رأس المال: نتائج عملية الإنتاج المباشرة (101)


كارل ماركس
2021 / 9 / 16 - 09:33     


تنقسم مادة هذا الفصل (*) إلى ثلاثة أقسام:
I. السلع كمنتوج لرأس المال، للإنتاج الرأسمالي؛
II. الإنتاج الرأسمالي هو إنتاج لفائض القيمة،

III. وهو أخيراً إنتاج وتجديد إنتاج العلاقة الكلية، التي تتحدد عملية الإنتاج المباشرة نفسها، بفضلها، كعملية رأسمالية خاصة.

إن الموضوع (I)، من هذه المواضيع الثلاثة، ينبغي أن يدرج أخيراً لا أولا، في الصيغة النهائية قبل الطباعة، لأن الموضوع (I) يؤلف انتقالا إلى المجلد الثاني – «عملية تداول رأس المال». غير أننا نبدأ به هنا توخيا للسهولة(**).

* * *

I السلع كمنتوج لرأس المال
لقد كانت السلعة، بوصفها الشكل الأولي للثروة البورجوازية، نقطة انطلاقنا، ومقدمة نشوء رأس المال. من جهة أخرى، تتجلى السلع الآن كمنتوج لرأس المال.

إن الطبيعة الدائرية لبحثنا تتطابق مع التطور التاريخي لرأس المال. فرأس المال محمول بشروط نشوئه على تبادل السلع، على المتاجرة بالسلع، ولكنه يمكن أن يتشكل في مراحل مختلفة من الإنتاج تشترك في حقيقة أن الإنتاج الرأسمالي لم يظهر فيها إلى الوجود بعد، أو أنه يوجد ولكن بصورة مبعثرة. من جهة أخرى. فإن تبادلا سلعياً عالي التطور، والشكل السلعي بوصفه الشكل الاجتماعي الضروري والشامل الذي يكتسيه المنتوج، لا يمكن أن يبرزا إلا كنتيجة لنمط الإنتاج الرأسمالي.

وعلى أي حال، إذا عاينا المجتمعات التي يكون الإنتاج الرأسمالي فيها عالي التطور، لوجدنا أن السلعة هي المقدمة الأولية الدائمة (شرط الوجود المسبق) لرأس المال، وهي النتيجة المباشرة لعملية الإنتاج الرأسمالية، بالمثل.

إن كلا من النقود والسلع هي شروط أولية مسبقة لرأس المال، ولكنها لا تتطور إلى رأسمال إلا في ظل شروط معينة. فرأس المال لا يمكن أن يظهر إلى الوجود إلا على أساس تداول السلع (بما في ذلك تداول النقد)، أي حيثما تكون التجارة قد نمت سلفا إلى درجة معينة ومحددة؛ غير أن إنتاج وتداول السلع، من جهتهما، لا يفترضان البتة وجود النمط الرأسمالي للإنتاج. إذ يمكن على العكس من ذلك، كما بينت من قبل(1)، أن نجدهما حتى في «تشکیلات اجتماعية ما قبل بورجوازية». إنهما يشكلان المقدمة التاريخية لنمط الإنتاج الرأسمالي. ولكن، من جهة أخرى، ما إن تغدو السلعة الشكل العام للمنتوج، حتى يتوجب على كل منتوج أن يرتدي هذا الشكل السلعي؛ ولا يعود

البيع والشراء يشملان المنتوج الفائض فحسب، بل يشكلان جوهره بالذات، وتظهر مختلف شروط الإنتاج ذاتها بوصفها سلعة لا تغادر التداول وتدخل الإنتاج إلا على أسس الإنتاج الرأسمالي. وعليه، إذا كانت السلعة تظهر، من جهة، بوصفها مقدمة لنشوء رأس المال، فإنها تغدو أيضا، ومن حيث الجوهر، نتيجة ومنتوج الإنتاج الرأسمالي، ما إن تصبح الشكل الأولي الشامل للمنتوج. وفي مراحل الإنتاج السابقة، كان جزء مما ينتج يتخذ شكل السلع. أما رأس المال فإنه ينتج منتوجه، بالضرورة، كسلعة(2). لذا فإنه بمقدار ما يتطور الإنتاج الرأسمالي، أي رأس المال، قُدما، تنمو مديات القوانين العامة الناظمة للسلعة؛ وكمثال على ذلك أن القوانين التي تؤثر على القيمة تتطور في الشكل المميز للتداول النقدي.

ونرى هنا كيف أن المقولات الاقتصادية الموافقة لحقب إنتاج سابقة، تكتسب طابعاً تاريخياً خاصاً وجديداً بتأثير الإنتاج الرأسمالي.

وإن تحول النقد، الذي لا يزيد هو نفسه عن كونه شکلا متحولا للسلعة، إلى رأسمال، لا يحصل إلا عندما تكون قدرة – عمل(***) العامل قد تحولت إلى سلعة بالنسبة إليه. وهذا يفترض ضمنا أن مقولة التجارة السلعية قد امتدت لتشمل ميدانا كانت في السابق منفصلة عنه، أو لم تكن لتلجه إلا بصورة متفرقة. بتعبير آخر، لا بد أن يكون السكان العاملون قد كفوا إما عن أن يكونوا جزءا من الشروط الموضوعية للعمل وإما عن أن يدخلوا السوق بوصفهم منتجي سلع؛ وعوضا عن بيع منتوجات عملهم ينبغي لهم أن يبيعوا ذلك العمل نفسه، أو بتعبير أدق، أن يبيعوا قدرتهم على العمل. وعندئذ فحسب يمكن القول إن الإنتاج قد أصبح إنتاجاً للسلع بكامل طوله وعرضه. وعندئذ فحسب يغدو كل منتوج سلعة، وإن الشروط الموضوعية لكل میدان مفرد من میادین الإنتاج إنما تدخل فيه بوصفها هي نفسها سلع. ولا تغدو السلعة، بالفعل، الشكل الأولي الشامل للثروة إلا على أساس الإنتاج الرأسمالي. وحيثما لا يكون رأس المال، مثلا، قد هيمن على الزراعة، فإن قسماً كبيراً من المنتوج الزراعي يظل ينتج، مباشرة، كوسيلة عيش لا كسلعة. وفي هذه الحالة، نجد أن قسماً كبيراً من السكان العاملين لم يتحول بعد إلى عمال مأجورين، وإن شطراً كبيراً من شروط العمل لم يصبح بعد رأسمالا. وينطوي هذا الوضع، ضمنا، على أن تقسيم العمل المتطور، الذي يظهر مصادفة داخل المجتمع، والتقسيم الرأسمالي للعمل داخل ورشة العمل (Atelier)، هما شيئان يشرطان وينتجان بعضهما بعضا. إن السلعة بوصفها الشكل الضروري للمنتوج، وبالتالي الانسلاخ [Entausserung] عن المنتوج كوسيلة ضرورية لتملكه، تتطلب تقسيماً متطوراً للعمل الاجتماعي. وعلى العكس من ذلك، فإنه على أساس الإنتاج الرأسمالي وحده، وبالتالي على أساس التقسيم الرأسمالي للعمل داخل الورشة، تكتسب كل المنتوجات، بالضرورة الشكل السلعي، ويغدو كل المنتجين بالضرورة منتجي سلع. وعليه فإن القيمة – الاستعمالية لا تتحقق بتوسط القيمة – التبادلية، توسطاً شاملا، إلا بانبثاق الإنتاج الرأسمالي.

وهناك ثلاث نقاط هي:
1 – إن الإنتاج الرأسمالي هو أول من يجعل السلعة الشكل العام لسائر المنتوجات.

2 – إن إنتاج السلع يقود لا محالة إلى الإنتاج الرأسمالي ما إن يكفّ العامل عن أن يكون جزءا من شروط الإنتاج (كما هو الحال في العبودية والقنانة) أو ما إن تكف الجماعة المشاعية البدائية عن أن تكون أساس المجتمع (الهند)، وباختصار ابتداء من اللحظة التي تصبح فيها قدرة – العمل سلعة، بوجه عام.

3 – إن الإنتاج الرأسمالي يقوض أساس الإنتاج السلعي بمقدار ما إن هذا الأخير يتضمن إنتاجاً فردياً مستقلا ويتضمن تبادلاً للسلع بين مالكين أو يتضمن تبادلاً لمتعادلات، ويغدو التبادل الشكلي بين رأس المال وقدرة – العمل عرفاً عاماً:

ومن وجهة النظر هذه، ليس مهماً البتة في أي شكل تدخل شروط الإنتاج إلى عملية العمل؛ إذ ليس مهما فيما إذا كانت هذه الشروط، مثل جزء من رأس المال الثابت، الآلات إلخ، تنقل جزءا من قيمتها إلى المنتوج على دفعات، أو كان المنتوج يمتص قیمتها بالكامل، مثل المواد الأولية، أو فيما إذا كان المنتج، يستخدم المنتوج مباشرة کوسيلة عمل، كما هو الحال بالنسبة إلى البذور في الفلاحة، أو كان يتوجب بيع المنتوج أولا ليعاد تحويله إلى وسائل عمل. فعدا عن الخدمة التي تؤديها سائر وسائل العمل في عملية الإنتاج بوصفها قيمة – استعمالية، فإن جميع هذه الوسائل التي تم إنتاجها إنما تخدم أيضا كعناصر في عملية إنماء القيمة. وحيثما لا يتم تبديلها إلى نقد فعلي، فإنه يتم تحويلها إلى نقد حسابي؛ وباختصار يجري استخدامها كقیم – تبادلية، ويتم حساب عنصر القيمة الذي تضيفه، بهذه الطريقة أو تلك، إلى المنتوج حساباً دقيقاً. وبمقدار ما تصبح الزراعة، مثلا، فرعاً صناعياً يدار بطريقة رأسمالية (الإنتاج الرأسمالي يحط رحاله في الريف)، وبمقدار ما تقوم الزراعة بالإنتاج لأجل السوق، أي تنتج سلعة، مواد للبيع لا للاستهلاك المباشر الخاص بها – فإنها تحسب التكاليف بالدرجة نفسها، وتعامل كل عنصر كسلعة (بصرف النظر عما إذا كانت تشتريه من فرع آخر أو من نفسها، أي من الإنتاج). بتعبير آخر، بمقدار ما يتم التعامل مع السلعة بوصفها قيمة – تبادلية مستقلة ذاتياً، فإنها تتصرف بوصفها نقوداً. وهكذا ما دام القمح، والعلف، والماشية، والبذور من كل صنف ولون، إلخ، تباع بوصفها سلعاً – وما دام لا يمكن اعتبارها منتوجات ما لم يتم بيعها – يترتب على ذلك أنها تدخل الإنتاج كسلع، أي كنقد. إن شروط الإنتاج، العناصر التي نؤلف المنتوج، وهي أشياء تتطابق مع كل منتوج، هي أيضا منتوجات، وترتد هي الأخرى إلى سلع. ونتيجة لعملية إنماء القيمة، يجري إدخالها في الحسابات كمقادیر من النقود، أي في الشكل المستقل، شكل القيمة – التبادلية. نرى هنا إذن أن عملية الإنتاج المباشرة هي على الدوام وحدة لا انفصام لها من عملية العمل وعملية إنماء القيمة، تماما مثلما أن المنتوج هو وحدة تتألف من قيمة – استعمالية وقيمة – تبادلية، أي سلعة. ولكن ثمة في المسألة ما يزيد على هذه الجوانب الشكلية: إذ يشتري المزارع ما ينبغي له توظيفه، فإننا نشاهد تطور التجارة في البذور والسماد وتربية المواشي. إلخ، بينما يبيع دخله. وهكذا تنتقل شروط الإنتاج، بالنسبة إلى المزارع المفرد، انتقالا فعلياً من التداول إلى عملية إنتاجه، وهكذا أيضا يصبح التداول، عملية، الشرط المسبق لإنتاجه نظرا لأن [شروط الإنتاج](*4) تصبح، على نحو متزايد سلعة قد اشتراها (أو يمكن شراؤها). والواقع إنها قد أصبحت في نظره سلعة قبل ذلك بوقت كثير، نظرا لأنها أصناف، وسائل عمل، وهي في الوقت نفسه تؤلف جزءا من قيمة رأسماله. (وحين يعيدها بطبيعتها إلى الإنتاج، فإنه يدخلها بذلك في حساباته بوصفها أشياء بیعت إليه qua باعتباره منتجا). زد على هذا، إن ذلك كله يمضي متساوق مع نمو النمط الرأسمالي للإنتاج في الزراعة، التي تقف نتيجة لذلك على أساس صناعي، بصورة متزايدة.
إن السلعة بوصفها الشكل العام الضروري للمنتوج، السمة الخاصة لنمط الإنتاج الرأسمالي، تكتسب استقلاليتها، بصورة حسية، في الإنتاج واسع النطاق الذي ينبثق في مجرى الإنتاج الرأسمالي. فالمنتوج يصبح، بصورة متزايدة، أحادياً وهائلا، من حيث طبيعته. وهذا يسبغ عليه طابعاً اجتماعياً معيناً، طابعاً يرتبط وثيق الارتباط بالعلاقات الاجتماعية القائمة، بينما تظهر قيمته – الاستعمالية المباشرة التي تلبي حاجات منتجه، أمرا عارضا، عديم الأهمية وغير أساسي. وينبغي لهذا المنتوج الهائل أن يتحقق كقيمة – تبادلية، ينبغي أن يجتاز استحالة(*5) السلعة، ليس بسبب أن على المنتج، کرأسمالي، أن يضمن بقاءه فقط، بل أيضا لأن عملية الإنتاج نفسها ينبغي أن يتم تجديدها ومواصلتها. لذلك تمتص التجارة هذا المنتوج. إن شاريه ليس المستهلك المباشر بل التاجر الذي تقوم أعماله على تحقيق استحالة السلعة(3). أخيراً يطور المنتوج طابعه كسلعة، وبالتالي طابعه كقيمة تبادلية، نظرا لأن ميادين الإنتاج تصبح، في ظل الإنتاج الرأسمالي، بالغة التشعب والتنوع، وبالتالي تضاعف باطراد امکانات تبادل المنتوجات(4).

إن السلعة التي تنبثق من الإنتاج الرأسمالي تختلف تماما عن السلعة التي ابتدأنا منها بوصفها عنصر الإنتاج الرأسمالي، شرطه المسبق. لقد بدأنا بالسلعة المفردة منظوراً إليها کصنف مستقل تشيّأ فيه كمٌ معين من وقت العمل ويمتلك بالتالي قيمة – تبادلية ذات مقدار معین.

ويمكن تحديد السلعة، بصورة مزدوجة، على النحو التالي:

1) إن ما تشيّأ فيها، عدا عن قيمتها – الاستعمالية، هو كم معين من العمل الضروري اجتماعياً. ولكن على حين أن الأمر بالنسبة إلى السلعة المأخوذة بذاتها يبقى غير محدد تماما (هذا في الواقع أمر عديم الأهمية) من أين يستمد هذا العمل المتشیئ، فإنه يمكن أن يقال عن السلعة، كمنتوج لرأس المال، إنها تحتوي على كل من العمل مدفوع الأجر والعمل غير مدفوع الأجر. وقد سبق أن ذكرنا أن هذا القول ليس صحيحاً بالمعنى الدقيق نظرا لأن العمل نفسه لا يتم بيعه وشراؤه كعمل مباشرة. ولكن السلعة تحتوي على كمية إجمالية معينة من العمل المتشيئ. وإن جزءا من هذا العمل المتشیئ (عدا عن رأس لمال الثابت الذي دفع لقاءه معادل) يبادل لقاء معادل لأجور العامل؛ وإن جزء آخر يستولي عليه الرأسمالي من دون دفع أي معادل. إن كلا الجزئين متشیئان. وبالتالي ماثلان كجزئين في قيمة السلعة. وإنه لاختصار مناسب أن نصف الواحد كعمل مدفوع، والثاني كعمل غير مدفوع.
2) إن السلعة المفردة لا تظهر، مادياً، كجزء من المنتوج الكلي لرأس المال فحسب، بل كجزء صحيح من الكل الذي ينتجه رأس المال. ولم نعد الآن معنيين بالسلعة الفردية، المستقلة، بالمنتوج المفرد. فنتيجة العملية ليست سلعة فردية، بل كتلة من السلع يتجدد فيها إنتاج قيمة – رأس المال الموظفة سوية مع فائض القيمة (- أي العمل الفائض المستولى عليه-) وكل واحدة من هذه هي حامل (Trager) لكل من قيمة رأس المال وفائض القيمة التي أنتجها. إن العمل المنفق على كل سلعة مفردة لم يعد بالإمكان حسابه – إلا كمتوسط، أي كتقدير مثالي(*6). ويبدأ الحساب ابتداء من ذلك الجزء من رأس المال الثابت الذي لا يدخل في قيمة المنتوج الكلي إلا بمقدار ما يستهلك، مرورا بشروط الإنتاج التي تستهلك جماعياً، وانتهاء بالمساهمة الاجتماعية المباشرة العديد من الأفراد المتعاونين الذين يتساوى عملهم بصورة وسطية. وعليه يحسب هذا العمل مثالياً كجزء صحيح من العمل الكلي المنفق عليه. وعند تحديد سعر السلعة المفردة يظهر ذلك كمجرد كسر مثالي من المنتوج الكلي الذي يعيد فيه رأس المال إنتاج نفسه.

3) إن السلعة، بوصفها منتوج رأس المال، إنما هي حامل القيمة الكلية لرأس المال زائدة فائض القيمة، على خلاف السلعة الأصلية التي ظهرت لنا كشيء مستقل. فالسلعة الآن هي الشكل المتحول لرأس المال الذي أنمى قيمته ذاتياً، وينبغي الآن تنظيم بيعها بالميزان، وبالكميات الضرورية لتحقيق قيمة رأس المال القديم وفائض القيمة القديم الذي حققه رأس المال. ولبلوغ ذلك لا يكفي أن تُباع السلع المفردة أو قسم منها، حسب قيمتها.

لقد سبق أن رأينا أن السلعة ينبغي أن تكتسب نمطاً مزدوجاً من الوجود إن كان ينبغي لها أن تصلح لعملية التداول. وليس كافياً بالنسبة إليها أن تظهر للشاري كصنف ذي خصائص نافعة معينة، أي كقيمة – استعمالية خاصة يمكن لها أن تلبي حاجات خاصة، سواء للاستهلاك الفردي أم للاستهلاك المنتج. كما ينبغي لقيمتها – التبادلية أن تكون قد اكتسبت شكلا مستقلا، محدداً، متميزاً عن قيمتها – الاستعمالية، وإن يكن هذا التميز مثالياً. وينبغي لها أن تمثل كلا من وحدة وازدواج القيمة – الاستعمالية والقيمة – التبادلية. إن قيمتها – التبادلية تكتسب هذا الشكل المستقل عن قيمتها – الاستعمالية بوصفها الوجود المحض لوقت العمل الاجتماعي المتجسد مادياً، أي سعرها. ذلك لأن السعر هو التعبير عن القيمة – التبادلية بوصفها قيمة – تبادلية، أي كنقد، وبتعبير أدق كنقد حسابي.

والآن، توجد في الواقع سلع مفردة، مثل سكك الحديد، ومجمعات البناء الضخمة، إلخ، وهي تمتلك بطبيعتها قدرة من الاستمرار ونطاقا من السعة بحيث أن مجمل منتوج رأس المال الموظف يظهر كسلعة مفردة. في مثل هذه الحالات ينبغي لنا أن نطبق القانون المتعلق بحالة السلع المفردة؛ بتعبير آخر أن سعرها ليس إلا القيمة معبراً عنها بلغة النقود. إن القيمة الكلية لرأس المال + فائض القيمة ستكون عندئذ محتواة في السلعة المفردة ويمكن التعبير عنهما بلغة النقد الحسابي. إن تعیین سعر سلعة من هذا النوع لن يكون، عندئذ، شيئا مختلفاً عما قلناه بصدد السلع المفردة، ما دام المنتوج الكلي لرأس المال سيكون ماثلا في هذه الحالة، بالفعل، كسلعة مفردة. وعليه ليس ثمة ما يستدعي الوقوف عند هذه المسألة أكثر من ذلك.

إن غالبية السلع، على أي حال، منفصلة بطبيعتها (ولكن حتى السلع التي تكون متصلة يمكن اعتبارها مثالية، في الجانب الأكبر، بمثابة مقادیر منفصلة). بتعبير آخر، عند النظر إليها بوصفها كميات من صنف معين، فإنه يمكن تقسيمها وفقا للمقاييس التي تتناسب معها تقليدياً باعتبارها قيماً – استعمالية. وهكذا نتعامل مع (آ) قمح بالكوارترات، و(ب) بنّ بالباونات، و(ج) قماش بالياردات، و(د) سكاكين بالدزینات – في جميع هذه الأحوال تكون السلعة المفردة هي وحدة القياس، إلخ.
وينبغي لنا الآن أن نعاين المنتوج الكلي لرأس المال، هذا المنتوج الذي يمكن اعتباره سلعة مفردة، بصرف النظر عن حجمه، وعما إذا كان منفصلا أم متصلاً، كمنتوج يمكن أن يعد قيمة – استعمالية مفردة، تظهر قيمته – التبادلية في السعر الكلي كتعبير عن القيمة الكلية لهذا المنتوج الكلي.

عندما بحثنا عملية إنماء القيمة، اتضح لنا أن قسما من رأس المال الثابت الموظف، کالأبنية والآلات، إلخ، لا ينقل إلى المنتوج سوى جزء محدد من القيمة الذي يخسره في أثناء أدائه لوظيفة وسيلة عملية خلال عملية العمل؛ وهو لا يدخل المنتوج مادياً في شکل قيمته – الاستعمالية الخاصة. فهو يواصل الاسهام في إنتاج السلع على مدى فترة زمنية طويلة، والقيمة التي ينقلها إلى الأشياء التي تم إنتاجها خلال الإنتاج تقاس بمقياس علاقة هذه المدة الزمنية المحددة بإجمالي الفترة الزمنية التي يستهلك فيها كوسيلة عمل، أي الفترة التي تستهلك فيها كامل قيمته وتنتقل إلى المنتوج. فإن دام عشر سنوات فإن بوسعنا أن نوجز المتوسط بالقول إن 10/1 من قيمته ينتقل سنوياً إلى المنتوج، أي إن 10/1 من قيمته ينتقل إلى المنتوج السنوي لرأس المال. وبعد أن يتم تصريف كتلة معينة من المنتوجات، يمكن لجزء من رأس المال الثابت أن يواصل الخدمة كوسيلة عمل، ويواصل بالتالي تمثيل قيمة معينة على أساس متوسط مماثل لما قمنا بحسابه توا، طالما أنه لا يؤلف جزءا من قيمة كتلة المنتوجات التي جرى تصريفها على هذا النحو. إن القيمة الكلية لرأس المال الثابت ليست هامة إلا بالنسبة إلى قيمة كتلة المنتوجات التي تم تصريفها، أي المنتوجات التي أسهم في إنتاجها؛ نقصد القول إن القيمة التي ينقلها خلال فترة معينة تقتطع كجزء صحيح من قيمته الكلية، أي: إن الفترة المعينة التي يخدم خلالها تُنسب إلى الزمن الكلي الذي يستخدم خلاله وينقل خلاله قيمته الكلية إلى المنتوج. أما ما عدا ذلك، فإن أي قيمة يظل يمتلكها لا أهمية لها بالنسبة إلى تعيين قيمة كتلة القيم التي جرى تصريفها أصلا. إذ يمكن اعتبارها صفراً بقدر ما يتعلق الأمر بهذه الأخيرات. أو، وهذا ما يضارع الشيء نفسه، يمكن لنا، توخيا للتبسيط، أن نعالج المسألة كما لو أن مجمل راس المال، بما في ذلك الجزء الثابت الذي يجري امتصاصه في المنتوج على مدى فترة زمنية طويلة، قد جرى احتواؤه ودخل في منتوج رأس المال الكلي قيد البحث.

دعونا نفترض، إذن، أن المنتوج الكلي = 1200 باردة من القماش. إن رأس المال الموظف = 100 جنيه، منها 80 جنيها رأسمالاً ثابتاً، و20 جنيها رأسمالا متغيراً. إن معدل فائض القيمة = 100 بالمئة، بحيث أن العامل يعمل نصف يوم العمل لأجل نفسه، ويعمل النصف الآخر مجانا لأجل الرأسمالي. في هذه الحالة فإن فائض القيمة = 20 جنيها، والقيمة الكلية للـ 1200 ياردة = 120 جنيها، منها 80 جنيها تمثل رأس المال الثابت الموظف، و40 جنيها تأتي من العمل الجديد المضاف. وثمة نصف من هذا الأخير يذهب كأجور إلى العامل، فيما يمثل النصف الثاني منه العمل الفائض أو يؤلف فائض القيمة.

وبما أن عناصر الإنتاج الرأسمالي، باستثناء العمل الجديد المضاف، تدخل عملية الإنتاج بالأصل بمثابة سلع، أي بأسعار محددة، يترتب على ذلك أن القيمة التي يضيفها رأس المال الثابت تكون معينة سلفاً بلغة السعر. وعلى سبيل المثال، تبلغ في الحالة الراهنة 80 جنيها عن الكتان والآلات، إلخ. أما بالنسبة إلى العمل الجديد المضاف، على أي حال، فإنه إذا كانت الأجور المحددة بوسائل العيش الضرورية = 20 جنيها، وكان العمل الفائض يساوي العمل مدفوع الأجر، فينبغي التعبير عنه بسعر 40 جنيها، نظرا لأن القيمة التي تعبر عن العمل المضاف تتوقف على كميته، وليس بأي حال على الظروف التي يكون فيها مدفوعاً. لذا فإن السعر الكلي للـ 1200 ياردة التي أنتجها رأسمال مقداره 100 جنيه = 120 جنيها.

كيف يتأتى لنا أن نحدد قيمة السلعة المفردة، وفي حالتنا هذه قيمة ياردة القماش؟ بداهة، بتقسيم السعر الكلي للمنتوج الإجمالي على عدد الوحدات التي تقسمه إلى أجزاء صحيحة وفقا لمقياس معين. بتعبير آخر، يقسم السعر الكلي للمنتوج على عدد وحدات القياس التي يجري التعبير بها عن القيمة – الاستعمالية. وفي حالتنا هذه 120 جنيها/ 1200 ياردة ذلك سعر مقداره شلنان للياردة الواحدة من القماش. وإذا ما جرى تقسيم الباردة، التي تخدم كمقياس للقماش، تقسيماً أبعد، أي إذا جرت تجزئتها إلى أجزاء صحيحة أصغر، فإن بوسعنا المضي في تحديد سعر نصف ياردة، إلخ، بالطريقة نفسها. وعليه يتحدد سعر السلعة المفردة، بالتعبير عن قيمتها – الاستعمالية كجزء صحيح من المنتوج الإجمالي، وتحديد سعرها كجزء صحيح مماثل من القيمة الكلية التي ولدها رأس المال الموظف.

لقد رأينا أنه بمقدار ما تتباين إنتاجية العمل أو ندرة إنتاجية العمل ذاته، فإن وقت العمل نفسه سوف يؤدي إلى إنتاج كميات بالغة الاختلاف من المنتوج. أو بتعبير آخر سيجري التعبير عن قيم – تبادلية متساوية في كميات مختلفة من القيم – الاستعمالية. دعونا نفترض، في المثال الحالي، أن إنتاجية ناسج الأقمشة تزداد إلى أربعة أمثال ما كانت عليه. إن رأس المال الثابت، أي الكتان والآلات، إلخ، الذي يحركه العمل المعبر عنه بـ 40 جنيها، إن رأس المال الثابت هذا كان يساوي 80 جنيها. فإن ازدادت إنتاجية الناسج إلى أربعة أمثالها، فإنها ستحرك أربعة أمثال رأس المال هذا، أي ما قيمته 320 جنيها من الكتان، إلخ. وسيزداد عدد الياردات المنتجة بالنسبة نفسها، نعني من 1200 إلى 4800. غير أن العمل الجديد المضاف الذي يبذله الناسج سوف يظل معبراً عنه بـ 40 جنيها، ما دامت کمیته قد بقيت على حالها من دون تغير. وعليه فإن السعر الكلي للـ 4800 ياردة سوف يساوي الآن = 360 جنيها، وسيكون سعر الياردة الواحدة = 4800 ياردة/ 360 جنيهاً و = شلناً واحداً و6 بنسات. وهكذا فإن سعر الياردة الواحدة سيكون قد هبط من شلنين أو 24 بنساً إلى 1/2، 1 شلن أو 18 بنسا، أي هبط بنسبة 1/4 لأن رأس المال الثابت في الياردة الواحد قد امتص عملا حياً مضافاً أقل بنسبة 1/4 خلال عملية تحويل ذلك العمل إلى قماش. أو بتعبير آخر إن المقدار نفسه من عمل النسج قد توزع على مقدار أكبر من المنتوج. ومن الأفضل بالنسبة إلى أغراضنا الحالية أن نسوق مثالا يبقى فيه المقدار الكلي لرأس المال الموظف على حاله بينما تنتج إنتاجية العمل مقادير بالغة الاختلاف من القيمة – الاستعمالية نفسها، ولتكن هذه قمحا، وذلك نتيجة لتباين الشروط الطبيعية، كأن يكون ذلك مناخا أفضل بهذا القدر أو ذاك. لنفرض أن 7 جنيهات تمثل مقدار العمل المنفق في إيكر واحد من الأرض، لإنتاج القمح (Wheat) مثلا. من هذا المبلغ هناك 4 جنيهات تمثل العمل الجديد المضاف و3 جنيهات تمثل العمل المتشيئ أصلا في رأسمال ثابت. لنفرض أن جنيهين من هذه الى 4 جنيهات تستخدم للأجور، ويبقى جنبهان بمثابة فائض قيمة، وفق التناسب البالغ 100 بالمائة، الذي افترضناه من قبل، غير أن المحصول يتباين باختلاف المواسم.



الإجمالي
(مقاسات بالكوارتر) الكوارتر الواحد قيمة أو سعر
المنتوج الإجمالي
حين يكون
لدى المزارع 5 فإن باستطاعته أن يبيع بسعر 28 شلناً 7 جنيهات
1/2، 4 أو بحوالي 31 شلناً 7 جنيهات
4 أو بحوالي 35 شلناً 7 جنيهات
1/2، 3 أو بحوالي 40 شلناً 7 جنيهات
3 أو بحوالي 46 شلناً 7 جنيهات
و8 بنسات
1/2، 2 أو بحوالي 56 شلناً 7 جنيهات
2 أو بحوالي 70 شلناً 7 جنيهات(5)
إن قيمة أو سعر المنتوج الإجمالي الذي يدره رأسمال قدره 5 جنيهات موظف في كل إيكر، يظل 7 جنيهات، نظرا لأن الكميات الموظفة من العمل المتشیئ والعمل الحي المضاف تظل ثابتة. غير أن هذا العمل نفسه يولد كميات بالغة الاختلاف من كوارترات القمح، وعليه فإن لكوارتر القمح المفرد، أي للجزء الصحيح نفسه من المنتوج الإجمالي، أسعاراً بالغة الاختلاف. إن تغير أسعار السلع الفردية التي أنتجها رأس المال الواحد نفسه ليس له إطلاق أيما تأثير على معدل فائض القيمة – أو على نسبة فائض القيمة إلى رأس المال المتغير، أو على الطريقة التي ينقسم بها يوم العمل إلى عمل مدفوع وعمل غير مدفوع. إن القيمة الكلية التي يجد العمل الجديد المضاف التعبير عنه فيها تظل على حالها من دون تغير، لأن مقدار العمل الحي المضاف إلى رأس المال الثابت(*7) قد بقي على حاله الآن كما من قبل؛ نقصد القول إن نسبة فائض القيمة إلى الأجور، أو نسبة العمل المدفوع إلى العمل غير المدفوع، تبقى على حالها، بصرف النظر عما إذا كانت الياردة تكلف شلنين، أو باتت تكلف بعد تنامي إنتاجية العمل، 1/2، 1 شلن. فكل ما تغير، بقدر ما يتعلق الأمر بالياردة المفردة، هو المقدار الكلي لعمل النساجين الذي أنفق عليها، بيد أن نسبتي العمل المدفوع وغير المدفوع، هاتين النسبتين اللتين ينقسم إليهما المقدار الكلي، تظلان على حالهما بالنسبة إلى أي جزء صحیح تحتويه الياردة من الكل، مهما كان هذا الكل كبيراً أم صغيراً. وبالمثل، ففي الوضع المعطى في مثالنا أعلاه، أي مع هبوط إنتاجية العمل، الوضع الذي يتوزع فيه العمل الجديد المضاف على كوارترات أقل بحيث أن نسبة من العمل المضاف أكبر تنتسب إلى كل كوارتر، فإن الزيادة في سعر الكوارتر الواحد في الحالة الثانية لن تؤثر أدنى تأثير على النسبتين اللتين سينقسم إليهما هذا المقدار الأكبر أو الأصغر من العمل الذي يمتصه کل کوارتر، إلى عمل مدفوع وعمل غير مدفوع. فليس ثمة أدنى فرق، لا بالنسبة إلى فائض القيمة الكلّي الذي أنتجه رأس المال، ولا بالنسبة إلى الجزء الصحيح من فائض القيمة، الذي تحتويه قيمة كل کوارتر بالقياس إلى القيمة الجديدة المضافة إلى الكوارتر؛ فإذا جرت، في ظل الشروط المعينة، إضافة عمل حي أكثر إلى مقدار محدد من وسائل الإنتاج، فإن عملا أكثر، مدفوعاً وغير مدفوع، يضاف بالنسب نفسها؛ وإذا جرت إضافة عمل حي أقل، فإن عملا، مدفوعاً وغير مدفوع، أقل ينضاف بالنسب نفسها. ولكن في كلتا الحالتين، فإن التناسب بين هذين الجزئين من العمل الجديد المضاف يظل على حاله دون تعديل.

وبمعزل عن تأثيرات عوامل خارجية معينة لا صلة لها بأغراضنا الراهنة، فإن ميل نمط الإنتاج الرأسمالي ونتيجته هي أن یزید باطراد إنتاجية العمل؛ لذا فإنه يزيد أيضا كتلة وسائل الإنتاج المحولة إلى منتوجات باستخدام الكمية نفسها من العمل المضاف. وعندئذ فإن العمل الجديد المضاف يتوزع، باطراد، على كتلة أكبر من المنتوجات مقلصاً بذلك سعر كل سلعة مفردة، أو مقلصاً بذلك أسعار السلع عموماً. وإن هذا التقليص لأسعار السلع لا يؤدي، في ذاته ولذاته، إلى أيما تغيير، لا في كتلة فائض القيمة التي ينتجها رأس المال المتغير نفسه، ولا في نسبة انقسام العمل، المضاف حديثاً لكل سلعة مفردة، إلى عمل مدفوع أو غير مدفوع، ولا في معدل فائض القيمة التي نمت في كل سلعة مفردة. فحين تتطلب كمية معينة من الكتان أو عدد من المغازل، عملا أقل لإنتاج ياردة واحدة من القماش، فإن حقيقة تزايد أو تناقص مقدار العمل لا تمس البتة نسب العمل المدفوع إلى العمل غير المدفوع. إن المقدار المطلق للعمل الحي المضاف حديثاً إلى مقدار معين من العمل المتشیئ أصلا، لا يؤثر بشيء على النسبتين اللتين تنقسم بهما الكمية، الأكبر، أو الأصغر، إلى عمل مدفوع وعمل غير مدفوع، عند تطبيق ذلك على السلعة الفردية. ورغم التغير في سعر السلعة، الناجم عن تغير قدرة إنتاجية العمل، نعني أنه على الرغم من تقلص الأسعار ورخص السلع، فإن العلاقة بين العمل المدفوع والعمل غير المدفوع، أي بوجه عام معدل فائض القيمة الذي أنماه رأس المال، يمكن أن يظل ثابتاً. وحتى لو لم يكن هناك تغير في إنتاجية العمل المضاف حديثاً إلى وسائل العمل، بل كان هناك تغير في إنتاجية العمل الذي يخلق وسائل العمل، مؤدياً إلى رفع أو خفض أسعارها، فمن الجلي بالمثل أن التغير الناتج عن ذلك في اسعار السلع المعنية لن يكون له أيما تأثير على انقسام الجزء الثابت من العمل الجديد المضاف، الذي تحتويه هذه السلع، إلى عمل مدفوع وعمل غير مدفوع.

وعلى العكس، فإن تغيراً في سعر السلع لا يحول دون ثبات معدل فائض القيمة وثبات انقسام العمل الجديد المضاف إلى عمل مدفوع وغير مدفوع. وعلاوة على ذلك، فإن ثبات أسعار السلع لا يمنع بذاته تغيراً في معدل فائض القيمة، أو تحويراً في نسبة انقسام العمل الجديد المضاف إلى عمل مدفوع وعمل غير مدفوع. وتوخياً للتبسيط دعونا نفترض أنه لا يحدث في فرع الصناعة قيد البحث أي تغير في إنتاجية أي عمل داخله. وهكذا ففي المثال المذكور أعلاه لن يطرأ تغير في إنتاجية عمل النسج أو العمل المنخرط في إنتاج الكتان والمغازل، إلخ. واستنادا إلى الفرضية التي صغناها آنفا، يجري توظيف 80 جنيها في رأس المال الثابت، و20 جنيها في رأس المال المتغير. إن هذه الى 20 جنيها تمثل 20 يوما (أيام أسبوع) لعشرین ناسجاً. واستنادا إلى افتراضنا، فقد انتجوا 40 جنيها، مشتغلين نصف اليوم لأنفسهم ونصفه للرأسمالي. ولكننا سنفترض أيضا، بدلا من يوم عمل مؤلف من 10 ساعات، أن يوم العمل يمدد إلى 12 ساعة، بحيث يزداد العمل الفائض بمقدار ساعتين للعامل الواحد. لقد نما يوم العمل الكلي 1/5، من 10 ساعات إلى 12 ساعة. وبما أن 10 : 12 = 2/3، 16 : 20، فإن 2/3، 16 ناسجا فقط يلزمون الآن لتحريك رأس المال الثابت نفسه البالغ 80 جنيها، وبالتالي لإنتاج 1200 ياردة من القماش. (لأن عشرين رجلا يعملون 10 ساعات = 200 ساعة، و2/3، 16 رجلا يعملون 12 ساعة = أيضا 200). بالمقابل، إذا احتفظنا بالعمال العشرين كلهم، كما من قبل، فإنهم سيقدمون 240 ساعة عمل بدلا من 200 ساعة عمل. وبما أن قيمة 200 ساعة عمل يومية تبلغ 40 جنيها في الأسبوع، فإن قيمة 240 ساعة يومية تبلغ 48 جنيها في الأسبوع. ولكن بما أن إنتاجية العمل إلخ، قد بقيت ثابتة، ولما كانت 40 جنيها تطابق رأسمالا ثابتا قدره 80 جنيها، يترتب على ذلك أن 48 جنيها تتطلب 96 جنيها رأسمالا ثابتاً. وعليه فإن رأس المال المنفق يبلغ 116 جنيها وقيمة السلع التي ينتجها = 148 جنيها. ولكن بما أن 120 جنيها = 1200 ياردة، فإن 128 جنيها = 1280 ياردة.

وستكون كلفة الياردة الواحدة 128 جنيها/ 1200 ياردة = 1/10 شلنين(*8). إن سعر الياردة المفرد يظل على حاله دون تغير لأنه يظل يكلف المقدار الكلي نفسه من ناحية العمل المضاف ومن ناحية العمل المتشييء في وسائل العمل. لكن مقدار فائض القيمة الذي تحتويه كل ياردة سيكون قد ازداد. ففي السابق، كانت هناك 20 جنيها من فائض القيمة في 1200 ياردة. وعليه فإن فائض القيمة – في الياردة الواحدة كان 20/1200 = 2/120= 1/60= 1/3= 4 بنسات أما الآن فإن هناك 128 جنيها في 1280 ياردة، وثمة في الياردة الواحدة 1/3، 5(*9) بنس، نظراً لأن 1/3، 51280 x = 28 جنيها، وهذا هو المقدار الحقيقي لفائض القيمة – الماثل في ال 1280 ياردة. وبالطريقة نفسها، ثمة 8 جنيهات إضافية من فائض القيمة (= 80 ياردة بسعر شلنين للياردة الواحدة)، وإن عدد الياردات، في الواقع، قد نما من 1200 إلى 1280.

نجد في هذا المثال أن سعر السلعة يظل على حاله. كذلك شأن إنتاجية العمل ورأس المال المستخدم في دفع الأجور. مع ذلك، يرتفع مقدار فائض القيمة من 20 إلى 28، أي بمقدار 8، وهذا 2/5 من الـ 20، لأن 8 x 2/5 = 40/2 = 20، أي بنسبة 40 في المائة.
هذه هي النسبة المئوية التي نما بها فائض القيمة الكلي. أما بالنسبة إلى معدل فائض القيمة فقد ارتفع من 100 بالمائة إلى 140 بالمائة.

إن بالوسع تصحيح هذه الأرقام اللعينة فيما بعد. حسبنا في الوقت الحاضر أن نشير إلى أن فائض القيمة ينمو مع ثبات أسعار السلع لأن رأس المال المتغير نفسه يحرك عملا أكثر، وهذا لا يعني فقط إنتاج سلع أكثر بالكلفة نفسها، بل إنتاج سلع أكثر تحتوي على نسبة من العمل غير المدفوع أكبر من ذي قبل.

إن الحساب الصحيح معروض في المقارنة التالية التي لا أبتغي سوى استباقها بتقديم هذه الملاحظة:

إذا كانت الـ 20 جنيها م الأصلية [رأسمال متغير] = 20 يوم عمل ذي 10 ساعات (طالما أن أيام الأسبوع يمكن أن تضرب بـ 6، فإن ذلك لا يؤثر على الوضع) وكان يوم العمل = 10 ساعات، فإن العمل الكلي المنجز = 200 ساعة.

والآن، إذا مدد اليوم من 10 إلى 12 ساعة (ومدد العمل الفائض من 5 إلى 7) فإن العمل الكلي في 20 [يوما] = 240.

إذا كانت 200 ساعة عمل تمثل 40 جنيها، فإن 240 = 48 جنيها.

وإذا كانت 200 ساعة عمل تضع موضع الحركة رأسمالا ثابتا مقداره 80 جنيها، فإن 240 سوف تحول رأسمالا يبلغ 96 جنيها.

وإذا كانت 200 ساعة تنتج 1200 ياردة، فإن 240 ساعة سوف تثمر 1440 ياردة.
والآن. فإلى مقارنتنا: [الجدول II- I – أدناه].

ث
(ثابت م
(متغير) ف
(فائض القيمة) قيمة المنتوج الإجمالي معدل فائض القيمة مقدار فائض القيمة الياردات سعر الياردة الواحدة مقدار العمل في الياردة الواحدة العمال الفائض [في الياردة الواحد] معدل العمل الفائض
I 80 جنيهاً 20
= 20
= 120
جنيها 100% 20
جنيهاً 1200 2
شلن 8
بنسات 4
بنسات 4:4
=100%
II 96 جنيها 20
= 28
= 144
جنيها 140% 28
جنيها 1440 2
شلن 8
بنسات 2/3، 4
بنس 1/3،3: 2/3،4= 140%
5:7= عدد الساعات ازداد من 5 إلى 7


في أعقاب ازدیاد فائض القيمة المطلق، أي: نتيجة إطالة يوم العمل، تغير التناسب في المقدار الكلي للعمل المنجز، من 5: 5 إلى 5: 7، أي من 100 في المائة إلى 140 في المائة، وهو تناسب ينعكس بالمثل (ditto) في كل ياردة مفردة. غير أن المقدار الكلي لفائض القيمة يتحدد بعدد العمال المستخدمين وفق هذا المعدل الأعلى. ولو جری تقليص عددهم إثر تمديد يوم العمل، أي إذا تم أداء الكمية نفسها من العمل ولكن باستخدام عمال أقل عدداً اعتمادا على يوم عمل أطول، فإن معدل فائض القيمة سوف يشهد زيادة مماثلة، ولكن مقداره المطلق لن يشهد ذلك.

دعونا ننطلق الآن، على العكس، من الافتراض بأن يوم العمل يبقى على حاله، أي يبقى 10 ساعات، لكن العمل الضروري ينخفض من 5 ساعات إلى 4 ساعات بسبب تزايد إنتاجية العمل لا في رأس المال الثابت المستخدم في النسيج، أو في عمل النسيج ذاته، بل في فروع صناعية أخرى تؤلف منتوجاتها جزء من أجور العمل. هذا يعني أن العمال الآن يعملون 6 ساعات لأجل الرأسمالي بدلا من 5، ويعملون 4 ساعات لأنفسهم بدلا من 5. لقد كانت نسبة العمل الفائض إلى العمل الضروري 5:5 أي 100%؛ وقد باتت الآن 4 : 6 = 150: 100 = 150 في المائة. والآن، كما من قبل، يجري استخدام 20 شخصا لعشر ساعات، مما يعطي 200 ساعة؛ وهم يحركون، في الحالتين، رأس المال الثابت نفسه، البالغ 80 جنيها. إن قيمة المنتوج الكلي تظل 120 جنيها، وعدد الياردات يبقى 1200، وسعر كل ياردة يظل شلنين كما من قبل. ذلك لأن شيئا لم يتغير في سعر الإنتاج. إن المنتوج الكلي (بلغة القيمة) لشخص واحد [- يوم واحد] = جنيهين، و20 = 40 جنيها. ولكن على حين أن الأمر كان يلزم العامل، في السابق، 5 ساعات في اليوم، أي 20 جنيها في الأسبوع، لشراء وسائل عيشه، فإن الأمر الآن لا يتطلب سوى 4 ساعات = 16 جنيها في الأسبوع، لشراء المقدار نفسه. وإن ما يدفع إلى العشرين شخصا الذين يؤدون الآن 16 ساعة فقط من العمل الضروري يساوي الآن 16 جنيها بالمقارنة مع 20 جنيها في السابق. لقد انخفض رأس المال المتغير من 20 جنيها إلى 16 جنيها، ولكنه لا يزال يضع الكمية نفسها من العمل المطلق قيد الحركة. ولكن هذا الكم يتوزع الآن بصورة مختلفة. في السابق كان مدفوعاً 2/1، و2/1 غير مدفوع. أما الآن فإن هناك، من العشر ساعات، 4 مدفوعة و6 غير مدفوعة، أي 2/5 مدفوعة و3/5 غير مدفوعة. وعوضا عن التناسب 5 : 5، هناك تناسب جديد هو 4 : 6، وقد نما معدل فائض القيمة من 100 في المائة إلى 150 في المائة. لقد ارتفع معدل فائض القيمة بنسبة 50 في المائة. وهناك في كل ياردة واحدة، 1/3، 5 بنس من العمل سيكون مدفوعاً و4/5، 4 بنس من العمل سيكون غير مدفوع، وهذا 24/5: 16/5، أي 24: 16 كما أعلاه. وهكذا فإن الصورة الإجمالية هي على النحو المبين أدناه [في الجدول III].

ث
(ثابت) م
(متغير) ف
(فائض القيمة) قيمة المنتوج الإجمالي معدل فائض القيمة مقدار فائض القيمة الياردات سعر الياردة الواحدة كمية العمل في الياردة الواحدة العمل الفائض [في الياردة الواحدة] معد العمل الفائض
III 80 جنيهاً 16 جنيهاً 24 جنيهاً 120 جنيهاً 150% 24 جنيهاً 1200 2 شلن 8 بنسات 4/5، 4
بنس =1/5،3 : 4/5، 4
=
16:24
=
150%
نلاحظ هنا أن مقدار فائض القيمة هو 24 جنيها لا غير، عوضا عن 28 جنيها كما في الجدول II. ولكن إذا كان قد جرى في الجدول III إنفاق رأس المال المتغير نفسه والبالغ 20 جنيها، فإن المقدار الكلي من العمل المستخدم كان سيرتفع، نظرا لأنه يبقى على حاله برأسمال متغير مقداره 16 جنيها. والحق، بما أن 20 هي أكبر من 16 بنسبة الربع، فإنه كان سيزداد بنسبة الربع. وفي هذه الحالة كان المقدار الكلي للعمل المستخدم سيزداد هو أيضأ، وليس فقط التناسب بين العمل الفائض والعمل المدفوع. ولما كانت 16 جنيها تثمر 40 جنيها، في ظل المعدل الجديد المعين، فإن 20 جنيها سوف تدر 50 جنيها، منها 30 جنيها تؤلف فائض القيمة. وإذا كانت 40 جنيها = 200 ساعة، فان 50 جنيها تساوي 250 ساعة. وإذا كانت 200 ساعة تحرك 80 جنيها من (ث)، فإن 250 ساعة سوف تحول 100 جنيه من (ث). وأخيراً، إذا كانت 200 ساعة قد أنتجت 1200 ياردة، فإن 250 ساعة سوف تثمر 1500 ياردة. وتصبح الحسابات كما هو مبين أدناه في الجدول [III آ].

ث
(ثابت)

م
(متغير) ف
(فائض القيمة) قيمة المنتوج الإجمالي معدل فائض القيمة مقدار فائض القيمة الياردات سعر الياردة الواحدة كمية العمل في الياردة الواحدة العمل الفائض [في الياردة الواحدة] معدل العمل الفائض
III آ 100
جنيه 20 جنيه 30 جنيه 150 جنيهاً 150% 30 جنيهاً 1500 2 شلن 8 بنسات 4/5، 4 بنس 150%




ينبغي أن نلاحظ ما يلي عموما: نتيجة هبوط الأجور (هنا، في أعقاب تزايد الإنتاجية) يلزم رأسمال متغير أقل لوضع الكم نفسه من العمل قيد الاشتغال، أي لوضع الكم نفسه من العمل قيد الاشتغال لرأس المال بفوائد أكبر، نظرا لأن الجزء المدفوع، في هذا المقدار نفسه، يهبط بالقياس إلى الجزء غير المدفوع. لذا، فإن الرأسمالي الذي يواصل إنفاق المقدار نفسه من رأس المال المتغير سيجني مضاعفاً. ذلك لأنه لن يكون قادراً، فقط، على أن يكسب معدل فائض قيمة أعلى، لقاء المبلغ الكلي نفسه، فحسب، بل إنه قادر أيضا على استغلال كمية من العمل أكبر وفق هذا المعدل الأعلى، رغم أن رأسماله المتغير لم يرتفع من حيث المقدار.
(although his variable capital has not increased in magnitude)
لقد رأينا مما تقدم أنه:

(1) عندما تتغير أسعار السلعة، يمكن لمعدل وكمية فائض القيمة أن يظلا ثابتين؛
(2) عندما تبقى أسعار السلعة ثابتة، يمكن لمعدل وكمية فائض القيمة أن يتغيرا.

وعلى العموم فإن أسعار السلع، كما بينا في بحثنا إنتاج فائض القيمة، لا تمارس تأثيرها إلا بمقدار ما تدخل في تكاليف إعادة إنتاج قدرة – العمل، فتمس بذلك قيمتها، وهو تأثير يمكن أن يلتغي على المدى القصير بفعل مؤثرات معاكسة.

يترتب على النقطة (1)، إننا إذا أغفلنا، هنا، ذلك القطاع من المنتوجات التي إذا أصبحت أرخص، جعلت قدرة – العمل أرخص أيضا (مثلما أنها إذا أصبحت أغلى جعلت قدرة – العمل أغلى)، فإن هبوط الأسعار، أي رخص السلع، الناجم عن تزاید إنتاجية العمل، يعني أن عملا أقل بات يتجسد مادياً في سلع معينة، أو أن العمل نفسه يعطي كمية أكبر من السلع، بحيث أن جزء العمل الصحيح اللازم لإنتاج سلعة مفردة يصير أصغر. غير أن ذلك لا يعني، في ذاته ولذاته، حصول تغير في الانقسام النسبي للعمل، الداخل في أية سلعة معينة مفردة، إلى عمل مدفوع وعمل غير مدفوع. إن القانونين المبينين هنا، ينطبقان، عموما، على سائر السلع، بما فيها تلك التي لا تدخل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في إعادة إنتاج قدرة – العمل، والتي لا علاقة لسعرها، سواء أكان عالياً أم متدنياً، بتحديد قيمة قدرة – العمل ذاتها.

ويترتب على النقطة (2) (أنظر الجدولين III وIII آ) أنه على الرغم من ثبات أسعار السلع، وثبات إنتاجية العمل الحي المستخدم مباشرة في فرع الصناعة الذي يخلق تلك السلع، فإن معدل وكتلة فائض القيمة يمكن أن يرتفعا. (وعلى النسق نفسه، كان بوسعنا أن نبين العكس ونعني تحديدا أنهما يمكن أن ينخفضا، فيما لو جرى تقليص يوم العمل الإجمالي، أو فيما لو تزاید وقت العمل الضروري – مع بقاء يوم العمل نفسه ثابتا على حاله – بسبب أن السلع الأخرى أصبحت أغلى). وهذه هي الحالة التي يشغل فيها رأسمال متغير ذو حجم معین مقادیر متفاوتة من عمل ذي إنتاجية معينة. في حين أن أسعار السلع تظل ثابتة طالما لم يطرأ تغير على إنتاجية العمل). وبالمقابل، فإن رأسمالا متغيراً ذا حجم متغير يمكن أن يشغل مقادير متساوية من عمل ذي إنتاجية معينة. وباختصار، فإن رأسمالا متغيراً ذا حجم معين لا يضع، على الدوام، المقدار نفسه من العمل الحي موضع الحركة، وإذا ما اعتبرناه رمزا لمقادير العمل التي يحركها، فينبغي اعتباره رمز مقدار متغیر.

إن هذه الملاحظة الأخيرة (الجدول II والقانون الثاني) تبين كيف ينبغي النظر إلى السلعة بصورة تختلف تماما عن الطريقة التي نظرنا بها إليها في بدء بحثنا للمنتوج الفردي، المستقل – لأن السلعة تتجلى هنا بوصفها منتوج رأس المال، بوصفها جزءا مكونة لرأس المال، بوصفها حاملا لرأس المال الذي أنمى قيمته ذاتياً، وبالتالي فإنها تحتوي على جزء صحيح من فائض القيمة الذي ولده رأس المال.

(حين نتحدث عن سعر السلع، فإننا نفترض، ضمنا، أن السعر الكلي لكتلة السلع التي أنتجها رأس المال = قيمتها الكلية، وعليه فإن سعر الجزء الصحيح من السلعة المفردة = الجزء الصحيح من تلك القيمة الكلية. إن السعر، في هذا الإطار، هو، عموما، محض تعبير نقدي عن القيمة. أما الأسعار التي تختلف عن القيم المعينة، فإنها لم تدخل بعد في نطاق بحثنا).
إن السلعة المفردة، منظوراً إليها كمنتوج لرأس المال، أي كمكون أولي فعلي من مكونات رأس المال الذي تنامی قيمة وأعيد إنتاجه، إن هذه السلعة تختلف، إذن، عن السلعة الفردية التي بدأنا بها، والتي اعتبرناها بمثابة صنف له استقلال ذاتي، بمثابة المقدمة لتكوين رأس المال. إنها لا تختلف فقط من ناحية مسألة السعر المشار إليها آنفا، بل تختلف أيضا في واقع أنه حتى لو بيعت السلعة بموجب سعرها، فإن قيمة رأس المال الموظف في إنتاجها قد لا تتحقق، وإن فائض القيمة الذي خلقه رأس المال هذا قد لا يتحقق هو الآخر. والحق، فبسبب كون السلعة مجرد حامل لرأس المال، ليس من الناحية المادية فحسب، أي ليس كجزء من القيمة – الاستعمالية التي يتألف منها رأس المال، بل كحامل للقيمة التي يتألف منها رأس المال، فإن من المحتمل أن يبيع الرأسمالي سلعاً بأسعار تطابق قيمها الفردية، ولكن بأدنى من قيمها كمنتوجات لرأس المال، وكمكونات للمنتوج الإجمالي الذي يحظى فيه بوجوده، رأس المال الذي أنمی قيمته فعلياً.

وفي المثال المعطى أعلاه، قام رأسمال قدره 100 جنيه بإعادة إنتاج نفسه في شكل 1200 ياردة من القماش بسعر 120 جنيها. ولما كنا، في بحثنا السابق، قد استخدمنا الأرقام 80ث، 20م، 20ف(*10)، فإننا نستطيع الآن أن نمثل الوضع بافتراضنا أن الـ80 جنيها رأسمالا ثابتاً تتجسد في 800 ياردة، أي في 2/3 من المنتوج الإجمالي؛ وإن 20 جنيها رأسمالا متغيراً، أي الأجور، تضارع 200 باردة، أي 1/6 من الإجمالي؛ وإن 20 جنيها فائض قيمة عادل، بالمثل، 200 ياردة، أي 1/6. وإذا ما افترضنا الآن أن 800 ياردة، وليست ياردة واحدة، قد بیعت بموجب السعر الصحيح، وهو 80 جنيها، وإن الجزئين الآخرين تعذرا على البيع، فإن 4/5 فقط، من قيمة رأس المال الأصلية، البالغة 100 جنيه، قد أعيد إنتاجها. وباعتبار هذه الياردات الـ 800 حاملا لرأس المال الكلي، أي باعتبارها المنتوج الفعلي الوحيد لرأس المال الكلي البالغ 100 جنيه، فإنها قد بیعت بأقل من قيمتها، أي بثلثي قيمتها، إن توخينا الدقة، ما دامت قيمة المنتوج كله = 120، وال 80 تؤلف 2/3 من ذلك، أما القيمة المفقودة البالغة 40 فهي الثلث المتبقي. إن هذه الياردات الـ 800، مأخوذة لذاتها، يمكن أيضا أن تباع بما يزيد عن قيمتها الحقيقية، مع ذلك فإن الياردات، كحاملات لراس المال الكلي، يمكن أن تباع بموجب سعرها الصحيح؛ أي مثلا إذا بيعت هذه بـ 90 جنيها، وبيعت الياردات الى 400 المتبقية بـ 30 جنيها. غير أننا نعتزم، لأغراضنا الراهنة، إغفال بيع مختلف أجزاء الكمية الإجمالية من السلع بأسعار أعلى أو أدنى من قيمتها، نظرا لأن المقدمة التي تنطلق منها تنص بالضبط على وجوب بيع السلع وفق قيمها الصحيحة.
إن المسألة المطروحة هنا لا تقتصر على وجوب أن تُباع السلعة وفق قيمتها، كما هو الحال مع السلعة منظوراً إليها كشيء مستقل ذاتياً، بل إن الأمر يتعداه إلى أن السلعة، بوصفها حاملا لرأس المال الموظف فيها. وبوصفها جزءاً صحيحاً من المنتوج الكلي الرأس المال ذاك، ينبغي أن تُباع حسب قيمتها (سعرها). فعند بيع 800 ياردة فقط من المنتوج الكلي البالغ 1200 = 120 جنيها، فإن هذه الياردات الـ 800 لا تمثل ثلثي القيمة الكلية، بل تمثل مجمل القيمة الكلية ذاتها، أي أنها تمثل قيمة 120 جنيها لا 80 جنيها، والسلعة المفردة لا تساوي 80/800 = 8/80 = 4/40 = 2/20جنيه = 2 شلن، بل تساوي 120/800 = 12/80 = 3/20 = 3 شلنات. وعليه فبوصفها منتوجاً فردياً، ستباع بـ 50 بالمائة أغلى، فيما لو بیعت بـ 3 شلنات عوضا عن شلنين. أما بوصف السلعة المفردة جزءا صحيحاً من القيمة الكلية المنتجة، فإنه ينبغي أن تُباع بموجب سعرها المضبوط، وبالتالي، أن تُباع كجزء صحيح من المنتوج الكلي المباع. وعليه فإنها قد لا تُباع كصنف مستقل، بل بوصفها، مثلا، 1200/1 = من المنتوج الكلي، أي نسبة إلى المتبقي 1199/1200. والمسألة هنا هي أن الصنف المفرد ينبغي أن يباع بموجب سعره الصحيح مضروباً بالعدد الذي يؤلف مقامه كجزء صحيح من كل.

(يترتب على ذلك أنه، مع تطور الإنتاج الرأسمالي وما ينجم عنه من انخفاض في الأسعار، لا بد وأن يكون هناك ازدياد في كتلة السلع، في عدد الأصناف الواجب بيعها. نقصد القول إن توسعاً مطرداً للسوق يغدو ضرورة بالنسبة إلى الإنتاج الرأسمالي. ولكن يستحسن ترك هذه النقطة إلى الكتاب اللاحق This point better to the subsequent book) (إنها تفسر أيضا لماذا لا يستطيع الرأسمالي بيع 1300 ياردة بسعر شلنين للياردة الواحدة، حتى لو استطاع أن يجهز 1200 ياردة بهذا السعر. ذلك لأن الى 100 ياردة الإضافية قد تتطلب توسیعات في رأس المال الثابت تستطيع تقديم 1200 باردة أخرى بذلك السعر، لا 100 ياردة إضافية، إلخ). نرى من ذلك كيف ينبغي تمييز السلعة، منظوراً إليها كمنتوج لرأس المال، عن السلعة المفردة، منظوراً إليها كشيء مستقل، وإن هذا التمايز سوف يبرز إلى العيان على نحو متزايد. فكلما مضينا قدماً في عمليات الإنتاج والتداول الرأسمالي، ازدادت ملاحظتنا لأثره على السعر الحقيقي للسلعة.

والنقطة التي أود أن ألفت إليها الانتباه بنحو خاص، هي التالية:

رأينا في الفصل الثاني، الفقرة 3 من هذا الكتاب الأول(*11)، كيف أن مختلف عناصر القيمة في منتوج رأس المال (قيمة رأس المال الثابت، وقيمة رأس المال المتغير، وفائض القيمة) يمكن العثور عليها، بل إنها ، كما هو الحال، تتكرر، بالنسب نفسها في كل سلعة مفردة، كأجزاء صحيحة من القيمة – الاستعمالية الكلية التي تم إنتاجها، وكأجزاء صحيحة من القيمة ( التبادلية) الكلية التي تم إنتاجها، على السواء، هذا من جهة. من جهة ثانية، يمكن تقسيم المنتوج الكلي إلى نسب معينة من القيمة – الاستعمالية أو الصنف المنتج، حيث إن جزءا أولا منها يمثل قيمة رأس المال الثابت، وجزءاً ثانياً يمثل قيمة رأس المال المتغير، وجزءاً ثالثاً يمثل فائض القيمة. ورغم أن هاتين المجموعتين من الأوصاف متطابقتان من حيث الجوهر، فإنهما تتناقضان في شكل التعبير عنهما. ففي الحالة الأخيرة، فإن السلع الفردية التي تنتمي إلى المجموعة الأولى، أي المجموعة التي تعيد إنتاج قيمة رأس المال الثابت لا غير، تمثل فقط العمل الذي تشيأ قبل عملية الإنتاج. وكمثال على ذلك فإن 800 ياردة = 80 جنيها = قيمة رأس المال الثابت الموظف – تمثل قيمة غزول القطن، والزيت، والفحم، والآلات المستهلكة فقط، ولكنها لا تمثل مثقال ذرة من العمل الجديد المضاف في النسج. أما إذا نظرنا إلى الأمر من وجهة القيمة – الاستعمالية، من جهة أخرى، فإن كل ياردة من القماش لا تحتوي فقط على الكتان، بل تحتوي أيضا على كمية معينة من العمل الذي أعطاه شكل قماش، وتحتوي، بالمثل، في سعرها البالغ شلنين، على 16 بنساً كإعادة إنتاج لرأس المال الثابت الذي استهلك فيها، و4 بنسات للأجور و4 بنسات للعمل غير المدفوع، المتجسدة فيها. إن الفشل في حل هذا التناقض الظاهر يمكن أن يؤدي، كما سنرى لاحقا، إلى أخطاء أساسية في التحليل. فهذا الأمر، للوهلة الأولى، مربك تماما للشخص الذي ينظر إلى سعر السلعة الفردية فقط، مثلما هو الأمر مع فرضيتنا السابقة التي تنص على أن سلعة فردية أو قسماً معيناً من المنتوج الكلي يمكن أن يباع سوية بالسعر الصحيح وبأدنی منه، سوية بالسعر الصحيح وبأعلى منه، وأن يباع بما يزيد عن السعر الصحيح حتى وإن يكن أدنى منه. وكمثال على هذا الارتباك، أنظر برودون(*12) (Verte).

(في المثال أعلاه، لا يتحدد سعر الياردة بمعزل عما عداه، بل بوصف الياردة جزءا صحيحاً من المنتوج الكلي).
سبق لي أن قدمت عرضا مماثلا للمحاججة السابقة عن تحديد الأسعار (لعله ينبغي إدراج صياغات خاصة من البحث الأصلي، هنا [)]:

في الأصل، بحثنا السلعة الفردية في عزلة عما عداها، بوصفها النتيجة والمنتوج المباشر لكمية محددة من العمل. أما الآن، فإن السلعة بوصفها نتيجة أو منتوج رأس المال، تتغير من حيث الشكل (فيما بعد، في سعر الإنتاج، ستتغير السلعة فعلياً أيضأ). والفرق هو الآتي: إن كتلة القيم – الاستعمالية المنتجة، تمثل كمية من العمل تساوي قيمة رأس المال الثابت التي يحتويها والتي استهلكها المنتوج (تمثل كمية من العمل المتشیئ والمنقول من رأس المال إلى المنتوج) + قيمة كمية العمل الذي بودل لقاء رأس المال المتغير. إن جزءا من هذا العمل يذهب لتعويض قيمة رأس المال المتغير، والمتبقي منه يؤلف فائض القيمة. ولو عبرنا عن وقت العمل الذي يحتويه رأس المال بلغة النقد، بـ 100 جنيه، منها 40 جنيها هي رأسمال متغير، وكان معدل فائض القيمة = 50 في المائة، فإن الكمية الإجمالية للعمل الذي يحتويه المنتوج تصل إلى 120 جنيها. وقبل أن تستطيع السلعة التداول، ينبغي تحويل قيمتها – التبادلية، سلفاً، إلى سعر. وعليه، إذا لم يكن المنتوج الكلي شيئا واحداً متصلاً، بحيث تجري إعادة إنتاج مجمل رأس المال في سلعة مفردة، كبيت مثلا – فإن على الرأسمالي أن يحسب سعر السلعة الفردية، أي أن عليه أن يمثل القيمة – التبادلية للسلعة الفردية بلغة النقد الحسابي. لذا فاعتمادا على مختلف معدلات الإنتاجية، يجري توزيع القيمة الكلية، البالغة 120 جنيها، على عدد من المنتوجات، أكبر أو أصغر، وإن سعر الصنف الواحد يقف في تناسب عكسي مع العدد الكلي للأصناف؛ وكل مادة واحدة سوف تمثل جزءا صحيحا، أكبر أو أصغر، من ال 120 جنيها. وعلى سبيل المثال إذا كان المنتوج الكلي هو 60 طنا من الفحم، فإن الى 60 طنا = 120 جنيها = جنيهين للطن الواحد = 120/60، أما إذا كان 75 طناً من الفحم، فإن الطن الواحد = 120 جنيهاً/ 75 = جنيه و12 شلنا؛ وإذا ما كان 240 طناً، فإن 120 جنيها/ 240 = 12/ 24 = 1/2 جنيه، وهكذا. إن سعر الصنف المفرد إذن = السعر الكلي للمنتوجات/ العدد الكلي للمنتوجات، أي بتقسيم السعر الكلي على العدد الكلي للمنتوجات مقاسة بمختلف وحدات القياس، تبعا للقيمة – الاستعمالية للمنتوج.

وعليه، إذا كان سعر السلعة المفردة يساوي السعر الكلي لكتلة السلع (سعر العدد الكلي للأطنان) التي ينتجها رأسمال مقداره 100 جنيه، مقسومة على العدد الكلي للأصناف (هنا بالأطنان) فإن السعر الكلي للمنتوج الكلي من جهة أخرى، يساوي سعر السلعة المفردة مضروباً بالعدد الكلي للسلع المنتجة. وإذا كانت كتلة السلع قد ازدادت بتزايد الإنتاجية(*13)، فإن العدد سوف يزداد أيضا، وإن سعر الصنف المفرد سوف يهبط. والعكس صحيح، حين تهبط الإنتاجية؛ فعندئذ سيرتفع العامل الأول، أي السعر، أما العامل الثاني، العدد، فسيهبط. وما دام مقدار العمل المستخدم يظل على حاله، فإن الأمر سينتهي بسعر كلي واحد هو 120 جنيها، بصرف النظر عن الكمية التي تؤول منه إلى الصنف المفرد الذي ينتج بكميات متباينة تبعاً لإنتاجية العمل.

وإذا كان الجزء الكسري من السعر، الذي يصيب الصنف الفردي – الجزء الصحيح من القيمة الكلية – يغدو أصغر بسبب تزايد عدد الأصناف المنتجة، أي بسبب تعاظم إنتاجية العمل، فإنه يترتب على ذلك أن جزء فائض القيمة الذي يقترن به سيكون أصغر، أي: الجزء الصحيح من السعر الكلي، الجزء الذي التحم به فائض القيمة البالغ 20 جنيها. مع ذلك، فإن هذا لا يحدث أيما تغيير في العلاقة بين جزء سعر الصنف، الجزء الذي يمثل فائض القيمة، والجزء الآخر منه الذي يمثل الأجور أي المدفوعات إلى العمل.

وإنه لمن الصحيح تماما، كما [بيّن] بحثنا لعملية الإنتاج الرأسمالية – وبمعزل عن إطالة يوم العمل – إن هبوط أسعار السلع التي تحدد قيمة قدرة – العمل وتدخل في نطاق الاستهلاك الضروري للعامل يولد ميلاً محدداً لأن تغدو قدرة – العمل ذاتها أرخص. كما يولد ميلاً موازياً نحو تقليص الجزء المدفوع من عمله وتمديد الجزء غير المدفوع عند إبقاء يوم العمل ثابتاً على حاله.

وهكذا، واستنادا إلى فرضيتنا السابقة، فإن سعر السلعة المفردة أسهم في فائض القيمة بالنسبة نفسها التي شارك بها كجزء صحيح في القيمة الكلية وفي السعر الكلي؛ غير أن الوضع الآن كالآتي، وهو أنه على الرغم من هبوط السعر، يزداد جزء السعر الذي يمثل فائض القيمة. لكن ذلك لا يحصل إلا بسبب أن فائض القيمة قد أصبح يحتل نسبة أكبر في السعر الكلي للمنتوج، لأن إنتاجية العمل قد تنامت. وللسبب عينه – كلما تعاظمت إنتاجية العمل (كما أن العكس يصح إذا كانت الإنتاجية ستهبط) – تنخفض قيمة قدرة – العمل، نظرا لأن الكمية نفسها من العمل، القيمة نفسها البالغة 120 جنيها، تتوزع على كمية أكبر من السلع مؤدية بذلك إلى هبوط سعر كل صنف. وعليه، رغم هبوط سعر السلعة المفردة، بل رغم انخفاض المقدار الكلي للعمل، وبالتالي انخفاض ما يحتويه هذا من قيمة، فإن مقدار فائض القيمة الماثل في السعر، إن هذا المقدار يزداد نسبياً. بتعبير آخر، يوجد في المقدار الكلي الأصغر من العمل الماثل في الصنف الفردي، أي في الطن الواحد مثلا، مقدار من العمل غير المدفوع أكبر من ذي قبل، أي أكبر مما كان موجوداً حين كان العمل ذا إنتاجية أضعف، وكانت كمية المنتوج أقل، وكان سعر الصنف الفردي أعلى. إن السعر الإجمالي البالغ 120 جنيها يحتوي الآن على عمل غير مدفوع أكبر من ذي قبل، وهذا ينطبق أيضا على كل جزء صحيح من الـ 120 جنيها تلك.

إن ألغازاً (puzzles) من هذا الضرب هي ما يقود برودون في متاهات الضلال، طالما أنه ينظر حصراً إلى سعر السلعة الفردية في عزلة، ولا يأخذ السلعة كمنتوج لرأس المال الكلي. من هنا إغفاله الوضع العام الذي ينقسم المنتوج الكلي، في إطاره، إلى مكوناته المختلفة، من ناحية السعر.

“بما أن الفائدة عن رأس المال (هذا مجرد جزء محدد يسمى جزءا من فائض القيمة) في التجارة، تضاف إلى أجور العامل لتؤلف سعر السلع، فإن من المستحيل على العامل أن يعيد شراء ما أنتجه بنفسه. إن العيش من العمل هو مبدأ ينطوي، في ظل نظام الفائدة، على تناقض”،

(مجانية الائتمان، مناقشة للسيد باستيا والسيد برودون، باریس 1850، ص 105)(*14).
هذا صحيح تماما: ولكي تكون المسالة واضحة دعونا نفترض أن العامل (ouvier’1) قيد البحث هو الطبقة العاملة بأسرها. إن المدفوعات الأسبوعية التي تتلقاها والتي ينبغي لها، بواسطتها، أن تشتري وسائل العيش، إلخ، إنما تنفق على كتلة من السلع؛ وسواء أخذنا كل واحدة من السلع بصورة منفصلة، أم أخذناها كلها معا، فإن سعرها يتضمن جزءا أولا = الأجور، وجزءاً آخر = فائض القيمة (التي لا تؤلف الفائدة، التي يذكرها برودون، سوی عنصر واحد من عناصرها، بل لعله العنصر الأقل أهمية، نسبياً). فكيف يكون بإمكان الطبقة العاملة الآن أن تستخدم دخلها الأسبوعي، الذي يتألف فقط من (الأجور) (Salaire) لشراء كتلة السلع التي تؤلف: (Salaire) (“الأجور”) + فائض القيمة؟ وبما أن أجور الأسبوع، آخذين الطبقة بأسرها، لا تساوي أكثر من مجموع وسائل العيش الأسبوعية، فمن الواضح وضوح النهار، أن العامل لا يستطيع، قطعاً، بالنقود التي تلقاها، أن يشتري وسائل العيش التي تلزمه. لأن مبلغ النقود الذي تلقاه يساوي أجوره الأسبوعية، السعر المدفوع أسبوعياً لقاء عمله، في حين أن سعر مواد العيش التي تلزمه لأسبوع = سعر العمل الذي تحتويه هذا المواد + السعر المتمثل بالعمل الفائض غير مدفوع الأجر. مع ذلك (Ergo): «فإن من المستحيل … على العامل أن يسترجع منتوجه هو بالذات. إن العيش من العمل». في ظل مثل هذه الظروف ينطوي فعلا على «تناقض» (contradiction). إن برودون محق تماما بقدر ما يتعلق الأمر بالمظاهر. ولكن لو أنه عوضا عن تفحص السلعة في عزلة، راح ينظر إليها کمنتوج لرأس المال، لاكتشف أن منتوج الأسبوع ينقسم إلى جزء يكون سعره = أجور الأسبوع = رأس المال المتغير المنفق خلال الأسبوع وإن هذا لا يحتوي أي فائض قيمة، إلخ، وينقسم إلى جزء آخر يتألف سعره بمجمله من فائض القيمة، ورغم أن سعر السلعة يتضمن هذه العناصر جميعا، فإن الجزء الأول في الواقع هو فقط ما يعيد العامل شراءه (ولا شأن، في هذا الإطار، لواقع أنه قد ينخدع على يد البقال في هذه العملية، إلخ).

وهذا هو عموما ما يتمخض عن تناقضات (Paradoxen) برودون الاقتصادية، التي تبدو، في الظاهر، عميقة، عصية على الحل. والواقع أنها تكمن في أنه يعتبر الاضطراب الذي تقحمه الظاهرات الاقتصادية في رأسه بمثابة قوانین ناظمة لتلك الظاهرات.

(الحق، إن تأكيده هنا مضلل أكثر حتى مما أشرنا إليه أعلاه، نظرا لأن هذا التأكيد ينطوي على افتراض بأن السعر الحقيقي للسلعة = الأجور التي تحتويها = مقدار العمل المدفوع الذي تحتويه، في حين أن فائض القيمة، الفائدة، إلخ، ليس أكثر من مطلب إضافي، علاوة تعسفية أضيفت فوق السعر الحقيقي للسلعة).

غير أن النقد الذي يوجهه إليه الاقتصاديون المبتذلون الأسوأ من ذلك. وعلى سبيل المثال، يشير السيد فورکاد(6) (هنا تبتغي الإحالة إلى مصدر الاقتباس) أن تأکید برودون ينطوي على مبالغة مفرطة، من جهة، لأنه يبين، استنادا إلى هذا التأكيد، أن الطبقة العاملة لا يمكن أن تحيا إطلاقا، وإن برودون، من جهة أخرى، لا يدفع هذا التناقض إلى أبعد من ذلك، نظرا لأن سعر السلع التي يقتنيها الشاري لا تتضمن فقط (Salaire) الأجور + الفائدة، بل أيضا كلفة المواد الأولية، إلخ (أي عناصر رأس المال الثابت الداخلة في هذا السعر). صحيح تماما يا فورکاد. ولكن ثم ماذا (But what next)؟ إنه يبين أن المشكلة أكثر تعقيدا مما كان قد أوحى به برودون – ولكن ذلك يؤلف بنظر فورکاد ذريعة للإحجام عن تقديم أي حل للمشكلة حتى وإن يكن على نطاق أصغر من ذلك الذي عالج برودون المسألة في إطاره، ونراه عوضا عن ذلك يتهرب من المسألة، مقصياً إياها بخطاب فارغ (أنظر الحاشية رقم 1)(*15).

والواقع إنها لمزية من مزايا طريقة برودون في المعالجة أن يعمد إلى التعبير الصريح عن الاضطرابات في واقع الظاهرات الاقتصادية، عارضاً إياها برضا سفسطائي عن النفس، ولكن كاشفا عنها بكامل فقرها النظري. وهذا على نقيض الاقتصاديين المبتذلين الذين يسعون إلى التستر على الأمور، من دون أن يكونوا قادرين على إدراكها. وهكذا نجد السيد ف. توکيدیدس روشر ينبذ قول برودون “ما هي الملكية” واصماً إياه بأنه «مضطرب ويثير الاضطراب». إن تعبير «يثير الاضطراب» يكشف عن إحساس الاقتصاديين المبتذلين بالعجز أمام هذا الاضطراب. فهم عاجزون عن حل تناقضات الإنتاج الرأسمالي حتى بالشكل المضطرب، السطحي، السفسطائي الذي يغلف به برودون هذه التناقضات ليلقيها على رؤوسهم. ولا يبقى أمامهم من مفر سوى الهرب من السفسطة التي يعجزون عن التخلص من شباكها، وإطلاق مناشدة بـ «التعقل» متوكلين على فكرة أن الأمور ستأخذ مجراها. وهذا عزاء كبير لـ «النظري» المزعوم.

(ملحوظة: لعله ينبغي لهذا المقطع بأكمله عن برودون أن يدرج في الكتاب الثاني، الفصل [أي: الجزء] الثالث، بل حتى بعد ذلك).

وفي الوقت نفسه نجد هنا حل القضية المعروضة في الفصل الأول(*16). فإذا كانت السلع التي تؤلف منتوج رأس المال تُباع بأسعار تتحدد بقيمها، أو بتعبير آخر إذا قامت الطبقة الرأسمالية بأسرها ببيع السلع حسب قيمتها الحقيقية، فإن كل واحد من أعضائها يحقق فائض القيمة، أي: إنه يبيع جزء من قيمة السلعة لم يكلفه أي شيء ولم يدفع لقاءه شيئا. والربح الذي يحققه كل واحد منهم لا يتم نيله على حساب بعضهم بعضا (لن يحصل ذلك إلا عندما يتمكن الواحد من أن يستل فائض قيمة عائد لآخر) كما لا يتم نیله ببيعهم سلعهم بما يزيد عن قيمتها. على العكس، فهم يبيعون منتوجهم حسب قيمته الحقيقية. إن الفرضية القائلة بأن السلع تباع بأسعار تطابق قيمها، إنما تشكل قاعدة البحوث التي نعتزم مواصلتها في المجلد التالي.

إن السلع هي أول نتيجة لعملية الإنتاج الرأسمالي المباشرة، إنها منتوج هذه العملية؛ ونجد في سعر هذه السلع، ليس فقط تعويضا عن رأس المال الموظف فيها، والمستهلك في مجرى إنتاجها فحسب، بل نجد أيضا التجسيد المادي للعمل الفائض، تشيؤه كفائض قيمة، هذا العمل الفائض الذي استُهلك خلال عملية الإنتاج ذاتها. إن منتوج رأس المال، بوصفه سلعة، ينبغي أن يدخل عملية التبادل، وهذا لا يعني فقط التبادل المادي (الأيض) الفعلي، بل يعني أيضا أنه ينبغي له أن يخضع لمختلف التغيرات في الشكل التي رسمناها بأنها استحالات السلعة. وبقدر ما يتعلق الأمر بالتغيرات الخالصة في الشكل – تحويل هذه السلع إلى نقد ثم إعادة تحويلها إلى سلع – فإن هذه العملية ماثلة أصلا في عرضنا لما أسميناه «التداول البسيط» – تداول السلع بما هي عليه. ولكن هذه السلع هي، في الوقت نفسه، حاملات لرأس المال؛ إنها رأسمال قد أنمى قيمته ذاتياً، إنها حبلى بفائض القيمة. ومن هذه الناحية فإن تداولها، الذي هو في آن واحد عملية إعادة إنتاج لرأس المال، يستدعي تحدیدات لاحقة غريبة عن الوصف التجريدي لتداول السلع. ولهذا السبب فإن مهمتنا التالية تقوم في دراسة عملية تداول السلع بوصفها عملية تداول رأس المال. وهذا ما سنقوم به في المجلد القادم(*17).

____________________

(*) كان ماركس يستخدم تعبير «الفصل» (Kapitel) لما صار فيما بعد يعتبر «جزءا» (Abschnit)، وكان يعتزم إدراج هذا الفصل / الجزء في آخر المجلد الأول، بعد نظرية الاستعمار عند وایکفیلد. [ن. ع].
(**) اعتمدنا في هذه الترجمة النص الالماني الصادر عن ارشيف الادب الاشتراكي، المجلد 17، نويه کريتيك، فرانکفورت على الماين، 1968.
أعيد نشره في: ي. ل. فيلم: الأرشيف الماركسي الالكتروني التحديث في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، 2007).
(Karl Marx, Resultate des Unmittelbaren Produktions Prozesses. Archive Socialistischer Literatur 17, Neue Kritik, Frankfurt a. M., 1968- J.L. Wilm, Marxist’s Internet Archive-3 Nov. 2007).
اعتمدنا تسلسل مواد هذا الجزء على فهرست مارکس نفسه، المذكور أعلاه، علما أن الناشر الالماني غير التسلسل الأصلي للمخطوطة اعتمادا على ملاحظة مارکس بتغيير التسلسل عند النشر، خلافة للطبعتين الإنكليزية والفرنسية فقد ابقيناه اعتمادا على ملاحظة مارکس بـ «توخي السهولة». كل الهوامش المرقمة تعود لماركس. وكل الهوامش المؤشرة بنجمة(*) هي للناشر الالماني، باستثناء تلك التي تحمل توقيع الناشر العربي. [ن. ع].
(1) مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، برلین، 1859، ص 74.
(Zur Kritik der Politischen Ökonomie, Berlin, 1859, S. 74).
(2) سیسموندي.
(***) يستخدم مارکس هنا تعبير (Arbeitsvermogen) أي قدرة – العمل، بدلا من تعبير (Arbeitskraft) أي قوة – العمل، وهذا الاصطلاح الأخير هو ما استقر عليه ماركس في الصيغة المنشورة ل رأس المال. [ن. ع].
(*4) الإضافة الإيضاحية من الناشر الألماني. [ن. ع].
(*5) تحول أو تغير في الشكل (Metamorphose). [ن. ع].
(3) سیسموندي [المبادىء الجديدة، Nouveaux Principes، المجلد الأول، باريس، 1827، ص 90]. [ن. ع].
(4) کارل مارکس، مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، ص 17، أنظر أيضا: وایکفیلد.
(*6) أي في الذهن، تصورية. [ن. ع].
(5) بحث في الصلة بين السعر الحالي للمؤن وحجم المزارع. مع ملاحظات عن تأثير ذلك على السكان. يضاف إلى ذلك مقترحات لمنع الشحة مستقبلا. بقلم مزارع. [المؤلف هو: جون اربوننوت John Arbuthnot. ن. ع].
(*7) ورد في المخطوطة: المتغير، بزلة قلم من ماركس.
(*8) في الطبعة الإنكليزية جرى تصحيح هذه الأرقام من قبل المحرر، اعتمادا على ملاحظة مارکس:

والأرقام هي: 144 جنيها = 1440 ياردة وكلفة الياردة 144 جنيها/ 1440 ياردة = جنيه واحد/ 10 شلنین .[ن. ع].
(*9) في المخطوطة: 1/4، 5 بنس.
(*10) الرموز:
ث = رأسمال ثابت
م = رأسمال متغير
ف = فائض قيمة. [ن. ع].
(*11) رأس المال، المجلد الأول، الفصل السابع: معدل فائض القيمة، 3 – ساعة سنيور الأخيرة. [ن. ع].
(*12) هذه إحالة إلى الصفحة 457 من المخطوطة، [الطبعة العربية، ص 1056-1058].
(*14) نص المقتبس باللغة الفرنسية مدرج في قسم المقتبسات باللغات غير الألمانية، ص 1176 [ن. ع].
(6) [تناول مارکس نقد فورکاد الموجه إلى برودون في المجلد الثالث من رأس المال. ن. ع].
(*15) أنظر: مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، برلین، 1859، ص74.
(*16) رأس المال، المجلد الأول: تناقضات الصيغة العامة. [ن. ع].
(*17) هذا هو موضوع المجلد الثاني من رأس المال. ويفترض أن مارکس أراد اختتام هذا الفصل عند هذه النقطة عندما قام بمراجعته مراجعة أخيرة. [ن. ع].