رسائل انفجاري مطار كابول


حسن مدن
2021 / 8 / 29 - 00:37     

ضاعف الإنفجاران في مطار كابول، واللذان أدوديا بعشرات القتلى والجرحى، بمن فيهم جنود أمريكيين، حجم الخيبة الأمريكية في أفغانستان مرةً أو أكثر، خاصة أن التقارير الاستخباراتية الغربيّة تحذر من تفجيرات أخرى متوقعة، وضاعفا أيضاً من المأزق الذي وجد البيت الأبيض نفسه فيه جراء التخبط الذي طبع الإنسحاب الأمريكي من الورطة الأفغانيّة.

تبنى تنظيم "داعش" التفجيرين، وبدورها رجحت المخابرات الأمريكية والغربية أن يكون "داعش" بالفعل وراءهما، وفي حال صحّ ذلك فإن تعهد مفاوضي طالبان أمام الأمريكان بأنهم لن يسمحوا بأن تكون أفغانستان مقراً لأي تنظيمات إرهابية أو منطلقاً لها لشنّ عمليات على دول أخرى قد ذهب أدراج الرياح، حتى قبل أن يجفّ حبر التوقيع على الاتفاقات بين الطرفين في الدوحة، ليس فقط لأن "طالبان" غير راغبة في العمل بهذا التعهد، وإنما أيضاً لأنها ليست قادرة على الوفاء به في ظل تعقيدات المشهد الداخلي الافغاني، والموقع الجغرافي الدقيق للبلد.

لكن ذلك لا يسقط كليّة احتمال أن تكون عناصر قريبة من "طالبان" نفسها، أو محسوبة عليها، بصورة وأخرى هي من تقف وراء التفجيرين، بهدف إرباك خطط إجلاء من تعاونوا مع القوات الأمريكيّة والأطلسيّة طوال فترة وجودها في أفغانستان في القتال ضد طالبان نفسها، وبرغبة الانتقام منهم، وليس مهماً بالنسبة لمن خططوا للانفجارين إن سقط فيهما جنود أمريكان قتلى أو جرحى، بل لعلّ ذلك بالنسبة لهم، أي المخططين، مدعاة للتشفي.

يضفي شيئاً من الوجاهة على هذا الاحتمال حقيقة أنّ تنظيم الدولة الإسلامية في إقليم خراسان، الذي أعلن مسؤوليته عن الانفجارين، وهو الفرع الإقليمي ل"داعش" الناشط في أفغانستان وباكستان، تربطه، حسب بعض التقارير الموثوقة علاقات بحركة طالبان عبر ما تعرف ب"شبكة حقاني الإسلامية"، الحليف المقرب لطالبان، ومن أولى الإجراءات التي اتخذتها طالبان، بعد سيطرتها على العاصمة كابول، إطلاق سراح أعداد كبيرة من أعضاء ومقاتلي "تنظيم داعش في خراسان" الذي يعدّ الأكثر تطرفاً وعنفاً بين فروع داعش، وبين جميع التنظيمات والفصائل الإسلامية في أفغانستان.

على ضوء ما جرى ويجري خلال الأيام الأخيرة، سيكون ضرباً من الخيال، لا بل ومن العبث، توقع أن الأمور في أفغانستان سائرة نحو الاستقرار تحت حكم طالبان، وحتى لو سايرنا الزعم بأن هناك نسخة جديدة من طالبان غير تلك التي عرفها العالم قبل عشرين عاماً، وهو زعم لا يسنده أي دليل حتى الآن على الأقل، فإن طالبان مخترقة من داعش وربما ممن هم أكثر تطرفاً من داعش، لذا فعلينا توقع الأسوأ لا الأحسن.