الوضع السياسي الحقيقي في بلانا والانتخابات والموقف الوطني...


أحمد الناصري
2021 / 8 / 28 - 14:20     

الرئيسي والثانوي في وضعنا. ملاحظات مكثفة...

الوضع السياسي في البلاد وأسسه السياسية والاقتصادية الاجتماعية، ووضع الناس (الجماهير)، وحال الدولة والمجتمع، والموقف (الوطني) الصحيح منه، حسب قراءة دقيقة وصحيحة، هو الرئيسي، الأول والمهم.
الوضع في بلادنا فيما بعد الاحتلال، ينطوي على أشكال وعمليات كثيرة، هي الأسس الخاطئة والخطيرة التي يقوم عليها الوضع، ومنها الانتخابات.
المشاركة بالانتخابات و(العمل في أشد البرلمانات رجعية) أمر ممكن وصحيح وطبيعي، لكن بشروط دقيقة ومهمة، وليس بدونها، أو من خلال تجاوزها ونسيانها والتنازل عنها. وهي أن نستغل منصة البرلمان لمعارضة الوضع والعمل ضده، من أجل تغييره، وليس العمل ضمن البرلمان الرجعي وتحت سقفه، بالموافقة على سياسته الرجعية الطائفية، أو السكوت عنها، وبذلك تقف ضد الشعب والوطن، مع أعدائه! الانتخابات شكل من أشكال العمل (النضال) السياسي، إلى جانب النضال المطلبي والاقتصادي، البسيط التدريجي، من خلال ربطها بالنضال (الوطني) العام في بلاد مدمرة.
الانتخابات، ليست الديمقراطية، إنما هي من آلياتها، وقد تكون وسيلة ضد الديمقراطية، بأن تأتي بقوى فاشية ورجعية وطائفية، كما حصل في تجارب كثيرة معروفة، قديمة وجديدة. أو هي لعبة محددة بين حزبين لا ثالث لهما، تأتي بشخصيات تافهة (غير ديمقراطية ولا إنسانية)، مثل ريغان وبوش وبلير وأخيراً ترامب! وإن الديمقراطية تحمي الاستغلال والمشاريع الإمبريالية في الحروب والاستغلال وفرض الهيمنة، وقد تقف ضد الحقوق الطبيعية للشعوب، كما في فلسطين مثلاً، وأمثلة ومشاكل ونواقص كثيرة أخرى. أنها ديمقراطية ضد الديمقراطية. بينما الديمقراطية هي نظام اجتماعي عادل متطور، يرتبط بالتنوير والتقدم والحريات!
* نعود إلى الأساس والموضوع الرئيسي، وهو الوضع السياسي في بلادنا، والموقف الوطني منه، ومن الانتخابات كتحصيل حاصل.
الوضع السياسي في بلادنا معقد وخطير، وهو وضع مشوه، كامتداد مباشرة لوضع الاحتلال ونتائجه، والوضع السياسي الطائفي، والخراب الاقتصادي والفساد وحال الخدمات، وحال الناس، وحجم الكارثة العميقة الشاملة، والموقف من كل هذا!
*في تقديري هذا هو الوضع الحقيقي، وليس المتخيل أو الملفق، فلم تكن هناك ديمقراطية ثم انحرفت عن مسارها، والمطلوب العودة إلى المسار والتصحيح، بطرح مطالب معينة. المطلوب الاعتراف بالأخطاء الشنيعة للمشاركة بالعملية السياسية الطائفية، التي فرضها الاحتلال على بلادنا. هذا من الخلافات الرئيسية. من هنا ندخل إلى قضية مقاطعة الانتخابات وعلاقتها بالوضع. وهل هذه المقاطعة هي إعلان قطيعة مع الوضع السياسي (العملية السياسية الطائفية)، دائمية وشاملة، ليست مؤقتة ولا جزئية. وهل يتطلب ذلك مراجعات ونقد وتصحيح للمواقف السابقة، والموافقة والمشاركة بأسس الوضع الرئيسية الخاطئة المدمرة (مجلس الحكم كسلطة وأداة للاحتلال والدستور والمحاصصة والوضع السياسي الاقتصادي العام)؟
*في هذا الوضع السياسي المحدد، ستكون الانتخابات وسيلة لاستمرار وترسيخ للوضع القائم نفسه (بوسائل ديمقراطية شكلية)، إعادة إنتاجه. فالوضع القائم سيستمر بانتخابات وبدونها، التي ستحصل من دون شروط وضمانات قانونية، في ظل سيطرة الميليشيات وسلاحها والمال السياسي. وقد تكون نتائجها مزورة، جاهزة ومحسومة مسبقاً. وبذلك تسقط حجة تدعي إن عدم المشاركة ستفتح الطريق أمام القوى الحاكمة كي تعود وتستمر. والسؤال الأهم ماذا لو عادت مع المشاركة (وهي عائدة في جميع الأحوال ولا توجد احتمالات أخرى)؟ لذلك يبقى الأمر الرئيسي والمهم هو الموقف من الوضع السياسي العام، وليس الانتخابات فقط، كحدث جزئي عابر.
* الانتفاضة الوطنية (التحرك الوطني الشعبي)، كانت خطوة كبيرة على طريق الحل الوطني للخروج من الكارثة، والانتفاضة (نواتها الوطنية) بريئة من تهمة ملفقة ألصقت بها، حول العلاقة بين التحرك الشعبي ومطلب الانتخابات المبكرة، في محاولة احتواء وتفريغ وتشويه وسيطرة، بعد قمع دموي وحشي.
*سيستمر تفاقم الأوضاع وزيادة حجم الكارثة قبل وبعد زوبعة الانتخابات العابرة، التي ستمر وتنتهي، كلعبة محددة من أجل استمرار الوضع، وسوف تعقبها تحركات وتحالفات وكتل طائفية (لحماية البيوت الطائفية المتداعية)، برعاية مرجعيات طائفية، وسيستمر التقارب والتوافق الطائفي نفسه، مع تعديلات بسيطة، ضمن عملية سياسية طائفية ضد الوطن، على نفس الأسس فيما بعد الاحتلال 2003!. وهذه هي أسس الخلاف والمعارضة والمواجهة، التي ستجدد لأن كل أسبابها موجودة ومتزايدة، ولا حل للكارثة عند ومع السلطة والبرلمان وعموم الوضع السياسي القائم.
العودة إلى الشارع والناس والعمل الوطني المطلوب!!