الاختلاف والتناقض بين قيادة الدولة ومؤسساتها الوسطى والدنيا في العراق


فلاح أمين الرهيمي
2021 / 9 / 18 - 12:31     

تعتبر الدولة البنية الفوقية في المجتمع ويجب أن يكون جميع بنيانها متوحد ومنسجم فكرياً وأيديولوجياً وسياسياً بين جميع منتسبيها حتى تستطيع الدولة ومؤسساتها أن تنجز أعمالها وفق الدستور والقانون والمراسيم الوطنية العراقية وأن يسود الانسجام والطاعة والاحترام والمصداقية بين الدولة ومؤسساتها المختلفة من القاعدة حتى القمة من خلال الالتزام وتنفيذ نصوص القانون وتطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء المجتمع وإشاعة الأمن والاستقرار بينهم كي يسود الاحترام والطاعة والمصداقية بين الشعب والدولة. إلا أن هذه القاعدة شاذه في العراق لأن الدولة العراقية عند تكوينها بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام/ 2003 بعد إنشاء مجلس الحكم الذي بني حسب قاعدة النسبة الطائفية للشعب العراقي فانعكست تلك القاعدة على تكوين الدولة العراقية (رئيس الجمهورية كردي سني، رئيس الوزراء عربي شيعي، رئيس مجلس النواب عربي سني) وتكونت الوزارة على هذه القاعدة أيضاً الوزارة الفلانية للطائفة الشيعية والأخرى للسنة والأخرى لإحدى الأقليات وأصبحت هذه القاعدة وكأن كل وزارة ملك صرف أصبحت لإحدى الطوائف وأصبحت طبيعة الحكم طائفي حسب القاعدة التوافقية (أرضيك وارضيني أسكت عنك واسكت عني) وأصبحت مؤسسات الدولة ودوائرها ومنتسبيها توابع إلى الطوائف العراقية وأصبح كل موظف مسنود من طائفته. وعندما أصبح العراق دولة ريعية لا توجد فيه صناعة ولا زراعة وأصبح الشعب مستهلك وغير منتج أفرز البطالة والفقر والفساد الإداري مما أدى إلى اندفاع الشعب نحو التوظف في دوائر الدولة لضمان معيشته فأصبح جهاز الدولة ضخماً جداً مما أدى إلى انتشار البطالة المقنعة و (الفضائيون). هذه الدولة وطبيعتها استمرت في الحكم ثمانية عشر عاماً أي منذ عام/ 2003 حتى عام/ 2021 وأفرزت الفقر والبطالة والجوع والمحاصصة الطائفية والمحسوبية والمنسوبية والعنف الأسري والانتحار وتفشي ظاهرة المخدرات بين الشباب مما أدى إلى انفجار الشعب في انتفاضة الجوع والغضب التشرينية استمرت سنة ونصف وخلفت خمسمائة شهيد وخمسة وعشرون ألف جريح وأدت إلى إقالة رئيس الوزراء وإجراء انتخابات مبكرة وتعيين الكاظمي رئيساً لوزراء دولة انتقالية حتى إجراء الانتخابات في 10/10/2021.
كانت حكومة الكاظمي إصلاحية وتسعى إلى إرضاء جميع السياسيين العراقيين وفي نفس الوقت تريد إرضاء وكسب الشعب والاستجابة لبعض مطاليبهم إلا أن تلك السياسة لم تتوافق وترضي بعض الأحزاب السياسية وبطبيعة الحال إن لتلك الأحزاب جماعات وشيع في دوائر الدولة المختلفة انحازت إلى أحزابها مما جعلت حكومة الكاظمي تتعثر في مسيرتها بعد أن تعرضت ولا زالت إلى بعض المشاكل والأزمات التي قد تؤدي إلى إفشال الانتخابات ومن ثم إفشال الكاظمي.