ليس كُل عّلاوي .. عّلاوي


امين يونس
2021 / 9 / 18 - 11:45     

حجي فاضل يمتلك مَحَلاً يخبز فيه المعجنات وكان يتفنن كي يُظهِر ان إنتاجهُ أحسن من كل المعجنات الموجودة في المدينة .. وكان الحاج يُعامِل المتنفذين والمسؤولين والأثرياء ، مُعاملةً خاصّة ويُجاملهم بل ويتملقهم أحياناً ، من أجل كسبهم وفي سبيل تكوين علاقات وصداقات معهم يستفيدُ منها لاحقاً في أعماله . من ضمن هؤلاء كان حمودي ، فبالإضافة الى كونه ذو نفوذ ، فأنهُ كريمٌ معطاء . حجي فاضل كان يعرف جيداً أن حمودي لهُ علاقات مع شخصيات رفيعة ليس في المدينة فقط ، بل حتى على مستوى البَلَد .
إتصلَ حمودي " الذي يدرك تماماً طبيعة الحاج " :
ـ مرحباً حجي فاضل
* أهلا وسهلاً ومرحبا خال حمودي . كيف الحال ؟
ـ سنزورك عصر اليوم أنا وعلاوي .
* ستزورنا البركة .. يتشرف محّلنا المتواضِع بإستقبالك والخال العزيز علاوي .
إنهمكَ حجي فاضل هو وعمّاله بتلميع المحل وتجميله وفَرَشَ الأرضية ولم يكتفِ بمعجناته بل جلبَ أصنافاً أخرى من السوق وكذلك الفاكهة والدوندومة وباقاتٍ من الورود … كيفَ لا والسيد علاوي على سُنٍ ورُمح سيأتي الى محّله ؟ .
……………….
المُفارَقة أنهُ كانَ هنالك علاوِيان ، وكلاهما من معارف وأقرباء حمودي . الأول إنسانٌ متواضِع وموظف بسيط ، والثاني شخصية مهّمة ذا مقامٍ عالٍ . طبعاً حجي فاضل تصّوَر عندما قال لهُ حمودي بأن علاوي سيرافقه ، بأنهُ علاوي المتنفِذ والكبير ولم يخطر على باله بأنهُ ذاك العادي والبسيط . فقام بصرفٍ باذِخ على تجميل المحل ومحيطه وشراء مالّذَ وطاب من فواكه ومرطبات … الخ .
حمودي أساساً أرادَ ان يقومَ بهذا المقلَب على حجي فاضل وعرفَ مُسبَقاً أن الحجي سيقوم ب " الواجِب " .
في الخامسة عصراً حيث كان الحاج فاضل واقفاً خارج المحل بهندامه الأنيق ومجموعة من عماله واقفين في صفّين لإستقبال الضيف الكبير . وصل حمودي وبمعيته علاوي … وما أن رأى حجي فاضِل ذاك العلاوي البسيط المتواضع ، حتى أدركَ فوراً " السَهو " الذي وقعَ فيهِ ! . لكنهُ تحامَلَ على نفسه وإستقبلَ حمودي وعلاوي ، اللذَينِ إستمتعا بالمأكولات والمشروبات وأبْدَيا إرتياحهما بالحفاوة الممتازة التي اُستُقبِلا بها .
بعد خروجهما من المحل … ما إنفّكَ حمودي عن الضحك وتقليد حركات الحجي وخيبة أمله التي كظمها ولم يُظهِرها .. حمودي لم يكتفِ بذلك ، بل إتصلَ بقريبه علاوي المُهِم وحكى له الحكاية بالتفصيل !.