هل يمكن أن تكون لدينا قناديل بدل قنديل؟!


بير رستم
2021 / 9 / 21 - 20:56     

هناك من يحاول وضع اللوم على الطرف الكردي -ونقصد حزب العمال الكردستاني- في هجوم ومعاداة تركيا لشعبنا أو على الأقل يحاولون القول؛ بأن “تركيا لا تعادي الكرد” وإنما تعادي المنظومة العمالية الكردستانية. وبالتالي ولإخراج هذه الحجة أو السبب من يد تركيا، نطالب -هم يطالبون- بإخراج قواعد الكردستاني من كل من جنوب كردستان (الإقليم) وغربه (روچآڤا)، رغم أن الحقيقة والواقع ليس كذلك، كون تركيا نفسها ترفض تلك المقولة، إن كانت من خلال خطابها السياسي والذي أوجزه ديمريل بمقولته الشهيرة؛ بأنهم “سيحاربون خيمة كردية ولو في أفريقيا” وكذلك تصريحات أردوغان والذي لخص الموضوع حينما قال؛ بأنهم “لن يسمحوا بتجربة جديدة على غرار تجربة شمال العراق على حدودهم الجنوبية مع سوريا”، أو من خلال ما قامت وتقوم بها تركيا من سياسات معادية ضد شعبنا وفي مختلف المراحل والأقاليم وأعتقد أن قضية استفتاء جنوب كردستان على الاستقلال شاهد يدحض كل ادعاءات أولئك بأن؛ “تركيا لا تعادي الكرد” حيث لم يكن الآبوجيين خلف الاستفتاء، بل البارزانيين.

المهم وبعيداً عن دقة وصحة المقولة من نفيها ورفضها وذلك بحسب الانتماء العقائدي لكل جانب، فإننا نود أن نقدم رأينا بخصوص قضية التواجد العمالي في مختلف أجزاء كردستان، بهدف النقاش وصولاً لبعض القناعات والآراء التي قد تشكل مدخلاً لحلول جديدة نساهم بها جميعاً وذلك للبحث عن مخارج تهدف خدمة قضايانا، مع إدراكنا لحساسية ما سنطرحه، كونه سوف يمس الجانب العقائدي لقاعدة جماهيرية واسعة وهي أخطر القضايا التي يمكن لأي كائن أن يحاول الاقتراب منها حيث العقائديات هي أكثر الجوانب خطورةً لدى الأيديولوجيين، وبالتالي فإن أي مس بها يعني إنك تحاول إطلاق كل العنف والهيجان الذي بداخله، أو بعبارة موجزة إيقاظ “الوحش النائم” المتأدلج، لكن تلك هي إحدى المهمات والواجبات الملقاة على عاتق أي كاتب وباحث جاد يحاول أن يتناول المحظور، ليس بهدف الإشهار والتشهير، بل للبحث في القضايا التي تحتاج إلى الدراسة والبحث والتمحيص وصولاً لمحددات مشتركة تخدم قضايا الوطن والإنسان كأعلى قيمة وطنية إجتماعية في وجود الكينونة.

إنني كتبت ما سبق لأجعله مقدمة مع بعض بوستاتي السابقة بخصوص وجود قنديل في مناطق إقليم كردستان، لأجعلهما مقدمة لما يمكن أن نطرحه من بدائل لذاك الوجود القنديلي حيث طرح المشكلة هي نصف الحل والنصف الآخر يكتمل عندما نحاول ايجاد الحلول لتلك القضايا الإشكالية، وهنا سنحاول ولو بإيجاز شديد، طرح بعض تلك الحلول الممكنة؛ مثل رفع الوصاية العمالية عن باقي الأحزاب والقوى التي تتبع لها وذلك من خلال جعل كل حزب من هذه الأحزاب التي تعمل في كل إقليم، والتي تعتنق الفكر الأوجلاني، أن تستقل بقرارها وبرنامجها السياسي الذي تراه يناسب وضعها الإقليمي السياسي، وبعبارة أكثر وضوحاً؛ رفع وصاية العمال الكردستاني ودور الأب الذي يوجه الأبناء من الأحزاب التابعة لها، بل النظر إليهم، أي هذه الأحزاب، بأنها قد بلغت سن الرشد و”شبت على الطوق” بحيث تكون هي صاحبة الرأي التام في إدارة دف السياسة في إقليمها الكردستاني حتى وإن كان ذلك سيسبب إلغاء نفوذ الكردستاني وقنديل، بل حتى نسف وجود اسم العمال الكردستاني حيث بالأخير يهمنا نجاح المشروع السياسي لكل إقليم من أقاليم كردستان، كون الغاية هي القضية وليس بقاء اسم هذا الحزب أو ذاك، فكما يقال يهمنا أكل العنب لا قتل الناطور!

إنني أعلم مسبقاً؛ بأن ما قلته في الفقرة السابقة قد يشكل صدمة لدى الكثيرين من أتباع الأيديولوجية العمالية، لكن أعيد وأقول: بأن بالنسبة لنا المهم هي القضية وليس الحزب وخاصةً أن البدائل -أي الأحزاب التي ستدير شؤون هذه الأقاليم- هي نفس منظومة العمال الكردستاني وتحمل فكرها الأيديولوجي، ولكن بأسماء غير اسم العمال الكردستاني وعلينا أن لا ننسى أن الأخير هو نفسه من طرح الفكرة؛ فكرة أن يكون لكل إقليم حزب سياسي يدير شؤونه، لكن وللأسف تحت هيمنة الحزب الأم حيث وجدنا تجربة كل من حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) وحزب الشعوب الديمقراطي (ه د ب) حيث مع تفعيل ونشاط كل منهما وأخذ دور ومكانة لائقة بحزب سياسي فعال، وقفت قيادة قنديل عائقاً وذلك عندما شعروا بخطورة المسألة وبأن البساط بدء يسحب من تحت أقدامهم بحيث جعلوا قيادة الحزبين يوقفون تقريباً أي نشاط سياسي لهم، كونهم قرؤوا هذا النشاط والفاعلية لكلا الحزبين نوع من إنهاء لوجود الحزب الأم ولدورهم ك”كاهنات السياسة العمالية”، وبالتالي تدخلوا لإعادتهم لتحت الرعاية العمالية الكردستانية، كأفرع تابعة لها وليست كأحزاب سياسية لها قادتها وبرامجها الوطنية.

وهكذا يمكننا القول؛ بأن الحل يكمن في جعل كل ساحة وإقليم كردستاني له خصوصيته النضالية بحيث يكون القرار عائداً لأبناء ذاك الإقليم، أما جعل القرار مركزياً وهم -أي العمال الكردستاني- نظرياً يدعون للفدرلة والكونفدراليات فهو تناقض صارخ، طبعاً يمكن الإبقاء على دور قنديل وحتى العمال الكردستاني ولكن ليست بالصيغة والسياسات الحالية والتي تكون لها السلطة المطلقة وبيد عدد من الشخصيات القيادية، أو كما يسمون أحياناً ب”كهنة قنديل” مع تقديرنا لتلك الشخصيات القيادية وتاريخهم النضالي حيث هنا التشبيه فقط لما يملكون من قرار ونفوذ، كما كان حال الكهنة في المعابد القديمة منها والحديثة -أديان وأحزاب- وبالتالي يمكن أن يشكل هؤلاء القادة القنديليين التاريخيين، مع قادة الأحزاب في كل إقليم، مرجعية سياسية أوجلانية وتحت هكذا مسمى وليس حتى تسمية العمال الكردستاني بحيث ترسم الاستراتيجيات وتترك التكتيك لكل حزب من الأحزاب التي تدور في فلك الأوجلانية.

وهكذا وبدل قنديل ربما تصبح هناك قناديل بحيث يكون لكل إقليم قنديله الإقليمي الخاص به، وهو الذي يرسم السياسات التي تناسب واقعه الوطني والإقليمي وبذلك تلغى حجة تركيا بخصوص “محاربة العمال الكردستاني” حتى داخل تركيا، كون سيكون هناك HDP وليس ال PKK وكذلك في روچآڤا والإقليم ولكن السؤال؛ هل يمكن للكردستاني التخلي عن الميراث للأبناء والأحفاد، أم يريد بقاء كل الأملاك بأسمه كأب والمالك الوحيد لكل تلك الملكيات؟! ..إننا نعلم صعوبة أن تتخلى عن كل شيء للآخرين حتى وإن كانوا من نسلك وذريتك.. وأخيراً وللعلم والتنويه؛ إن اللجوء إلى السلاح ليس دائماً الخيار الصح -رغم أن الاحتلال هو الذي فرض حمل السلاح على شعبنا- وإنما هو أحد الخيارات في نضال الشعوب فهناك النضال السلمي الديمقراطي، وأعتقد ما حققه حزب الشعوب الديمقراطي لا يقل إنجازاً عما حققه العمال الكردستاني من خلال فوهة البندقية وإن كان “ه د ب” قد بنى إنجازه سياسياً على ما أسسه الكردستاني عسكرياً! وبالأخير نقول لمن لا يعجبه طرحنا السابق؛ إذاً الغوا فكرة تعدد الأحزاب تلك وبأن لكل إقليم كردستاني حزبه السياسي المستقل الخاص به، كون لا أحد يصدق استقلالية هذه الأحزاب عن الحزب الأم؛ العمال الكردستاني.