قيس كاظم


أحمد الناصري
2021 / 9 / 15 - 14:40     

قيس كاظم، الشاب الواعد الهادئ المؤدب، مثل عشرات ومئات من شباب المدينة البسيطة، يضع قدمه على الطريق، قراءة وعلاقات اجتماعية لطيفة مع أقرانه، تلمس طريق طويل وشائك ومجهول، بساطة وألفه وألق البدايات والشباب والأشياء البسيطة، بين البيت والمدرسة والحياة.
قيس كاظم شقيق الراحل حميد كاظم (سمير أميس كاتب القصة عاش في بيروت ورحل بدمشق في حادث سير مفجع) ورياض كاظم، كاتب القصة والحكايات الجميل المدهش، المقيم في أمريكا.
قيس كان معنا في اتحاد الطلبة والحلقات الماركسية والحزب، وهو قارئ رائع (مثل ستار كناوي ومجموعة الطلبة)، كان يسير نحو قدره الغامض، مثل وردة متفتحة وسط ظروف مضطربة.
واجه الحملة الفاشية بقوة، واستطاع التخفي في بيت أقاربه الصديق حميد (سامر)، وقد زرتهم عدة مرات في ذلك البيت الواقع في شارع عشرين، ثم اتصلت بهم بعد خروجي من الاعتقال عام 79، وطلبت تأمين اتصال بالرفيق الشهيد صاحب ناصر ببغداد، وقد تحققت وعادت الصلة بسهولة وبسرعة كبيرة، رغم كل المخاطر الحقيقية، والتقيت بالشهيد صاحب ناصر، وعملنا من جديد حتى لجوئي إلى كردستان.
يبدو إن الصديق قيس استطاع الوصول إلى سوريا، ثم توجه إلى كردستان، لكنه وقع بكمين للجندرمة التركية، التي كانت تلاحق البيشمركة الأكراد في جنوب تركيا (كردستان تركيا)، كما تلاحق المهربين، وتتعاون مع النظام العراقي باتفاقيات معروفة. وكانت مفارزنا (القادمة من الخارج أو المغادرة لجلب السلاح ونقل الرفاق المرضى) تقع في هذه الكمائن المحكمة والدائمة، في ممرات جبلية إجبارية، مع تعب وصعوبة المسيرات الطويلة المرهقة، وقوافل البغال والسلاح والبريد والأدوية الضرورية، مع قلة خبرة الرفاق الجدد، فتقع خسائر كبيرة شهداء وجرحى وأسرى (منهم الشهيدة موناليزا أمين أنسام والدكتور أبو ظفر وعشرات الرفاق)، لكن أخطر وأبشع ما بالموضوع وقوع رفاق أسرى بيد الجندرمة، حيث يجري تسليمهم إلى النظام العراقي، الذي ينقلهم إلى أمن الموصل، ليواجهوا التعذيب والتحقيق الوحشي، ثم نقلهم إلى سجن أبو غريب لتنفيذ أحكام القتل بالإعدام. هكذا كان مصير الشهيد قيس كاظم، كذلك هو مصير الشهيد صلاح مشرف، شقيق الشهيد صباح مشرف، الذي أستشهد في بشتآشان الثانية أيلول 83. لقد ذكرت أسمائهم عدة مرات في جدول شهداء الحركة الطلابية في الناصرية. وهو جدول طويل ومحزن، بل مفجع ومخيف...
سلاماً صديقي الجميل قيس كاظم. سلاما لكل الأصدقاء، من رحل ومن نجى من التجربة والقسوة والقتل...
*هناك رفيق اسمه الحركي أصيل (صابئ)، خرج للعلاج من نوكان وجرى أسره بنفس طريقة الكمائن التركية، ولا أعرف شيء عن مصيره. أتمنى أن يكون قد نجى وسلم من هذا الوضع والمصير المرعب.
* أرجو تزويدي بمعلومات عن الشهداء قيس وصلاح، كذلك مصير أصيل، وعشرات الرفاق الآخرين في الكمائن التركية، لزيادة وتدقيق وتصحيح المعلومات التي مر عليها عقود طويلة...