مكافحة الفساد المالي والاداري في العراق في ضوء برنامج الحزب الشيوعي العراقي


عادل عبد الزهرة شبيب
2021 / 9 / 18 - 21:11     

يعرف الفساد المالي والاداري بأنه استغلال منصب ما من اجل القيام بأعمال وخدمات لمجموعة من الأشخاص بشرط الحصول على مقابل مادي لذلك . كما يعرف ايضا بأنه : الاستخدام السيء للوظيفة . والفساد الاداري لا يعتمد على وظيفة معينة بل على طبيعة الشخص الذي يقبل الحافز نحو الفساد ويرتبط عادة بقبول الرشوة , وهي عبارة عن مقابل يحصل عليه الشخص لإتمام عمل ما دون وجه حق اي بالاحتيال على قوانين العمل من اجل تمرير شيء ما يحقق مصلحة للفرد او مجموعة من الأفراد على حساب الآخرين وفي العراق فقد ازداد تفشي الفساد وبكافة اشكاله منذ التغيير في 2003 وحتى اليوم . وقد اشار برنامج الحزب الشيوعي العراقي الى ( الفساد باعتباره اساءة لاستخدام السلطة لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة . ويتمظهر الفساد في انحرافات واختلاسات واحتكار ورشوة وتربح واهدار للمال العام ويشكل ظاهرة متفشية في بلادنا على صعيدي الدولة والمجتمع وتهديدا جديا وخطيرا للبلاد واستقرارها السياسي والاجتماعي .
لقد شخص برنامج الحزب الشيوعي العراقي ابرز مظاهر الفساد وتجلياته في بلادنا والمتمثلة بـ :
1) تنامي التحالف غير الشرعي والخطير بين السلطة والمال .
2) شيوع الغنى الفاحش والمفاجئ للنخب المتنفذة .
3) الاستيلاء على الممتلكات العامة واراضي الدولة .
4) غياب مبدأ تكافؤ الفرص في اشغال الوظائف والمناصب العامة وبيه هذه الوظائف .
5) شيوع ظاهرة الرشى والنهب المنظم للمال العام .
6) تزوير الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية .
7) الامتيازات المفرطة التي تتمتع بها الرئاسات الثلاث والنواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة.
وفيما يتعلق بالعوامل التي ساعدت على اتساع ظاهرة الفساد الخطيرة وتفشيها في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية , فتتمثل بإخفاق المنظومة الرقابية المعنية بمحاربة الفساد والحد منه ومعاقبة الفاسدين في انجاز مهمتها في حماية المال العام وصيانة حرمته وعجزها عن ردع المفسدين ومنعهم من التطاول عليه . لقد ابتكرت دوائر الدولة المختلفة اسلوبا مبطنا للفساد الا وهو ( كتب صحة الصدور ) واستخدام ( المعتمد ) لنقل البريد الذي يخص المواطن وبهذا تحول الأمر الى نقمة على المواطن حيث يتأخر انجاز معاملته الذي قد يمتد الى عدة اشهر ولا تنجز معاملة المواطن الا بدفع الرشى حيث تشكلت في دوائر الدولة مافيات ( صحة الصدور ) و ( المعتمدين ) بالتنسيق مع اعلى المسؤولين في الدائرة المعنية . كما يمثل سوء استخدام الأموال وسوء التخطيط للمشاريع شكلا آخر خطيرا للفساد في العراق .
ويتجلى الفساد الاداري بشكل واضح في نسبة البطالة المتزايدة في المجتمع خصوصا بين الشباب , وفي مظاهر التفاوت في الأجور والمخصصات الناجم عن وجود مستويات عدة لتصنيف العاملين في مؤسسات الدولة ووزاراتها .
لقد شكلت محاربة الفساد وفضح ومحاسبة رؤوسه ولا تزال مطلبا اساسيا ملحا من مطالب الحراك الجماهيري وعنصرا رئيسا في الاصلاح والتغيير المطلوبين . ولابد من التصدي للفساد المالي والاداري المستشري في عموم البلاد وفرض سيادة القانون . وبات المواطن البسيط يتحسس ان الارهاب والفساد وجهان لعملة رديئة واحدة وحليفين متلازمين في تخريب الوطن .
ويرى الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه ان مهمة مكافحة الفساد تتطلب : -
1) توفر ارادة سياسية حازمة .
2) عمل متكامل ذا ابعاد سياسية وتشريعية وقانونية وادارية وتنظيمية وانسجاما بين مؤسسات الدولة وساطاتها الثلاث .
3) اصلاح مؤسسات الدولة وتحويل مهامها الى عناصر وطنية مخلصة اثبتت نزاهتها وقدرتها على حماية نفسها من اغراءات المال والسلطة .
4) ان تبدأ المكافحة الجدية للفساد المستشري من قمة السلطة وان تشمل جميع المسيئين والمتلاعبين بالمال العام بغض النظر عن مواقعهم الوظيفية ومسؤولياتهم السياسية والاجتماعية والدينية .
5) استنهاض دور الرقابة الشعبية وبمشاركة وسائل الاعلام والجمعيات والاتحادات النقابية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني الى جانب الأحزاب السياسية , اضافة الى المؤسسات الرقابية الرسمية مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة والمفتشين العموميين في الوزارات والسلطات القضائية .
6) التعاون وتنسيق الجهود مع الحكومات والجهات الرسمية المختلفة والجهات الدولية ذات العلاقة لاستعادة الأموال المسروقة والمهربة ...)...
آثار الفساد:
للفساد الاداري بصورة عامة مجموعة من الاثار السلبية اهمها حالات الفقر وتراجع العدالة الاجتماعية وانعدام ظاهرة التكافؤ الاجتماعي _الاقتصادي وتدني المستوى المعيشي لطبقات كثيرة في المجتمع نتيجة تركز الثروات والسلطات في ايدي فئة الاقلية التي تملك المال والسلطة على حساب فئة الاكثرية وهم عامة الشعب. ومن آثار هذه الظاهرة ضياع اموال الدولة التي يمكن استغلالها في اقامة المشاريع التي تخدم المواطنين بسبب سرقتها او تبذيرها على مصالح شخصية وما لذلك من اثار سلبية جدا على الفئات المهمشة. كما تظهر اثار الفساد بشكل واضح على المهمشين فبسبب هذا الفساد الواسع يحدث فقدان الثقة في النظام الاجتماعي السياسي وبالتالي فقدان شعور المواطنة الى جانب هجرة العقول والكفاءات والتي تفقد الامل في الحصول على موقع يتلاءم مع قدراتها مما يدفعها للبحث عن فرص عمل ونجاح في الخارج. كما يقود الفساد الى العديد من النتائج السلبية على التنمية الاقتصادية والفشل في جذب الاستثمارات الخارجية وهروب رؤوس الاموال المحلية وهدر الموارد والكلفة المادية الكبيرة للفساد على الخزينة العامة, كما يؤدي الى الصراعات الكبيرة في حالة تعارض المصالح بين المجموعات المختلفة ويؤدي الى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة لشراء الولاءات السياسية ويؤدي الى الاساءة الى سمعة النظام السياسي وعلاقاته الخارجية.
مكافحة الفساد :
1) تبني نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون من خلال خضوع الجميع للقانون واحترامه والمساواة أمامه وتنفيذ احكامه من جميع الاطراف, نظام يقوم على الشفافية والمساءلة.
2) بناء جهاز قضائي مستقل وقوي ونزيه وتحريره من كل المؤثرات والضغوطات السياسية للأحزاب المتنفذة في السلطة مع التزام السلطة التنفيذية باحترام احكامه.
3) تفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد على جميع المستويات كقانون الافصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا وقانون الكسب غير المشروع وقانون حرية الوصول الى المعلومات ,وتشديد الاحكام والعقوبات المتعلقة بمكافحة الرشوة والمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة في قانون العقوبات.
4) تطوير دور الرقابة والمسائلة للهيئات التشريعية من خلال الادوات البرلمانية المختلفة في هذا المجال.
5) تعزيز دور هيئات الرقابة العامة كمراقب الدولة أو دواوين الرقابة المالية والإدارية او دواوين المظالم التي تتابع حالات سوء الإدارة في مؤسسات الدولة والتعسف في استخدام السلطة وعدم الالتزام المالي والإداري وغياب الشفافية في الإجراءات المتعلقة بممارسة الوظيفة العامة.
6) التوعية والتثقيف بالمواثيق المتعلقة بشرف ممارسة الوظيفة العامة, وتنمية الدور الجماهيري في مكافحة الفساد من خلال برامج التوعية بهذه الآفة ومخاطرها وتكلفتها الباهظة على الوطن والمواطن.
7) إعطاء الحرية للصحافة بالوصول الى المعلومات والقيام بدورهم في نشر المعلومات وكشف قضايا الفساد ومرتكبيها.
8) مقاضاة المخالفين والضرب بيد من حديد على الرؤوس الفاسدة داخل الجهاز الإداري وعدم تستر الأحزاب المتنفذة في السلطة على فساد منتسبيها.