الإنسان في فلسفة فيورباخ


فلاح أمين الرهيمي
2021 / 9 / 21 - 12:11     

من مميزات خاصية الإنسان أن وعيه يتحد بذاته وبطبيعته وليس هذا فقط الذي يميز الإنسان عن الحيوان بل إن حقيقة الإنسان هو وجود كلي غير متناهي ولا مقيد بل حر لأن الكلية وعدم التحديد والحرية لا يمكن فصلها بعضها عن بعض لأن الحرية لا توجد في قدرة خاصة في الإرادة ولا تكمن الكلية في قوة خاصة من قوى التفكير في العقل. فهذه الحرية وتلك الكلية تمتد عبر الوجود الكلي للإنسان.
وإذا كان الوعي هو ما يميز الإنسان عن الحيوان فإن الوعي هنا لا يقصد الوعي المحدود أو الوعي الفردي لأن الوعي يعني أيضاً الإحساس بالنفس أو بالذات والتميز بالحواس وإدراك الأشياء الخارجية والحكم عليها طبقاً لإشارات محسوسة واضحة لا توجد إلا عند الكائنات التي تعتبر نوعها وطبيعتها الجوهرية موضوعاً لفكرها وهي الكائنات البشرية وإن الوعي عند الإنسان توجد قدرته على العلم لأن بالعلم نتعرف على النوع في حياتنا الخاصة والعلاقة بالإنسان والكائن الذي يمثل نوعه وطبيعته موضوعاً لفكره هو الذي يمكنه أن يجعل الطبيعة الأساسية للكائنات الأخرى موضوعاً لفكره ومن هنا كان للحيوان حياة واحدة أما الإنسان فله أكثر من حياة وفي الحيوان تتساوى حياته الداخلية والخارجية أما الإنسان فله حياته الداخلية وحياته الخارجية.
ويحدد فيورباخ طبيعة الإنسان الواعية في ثلاث قوى أساسية هي : العقل والإرادة والوجدان ويعني بها قوة الفكر وقوة الإرادة وقوة العاطفة تنتمي جميعها للإنسان الكامل.
الأولى نور العقل والثانية الطاقة الشخصية والثالثة هي الحب وهذه القوى كمالات .. كمالات الوجود الإنساني بل أكثر من ذلك وإنها الكمال المطلق للوجود فالتفكير والإرادة والحب تمثل أسمى القدرات الإنسانية .. فالإنسان وجد ليفكر وليحب وليريد فالإنسان يفكر من أجل التفكير لكي نكون أحراراً فالوجود هو الوجود من أجل التفكير والإرادة والحب هذا وحده الذي يمثل الحقيقة والكمال الذي يوجد من أجل ذات الإنسان وهذا الثالوث المقدس في الإنسان الذي يسمو فوق الإنسان الفردي يمثل وحدة العقل والإرادة والحب أما وعي الذات تعتبر ذات سيطرة كلية للإنسان. وليس تاريخ البشرية سوى تجل لنشاط الإنسان المبدع والخلاق .. أما العوائق التي تقف أمام تقدم الإنسان لا توجد بذاته بل ترجع أن السبب للوعي الذات لم يدرك بعد قدرته اللامحدودة .. إن الوعي بالذات يخلق الوعي الروحي الذي يتناسب مع مستوى تطوره ثم يهدمه ليرتفع إلى مرحلة جديدة أرفع وأسمى.