في البدء كانت الفيزيا - نحو فهم الحياة والوجود والإنسان


سامى لبيب
2021 / 9 / 13 - 21:02     

- نحو فهم الحياة والوجود والإنسان (112) .
تعتني هذه السلسلة من " فهم الحياة والوجود والإنسان " بتبديد مفاهيمنا المغلوطة الميتافزيقية المثالية عن الحياة والوجود والإنسان , لنقدم دوماً مفاهيم علمية تعتني بتفسير الحياة والوجود والإنسان كما هي بغية تصحيح المفاهيم وتبديد الخرافة والأوهام بالتعاطي مع مادية الوجود بعيدا عن وهم الإله .

عندما نبحث عن أصل الحياة سنجد أبحاث علمية موثقة تتناول إنحدار الإنسان من القردة العليا , ليطل سؤال وماذا كان قبل تطور الإنسان من القردة , لنجد أبحاث موثقة تمد الأمور على إستقامتها فتتناول أن منشأ الحياة جاء من سمكة . ولنا أن نسأل بعدها وماذا كان قبل السمكة لنصل إلى أن مهد الحياة جاءت من خلية حياة تعقدت وتطورت لتنتج السمكة ومنها تطورت الكائنات الحية .
يظل الشغف بأصل الحياة قائما لنسأل : ماذا قبل الخلية الحية وكيف تكونت لتظهر الإجابة النهائية بأن العناصر المكونة للخلية الحية ولأجسادنا جاءت من إنفجار نجوم بعيدة لتنتقل العناصر للأرض ومنها تكونت الجزيئات اللاعضوية فالعضوية لتكون مواد الخلية الحية .
من هنا نقول أننا نتاج غبار كوني وهكذا الحياة أصلها مادي بحت ففي البدء جاءت الفيزياء ولم تفارقنا لحظة واحدة .
https://www.youtube.com/watch?v=UCeRSm8VQHU

الحياة والوجود مادة وطاقة .
- الوجود هو مادة وطاقة فقط , فالمادة هي الماثلة أمامنا قي كل وحدات الحياة لندركها بأبعادها ونتلمس وجودها دون عناء بينما الطاقة فهي من صور المادة والتي تيث الحياة والحيوية والحراك فى المادة ,لتوجد الطاقة بأشكال عديدة في هذا العالم ويتم الاستفادة منها إما بشكل مباشر أو من خلال تحويلها إلى أشكال أخرى من الطاقة, فهناك الطاقة الشمسية والطاقة الحركية والطاقة الكهربائية وطاقة الرياح ,ليتم التحويل بين هذه الأشكال المختلفة من الطاقة عبر مبادئ فيزيائية .
الفيزياء تتعامل مع جميع الأجسام المرئية وغير المرئية فهي تتعامل مع المادة والحركة والطاقة وكلها أشياء متعلقة بالحياة اليومية..الفيزياء تدرس نشأة الكون من الإنفجار الكبير وكيفية عمل هذا الكون وكيف تتحرك الأرض حول الشمس وكيف يحدث البرق والرعد وكيف تعمل الثلاجة والغسالة فهي تدخل فى عمل الأجسام الموجودة حولنا .

- الفيزياء تتدخل وتؤثر على أجسادنا وجيناتنا وكروموساتنا فنحن نعيش فى وسط مادي من حرارة وضغط وطقس فلا نتكيف ونتعايش معها فحسب بل تؤثر على لون بشرتنا وأجسادنا ومن هنا تنشأ الأجناس المختلفة ليُشار أن هذا التأثير لا يتم بين ليلة وضحاها فالتغير والتطور يستغرق أحقاب زمنبة طويلة .

- إذا كنا قد أشرنا فى مقالنا السابق "الدنيا دي شوية كيميا " إلى تأثير الكيمياء على تطورنا وجيناتنا وسلوكنا ومشاعرنا , فالكيمياء لا تعمل بعيدا عن الفيزياء حيث الحراك والفعل من ذرات وجزيئات فيزيائية فى الأساس , وإن كانت الفيزياء تدفع كيمياء الجسد للعمل والتغير فتأثير الإشعاعات على الجسم الإنساني خطير لتجلب فى بعض الأحيان الأورام السرطانية .

الفيزياء والحياة .
- لا يوجد أى تمظهر للحياة بدون أن تكون الفيزياء حاضرة ومؤثرة ليكتشف الإنسان هذا الوجود الساحر والقوي للفيزياء لينتج تطبيقات تعتمد كليا على القيزياء , فالطب يستفيد من علم الفيزياء إذ إن هناك العديد من الأجهزة والتقنيات الطبية التي تعتمد على استخدامات الفيزياء ومبادئه في أجهزة التصوير وعلاج الأورام بالإشعاع والجراحة بواسطة الليزر .. كذا في مجال النقل والحركة والإتصالات نجد الفيزياء تتدخل فى كل أشكال الحركة بدءا من العربة البدائية حتي السيارة والقطار كذا مجال الطيران والفضاء ومجالات الاتصالات والأقمار الصناعية وفي مجال التكنولوجيا وعلوم الحاسب .

الطبيعة الفيزيائية تشكل أفكارنا وسلوكنا .
- الفيزياء لا تكتفي بالتدخل فى كل أشكال الحياة وتطبيقاتها لتتدخل فى تشكيل أفكارنا وسلوكنا وأذواقنا , فالمقيم فى بيئة صحراوبة غير المقيم فى الوديان والسهول غير المقيم على الجبال .. فالطبيعة هنا تفرض نمط الحياة والسلوك والذوق , فالمقيم فى الصحراء محاصر بمادة جافة من لون واحد لتصبغ سلوكه بالجفاف والقسوة والحدة والسطحية , بينما المقيم فى الوديان والسهول حيث الثراء اللوني والتنوع والتجدد فى الحياة سيتسم سلوكه وفكره بالرفق واللين والإبداع والتحضر لينتج ثقافة وحضارة , بينما يتباين سلوك وفكر مستوطن الجبال فالمقيم على الجبال العامرة بالحياة والزرع كجبال لبنان وسويسرا غير المُقيم على الجبال الصخرية كاليمن وأفغانستان .. من هنا تنشأ الثقافة والحضارة والجلافة .

- من هنا ندرك أن الطبيعة هى العامل الرئيسي فى إنتاج الأفكار والسلوك والأذواق بل والحضارات أيضا , فالأمور خارج إرادة الإنسان متي توفرت البيئة المناسبة للتطور والتحضر وهذا ليس بغريب فنحن نُعزي تفوق الأطفال وتميزهم من البيئة الحاضنة لهم , ولكن هذا لا يعني القدرية والحتمية البحتة فيمكن أن تنتقل الثقافات والأفكار والأذواق والحضارات بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي .

سؤال جدلي فلسفي : إذا كان هناك إله , فهل ستكون قدراته مقيدة بقواعد الفيزياء وقوانينها ؟
- السؤال طُرِح في الأصل من جانب العالم الفيزيائي الشهير آلْبرت أينشتاين إذ يقول: إذا كان هناك إله خلق الكون بأسره ووضع كل ما فيه من قوانين تختص بالفيزياء والطبيعة فهل يتقيد هذا الإله بالقوانين التي وضعها هو نفسه ؟ أم أن بمقدوره إبطال مفعول قوانينه, كأن يتحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء ما يجعله قادرا على الوجود في مكانين في آن واحد ؟ هل يمكن أن تساعدنا إجابة هذا السؤال على إثبات ما إذا كان هناك إله أم لا , أم أننا هنا بصدد نقطة لا يتقاطع فيها الإيمان الديني بالمنطق التجريبي العلمي دون أن تكون هناك أي إجابة حقيقية فالعلم لا يتعامل مع أفكار وخيالات بل مع واقع مادي ومن هنا فلا مكان لإدعاء لفكرة الإله .

- دعونا نسترسل فى الفرضية فإذا لم يكن الإله قادراً على كسر قوانين الفيزياء سيدفعنا ذلك للقول إنه ليس بالقوة التي يُتوقع من كائن مُفترض أسمى وأعلى أن يكون عليها, أما إذا كان بمقدوره تجاوز هذه القوانين فلماذا لم نشهد في الكون من قبل أي دليل يثبت حدوث كسر لأي من قوانين الفيزياء ؟

-للتعامل مع هذا السؤال ربما يتعين علينا تبسيطه وتفكيكه في البداية قليلا فدعونا نسأل : هل يمكن للإله التحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء التي تبلغ 186 ألف ميل في الثانية , فلعلنا نذكر أننا نتعلم في مدارسنا أنه لا يوجد ما يمكنه الحركة بسرعة تفوق سرعة الضوء .. لكن هل ذلك صحيح ؟ فقبل بضع سنوات افترضت مجموعة من العلماء أن بوسع جسيمات افتراضية يحمل الواحد منها اسم تاكيون التحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء ولكن من المستبعد للغاية وجود مثل هذه الجسيمات على أرض الواقع فمن شأن وجودها جعلها ذات كتلة متخيلة وتشويه نسيج الزمان والمكان حولها ما يؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاك قواعد قانون السببية , أى أن منطق السببية الذي يتكئون عليه سيتبدد عندما يتجاوز الإله المُفترض سرعة الضوء .

- إذا كان هناك إله فسيطرح ذلك سؤالاً عما إذا كان سيتقيد بالقوانين والقواعد العلمية كقوانين الفيزياء أم لا لكن الأمر يصبح أكثر إثارة عندما نفكر في المسافة التي قطعها الضوء منذ ميلاد الكون أو بالأحرى منذ أن وُجِدَ الكون الذي يمكننا إدراكه قبل 13.8 مليار سنة, فوفقا للنظرية التقليدية التي تتحدث عن أن الكون نشأ نتيجة حدوث ما يُعرف بـ "الانفجار العظيم" وبافتراض أن الضوء يتحرك بسرعة 186 مليون ميل في الثانية الواحدة , فيمكننا القول إن الضوء قطع منذ ذلك الحين مسافة قدرها 13 وأمامها 22 صفرا من الكيلومترات .

- يُشير ذلك إلى أنه ليس بوسعنا أن نرصد أو نرى ما يوجد في شتى أنحاء الكون من موجودات ظهرت منذ حدوث الانفجار العظيم نظرا لأنه لم يمر بعد وقت يكفي لكي يصل إلينا الضوء المنبعث منها , ليقول البعض إن ذلك يحول دون أن يكون بمقدورنا التحقق مما إذا كانت قوانين الفيزياء سارية بشكلها الذي نعرفه في مختلف أرجاء الكون أم أنها "تُخرق" في بعض المناطق الكونية أو أن لكل منطقة قوانينها الفيزيائية الخاصة , ويقودنا ذلك في كل الأحوال للحديث عما هو أكبر من الكون نفسه .

- بعيدا عن إجابات العلم وتفسيراته لنشأة الكون مع عدم وجود أى إثبات لفعل ذلك الإله المجهول , فلنا أن نتناول الأمور منطقياً فلسفياً , فليس هناك أي إثبات لوجود إله من الأساس حتي نطرح سؤال : هل ستكون قدراته مقيدة بقواعد الفيزياء وقوانينها أم لا فعلينا إثبات وجوده أولا ثم إثبات علاقته بقوانين الفيزياء ليسبقها إثبات أنه من صنع قوانينها .

-قبل أن نتطرق إلى ماهية القانون الطبيعي سنذكر مشاهد تبين أن فكرة الإله حسب مُبدعها ومُدعيها تقف عاجزة أمام قانون المادة , فلو إفترضنا وجود إله فهو عاجز عن كسر قانون المادة وفقاً للأساطير الدينية نفسها , فآية عرش الله الذى يحمله ثمانية تُبَين أن الله يخضع لقانون الجاذبية فلدينا ثمانية ملائكة تحمل العرش من عدم السقوط لأسفل بفعل قانون الجاذبية , فلو كان هناك إله خالق لقانون المادة فلن يخضع لقانون هو من خلقه ولا داعى لمعاناة الملائكة الثمانية كما أن المشهد الفنتازي لوجود أجنحة للملائكة بلا معنى ولا جدوى فى فضاء خال من الهواء سوى أن مُبدع هذه الصورة تصور الملاك كالطير الذى يحلق فى السماء لذا فيلزم وجود اجنحة !
أليس من الحرى أن يعطل الله هذا القانون عن عرشه بل يلغيه تماما بدلاً من قصة حمل العرش بثمانية التى تحوله من السقوط فى هذا المشهد الفنتازي الموغل فى السذاجة ولكن من قال أن مُبدع فكرة الإله فطن لقصة قانون المادة الطبيعي ليأتى أحفاده فيحسوا بوقع المشكلة ولكنهم يمتلكون نفس الفكر الملفق ليرددون كالبغبغاوات بأن الإله خالق القانون الطبيعى .

- مشهد آخر يُعلن التحدى فهل يستجيب الله لدعاء مليارات البشر فى أن لا يسقط حجر من أعلى جبل على الارض ليظل مشعلقاً فى الهواء أم أن الحجر سيسقط بفعل الجاذبية الأرضية وقانون المادة رغم انف الصلوات والتضرعات وفكرة الاله .!

- مثال الحجر يأتى في معرض المقارنة مع فكرتنا عن الكون فعندما نتكلم عن الجاذبية الأرضية مثلاً فنحن نتكلم عن قانون رياضي فيزيائي وبسبب تحقق هذا القانون إفترض البعض أنه من الضروري وجود مُصمم هو من وضع تصميمه لكن لنا ان نقول بأن الجاذبية الأرضية هي مجرد أمر واقع يعبر عن طبيعة وماهية المادة ونحن من وضعنا قانوناً لتوصيف هذه الظاهرة من ملاحظاتنا أى أننا نستطيع دائماً إيجاد قوانين وعلاقات من اللأشياء وفقاً لرؤيتنا ومداركنا .

- إن القانون الطبيعي للمادة هو هوية وكينونة وطبيعة المادة وسماتها وسلوكها فلا تستطيع ان تنزع القانون الطبيعي عن المادة فهو المادة ذاتها , لذا لو سألنا أين الله المُفترض من هذه العلاقة , فهل هو مُحدثاً للقانون أولا أو مُحدث للمادة أولا , فوفقا لزعم وجود مُصمم فأنت لن تستطيع القول بأنه مُحدث للإثنين معاً فى وقت واحد فهذا هو الهراء بعينه, فالمُصمم يلتزم بخطوات وإلا إنتفى عنه التصميم كما سيقودك القول بأنه مُحدث الإثنين معاً إلى عشوائية الوجود وعدم وجود إله فبدلا أن تثبت وجوده من خلال تصميمه لقانون المادة نفيت وجوده , فمقولة أنه مُصمم يعنى ان لديه خطة وخطوات فى التصميم وإنتفاء وجود خطة يعنى العشوائية وتفريغ صفة الخالق المُصمم من محتواها ,ولعل إدعاء قصة الخلق ذات الأيام الستة الأسطورية شاهد على فكرة وجود خطة فى التصميم على شكل خطوات متتالية ,وهذا يعنى إما أنه خلق المادة أولا ثم ألحق عليها القانون فيما بعد أو خلق القانون الحاكم ثم خلق المادة بعدها فلا تستطيع القول انه خلق المادة وقانونها فى ذات الوقت , فنحن أمام مصمم ذو خطوات وترتيبات بغض النظر عن المسافة الزمنية بين كل خطوة وأخرى سواء أكانت مليون سنه أو ثانية , ومن هنا تأتى المشكلة التى تثبت عدم وجود إله , فوجود القانون أولا قبل المادة هو الهراء والعبط بعينه , فالقانون هو سلوك وماهية المادة فكيف يتواجد السلوك بدون محتوى مادي يستوعبه ويجعل له وجود , أما إذا قلت أنه خلق المادة أولا بدون قانون ثم وضع فيها القانون فهو قول مهترئ آخر , فالمادة لا يتحدد وجودها وماهيتها بدون قانون , فطبيعة وجود جزيئات الحديد القابلة للمغنطة أو الصدأ كون جزيئاتها وذرات تقبل ذلك التفاعل فذرات الحديد لن تكون لها أى ماهية ووجود بدون طبيعتها .

- نرجع ونسأل ثانية هل سبقت المادة القوانين أم إن القوانين سابقة للمادة أم أن المادة مع قانونها في وحدة مُدمجة بلا إنفصال أو إنفصام بل هى ماهية المادة ..فهل وجود مادة الحديد في الطبيعة كان أولاً ثم جاء قانون الصدأ والمغنطة لاحقًا بحيث بقي الحديد في الطبيعة حقبة من الزمن لا يَصدأ ولا يتمغنط ثم جاءت قوانين من خارج الطبيعة حلت به ليتم توزيع القوانين على المواد لتحكم سلوكها وعلاقاتها فكان نصيب الحديد الصدأ والمغنطة أم أن قانون الصدأ والمغنطة مثلاً كان موجودًا في الكون دون وجود مادة الحديد ثم تكونت المادة ومنها الحديد فتم إصدار أوامر لكل قانون بملاحقة مادة معينة طالما الأمور جاءت من مصمم عاقل فكان من نصيب الحديد قانون الصدأ والمغنطة ووفقا لفكرة المصمم ذو المشيئة فيمكن أن تصدر أوامر جديدة للقوانين بالتغيير فيصبح الصدأ من نصيب الهواء فلا تستطيع أن تقول هذا هراء ومستحيل أمام مصمم ذو مشيئة .

- بالطبع لا يصح منطقياً أن يكون الجواب هذا أو ذاك فالجواب العلمي هو أن قوانين الطبيعة ما هي إلا انعكاس طبيعي لخصائص المواد المختلفة أي أن القوانين قد انبثقت ونشأت متزامنة مع وجود المادة فهي تتغير بتغيرها وتنحرف بانحرافها وتختفي باختفائها .
مفهوم قانون الطبيعة لا يعدو وصف للسلوك الطبيعي الحتمي للأشياء وللعلاقات التفاعلية بينها المترتبة على إختلاف خصائص مكوناتها وظروف تواجدها وبذلك يمكننا تعريف قوانين الطبيعة بأنها تلك الذاتية ةالماهية التي تُحدد سلوك المادة والطاقة الملتصقة بها لتحدد شكلها وماهيتها وطبيعة وجودها .

- نحن من نخلق علاقات نظام أي نبتدع وسائل عقلية لإيجاد علاقات بين الأشياء ليست فى كينونتها نظامية ذات ديمومة بل حالة من عشرات الحالات لنركز الكاميرا عليها ونلقى الضوء على مشهد منها لنسقط علاقات بحثاً عن إيجاد صيغة للأشياء لقبولها ونسميها نظام وقانون وما نعجز عن إيجاد علاقة للشئ نعتبره فوضى . الفوضى والعشوائية ناموس الوجود لنختلق علاقة من وسط العشوائية فنطلق عليها نظام .. نحن نكتشف العلاقات داخل المادة من خلال ملاحظاتنا ورصدنا لنؤسس لها علاقة نطلق عليها قانون ليكون القانون هو رصد ملاحظة بشرية للمادة .

- يمكن فهم علاقتنا بالوجود والحياة وماهية القوانين والعلاقات التى نتعاطى بها بملاحظة علاقة الملاح بالنجوم فهو يكون علاقات إستدلالية مع النجوم ومنها يهتدى لطريقه , فالنجوم لم يتم رصها فى الفضاء لكى تدل الملاح على طريقه ولكن الملاح أنشأ علاقات إفتراضية رياضية تجاه ظواهر مادية لينتج قانون وفقاً لما هو متاح وذو ثبات نوعى .

- هناك مأخذ فلسفي منطقي آخر ينهي هذا الجدال العقيم عن أن الإله المجهول صانع قوانين الفيزياء وهل هو مقيد بها أم لا فإذا قلنا جدلا أنه مُقيد بها لا يستطيع خرقها وتجاوزها فقد إنتفي هنا الزعم بالخلق والمشيئة والإرادة المطلقة وصار الإله تابعا للمادة , وإذا قلنا أن الإله يمكنه خرق قوانين الطبيعة كما يحلو للمؤمنين به تصويره بالقادر والحر لنطلب هنا مشهد واحد من تريليونات التريلونات من المشاهد تم فيها هذا الخرق ولنسأل لماذا يُقدم على الخرق فرضا هل نتاج أن قوانين الطبيعة إختلت أم ليست صحيحة أم حالة مزاجية .

أري أن الأمور يتم إقحامها وتلفيقها بالرغم أنها شديدة البساطة , فقوانين الفيزياء فاعلة بدون إنسابها لإله , فالأكسجين يُصدأ الحديد متى تحقق هذا المشهد , إلا إذا كنت تتخيل أن الإله تدخل ليدفع ويوجه ذرات الأكسجين نحو الحديد لتسبب صدأه فهكذا هي قدرته ومشيئه فإذا كنت تتصور هذا الهراء فستعلم كيف نشأت الخرافة من الخيال والفنتازيا ولا تسأل حينها لماذا نحن متخلفون .

دمتم بخير .
فى البدء وفي الكل توجد الفيزياء فلا تحشر فكرة أخري .