لنعقد مقارنة : التعليم اليوم ... و التعليم غدا في ظلّ الجمهوريّة الإشتراكية ّالجديدة


شادي الشماوي
2021 / 9 / 25 - 00:18     

تنشأة جيل من المفكّرين النقديّين الذين يبحثون عن – و يكتشفون – الحقيقة
جريدة " الثورة " عدد 718، 20 سبتمبر 2021
www.revcom.us

في الولايات المتّحدة اليوم ، إحتدم النقاش حول ما هي الحقيقة – و ما إذا كانت الحقيقة موجودة أصلا . بصدد الكوفيد و ارتفاع حرارة الكوكب و تطوّر الحياة و تاريخ السود في هذه البلاد و عديد المواضيع الأخرى ، هناك قسم باسره من المجتمع الذى يشدّد على جملة من " الوقائع البديلة " – أي الأكاذيب – لدحض و تجاهل الحقائق الراسخة جدّا التي تركّزت علميّا . و لهذا القسم أنظمة مدارس و معاهد خاصة ندرّس هذه الأكاذيب و له وسائل إعلامه الخاصة التهي صدى لذلك و تعزيزا له نو وهو يمرّر الآن قوانينا في الولايات التي يسيطر عليها لتوطيد هذه الأكاذيب في المدارس و المعاهد و الجامعات العموميّة . [ رابط لمقالات تنقد النظريّة العنصريّة ] . إنّه يبنى أسس الأوّليّة لنوع المجتمع الذى سيفرضه إن نجح في تحقيق هدفه ألا وهو في الجوهر وضع يده على المجتمع .
و ضد هذا القسم ، يقف قسم الليبراليّين و بعض الذين يسمّون أنفسهم بالراديكاليّين الذين غالبا ما يمكن أن " يتّبعوا العلم " في بعض هذه المسائل ، غير أنّهم بعد ذلك ، يؤكّدون على أنّ الحقيقة " نسبيّة " في ذاتها – أي ، لا وجود لطريقة حقيقيّة للتثبّت نهائيّا من أنّ نظريّة صحيحة في الساس و أخرى خاطئة تماما ، فيما نظريّة ثالثة يمكن أن تكون صحيحة نسبيّا .
و السؤال هو: هل يمكن لمجتمع عمليّا أن يُنشأ جيلا قادرا على التفكير النقديّ والتحقّق من ما هو صحيح وما هو خاطئ؟
و الجواب نهائيّا و حقيقة (!) أجل يمكن ذلك .
يبيّن " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفه بوب أفاكيان كيف سيحصل ذلك عمليّا – على قاعدة إفتكاك ثوريّ للسلطة من قبل الملايين ، بقيادة طليعة شيوعيّة .
و يتطرّق هذا الدستور إلى التعليم بداية من صفحته ال31 و يعالج نقاطا أربع ملموسة بهذا المضمار . ( قارنوا هذا بدستور الولايات المتّحدة الذى لا ينبس و لو بكلمة واحدة عن التعليم ) . و ينطلق هذا القسم مع نقطة أساسيّة هي أنّ التعليم جميعه سيكون تعليما عموميّا و إجباريّا و سيوفّر للناس ليس المؤهّلات التي يحتاجونها فحسب بل سيوفّر لهم أيضا " ترسيخ العلوم الطبيعية و الإجتماعية و كذلك الفنّ و الثقافة و مجالات أخرى ، و القدرة على الإشتغال بالأفكار عموما " . و سيكون التعليم العالي على حساب الدولة . و سيجرى هذا التعليم على نحو يهدف إلى تجاوز التناقض العدائي بين العمل الفكريّ و العمل اليدويّ ، "المتجذّر بعمق في تطوّر المجتمعات المتميّزة بالعلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة وهو في حدّ ذاته مصدر ممكن لمثل هذه العلاقات ...".
و أيضا يناقش " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " حاجة التلاميذ إلى " المعرفة العميقة على أساس ذلك لواقع إضطهاد شعوب بأسرها و الهيمنة على النساء و إضطهادهن ، فى الولايات المتحدة الأمريكية السابقة و عبر العالم " – و بذلك بغاية تجاوز هذه العلاقات الإضطهاديّة . و كتعبير عن ذات الإلتزام الجوهريّ لإلغاء كلّ مذل هذا الإضطهاد من قبل المجتمع ككلّ ، ينبغي للتعليم بأسره أن يتمّ باللغتين الإسبانيّة و الأنجليزيّة و في المناطق أين توجد لغات أخرى تكون أعداد هامة من الناس يتكلّمونها كلغتهم الأولى ، سيطبّق مثل هذا الإلتزام .
لذا ، كلّ هذه الأقسام الفرعيّة ( 1 إلى 3 ) من القسم المخصّص للتعليم تأسيسيّة جدّا و نهائيّا لا بدّ من الإطّلاع عليها . لن هنا ، بودّنا أن نركّز مرّة أخرى على ما سيقوم به النظام التعليمي الجديد لتنشأة تلامذة و طلبة بوسعهم البحث عن الحقيقة و إكتشافها و التحرّك من هناك لتغيير المجتمع على قاعدة ما هو حقيقيّ . و جرى تطوير هذا في النقطة الرابعة و نظرا لكون هذه المسألة في منتهى المركزيّة و مسألة حارقة ، سنعيد إيراد كامل مفتتح فقرة هذا القسم الفرعي :
"4- يجب على النظام التعليمي للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن يمكّن الناس من البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح فكر نقدي و فضولية علمية ، و بهذه الطريقة المعرفة المستمرّة للعالم لإمتلاك قدرة أفضل على المساهمة فى تغييره وفق المصالح الجوهرية للإنسانية. لهذا، فى دراسة المجتمع الإنساني و تطوره التاريخي، و فى المجتمع و كذلك فى العلوم الطبيعية عموما ، البحث عن الحقيقة ، عبر مراكمة الوقائع و الدلائل الملموسة و تلخيص هذا عبر التفكير المنطقي و الخطاب المنطقي ، بما فى ذلك ، إختبار الأفكار فى الواقع ، يجب أن تكون الهدف و المعيار. و النظريات العلمية و غيرها التى تستجيب لهذه المقاييس و أكّدتها بوضوح و أثبتها المنهج العلمي ( مثل التطوّر الذى هو أحد أكثر الأمور الشائعة تأكيدا و أكثر الوقائع رسوخا فى العلم كافة) يجب أن تقدّم كما هي – تفكير صحيح و فهم سليم للواقع- و يجب أن يمثّل أساسا منه ننطلق لمزيد التعلّم و تغيير العالم ، بينما فى الوقت ذاته ، يجب أن يلقى تطبيق المنهج العلمي التشجيع و الدعم لأجل مواصلة التعلّم أكثر بشأن ديناميكية السيرورات مثل التطوّر و العالم الطبيعي – المادي عموما. والفهم المادي الجدلي بأنّ الواقع برمّته متكوّن من مادة فى حركة، من مختلف الأنواع ، ولا شيء آخر، و تطبيق هذا الفهم و هذه المقاربة على جميع مجالات الطبيعة و العلوم الجماعية يجب أن يكون أساس التعليم و " لبه الصلب". و فى نفس الوقت ، كتطبيق ل " المرونة على أساس اللبّ الصلب " يجب أن توجد مقاييس لعرض وجهات نظر أخرى معارضة ، بما فى ذلك المدافعين الشرسين عنها ، كجزء من برامج التعليم العام. بهذا المضمار أيضا يجب أن يطبّق توجه البحث عن الحقيقة و تحديد ما إذا كان الأمر يناسب أم لا الواقع الموضوعي كمقياس و معيار للحقيقة، وفى نفس الوقت يجب تشجيع جوّ لا يتمّ فيه خنق الأفكار الجديدة و غير المعتادة أو قمعها بل، عوض ذلك ، يُتعامل معها بجدّية مع الإعتراف بأنّ ذلك كان الحال عبر التاريخ و سيظلّ الحال هكذا فى المستقبل ، و أنّ الحقيقة عادة ما "تمسك بها أقلّية " و ينطبق هذا بصورة خاصّة على الفهم الجديد المكتشف للواقع. "