سياسيو العراق رجال سلطة ومصالح وليسوا رجال دولة


فلاح أمين الرهيمي
2021 / 8 / 16 - 12:39     

يجب تحديد الظاهرة العراقية منذ انقلاب الرابع عشر من تموز عام / 1958، عندما حدث الانقلاب كان الحكم بواسطة رجال دولة وليس رجال سلطة ونتيجة إفرازاته وإيجابياته وإنجازاته تحول الانقلاب إلى ثورة حيث كان الوزراء عباقرة وعلماء في اختصاصهم وعمل وزاراتهم حسب قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب إلا أن ما حدث من تنافس وصراع بين قادة الانقلاب (عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف) شتت وشرذم سلطة الحكم وانتهت هذه الخلافات التي سببها وخلقها الصراع حول (انحياز عبد الكريم قاسم ومعه الشيوعيين والديمقراطيون والتقدميون واليساريون إلى الاتحاد الفدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة التي ولدت في 8/ شباط/ 1959 بين مصر وسوريا وانحياز عبد السلام عارف ومعه القوميون والبعثيون إلى الانضمام الفوري والاندماج مع الجمهورية العربية المتحدة) مما أدى إلى حدوث انشطار وانقسام في الدولة والشعب العراقي مما أدى إلى انسحاب عبد السلام عارف ومعه القوميون والبعثيون والوحدويون من الدولة العراقية. وسبب إلى ضعف الدولة وتفرق الشعب بين القوتين المتصارعتين. وبعد الخلاف الذي حدث بين الشيوعيون وعبد الكريم قاسم بسبب دعوة الشيوعيين للزعيم عبد الكريم قاسم إنهاء الفترة الانتقالية والحكم بالدستور المؤقت وقيام حكم ديمقراطي من خلال إجراء انتخابات ديمقراطية وحرة ونزيهة وتكوين حكومة جديدة وسن دستور للعراق ولقد أغاض هذا الطلب وأثار الزعيم عبد الكريم الذي أراد أن يحكم العراق مدى الحياة وبدأت القطيعة والخلاف بين الشيوعيين والزعيم عبد الكريم قاسم الذي لجأ إلى شعار (عفا الله عما سلف) من أجل التقرب والانفتاح مع القوميين والبعثيين وأطلق سراح أنصارهم من السجون والمعتقلات واتبع سياسة توازن القوى على الساحة العراقية وبدأ بمحاربة وإضعاف الشيوعيين والديمقراطيين واليساريين الذين قوت شوكتهم وقوتهم في الشارع العراقي بعد خلاف عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وأنصارهم عندما كانوا في السابق يساندون الزعيم عبد الكريم في موقفه (الاتحاد الفدرالي). شن الزعيم عبد الكريم قاسم حملة عمياء ضد الشيوعيين حيث أقال وعزل من الشيوعيين والمقربين منهم وحتى المستقلين من قادة الفرق والألوية والأفواج وكل من عليه شبهة أو صديق واستبدلهم بالقوميين والبعثيين وأنصارهم والمقربين لهم ومن نافلة القول خروج مظاهرة من الأعظمية ملجأ البعثيين والقوميين تهتف (باسمك يا زعيم نحقق الوحدة) والحقيقة والواقع أن البعثيين والقوميين ليس هدفهم المناصب وإنما هدفهم إسقاط عبد الكريم والسلطة في العراق بالرغم أن هذه المناصب والمراكز قد استفاد منها القوميين والبعثيين يوم انقلابهم في 8/ شباط/ 1963 الأسود حيث لم يبادر قائد عسكري في جميع مراكز وحدات الجيش من نصرة ومساعدة عبد الكريم قاسم .. إن الزعيم عبد الكريم قاسم أصابه الغرور من حب الشعب له وتألهه ومن صورها جاؤوا بامرأة من ريف العمارة لمقابلة الزعيم لأنها شاهدت الزعيم في القمر ورجل آخر شاهد في الحلم أن النبي محمد (ص) يمسك بيد الزعيم .. والنتيجة والنهاية سلم الزعيم جمهورية 14/ تموز إلى البعثيين في صحن من الذهب .. وبدأت المصائب والمآسي منذ يوم 8/ شباط الأسود القتل والعنف والاعتقالات عندما ضاقت بهم السجون والمعتقلات فاستعملت المدارس والملاعب الرياضية التي ضاقت بالمعتقلين أيضاً ومن مهازل القدر أن هؤلاء (القوميين والبعثيين) الذين كانوا يدعون ويطالبون بالوحدة الفورية بين العراق والعربية المتحدة رفضوا الانضمام للعربية المتحدة .. وأصبح نظام الحكم يقوم على رجال للسلطة وليس رجال للدولة وانهارت الدولة لأن البعثيين انشغلوا فقط في قتل واعتقال كل من يشتبه بهم من أبناء الشعب الذين ضاقت بهم السجون والمعتقلات والملاعب الرياضية فانقلب عليهم عبد السلام عارف في شهر تشرين/ 1963 وكان نظام الحكم أيضاً مشغول في تصفية البعثيين وأنصارهم ومات عبد السلام عارف في حادث سقوط طائرته السمتية وجاء للحكم أخيه عبد الرحمن عارف الذي سقط في 17/7/1968 بانقلاب عسكري قام به البعثيين وقاد سلطة الحكم (أحمد حسن البكر) الذي حدثت في عهده تحالف مع الشيوعيون وشاهد العراق أمن واستقرار من خلال ارتفاع سعر برميل النفط العراقي ثم انقلب عليه صدام حسين الذي كان عهده وحكمه حروب ومقابر جماعية ودكتاتورية دموية وفي عهده كان يذهب إلى البيوت ويفتح الثلاجات والمجمدات ويتقرب إلى الشعب وفي النهاية سلم العراق في 9/4/2003 في صحن من الذهب إلى الأمريكان الذين أسسوا مجلس الحكم على العراق تم تشكيله حسب النسبة الطائفية لشعب العراق واستمر حكم المحاصصة الطائفية على العراق ثمانية عشر عاماً وأفرز الفقر والجوع والبطالة والفساد الإداري ورجال سلطة وليس رجال دولة أدت إلى انفجار الشعب في تشرين عام/ 2020 في انتفاضة عارمة امتدت من بغداد حتى البصرة واستمرت أكثر من سنة ونصف قدمت أكثر من خمسمائة شهيد وأكثر من خمسة وعشرون ألف جريح وأدت إلى اسقاط حكومة عادل عبد المهدي وإجراء انتخابات مبكرة وتولى الحكم السيد الكاظمي باقتراح وطلب من كتلة الفتح التي يرأسها السيد هادي العامري وكانت حكومة توافقية إصلاحية وترتبط بعلاقات مع الشعب ومع القوى السياسية وبذلك لم تستطيع أن تحسم أمرها ويصبح السيد الكاظمي مصلح وليس إصلاحي وأصبح نظام الحكم رجال سلطة وليس رجال دولة والحكومة التي ألفها السيد الكاظمي تعتبر حكومة انتقالية تمتد مرحلتها إلى نهاية الانتخابات .. إلا أن مرحلة الانتخابات أصبحت متعثرة ويحتمل فشلها بسبب انسحاب أكثر من مائة مرشح وأحزاب وكتلة السيد مقتدى الصدر والسبب يعود إلى انفلات السلاح الذي أدى إلى اغتيال عدد من المرشحين وتهديد الناخبين والمال السياسي الذي يهدد بتزوير الانتخابات وحكومة السيد الكاظمي وقفت عاجزة من التصدي لهاتين الظاهريتين مما يهدد الانتخابات بفشلها أيضاً.