نقابات العمال والموقف من الانتخابات


صوت الانتفاضة
2021 / 9 / 11 - 14:34     

لا يمكن بسهولة رصد الموقف السياسي للنقابات والاتحادات "العمالية" في العراق من بعض القضايا، خصوصا وهي تعيش في عزلة عن المجتمع، فدورها غير فاعل، ويقتصر على بعض "الأنشطة" العمالية، بالتالي فهي غير مؤثرة في المشهد السياسي ولا حتى في الحياة العامة، وهذا واضح جدا من خلال الواقع الملموس.

أيضا تكمن الصعوبة في رصد مواقف هذه النقابات والاتحادات بعدم وجود أية وسيلة اعلام رصينة "مسموع، مرئي، مقروء"، حتى المواقع الالكترونية "صفحات التواصل الاجتماعي" التابعة لهم، والتي تعد بوابة التعريف بهم، هي بائسة جدا ومزرية، فمشاهداتها لا تتعدى أصابع اليد، وهي غير فاعلة، اشبه بالميتة، وهذا الغياب لوسائل الاعلام والبؤس ليس عرضيا، بل انه فعل مقصود، وتتعمده هذه النقابات والاتحادات، ويثير الكثير من الاستفهامات.

اليوم هذه النقابات والاتحادات العمالية تعيش حالة من الجمود، على الصعيدين النظري والممارسة، فنادرا جدا ما تسمع ان هذه النقابة او ذاك الاتحاد قد اقام ورشة او ندوة، لتبيان موقفه من هذه القضية او تلك، بل انها "تتقاعس" حتى في اصدار بيانات، لتبيان وجهة نظرها وموقفها، وبالحقيقة هو ليس "تقاعسا" بقدر ما يكون هو تعبير عن موقف سياسي واضح، تحتاجه هذه النقابات والاتحادات فيما بعد، فهي لا تريد الصدام مع السلطة بشكل جاد، وتفضل خيار المهادنة والتخفيف.

ان المراقب عن كثب لتلك النقابات والاتحادات، يلاحظ بشكل دقيق تلك المواقف المتذبذبة، وغير الرصينة، واللا منسجمة مع تسمياتها الكبيرة والرنانة، بل نستطيع القول، بحذر، انها مواقف مريبة، فهي متوافقة الى هذا الحد او ذاك مع السلطة، وتسير في مركبها، فإلى اليوم لم يصدر بيان او تعليق او ندوة "توعية" للعمال حول الموقف من الانتخابات، التي يكثر عليها الجدل، وتكاد تكون حديث الساعة، مع ملاحظة ان كل القوى، الصغيرة والكبيرة، أوضحت موقفها بشكل جلي؛ فما الذي يمنع هذه النقابات والاتحادات من ايضاح موقفها؟

عندما احترقت المستشفيات "الناصرية، بغداد"، سارع الجميع لاصدار البيانات "تنديد، تعزية، شجب، رثاء"، حتى قوى الإسلام السياسي الحاكم أصدرت بيانات، رغم سخفها وابتذالها، فهي السبب الرئيس في تلك المجازر، الا انها أصدرت بياناتها، الجهة الوحيدة التي غابت تماما هي هذه الاتحادات والنقابات "العمالية"، فلم تهتز مشاعرها تجاه عشرات الضحايا، فما الذي ستقوله؟ وهي خائفة، مرتعبة، تعيش في اقبيتها المظلمة؛ او لعلها تنتظر ان يحترق "معمل او مصنع" يموت فيه عمال، حتى تصدر بيانا توضيحيا، فالحقيقة ان ضيق الأفق هو السمة الوحيدة التي يستطيع المرء رؤيتها بوضوح على هذه النقابات والاتحادات.

كتبت روزا لوكسمبورغ في كراسها "الاضراب الجماهيري والحزب السياسي والنقابات": ((إن الحركة النقابية ليست ذلك الوهم اللاعقلاني الذي يعيش في مخيلة أقلية ضئيلة من قادة النقابات. ولكن تلك الحقيقة التي تعيش في وعي جماهير البروليتاريين الذين تم كسبهم للصراع الطبقي، والحركة النقابية في هذا الوعي جزء من الاشتراكية الديموقراطية. "وكما هي يجب أن تجرؤ على الظهور"))