الديمقراطيات الغربية، هل تؤمنون بالديمقراطية ؟ (٢)


عبدالله محمد ابو شحاتة
2021 / 9 / 14 - 20:19     

في الجزء السابق من المقالة حاولت أن أضع الديمقراطية الليبرالية أمام تناقضاتها، طارحاً تساؤلات مشروعة وجب أن تطرح. فلو كانت الديمقراطية هي حركة تطور تاريخي وجهتها هي حكم الشعب، وإن كان حكم الشعب هو الغاية الحقيقية للديمقراطية، فألم يحن إذاً وقت الديمقراطية المباشرة وخاصة مع زوال العوائق التنظيمية التي تعيقها عملياً بفضل تطور تكنولوجيا الاتصال، ألم حين الوقت إذا لتجاوز مرحلة النيابية ولتمارس الشعوب سلطاتها من دون وكلاء !؟
وإن كانت لدى الديمقراطية الليبرالية شكوكاً حول مقدرة الشعوب على ممارسة سلطاتها، أيمكن أن يعني هذا أي شيء سوى تشكيكاً في الديمقراطية نفسها !؟
إن الجدليات التي طرحتها لا ابحث بها عن إجابات، بل إني وفقط أضع الليبرالية أمام تناقضاتها، أحاول أن أسقط عنها أقنعتها الزائفة.
أن الرأسمالية الليبرالية لا يمكنها أن تتجاوز في تطورها نحو الديمقراطية مرحلة النيابية، لا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تتقدم نحو ديمقراطية مباشرة وإلا كان هذا نفياً لذاتها، نفياً لبِنائها الاقتصادي والطبقي والسياسي. نفياً لعلاقات الإنتاج البرجوازية ونفياً للطبقية، بل ونفياً للسلطة السياسية ولسلطة الدولة كممثل لسلطة الطبقة.
ففي ديمقراطية مباشرة لن تمثل قيمة سلطة الطبقة المسيطرة أكثر من قيمتها العددية كأفراد، لن يوجد أي حيز لتقييد خيرات الجماهير من خلال ديمقراطية نيابية تلعب فيها الطبقة المسيطرة الدور الأكبر من خلال الوسائل المشروعة أو غير المشروعة، لن يكون لتزاوج السياسة ورأس المال أي معنى يذكر. إن الديمقراطية المباشرة تعطي السيادة للعدد لا لأي شيء آخر، والعدد بالطبع لن يكون إلا في صالح الطبقات التي لا تملك إلا قوة عملها. وبهذا الانقلاب في موازين السلطة السياسية لابد أن يحدث انقلاباً اقتصادياً وطبقياً، فلا يتوقع من الكتلة الطبقة الدنيا حينما تمتلك الثقل السياسي الأكبر إلا أن تعمل على مصالحها الطبقية والتي ستعني بالضرورة إلغاء الطبقية ذاتها والهيمنة العامة على وسائل الإنتاج.

على الشعوب، وبالتحديد شعوب الليبراليات الغربية أن تقف وتسأل، هل الديمقراطية هي حكم الشعب أم حكم أوصياء الشعب !؟
وإن كانت حكم الشعب، فمتى يستعيد الشعب سلطاته ويلغي تفويضاته طالما أن العوائق التنظيمية قد زالت !؟
ويجب وقتها على السياسيين عملاء الطبقية أن يجيبوا بوضوح، فإما أنها ديمقراطية وعندها فلنتركها لمتدادها الطبيعي الذي كفله لنا التطور التكنولوجي، وإما أنها ليست ديمقراطية وليست حكماً لشعب وإنما هي وفقط أحدث أشكال الوصاية.