الحرية في مفهوم الثوار الأحرار السوريين


مازن كم الماز
2021 / 8 / 31 - 03:50     

الحرية في أتفه أشكالها تفترض القدرة على الاختيار بين عدة بدائل أو خيارات و هذا أضعف الإيمان كما يقول إخواننا الإسلاميين ، انس أن يملك الإنسان القدرة على الفعل و التغيير ، هذا تطرف لا يتناسب مع قيمنا ، قيم مجتمعاتنا و إسلامنا الوسطي ، تلك حرية تأباها نفوسنا و أرواحنا و قلوبنا ، هذا غي و تجبر و خروج على الدين و الأخلاق و الأعراف سيقودنا فقط إلى خسارة الدنيا و الآخرة و العياذ بالله : أن يفكر كل إنسان و يعيش "على هواه" و العياذ بالله … صحيح أن الاختيار فعل سلبي لكنه على الأقل فعل ما ، صفة تميز الكائن الحي عن الجماد ، لكن الأحرار الثوار السوريون لا يمنحونا أية اختيارات ، إذا لم نختارهم فإننا و لا شك نختار الاستبداد ، شعب واحد جواب واحد فكر واحد خيار واحد ألا و هو "ثورتهم" و "حريتهم" ، كل من لا يجيب بهذا الجواب لا ينتمي لهذا الشعب و ثورته العظيمة و فهمكم كفاية … و تعني الحرية في أكثر أشكالها تواضعًا و تفاهة القدرة على نقد من هم في السلطة ، من يمثلها ، من يتحدث باسمها من ينظر لها ، و إن أمكن ، الاختلاف معهم ، لكن الثوار الأحرار السوريين ينكرون هذا علينا ، مرةً أخرى إذا خالفناهم سنكون مجرد عملاء للمستبد ، شبيحة ، عشاق للبسطار العسكري ( البيادة بلهجة الأعزاء في مصر ) … من يستطيع اليوم أن ينتقد الثوار الأحرار السوريين أو ، و العياذ بالله ، أن يختلف معهم و يخالفهم … إذا تحدثنا بقليل من الجد لا يمكننا إلا أن نقول أن الحرية تعني قدرة الانسان على أن يعيش و يفكر بأقل قدر ممكن من القمع و القسر و الإكراه ، دون أن يتعرض للعقاب و القمع على أفكاره و أفعاله التي لا تعجب الآخرين خاصة من هم في السلطة ، أن تتراجع لغة الأوامر و النواهي و التخوين و التكفير و الإقصاء و القمع و التهديد و الاتهامات و إدعاء العصمة لمن يسوسون الناس و يراقبوهم و يحصون عليهم أنفاسهم و التوقف عن تقمص دور القاضي و المرشد و السيد و عن التلويح بالسيف و بالسوط و بمحاكم التفتيش و ملاحقة الأفكار و تجريمها و الكف عن مراقبة عقول البشر و عن إصدار الأوامر لهم بما يمكن و ما يجوز و ما لا يجوز ، لكن الأحرار الثوار السوريين مرةً أخرى يرون كل من يفكر بطريقة مختلفة عنهم أو بطريقة لا تعجبهم ، مجرد شبيح ، عميل للاستبداد : لقد قمعنا طويلًا ، "ضحينا" بحريتنا من "أجل الوطن ، الأمة الواحدة و الرسالة الخالدة ، المقاومة ، فلسطين ، الوحدة العربية ، مقاومة الاستعمار ، عدم تمكين الرجعية الخ الخ" لكننا اليوم "نضحي". بحريتنا من أجل "حريتنا" … صحيح أن الثوار و الأحرار السوريين يتشاتمون و يختلفون حول كل صغيرة و كبيرة حتى درجة التخوين و التكفير و الإخراج من الملة و الاتهام بالمروق و البغي لكنه ليس ذلك الاختلاف الذي يقبل بالآخر ناهيك عن أن يقبل بحقنا ، حق من يوجد و يعيش خارج تلك الجماعة ، الأقلية ، الطائفة الأصغر في سوريا اليوم إذا ما استثنينا الطائفة الأسدية : طائفة الأحرار و الثوار ، حقنا نحن العوام ، السوريين العاديين ، في التفكير و الكلام ، في النقد و الاختلاف و العياذ بالله ، إن اختلافهم بينهم استئصالي على وزن "عالناعمة" و "تم الدعس" و هي لإخوتنا العرب ممن لا يفهمون لهجتنا السورية الثورية تعني تمامًا قول الحجاج : اني أرى رؤوسًا قد أينعت و حان قطافها و اني لصاحبها و اني لأرى الدم يترقرق بين العمائم و اللحى … هذا يجري بين أسيادنا الجدد فكيف سيكون حالنا ، نحن العوام ، الهوام ، الرعاع ، الرويبضة ، الخ … و لا شك أنه من قلة الأدب مع من سيحررونا من الاستبداد ، مع ولاة أمورنا الجدد ، أن نشك أنهم يستمرون بالحديث عن الاستبداد فقط لكي يعموا أبصارنا و بصائرنا و لكي يداروا عن عيوننا عجزهم و فسادهم و تعطشهم للسوط و الأسوار و السجون ، فقط كي يثبتوا حاجتنا لسجونهم و أوامرهم و نواهيهم ، و ضرورة السمع و الطاعة و الخضوع و التسليم … كما قال جورج اورويل ، إن السوريين في سوريا الحرة أحرار لكن بعضهم أكثر حرية من بعضهم الآخر