ما الأسباب التي دعت العراق الغني بثرواته يأكل مما لا يزرع ويلبس مما لا ينسج ؟


عادل عبد الزهرة شبيب
2021 / 9 / 2 - 09:55     

يتميز الاقتصاد العراقي بتخلفه وفي جميع قطاعاته الاقتصادية, وهذا ما نلاحظه من خلال تدني مستويات الانتاج الزراعي والصناعي وغيرها والتي لا تكفي سد الحاجة المحلية فيضطر الى الاعتماد على الاستيراد حيث يستورد كل شيء.
فالزراعة تعاني من التهميش والتدهور وتعاني من العديد من المشاكل كنقص مياه الري والملوحة والتصحر والاوبئة الزراعية واستخدام الوسائل البدائية في الزراعة وعدم استخدام المكائن والآلات الزراعية والاسمدة الكيمياوية والبذور المحسنة وسوء الادارة , اضافة الى جهل الفلاح وعدم الاهتمام بالصناعات الغذائية الى جانب تدهور الثروة الحيوانية .
ويلاحظ على مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الاجمالي أن نسبتها قد تراجعت مما يؤشر الى وجود المشكلات التي تعيق هذا القطاع, اضافة الى تراجع الصادرات الزراعية التي بلغت عام 2010 (17,2 ) تريليون دينار, بعد أن كانت عام 2007 (52,4 ) تريليون دينار . ومن العوامل الاخرى التي ساهمت في تدهور الزراعة في العراق هي سياسة اغراق السوق العراقية بالمنتجات الزراعية المستوردة الى جانب ما تم ذكره من المشاكل. اما فيما يتعلق بالتخصيصات الاستثمارية للقطاع الزراعي فهي ما زالت متواضعة لا تتناسب مع التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي الذي يوفر الأمن الغذائي للعراق.
تقدر مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في العراق بنحو 17 % من مساحة العراق وتعتبر نسبة جيدة مقارنة بدول اخرى مثل مصر التي تشكل الاراضي الصالحة للزراعة فيها نحو 6% من مجمل المساحة الكلية. ان معظم الاراضي الصالحة للزراعة في العراق غير مستغلة فعليا , كما تقل المساحات المزروعة بالرز في جنوب العراق وهو المادة الغذائية الرئيسة لسكان العراق , والمنتج منه لا يكفي حاجة السكان مما يضطر العراق الى استيرادها من الهند وتايلند وفيتنام وغيرها وبالعملة الصعبة, اضافة الى ذلك فإن حجم الاراضي التي تزرع بالخضروات والفواكه والنخيل هي الاخرى منخفضة رغم اهميتها كغذاء للعراقيين وارتفاع مردودها النقدي للفلاحين , مما يضطر البلاد الى استيرادها وبكلفة عالية , اضافة الى معاناة زراعة الحنطة من التذبذب في الانتاج بسبب تذبذب سقوط الامطار التي تعتمد عليها . ان القطاع الزراعي في العراق لم يستثمر كل الارض الصالحة للزراعة اضافة الى عدم الاعتماد على زراعة المحاصيل المتنوعة , ويظهر تخلف هذا القطاع في انخفاض مستويات الانتاجية الزراعية بسبب عدم استخدام المكائن الزراعية والاسمدة والبذور المحسنة ووسائل مكافحة الاوبئة الزراعية وعدم استخدام التكنولوجية الحديثة في الزراعة وانتشار الجهل بين صفوف الفلاحين .
لذلك نجد ان انتاجية الزراعة في العراق متدنية لا تكفي حاجة العراقيين فيضطر الى الاستيراد لتأمين سلة غذاء العراقيين ولم تبذل الجهود الكافية وتخصص الاموال اللازمة لتطوير القطاع الزراعي والنهوض به وزيادة انتاجيته وحل مشاكله حيث استسهل العراق الاستيراد بدلا من ذلك .
اما بالنسبة للصناعة في العراق فهي الاخرى متخلفة ومهمشة وتعاني من المشاكل والتحديات وتهميش دورها في اعادة بناء الاقتصاد العراقي . ان عدم الاستقرار السياسي للعراق والوضع الامني غير المستقر والنهج الذي حاول الاحتلال الامريكي بعد 2003 تطبيقه في العراق والقائم على اقتصاد السوق وتصفية القطاع العام قد اثر سلبا على الواقع الصناعي في العراق مما جعلت حالة الانهيار مستمرة في هذا القطاع , كما ساهمت سياسة الانفتاح الاقتصادي واغراق السوق بالمنتجات الصناعية المستوردة في تهميش الصناعة الوطنية الغير قادرة على المنافسة بسبب اوضاعها .والانتاج الصناعي العراقي بوضعه الحالي غير قادر على تلبية حاجة السوق المحلية مما اضطرت البلاد الى الاستيراد لسد هذا النقص .
عموما فالاقتصاد العراقي الراهن يتميز بانحسار القدرات الانتاجية وتراجع مساهمة القطاعات السلعية من غير قطاع النفط الخام في توليد الناتج المحلي الاجمالي . ويتواصل ضعف وتدهور قطاعات الانتاج الزراعي والصناعة التحويلية اضافة الى انخفاض التخصيصات الفعلية للاستثمار الحكومي للصناعات التحويلية التي بلغت 3,52% , وتدني نسبة التنفيذ التي بلغت 23,3 % من المخصص الفعلي .
ان تدني الانتاج الزراعي والصناعي وتخلف الاقتصاد العراقي عموما وغياب الاستراتيجية الاقتصادية وسوء الادارة ونظام المحاصصة المقيت واستفحال ظاهرة الفساد المالي والاداري عوامل جعلت العراق
يأكل مما لا يزرع ويلبس مما لا ينسج .