كيف تدجن حيوانًا بريًا


مازن كم الماز
2021 / 9 / 8 - 22:15     

عندما "ينقذ" البشر حيوانًا بريًا من الشوارع ، من الأزقة المظلمة القذرة ، فإن أول رد فعل لهذا الحيوان سيكون مزيجًا من الغضب و الخوف ، هستيريا صاخبة من الصراخ و الركض المحموم بحثًا عن ثغرة ما غير موجودة في جدران السجن ، ليس نادرًا أن يقضي الحيوان في محاولاته العبثية تلك ، قد تكسر الطيور أجنحتها و هي تهاجم تلك القضبان مرة تلو أخرى و قد تحطم حيوانات أخرى عظامها أو رؤوسها و هي تضرب الجدران بلا توقف دون أن تتمكن حتى من إحداث ثقب أو شق في تلك الجدران المتناهية في القوة و الصمود و السمو و الصمت … عادة ما يكون هذا مصير الحيوانات الشابة القوية بما يكفي لتواصل هذه المعركة حتى الموت … ثم يأتي دور الجوع و الألم ، غالبًا ما يكسر الجوع إرادة أطفال الحيوانات خاصة في غياب أمهاتهم ، يعتقد الأطفال بإمكانيات أمهاتهم و قدرتهن على القيام بالمعجزات و هم في الأسر لا يقاومون بقدر ما ينادون أمهاتهم و مع غياب أية استجابة من الأم الغائبة و مع الجوع يفرض واقع السجن الجديد نفسه أخيرًا … لكن الطريق ما يزال طويلًا و أحيانًا مستحيلًا ، لا يكفي الجوع و فقدان الأمل دائمًا لتحويل هذه الحيوانات الشرسة التي اعتادت حريتها إلى حيوانات داجنة …. إنها معركة غير متكافئة بالتأكيد : الحيوانات تقاتل بحياتها أما البشر الذين "أنقذوهم" و يريدون تدجينهم فهم كأصحاب لتلك السجون التي يسمونها بيوتًا و قصورًا لا يقامرون بأي شيء ، لا يخاطرون بأي شيء ، الا ببعض الطعام و بمساحة السجن التي تكفي بالكاد ليتنفس ذلك الحيوان … تهدف هذه العملية البطيئة و المعقدة لمسح ذكريات الحرية في الشارع ، و أهم المهم هنا هو أن يقدم الطعام بانتظام و أن يكافئ الحيوان على هز ذيله و صمته بأطعمة لذيذة تجعل منه حيوانًا داجنا بامتياز ، مستعدًا ليتعاون مع "مالكه" ، يتعلق باليد التي تطعمه ، و يرقص كالمهرج كما يدربه "صاحبه" … مع ذلك فالقصة تتعلق بأمور أخرى ، لا شك أن الأبقار مثلًا تحمل صفاتا سيكولوجية و جسدية سمحت لأجدادنا البشر الأوائل بتدجينها أولا … أما الأسود و النمور فهي حيوانات مفترسة بغريزتها بحيث أنه لا يمكن أبدًا حتى لشخص مثل عدي صدام حسين ان يشعر بالراحة في وجودها حتى لو كانت شبعانة