عودة الى قضايا الاستراتيجيا والتكتيك


محمد علي الماوي
2021 / 8 / 20 - 02:36     

مقدمة

"إن خطيئة الأممية الثانية ، خطيئتها المميتة ، ليست في أنها انتهجت في عهدها ، خطة استخدام أشكال النضال البرلمانية ، بل في أنها قدرت أهمية هذه الأشكال بأكثر مما هي ، وكادت تعتبرها الأشكال الوحيدة ، فلما جاءت مرحلة المعارك الثورية المباشرة واحتلت مسألة أشكال النضال غير البرلمانية المكان الأول،أدارت أحزاب الأممية الثانية ظهرها للمهمات الجديدة ، ورفضتها."(إفلاس الاممية الثانية- لينين)-
تعددت الدعوات للحوار من أجل الوحدة بعد 25-7 صلب الاطراف التي تتحرك تحت يافطة "الوطنية الديمقراطية" ولم تطرح هذه الدعوات ارضية سياسية للمرحلة الحالية وكيفية توحيد القوى وفق برمجة عملية واكتفت ببعض المطالب في علاقة بإجراءات مؤسسة الرئاسة فاقترح البعض "تشكيل ائتلاف القوى الوطنية الديمقراطية دون تأخير"(1)اما البعض الاخر المحسوب على اليسار من ضمنهم حزب في البرلمان اصدروا بيانا ورد فيه ما يلي" تثميننا لكل نضالات شعبنا ضد منظومة الانتقال الديمقراطي و اعتبارنا إجراءات 25 جويلية استجابة جزئية لمطالبه تقتضي درجة كبيرة من اليقظة ونضالا دؤوبا من أجل المضي قدما نحو تصحيح جذري وفعلي للمسار الثوري"(2) هذا دون التعرض الى الاحزاب والقوى الداعمة لقيس سعيد او المتأرجحة .
فأين كانت هذه القوى المزايدة بالوحدة الان اثر انتفاضة 17 ديسمبر ولماذا لم تفعل شيئا في هذا الاتجاه طوال 10 سنوات من حكم النهضة واتباعها ولماذا لم تتفاعل ايجابا عندما اقترحنا ارضية سياسية لتوحيد الوطنيين الديمقراطيين وارضية اخرى لوحدة الشيوعيين؟
ان الجواب واضح هناك اطراف تتقمص جبة الوطنية الديمقراطية او الشيوعية لكنها في الممارسة العملية تنظر للتحول السلمي أي للوفاق الطبقي وللمصالحة الوطنية والتواجد جنبا الى جنب اعداء الشعب بتعلة اصلاح النظام الفاسد من الداخل وهي تعلة تخفي انتهازية هذه العناصر التي تساهم في تبييض وجه الانظمة العميلة وترميمها وهي رغم المزايدة اللفظية بالشعارات التي يرفعها ابناء الشعب تكرس مقولة الانتقال الديمقراطي او "استكمال المسار الثوري" او" المقاومة لاستنهاض المسار الثوري"
فما هي استراتيجية هذه القوى وهل لها برنامج سياسي واضح المعالم يطرح كيفية انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية؟
لم تعد الاحزاب القانونية معنية بما في ذلك مكونات الجبهة "الشعبية"بقضية التحرر الوطني وإن ادعت الوطنية فهي
ترفع شعار "الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية"أي "بناء نظام جمهوري مدني ديمقراطي في خدمة الشعب" كما ورد ذلك في الارضية السياسية للجبهة الشعبية بمكوناتها (التروتسكية والوطدية والقومية) وهي توهم البعض بامكانية تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي في ظل الاستعمار الجديد والتحق بهذا الركب الانتهازي مجموعة البيان المشترك كل من حزب النهج "الشيوعي" مخترق ومنحدر من منظمة العمل "الشيوعي"(3) التي انسلخت عن التصفويين وحزب الوطد الاشتراكي الذي شارك في الانتخابات السابقة ولم يحصل على اي مقعد وشبكة المناضلين الجبهويين ومناضلون يساريون مستقلون وحزب الكادحين.
لقد ساهمت اجراءات 25 جويلية في فرز القوى من جديد واتضحت الصورة أكثر مما كانت عليه بعيد الانتفاضة فقد اصطفت مجموعات اليسار "الجديد" الى جانب اليسار الليبرالي وأمضت معه بيانات مشتركة وهو ما يعني انها في نفس الخندق =خندق المصالحة "الوطنية" والوفاق الطبقي مع اعداء الشعب واصبح اليسار الثوري المتمسك بانجاز المهام الوطنية الديمقراطية يقتصر على بعض المجموعات التي لايتجاوز عددها ال3 ورغم ذلك فهي غير قادرة على التوحّد لفضح اطروحات اليسار الانتهازي المنخرط فعليا فيما سمي باستكمال المسار الثوري الذي يخفي في الحقيقة دعم اجراءات سعيد ضمنيا والقبول بما يجود به النظام لهثا وراء المواقع.
فما ابعد هذا اليسار الانتهازي عن قضية التحرر الوطني ورغم اللف والدوران والمزايدات اللفظية بالثورة والوطنية والمقاومة فانه يظل في تناقض صارخ مع استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية التي لايمكن لها أن تنجز عبر الانتخابات المزورة او التداول السلمي على السلطة في ظل دولة الاستعمار الجديد التي لن تقبل التنحي بل ستستعمل كل الوسائل بما في ذلك عنف الدولة للحفاظ على السلطة.

ان الاستراتيجيا الثورية في مرحلة التحرر الوطني تهدف الى التخلص نهائيا من واقع الاستعمار الجديد (الهيمنة الامبريالية ومن يمثلها وواقع التخلف)ان هذه الاستراتيجية ليست رغبة ذاتية اوحلم طوباوي بل انها استجابة لواقع ملموس وللتناقضات التي تحكمه وطالما لم يقع حل هذه التناقضات فانه لايمكن الحديث عن تحرر وطني :" أ- التناقض بين الامبريالية وعملائها من جهة والشعب العربي المضطهد من جهة ثانية.
ب- التناقض بين الفلاحين الفقراء وباقي الجماهير الشعبية الغفيرة من جهة وملاكي الأراضي الإقطاعيين المتحالفين مع الامبريالية من جهة ثانية.
يلعب التناقض الأول المتعلق رئيسيا بالمسالة الوطنية دورا هاما رغم علاقة التداخل الموجودة بين هذين التناقضين. فإذا لم يقع دحر الامبريالية يستحيل اضعاف سلطة ملاكي الاراضي الكبار كما انه بدون النضال ضد مالكي الأراضي الكبار و بدون تجنيد جماهير الفلاحين بقيادة حزب الطبقة العاملة لا يمكن وضع حد للسيطرة الامبريالية و لا يمكن أن يتم التحرر الوطني الديمقراطي "
(1) استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية واشكال النضال والتنظيم

(يتبع )
مراجع:
1- الوطنيون الديمقراطيون(نص31 جويلية 2021)

2- بيان مشترك
حزب النهج الشيوعي
حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد
حزب الوطد الاشتراكي
شبكة المناضلين الجبهويين
مناضلون يساريون مستقلون

3-منظمةالعمل "الشيوعي"=حزب النهج "الشيوعي"
(انظر: م العمل "الشيوعي" دون استراتيجيا لايمكن للتكتيك ان يكون صائبا
الارث التصفوي لدى م الع "الشيوعي"(او حزب النهج "الشيوعي")
م ع الماي: الحوار المتمدن)
تونس 18 جويلية 2021