حقيقة ما يجري في أفغانستان : إعلان الحزب الشيوعي الماوي الأفغاني


عمر الماوي
2021 / 8 / 28 - 02:41     

"قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذّجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء . "

( لينين ، " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة")




جذبت الأحداث الأخيرة في أفغانستان أنظار العالم لما فيها من أهمية قصوى و تنطوي عليه من دلالات ، إن ما جرى في ظاهره يبدو إنتصاراً مظفراً للقوى الرجعية ممثلة بحركة طالبان على الآمبريالية الأميركية و حلف الناتو، لذا صارت هذه الأحداث الشغل الشاغل للعالم بأسره.

و في خضم ذلك ، لم يتأخر الإسلامويون العرب عن القيام بدورهم في هذه الأحداث، وسارعوا الى آعتلاء منابرهم اليوتيوبية و الفيسبوكية فضلاً عن شاشات القنوات الفضائية ليذروا الرماد في عيون الجماهير و يهللوا فرحًا بهذا النصر و يبشروا "الأمة" بقرب النصر الموعود على أعدائها.

لكن هيهات أن تنطلي علينا كل هذه الأراجيف، نحن الذين تعلمنا أن لا نكون سذجًا و أن نستشف المصالح الطبقية دوماً كما ورد في كلام القائد المعلم لينين الذي أثرنا أن نبدأ به رسالتنا هذه.

لقد تحدثنا مراراً عن دور الحركات الإسلامية في خدمة الإستعمار و مشاريعه و في تثبيط كافة المشاريع التحررية الرامية الى فك التبعية و تحرير الأمم و الشعوب المضطهدة ، و بالطبع أن أفغانستان كانت ذو أهمية قصوى للقوى الإمبريالية المتنافسة ، نظراً للموقع الجيوإستراتيجي لهذا البلد الذي يربط ما بين كافة أجزاء القارة الأسيوية، شرقها و غربها و شمالها و جنوبها، لهذا السبب بالتحديد إكتست أفغانستان بأهمية إستراتيجية كبيرة، وكانت مسرحًا للنزاعات و الحروب بالوكالة، و ما يجري في أفغانستان اليوم لا يمكننا أن نقرأه خارج هذا الإطار.

و كما شددنا مراراً فإن الإنتصار النهائي الشعوب و الأمم المضطهدة يقينًا لا يمكن أن يتم الا عبر نشاطها الواعي لمصالحها الطبقية بإفتكاك السلطة من براثن الطبقات الرجعية و تحطيم أركان دولتها المرتبطة عضويًا بالإمبريالية العالمية كدول إستعمار جديد تهيمن عليها الطبقات الرجعية .

إن الأحداث الأخيرة في أفغانستان تبرهن بجلاء على أهمية و راهنية اطروحة القائد المعلم ماو تسي تونغ حول البرجوازية البيروقراطية في الدول شبه الاقطاعية شبه المستعمرة ، فما يجري في أفغانستان اليوم يستعصي فهمه بدون فهم هذه الأطروحة ، فالصراع الدائر في افغاانستان اليوم هو صراع على السلطة بين اقطاب و تيارات بيروقراطية رجعية عميلة مرتبطة بالقوى الإمبريالية لا تعبر و لا يمكنها أن تعبر عن مصالح الشعب الأفغاني.



تاريخيًا و منذ انقلاب بيادق و عملاء الإمبريالية الإشتراكية السوفييتية في أفغانستان عام 1978 كانت أفغانستان مسرحًا لنزاعات و حروب رجعية عمقت من مأساة هذا البلد الذي واجه أعتى ألات الحروب والدمار.



ان سيطرة حركة طالبان الرجعية القروسطية على أفغانستان ما هو - بشكل أو بأخر - الا نتيجة لتسوية بين القوى الامبريالية المتنازعة ، و ليس إنتصاراً كما يطنطن منظرو التيارات الإسلاموية.

و بالطبع فإن سيطرة طالبان على أفغانستان تمثل مصلحة جوهرية مشتركة لكل القوى الإمبريالية المتنافسة ، لأن حكم طالبان يعني مزيداً من التخلف و العودة الى القرون الوسطى ومزيداُ من وأد و تعطيل كل إمكانية للتغيير بإبقاء الجماهير الكادحة أسيرة للإستلاب الديني.

ان سيطرة حركات الإسلام السياسي على مقاليد الحكم في بلدان مثل أفغانستان هو بمثابة حصان طروادة الإمبريالي، لطاىما آمتطت القوى الإمبريالية الإسلام السياسي وقواه الرجعية التي تقف على حافة الهاوية ، لأن وجودها بالسلطة ببساطة يعني سد كل أفاق التحرر و تقويض تام لكافة الحلول الثورية الحقيقية المعبرة عن المصالح الجوهرية للجماهير الشعبية الكادحة ، بمنع الثورة الديمقراطية الجديدة بأفاقها الإشتراكية كطريق وحيد للشعوب المضطهدة التي ترنو الى الحرية و الإنعتاق من كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري ، لا بديل أمام الشعوب المضطهدة عن مواجهة القوى الرجعية و الظلامية التي تقدم نفسها كوصية على مصائر هذه الشعوب.

ولا يمكن للشعوب المضطهدة ان تتحرر من أغلال العبودية الا عبر نضالات لا هوادة فيها في سبيل بناء و تشييد عالم جديد خالي من كافة اشكال الإستغلال يكون فيه المنتجون سادة الإنتاج.

ان الشيوعيين الثوريين كطليعة اجتماعية لا تخفي اهدافها و تطلعاتها هم الأكثر قدرة على حمل هذه المسؤولية التاريخية و القيام بمهامها الملحة و الأكيدة، انطلاقًا من كون أن المادية الديالكتيكية بمرحلتها العليا (الماوية) هي الحقيقة الكونية الأكثر رسوخًا، لذا فمن واجب الشيوعيين الثوريين في افغانستان أن يناضلوا و يقاتلوا لتقويض المشاريع و المؤامرات الرجعية على الشعب الأفغاني المظلوم و الجريح لتكون أفغانستان قلعة الثورة العالمية الجديدة و حصنها المنيع.



--------------------—---------------------------------------------------------------------------



و انطلاقًا من إدراكي لأهمية مواكبة و فهم هذا الحدث المهم بكل تجلياته، أثرت أن اتابع منشورات رفاقنا الشيوعيين الماويين في افغانستان للإحاطة بالموضوع من مختلف جوانبه و بحثاً عن الحقائق التي لم ولن نجدها على شاشات الفضائيات العربية و العالمية.

و قد قمت بترجمة اعلان هام للحزب الشيوعي الماوي الأفغاني هذا نصه :





حول سقوط النظام العميل وانهياره والمهام الملحة لنضالنا




أنفق المحتلون الإمبرياليون بقيادة الإمبريالية الأمريكية حوالي 1 تريليون دولار في بناء وإنشاء النظام الدمية وقوات الأمن على مدى السنوات العشرين الماضية من احتلالها. وبالرغم من كل النفقات شهدنا الانهيار المفاجئ والسريع للنظام العميل وجيشه ضد هجمات طالبان. أذهل السقوط السريع للنظام العميل العالم بأسره. كما لعبت دول المنطقة المحيطة ، وخاصة الإمبريالية الروسية والإمبريالية الاشتراكية الصينية ، دورًا في الانهيار السريع للنظام العميل. لكن المحتلين الأمريكيين يخططون لتنظيم نظام طالبان وفقًا لمصالحهم من خلال نشر 7000 جندي جديد في أفغانستان. يدرك الأمريكيون جيدًا أن الإمبريالية الروسية والإمبريالية الاشتراكية الصينية لا تتنازل عن مصالحها في أفغانستان. إن الإعلان عن عدم إخلاء السفارتين الروسية والصينية من أفغانستان ودعم كلا البلدين لطالبان هو إشارة تحذير للإمبرياليين الأمريكيين المحتلين. لذلك فإن المحتلين الأمريكيين يخططون للعب دور رئيسي في إعادة بناء نظام طالبان وتشكيله.




ولهذا السبب ، لم تقم القوات العسكرية الجديدة للمحتلين الأمريكيين فقط بأي عمل من أجل منع قوات طالبان من دخول كابول ، بل ساعدت أيضًا في وصولهم ودخولهم دون انقطاع إلى القصر الرئاسي. وبالتالي ، وبعد عشرين عامًا ، تم رفع الراية البيضاء لنظام طالبان مرة أخرى فوق البلاد ، مما يؤكد رسميًا عودته إلى السلطة. قبل عشرين عاما ، غزا المحتلون الإمبرياليون ، بقيادة الإمبريالية الأمريكية المحتلة ، أفغانستان تحت شعارات خادعة "محاربة الإرهاب" و "تحرير النساء من أسر طالبان" ، وبالتالي احتلوا أفغانستان بسقوط "الإمارة الإسلامية".




في وقت واحد، مع احتلال البلاد، في 22 يونيو 2002، تحدث حزبنا الماوي، في اعلاناته المنشورة و أدان احتلال البلاد و فضح الأهداف الشريرة للإمبرياليين المحتلين.




فيما اعتبر الوطنيون والقوميون هذا الاحتلال العدواني اشارة جيدة وأعربوا عن امتنانهم للمحتلين الإمبرياليين و "الأمم المتحدة" ووصفوا الاحتلال بأنه "بداية الأمل في عيون الأمة الأفغانية الجريحة الدامعة". وأعلنوا جميعا: "الآن بعد أن أزيل مهد وحشية طالبان والأعشاش الرئيسية للفساد والإرهاب الجامح من حضن الوطن بداية الأمل تتدفق في عيون الأمة الأفغانية الجريحة الدامعة". "يمكن لتيارات وطنية وتقدمية حقيقية ، بمثل هذا الدعم التاريخي الكبير وتكاملها مع التيار العام لشعبنا المسلم ، أن تفتح أبواب السعادة والازدهار والتقدم والتحرير الواحدة تلو الأخرى".




أعلن الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني صراحة أن قضية الاستسلام للاحتلال الإمبريالي هي خيانة وطنية. لقد قلنا أن المحتلين الإمبرياليين يعتمدون على أكثر الناس قروسطية وخيانة ، وفي الواقع فإن أعظم الإرهابيين في العالم هم الإمبرياليون الذين تربطهم علاقات وثيقة بالإرهاب الدولي. لكن أولئك الذين استسلموا يحاولون تبرير وإظهار أن المحتلين الإمبرياليين على أنهم ضد الإرهاب ولكنهم في الحقيقة هم مؤسسو الإرهاب.




كان تحليل الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني للإمبريالية واحتلال البلاد تحليلاً صحيحًا وماركسيًا - لينينياً - ماويًا. وقد ثبتت صحة التنبؤ الذي تم من خلال التحليل بعد عشرين عامًا اليوم ، وكشف عمليا النقاب عن الادعاءات الكاذبة التي وردت في ظل شعارات "محاربة الإرهاب" و "تحرير المرأة من براثن طالبان" التي اطلقها المحتلون و لم يكن النظام الدمية أكثر من شعار سخيف ومخادع استخدم كغطاء مخفي لاحتلالهم للبلاد.




سعت الامبريالية الاميركية المحتلة ، تحت ستار هذه الشعارات الخادعة ، إلى فرض هيمنتها على العالم ، خاصة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وجنوب آسيا. أراد المحتلون الأمريكيون ، بطموحاتهم ، السيطرة على المنطقة عبر أفغانستان التي كانت لها موقع استراتيجي خاص ، لكنها لم تنجح في تحقيق تلك الطموحات بسبب صعود منافسيها الاستراتيجيين (روسيا والصين) في المنطقة.




لطالما أصر الحزب الشيوعي (الماوي) في أفغانستان على أنه كلما اقتضت ذلك مصالح المحتلين الإمبرياليين ، وخاصة الإمبرياليين الأمريكيين ، فإنهم على استعداد للتخلي عن جميع شعاراتهم ووضع كل مرتزقتهم السابقين والحاليين تحت مظلة واحدة ما يسمى بالحكومة الإسلامية الشاملة.




تظهر ألعاب الإمبريالية الأمريكية التي تُلعب خلف الكواليس بوضوح أنهم يريدون تأمين مصالحهم في المنطقة من خلال طالبان. لهذا السبب ، لم يتمكنوا من إنقاذ النظام الدمية من انهيار مؤكد لأن المحتلين الأمريكيين كانوا يدركون جيدًا أن الإمبريالية الروسية والإمبريالية الصينية وإيران وباكستان قد دعمت حركة طالبان وسعت إلى الإطاحة بالنظام العميل. أثار الانهيار السريع للمدن والمحافظات هذا الأمر. لذلك ، ساعد المحتلون الإمبرياليون الأمريكيون طالبان في الوصول إلى القصر الرئاسي.




عندما حسنت طالبان علاقاتها مع الإمبريالية الاشتراكية الصينية والإمبريالية الروسية ، ووصلت الإمبريالية الأمريكية إلى طريق مسدود عسكريًا في الحرب في أفغانستان ، لم يكن أمام الإمبرياليين الأمريكيين خيار سوى التنازل مع طالبان لتأمين مصالحهم في المنطقة. كانت هذه السياسة الرجعية للإمبريالية الأمريكية هي التي أدت إلى سقوط النظام العميل في غضون أيام.




لقد أظهرت عشرين سنة من الاحتلال أن الأشخاص الذين يدعون إلى الاستسلام و الذين استسلموا قد بذلوا قصارى جهدهم لخدمة المحتلين الإمبرياليين والنظام العميل.




من العوائق الرئيسية في إطلاق حرب المقاومة الثورية (حرب الشعب) والنهوض بها ، عمل ما يسمى بالحركة اليسارية ، وخاصة "منظمة تحرير أفغانستان" و "منظمة التحرير الشعبية الأفغانية".




يأمل الحزب الشيوعي (الماوي) في أفغانستان أن تقوم المنظمتان بفحص ماضيهما بشكل صحيح وعلمي ومنطقي والتعامل معه بشكل نقدي ، ليكون مفيدًا في طريق وحدة الحركة الماوية في البلاد.




في التعاملات بين المحتلين الأمريكيين مع طالبان والرجعيين ، سيبقى احتلال البلاد عند مستوى أدنى ، ومن ناحية أخرى ، فإن فرض الشريعة الإسلامية في أفغانستان سيكون أكثر صرامة من ذي قبل ، والسلام الشامل في أفغانستان يبدو غير ممكن. بعد سقوط نظامهم الدمية ، حاول الإمبرياليون المحتلون أن يوحدوا كل القوى المتدهورة تحت اسم "السيادة الشاملة".



نعتقد أنه مع ظهور نظام ما بعد الاتفاق ("النظام الشامل") الذي ستلعب فيه طالبان دورًا رئيسيًا ، فلن يكون هناك سلام قائم على المصالح العليا للجماهير الكادحة في أفغانستان واستقلال البلاد ، ويبدو أننا سنواصل النضال والسعي الجاد من أجل الإطاحة الكاملة بالنظام وطرد داعميهم الإمبرياليين.




مع انهيار نظام أشرف غني الدمية ، حدث على وجه التحديد تحول في التناقضات الرئيسية. لذلك ، يجب علينا الترحيب بالوضع الجديد وتعديل نهج حملتنا وفقًا لذلك.




في الوضع الحالي للنضال الملح ، يجب ألا نغفل المهمة العاجلة للنضال. مهمتنا العاجلة في الوضع الحالي هي كشف الحرب الاستخباراتية للمحتلين الإمبرياليين الأمريكيين ودول المنطقة ، بما في ذلك روسيا والصين ، والنظام العميل بعد الاتفاق ، ما يسمى بالنظام الشامل الذي يمثل الإمبريالية.




يدعو الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني جميع الماويين والقوى الوطنية الديمقراطية والثورية في أفغانستان إلى فهم الحاجة الملحة للنضال الحالي والمضي قدمًا نحو وحدة جميع الماويين وجميع القوى الوطنية الديمقراطية والثورية. وسيبذل الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني قصارى جهده في هذا الصدد .




عاشت وحدة كل القوى الماوية وكل القوى الوطنية الديمقراطية والثورية في البلاد!

لنمضي نحو اطلاق حرب المقاومة الشعبية الثورية والوطنية!



الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغانيk