذرة رمل ستقنع المسلم بمغادرة عالم أموات الزمن القاتم، فالمسلم سجين.. سجين.. سجين.
كيف تحاور قوما هجروا الكتاب، وكرهوا القراءة، ولم يعودوا قادرين على تحمل عدة لحظات خاطفة في مقال طويل قد يستغرق خمس دقائق للاستفادة منه.
أيها المسلمون،
دعوني أعلن لكم هزيمتنا أمام الشيوخ الحيوانات الذين يزعمون أنهم يتحدثون في الدين، لكنهم رأس الاستدمار الجديد في محاولات مسح خاتمة الرسالات النبوية.
هل بإمكان من يقرأ المقال، وليس العنوان فقط، أن يستخدم عُشْر عقله بدون أن يستشهد بقول أو حديث أو حوار أو حكاية أو حكمة؟
أبكي بكاءً صادقا على آخر أديان الأرض!
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 29 سبتمبر 2021