تطوير ماوتسي تونغ للماركسيّة اللّينينيّة


حزب الكادحين
2021 / 9 / 11 - 18:29     

‏ يُحيي الشيوعيون في العالم يوم التاسع من سبتمبر من كلّ عام ذكرى رحيل القائد ‏البروليتاري العظيم ماوتسي تونغ الذي ارتبط اسمه بالحزب الشيوعي الصيني والثورة ‏الصينية وبناء الاشتراكية في الصين ومقاومة التحريفيّة داخل الحركة الشيوعية ‏العالمية والثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. ولم يكن ليرتبط اسم ماوتسي تونغ بكلّ ‏هذا لولا التطوير الخلاّق الذي قام به للماركسيّة اللينينيّة بمختلف مكوّناتها حتّى ارتقت ‏بفضل ذلك إلى الماركسيّة اللينينيّة الماويّة‎.‎
في حقـــل الفلســفة
‏1- ‏‎ ‎أكّد ماوتسي تونغ أنّ قانون التناقض هو القانون الجوهري للماديّة الجدلية في ‏الطبيعة والمجتمع والمعرفة. وقد حلّل بعمق قانون التناقض موضّحا الفرق بين ‏التناقض الرئيسي والتناقضات الثانويّة في كل مرحلة خاصة من تطوّر سيرورة ما ‏كاشفا التحوّلات بين طرفي كلّ تناقض وأشكال حلّ التناقضات‎.‎
‏2- طوّر ماوتسي تونغ النظرية المادية الجدلية للمعرفة وعمّقها دارسا بعمق القفزة ‏من الممارسة العمليّة إلى النظرية ثم القفزة من النظرية إلى الممارسة العمليّة مشدّدا ‏على الممارسة العمليّة باعتبارها المظهر الرئيسي للمعرفة‎.‎
‏3- ‏‎ ‎ناضل ضد الفهم الميتافيزيقي والميكانيكي للعلاقة بين البنية التحتية والبنية ‏الفوقية. لقد قال إنه وإن كانت البنية التحتية تؤثر في البنية الفوقية وتحدّد طبيعتها ‏وهذا هو المظهر الرئيسي فإن البنية الفوقية تؤثّر هي أيضا في البنية التحتية وأحيانا ‏تحدّد طبيعتها. وانطلاقا من هذا، طوّر وجهة نظر لينين أن ‏‎"‎السياسة تعبير مركّز ‏للاقتصاد" ووضع بذلك الوعي الثوري في موقعه من العلاقة بينه وبين التحويل ‏الثوري للعالم مطوّرا شعار لينين "لا حركة ثورية دون نظرية ثورية‎".‎
‏4- ‏‎ ‎توصّل ماوتسي تونغ إلى تبليغ الفلسفة إلى أوسع الجماهير، فأخرج بذلك الفلسفة ‏من الكتب والمكتبات وحرّرها من احتكار الفلاسفة و حوّلها إلى قوّة مادية نشيطة‎.‎
في حقل الاقتصــاد السّيــاسي
‏1- طوّر ماوتسي تونغ الاقتصاد السياسي للاشتراكية من خلال إنجاز البناء الاشتراكي ‏في الصين ناقدا بعض خصائص الاقتصاد السوفياتي في بناء الاشتراكية. وركّز على ‏تحريك مبادرة الجماهير على قاعدة خطّ صحيح ودفع الإنتاج ونشر السياسة ‏الاقتصادية في صفوف الشعب وليس عبر الأوامر البيروقراطية وركّز العلاقة بين ‏الثورة وتطوير الإنتاج وصاغ الشعار الشهير " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج‎".‎
‏2- صاغ ماو "الديمقراطية الجديدة" القائمة على القضاء على الإقطاعية بتطبيق ‏سياسة "الأرض لمن يفلحها" وانتزاع ملكية كل المؤسسات الاقتصادية الأجنبية ‏والوطنية ذات "الطبيعة الاحتكارية" وقيادة رأس المال الخاص و مراقبته و تحديده ‏حتى "لا يسيطر على وسائل معيشة الشعب‎".‎
‏3- حدّد طبيعة الرأسمال البيروقراطي باعتباره رأس مال تغرسه الإمبريالية في ‏المستعمرات وأشباهها لتكريس هيمنتها ومن الضّروري نزع ملكيتها للإطاحة بهيمنة ‏الإمبريالية و لإرساء البناء الاشتراكي‎.‎
‏ و تمّت هذه التطويرات خلال السيرورة الطويلة للثورة الديمقراطية الجديدة في ‏الصين منذ تركيز أوّل قاعدة ارتكاز ثورية سنة 1927 إلى الثورة الاشتراكية ومثّلت ‏أرضية البناء الاشتراكي في الصين‎.‎
في حقل الاشتراكيّــة العلميّــة
‏1- صاغ ماوتسي تونغ استراتيجيا الثورة البروليتارية العالمية في ظلّ الهيمنة ‏الامبريالية في المستعمرات وأشباه المستعمرات مطلقا عليها اسم "ثورة الديمقراطية ‏الجديدة" باعتبارها ثورة ديمقراطية من الطّراز الجديد يقودها الحزب الشيوعي لتركيز ‏ديمقراطية شعبية تتّجه نحو تركيز الاشتراكيّة. وتعتمد ثورة الديمقراطية الجديدة على ‏قيادة الحزب الشيوعي لنضالات الطبقات الشعبية المناهضة للإمبريالية وللإقطاع ‏وعلى جبهة وطنية موحدة وعلى جيش التحرير الشعبي‎.‎
‏2- عبّد ماو طريق الثّورة الوطنية الديمقراطية (الديمقراطية الجديدة) عبر نظرية حرب ‏الشعب. وهي ليست مجرّد استراتيجيا عسكرية وإنّما هي تعبير عن العنف البروليتاري ‏الثوري في أتون الصراع الطبقي لقيادة الثورة إلى الانتصار وفقا لمقولته "السّلطة ‏السياسيّة تنبع من فوهة البندقية‎".‎
‏3- طوّر نظرية الصّراع الطبقي في مختلف تمظهراتها الاقتصادية والاجتماعيّة ‏والسياسية والإيديولوجية، فأغناها بنظرية استمرار الصراع الطبقي على طول مرحلة ‏بناء الاشتراكية والسير إلى الشيوعية‎.‎
‏ وقد أكّـد أنّ الصراع بين البروليتاريا والبرجوازية في ظلّ الاشتراكية معقّد وطويل ‏جدا مؤكّدا أنّ هذا الصّراع سيتواصل في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ما دامت هذه ‏المرحـلة تقوم على استمرار وجود الطّبقات وبالتّالي استمرار الصّراع الطّبقي خلال ‏هذه المرحلـة وانّ هذا الصّراع لن يمّحي إلاّ ببلوغ المرحلة الشيوعيّة. وصاغ منهج ‏النضال ضد إعادة تركيز الرأسمالية في المجتمع الاشتراكي وقاد لأجل ذلك الصّراع ضدّ ‏التحريفيّة السوفياتية وأعلن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وقادها من أجل منع ‏عودة البرجوازية إلى الحكم‎.‎
‏ وقدّم ماوتسي تونغ بذلك مساهمة عظيمة في تطوير علم الثورة البروليتارية ‏العالمية ورفع النظرية الماركسية حول الطبقات والصراع الطبقي إلى مستوى جديد ‏وأرقى تماما‎.‎
‏4- أقرّ ماوتسي تونغ بوجود الصّراع بين الخطّين داخل الحزب الشيوعي، واعتبر ذلك ‏انعكاسا للصّراع الطّبقي داخل المجتمع لأنّ الحزب يتأثّر بالواقع الموضوعي ‏وتناقضاته، ويقول ماو بهذا الخصوص: "إنّ الصراع بين الخطين في صلب الحزب ‏سيتواصل مدة طويلة أيضا باعتباره انعكاسا لهذه التناقضات، إنّه سيحصل أيضا ‏عشرة مرات، عشرون مرة، ثلاثون مرة وسيظهر عديد من لين بياو... إنّه أمر لا ‏يخضع لمشيئة الإنسان". والخطّان المتصارعان هنا هما الخطّ الثوري أي الماركسي ‏اللينيني من جهة والخط الانتهازي التحريفي من الجهة المقابلة. وقد نبّه ماو إلى خطر ‏الخط الانتهازي وخاض صراعا دائما ضدّ العناصر المعادية للثّورة وللبناء الاشتراكي ‏في صلب الحزب الشيوعي من أجل تطهيره ومواصلة الثورة قدما‎.‎