معصوم على (خطى) مفيد في برنامج خطى!


أحمد الناصري
2021 / 8 / 25 - 17:12     

الخلل في المنهج والموقف الرسمي!

العنوان والربط بينهما (مفيد ومعصوم) مفيد، لأنه موضوعي وحقيقي، كلغة وذاكرة ونهج سياسي تافه ومفكك، بلا ذاكرة ووثيقة (كذلك موقفهما من الاحتلال، كتحرير وتغيير وعراق طائفي جديد ومجلس حكم ودستور مترجم، وكل ما جرى، كجريمة وطنية شاملة).
إن موقف مفيد المفكك المتداعي، لم يكن صدفة أو سهو أو عدم تركيز، إنما نهج وتعبير عن سلوك وموقف رسمي ثابت، جرى ممارسته لعقود طويلة، من أيار 83! وكان عذره أسوء (أنكس) من فعله وموقفه الأول، فهو تحدث عن ضياع وعدم تركيز وهذيان وذهان وزهايمر مقصود ومفتعل، ولم يصحح شيء، ولم يضف شيئاً جديداً، ولم يذكر جلال الطالباني كمسؤول أول عن الجريمة البشعة في بشتآشان، فيما هاجم الحاقدين والمغرضين والمتربصين، وكأنهم مسؤولون عن مواقفه المضحكة!
نعود إلى فؤاد معصوم، وهو عضو مكتب سياسي في جماعة جلال، وشارك بالجريمة والعدوان على بشتآشان، من موقعه هذا، ومن خلال تلفيقاته الجديدة، وعدم استغلال الفرصة لكشف الحقائق والاعتذار للضحايا.
من الأسباب الرئيسية التي شجعت معصوم، وقبله ناوشيروان (كذلك سلوك مفيد)، هي عدم وجود مواقف ودعاية رسمية قوية ورصينة مستمرة، وموقف رسمي، يعتمد على الوثائق والشهادات (أين وثائق انتفاضة 91 ووثائق ما بعد الاحتلال وهي كثيرة ومرعبة عن علاقة ما حصل بالنظام؟ هل يوجد ملف خاص بالجريمة؟)، والمطالبات السياسية والقانونية الحقيقية (ليس الموسمية ولا المتباعدة). فقد توقف الإعلام الرسمي عن ذكر جريمة بشتآشان وضحاياها (حوالي 70 رفيق في كارثة واحدة إلى جانب 62 أسير، وضحايا بشتآشان الثانية وأعداد المعارك الكمائن اللاحقة)، تحت حجج الوحدة (اللحمة) الوطنية، والوضع الجديد، والمهام المشتركة الجديدة، تحت الاحتلال! كما توقف اغلب الرفاق من الناجين عن متابعة الموضوع لأسباب كثيرة تخصهم، ولم يبق غير عدد قليل جداً يتابع ويتذكر المجزرة والضحايا والأصدقاء.
ليست ضد النشاطات المختلفة، لكنني ضد التحركات على شكل هبات (فزعات)، بعد توقف وترك وتناسي ونسيان. وضد النشاطات الشكلية التقليدية، التي تجري بحكم العادة والتكليف (لقد توقف وانتهى كل شيء بسبب كورونا)!
نعود إلى فؤاد معصوم وأسلوبه المفكك الهابط، وعملية التلفيق السخيفة. فالحادثة التي يرويها عن قتل مجموعة من كوادرهم حصلت على يد (حسك)، ولا علاقة للحزب الشيوعي بها، وهم يعرفون ذلك جيداً. وكانت رداً على جرائم كثيرة مارسها أوك بحق حسك ومفارزه وكوادره، وهي ضمن الحرب الداخلية المنظمة والواسعة التي مارسها أوك ضد جميع الأطراف، لتحجيمها، وفرض قضية السيطرة على المناطق، وفق رؤية الإقطاع السياسي العسكري التقليدي، السائدة في كردستان حتى الآن. وكانت هذه السياسة قد استمرت بعد كارثة بشتآشان، من خلال ملاحقة المفارز ونصب الكمائن لها في مناطق أربيل والسليمانية، وجرائم إعدام الأسرى المعروفة والموثقة، حتى عام 86 وحصول المصالحة بين الأطراف بين أوك والأحزاب الأخرى.
الصراع داخل الحركة القومية الكردية عميق وقديم، يعود إلى تكتل المكتب السياسي، بقيادة إبراهيم أحمد وجلال الطالباني بداية الستينيات، ثم الانشقاق، والهروب إلى همدان والعودة إلى دولي رقه، بشروط البارزاني الأب، والهروب إلى بكره جو بالسليمانية، وتشكيل جحوش ال 66! والتطورات اللاحقة، وبيان آذار 70، وانهيار الحركة القومية الكردية المسلحة، بعد اتفاق الجزائر آذار 75، والنهاية في (الآش بطال)، وتشكيل الاتحاد الوطني في سوريا، وعودة القيادة المؤقتة (جماعة البارزاني إدريس ومسعود)، وعودة القتال الداخلي، بعد معارك وكمائن هكاري.
هذا هو الأساس وجذور القتال الداخلي بين فصائل الحركة القومية الكردية المسلحة، الذي تجدد وازداد بعد ال 79، والتحاق أنصار الحزب الشيوعي العراقي بالجبل، وتشكيل فصائل ومفارز ومقرات مسلحة.
لقد كانت سياسة الحزب، بشكل عام محايدة من الخلافات والصراعات الحادة، وكان الحزب وسيطاً نشيطاً لحل الخلافات (الحزب أنقذ حياة ناوشيروان مصطفى الذي وقع أسيراً بيد مفارز حسك في منطقة السليمانية). لكن ذلك النشاط لم يكن خالياً من أخطاء سياسية وعسكرية، هنا وهناك، لكنها لم تشكل سبباً أو حجةً للهجوم الشامل على موقع بشتآشان الرئيسي. فهذا عمل وعدوان مختلف، له أسبابه ودوافعه الخطيرة الأخرى. وهو غير مرتبط بهذه المشاكل والخلافات البسيطة، التي يمكن حلها وتجاورها بسهولة وبساطة. وهذا العدوان، كان له أن يقع، حتى من دون هذه الحجج والأخطاء (جوقد وجود أو معركة باليسان في 28 نيسان 83، (دور الجاسوس أبو حكمت الغامض والمشبوه لم يُكشف أو يُعالج)، أو ما يلفقه معصوم وناو شيروان مصطفى.
جريمة بشتآشان هي أكبر صفقة مشينة قذرة بين جلال وصدام، على حساب دماء رفاقنا. أنها جريمة وطنية كبرى، وهدية مسمومة ملطخة بالدم قدمها جلال لصدام، وبداية المفاوضات بين السلطة وجلال، ، وقضايا التحول والرقص بين طهران وبغداد. حيث كان التعاون والتنسيق السياسي والعسكري والأمني واسع ومكثف وكامل، فقد التقى عضو المكتب السياسي عمر دبابة ببرزان التكريتي، ممثل عن صدام، في قرية باليسان. كذلك دور وتحرك الاستخبارات العسكرية والجحوش، وعمليات الاتصال والتنسيق والتسليح النوعي، وفتح الطرق والممرات للنقل والتحشيد ومحاصرة موقع بشتآشان والهجوم عليه واجتياحه.
طبعا هذا سبب ومستوى وطبيعة الجريمة الأول، ومسؤولية جلال والاتحاد الوطني عنها. لكن هناك خطأ داخلي قاتل ورئيسي (سياسي وعسكري)، يتعلق بفشل قيادة الحزب الشيوعي في تشخيص مؤشرات ومقدمات وخطط العدوان، ثم العجز والفشل في المواجهة العسكرية والدفاع عن الرفاق والمقرات، أو تأمين انسحاب ناجح بأقل الخسائر. تلك المعركة (المفاجئة وغير المتكافئة) التي تحملها الرفاق بشكل فردي شجاع وباسل، ثم خسرنا الرفاق والمواقع وكل شيء، بسبب عقل ومستوى القيادة. وكانت بشتآشان الثانية بنفس الطريقة الأولى، مما ضاعف الخسائر وعمق الجراح!
إن موضوع الاعتراف بالجرائم والأخطاء السياسية والعسكرية، من خلال كشفها بالكامل والاعتذار عنها، هو تطبيق لمبدأ العدالة الانتقالية، لمعالجة ملفات الماضي، كي يجري الانتقال إلى أو ضاع أخرى، طبيعية مختلفة، لا يتم بمواقف خاطئة أو بالصمت عن الجرائم (التي لا تسقط بالتقادم)، عدا عن جريمة التلفيق والتزوير لحقائق معروفة وثابتة، الذي يعد إصرار على الجريمة والخطأ.
في ضوء كارثة الوطن الرهيبة والمخيفة والنهائية، نحتاج إلى حوار ومراجعات حقيقية معمقة، رغم قساوة الوضع والظروف التي تحيط بنا، وترك الدوران داخل دائرة الأخطاء وإعادة إنتاجها. نحتاج للبحث عن معنى آخر، بلغة وأسلوب مختلف.