ما أسباب الأزمة الاقتصادية في لبنان ؟


عادل عبد الزهرة شبيب
2021 / 9 / 17 - 10:52     

يشهد لبنان ازمة اقتصادية خانقة , ومن اسباب هذه الأزمة :
الفساد المتفشي في لبنان , وبحسب منظمة الشفافية الدولية فإن تفشي الفساد في لبنان يعود الى فقدان الثقة في النظام اللبناني والى عدم التمكن من بسط سلطة القانون , وان تقاسم السلطات يروج لفاعلية النخب السياسية الطائفية التي تعمل بحسب اجندة مصالحها الخاصة. وادى تفشي الفساد الى اضعاف الاستثمارات الأجنبية. وكان الفساد حافزا لهجرة الكفاءات لأن العمالة في لبنان ليست مبنية على اساس الكفاءة وانما بحسب مفهوم المحاباة والزبائنية. ووفقا لمنظمة الشفافية الدولية فإن لبنان قد احتل المرتبة 136 من مجموع 175 من بين الدول الأكثر فسادا وفي المرتبة 13 من اصل 19 دولة في المنطقة العربية لعام 2016 .
ومن اسباب الأزمة الاقتصادية الاخرى هي فوائد ديون اعمار لبنان بعد اتفاق الطائف ثم كانت العقوبات الأمريكية التي استهدفت حزب الله اللبناني لتصيب القطاع المصرفي اللبناني برمته بتداعياتها وجميعها ستترك اثرها على المشهد السياسي اللبناني.
تعاني الدولة اللبنانية من ازمات اقتصادية ومالية خطيرة في ظل الصراعات العسكرية والعقوبات الاقتصادية وهذه الأزمات هي نتاج تراكمات النظام السياسي المتناقض ونتيجة الاعتماد على نهج اقتصادي ريعي غير منتج .
وبحسب البنك الدولي فإن نمو اجمالي الناتج المحلي في لبنان لم يتجاوز ( 0,2 %) في عام 2018 وارتفع معدل التضخم في العام نفسه ليبلغ في المتوسط ( 6,1% ) . كما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي الى انخفاض النمو نحو ( 0,3 % ) في العام 2018 تأثرا بانخفاض مستوى الثقة وارتفاع عدم اليقين والانكماش الكبير في قطاع العقارات.
لقد تعرض الاقتصاد اللبناني الكلي لأزمات مضاعفة على مدار عام تقريبا بدءا من الأزمة الاقتصادية والمالية مرورا بجائحة كوفيد 19 وصولا الى انفجار مرفأ بيروت , والتوقف المفاجئ لتدفقات رؤوس الأموال والذي تسبب بأزمة كبيرة في مجال سعر الصرف والدين والقطاع المصرفي.
ان النظام السياسي الطائفي القائم يتحمل مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق والذي ينبغي ان يحتل تفكيكه صدارة الأولويات . وان السلطة السياسية الحاكمة والمتنفذة باتت مكشوفة بفسادها وعاجزة عن تجديد سلطتها ومن الضروري محاسبتها عبر تثوير الانتفاضة وتعبئة كل اطياف الحركة الشعبية وقوى الانتفاضة عبر اوسع ائتلاف سياسي وطني من اجل تغيير موازين القوى لغرض انتقال سلمي للسلطة وبناء الدولة العلمانية المدنية والديمقراطية التي تؤمن مصالح الشعب وتحقق تطلعاته المشروعة نحو التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتحرر من الطائفية. ان حلول الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية هي في الأساس حلولا سياسية تقضي بتغيير جذري في السياسات الاقتصادية – الاجتماعية التي اوصلت البلاد الى الانهيار والتي تتحمل السلطة مسؤوليتها ولابد من محاسبتها وتغييرها في المقام الأول . أن الكثير من الوعود الواردة في خطة الحكومة لن ترى النور في ظل التركيبة الراهنة للسلطة وآليات اتخاذ القرار في هيئاتها السيادية ومجلسها النيابي , كون هذه الحكومة مستنسخة من رحم النظام السياسي القائم من جهة وبين الهجوم المركز الذي تشنه من جهة اخرى القوى اليمينية ورأس المال المالي والمصارف عليها والذي يحظى بدعم اطراف خارجية وبخاصة اميركية . وان خرق الملفات الساخنة المعلنة والمتمثلة بمواجهة لوبي المصارف ومصرف لبنان والشروع في استرداد الأموال المنهوبة وتحقيق استقلالية القضاء وفتح ملفات الفساد . ومن الضروري معالجة الأسباب العميقة للركود الذي يعاني منه الاقتصاد الحقيقي منذ عام 2011 , أي قبل الأزمة المالية الحالية وقبل جائحة كورونا . وكان هذا الركود يتجلى في انخفاض معدلات النمو وتفاقم العجز المالي والاختلال القياسي والمتراكم في الحسابات الخارجية وميزان المدفوعات وذلك بالتزامن مع فقدان الوظائف وارتفاع معدلات البطالة والفقر والخفض المتواصل للأجور في ظل تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي والعملات الاخرى حيث بلغ سعر صرف 100 دولار مليون وخمسمائة ألف ليرة لبنانية وبلغ سعر صرف 25 دينار عراقي 185 ألف ليرة مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمواد الاخرى بشكل صارخ في ظل عدم تحرك الاجور والرواتب , مما دفع بالشعب اللبناني بالتظاهر السلمي والاحتجاج . ولم تعمل الحكومة على دعم اجور العمال في المؤسسات المتعثرة وفي القطاع غير النظامي وحماية القوة الشرائية للأجور والحد الأدنى للأجور ومعاشات التقاعد في مواجهة التضخم الذي تقدر الحكومة ان يصل الى 53% في عام 2021 هذا بالإضافة الى تدعيم وتطوير كل مقومات نظم الحماية الاجتماعية بما فيها خصوصا اقرار التغطية الصحية الشاملة والنهوض الفعلي بنوعية التعليم الرسمي . ومن الضروري في هذا الصدد عدم الخضوع لبرامج صندوق النقد الدولي والتي ستؤدي الى تعميق الركود وزيادة البطالة والإفقار بحسب ما اكدته تجارب العديد من الدول التي خضعت لبرامج الصندوق .
لقد ساهمت التفجيرات التي هزت العاصمة اللبنانية بيروت بتعميق حجم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التى تعصف بالبلاد. ويشهد لبنان اليوم اسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود تتسم بتراجع غير مسبوق لقيمة عملته ادى الى اغراق نصف الشعب اللبناني في الفقر . كما تسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان الى صرف اعدادا هائلة من الموظفين وارتفاع كبير في الأسعار في البلاد التي شهدت منذ خريف 2019 انتفاضة شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي ينظر اليها على انها فاسدة وعاجزة عن وضع حد للأزمة الاقتصادية الحادة . وتوقع خبراء الاقتصاد ان تخلق انفجارات بيروت ثلاثة ازمات اقتصادية جديدة هي :-
- تأجيل تعافي السياحة حتى بعد ازمة كورونا .
- صعوبة ابرام اتفاقية التمويل مع صندوق النقد الدولي .
- تشكيل مزيد من الضغوط على سعر صرف الليرة المنهارة .