الديمقراطية بين رفاهية الاختيار وضرورة الواقع


كريم محمد الجمال
2021 / 9 / 27 - 11:30     

الديموقراطية بين رفاهية الاختيار وضرورة الواقع

أصبح النقاش والجدل حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين أغلب أفراد المجتمع أمراً اعتياداً وغير مستغرب كما كان منذ سنوات مضت ، وذلك بسبب حالة الوعي الناجمة عن الأحداث الكبيرة التي مرت بها المنطقة في العقدين الأخيرين، وليس المنطقة العربية وحدها بل في جميع أنحاء العالم وانعكاساتها علي المنطقة علي مستوي الحكومات والأفراد

من ضمن أسباب هذا النقاش والجدل المقارنة بين الدول المتقدمة والدول النامية من حيث الظروف المعيشية والنظم وحالة التطور التكنولوجي واحترام حقوق الإنسان فلقد أصبح من السهل متابعة الدول المتقدمة من خلال ،
ثورة المعلومات العملاقة ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها ومع تلك المقارنة بين الدول المتقدمة والدول النامية يتضح الفارق الهائل في النظام ومستوى الخدمات الصحية والتعليمية والمرافق والخدمات ومنظومة الأمن والعدالة وانعكاساتها علي سلوك الأفراد ،وبنظرة فاحصة متأنية نستنتج السبب وهو الديمقراطية لأنها ببساطة العامل الأبرز الغائب في بلادنا

الديمقراطية تعالج القضية الأبرز في بلادنا وهي الأزمات الاقتصادية المتتالية ،بإجماع الآراء سبب الأزمة الاقتصادية هو الفساد وسوء الإدارة وليس قلة الموارد فقد تكون البلاد العربية الأغنى بالموارد بين جميع دول العالم
يرجع السبب الرئيسي لهذا الفساد وسوء الإدارة للاستبداد وهذا الاستبداد ليس مرتبطاً بالسياسة والحكم فقط بل ينسحب على كافة الجوانب والمستويات بحيث تستأثر فئة قليلة من الأفراد بالسلطة والثروة والنفوذ بدون اي وجه من الكفاءة والخبرة والجدارة في حين يتم حرمان عدد أكبر بكثير من المواطنين من فرصهم وحقوقهم

وفي كثير من التجارب التي وضعت عدالة توزيع الموارد والثروات أساساً لها لم يتحقق النجاح المنشود وحدثت أخطاء جسيمة بعد فترات من الزمن بسبب غياب الديمقراطية مما أدى لاستئثار فئة صغيرة بالسلطة وتلنفوذ وبالتالي القهر و البطش بالمعارضين وملاحقتهم للحفاظ علي مكتسباتهم كما يترتب عليه سوء اختيار القيادات في الأجهزة والمؤسسات الحكومية ، عندما يصبح التعيين والعمل مرهون بالثقة ووليس الكفاءة ويضمن صاحب المنصب منصبه أو يصبح استمراره من عدمه مرهون برضا المسئولين في الدرجات الأعلى عنه وليس عن تقييم عمله

الديمقراطية التي تقوم علي أساس أن السلطة للشعب
والحكومة وكيل يقوم علي مصالح ورعاية الشعب
الديمقراطية ليست حكم الأغلبية التي تفترس الأقليات ،
فتقوم علي فكرة المنافسة بين الأفراد وغالباً الأحزاب للوصول لاصوات التاخبين بشكل حر مطلق بدون تدخلات خارجية ومصالح فئوية ضيقة

كلما تأخر الإصلاح زاد المرض واستفحل
بانتشار الفساد والاستبداد وسيطرة رأس المال علي ،
السلطة مع غياب التكافؤ في الفرص بين المواطنين كل هذه العوامل تصنع مناخاً سلبياً طارداً للكفاءات والخبرات مما ينقص من رصيد الوطن يوماً بعد يوم وأصبح الحال مزري بشكل يتفق عليه الجميع في بلادنا والحل
بضخ دماء جديدة وتداول سلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وفتح المجال أمام الحريات و المجتمع المدني
ليتمكن الشعب من اختيار نوابه وممثليه ومراقبتهم ومحاسبتهم بشفافية ووضوح وهذا ضمان للقضاء علي الفساد والمحاباة وغيرها من أمراضنا الاجتماعية

إن الديمقراطية ضرورة يفرضها الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وليست مجرد فكرة او رفاهية يطرحها بعض الناس ،بل يجب أن تتحول إلى مطلب شعبي عام من مختلف طبقات المجتمع