بوب أفاكيان :هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة


شادي الشماوي
2021 / 8 / 15 - 00:49     

هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة
بوب أفاكيان القائد الثوري و مؤلّف " الشيوعيّة الجديدة " ، 13 جويلية 2021 ، جريدة " الثورة " عدد 709
https://revcom.us/a/708/bob-avakian-this-is-a-rare-time-when-revolution-becomes-possible-en.html

لقد إطّلع عديد الناس على البيان المهمّ جدّا الذى أصدره الشيوعيّون الثوريّون ، " بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة " المتوفّر على موقع revcom.us ، وهو ينشر على الأنترنت و يتمّ توزيع نسخ ورقيّة منه على الناس فى الأحياء و في غيرها من الأماكن حول البلاد ، كجزء مفتاح من نشر الكلمة حول هذه الثورة و تنظيم الناس في صفوف هذه الثورة. و يحتاج الكثير من الناس إلى الإطلاع بل و التعمّق في هذا " البيان و النداء " . و هنا ، سأتحدّث عن بعض المسائل الكبرى ذات الصلة .
أوّلا ، بعض الحقائق الأساسيّة

1- نحيا في ظلّ نظام هو النظام الرأسمالي – الإمبريالي ( و الرأسماليّة نظام إقتصادي و سياسي للإستغلال و الإضطهاد و تحيل الإمبرياليّة على الطبيعة العالميّة لهذا النظام ).
و يتسبّب هذا النظام في عذابات هائلة للناس عبر العالم قاطبة و يمثّل تهديدا متصاعدا لوجود الإنسانيّة ذاته . و هذا نظام تسيطر عليه الشركات و البنوك و المؤسّسات الماليّة الأخرى الرأسماليّة التي تتحكّم في مبالغ ضخمة من الأموال ، و كلّ هذا قائم على إستغلال الناس - الجماهير الشعبيّة هنا و مليارات البشر عبر العالم بمن فيهم أعداد كبيرة من الأطفال.
و الرأسماليّون أسرى منافسة تناحريّة فيما بينهم ما يؤدّى بهم إلى التدخّل في أيّ ركن من أركان العالم خاصة في البلدان الفقيرة و ذلك لإستغلال الناس بخبث أكبر حتّى بينما يتركون عديد البشر بلا شغل ممكن أبدا ضمن الاقتصاد الرسمي ( " القانوني " ).
و في أسس هذا النظام مبنيّ تفوّق البيض و التفوّق الذكوري .
و يتسبّب هذا النظام في أوضاع أين تصبح الحياة في منتهى اليأس و عادة خطيرة جدّا لأعداد متنامية من البشر في بلدانهم الخاصة - ما يجبرهم على إقتلاع جذورهم و الهجرة عبر البلدان و القارات – و ثمّ يعاملهم هذا النظام كمجرمين حينما يبحثون عن اللجوء أو التخفيف من وطأة الظروف التي لا تحتمل .
و يؤدّى هذا النظام إلى الحروب – حروب لغزو أمم و شعوب و حروب للتحكّم في أجزاء مفاتيح من العالم و يمكن حتّى إلى حروب بين البلدان الرأسمالية – الإمبرياليّة المالكة للأسلحة النوويّة ، تتقاتل لتحديد من سيكون المضطهِد الأقوى في العالم ( إذا ما بقي شيء من هذا العالم بعد هكذا حرب ).
و هذا النظام يحطّم بسرعة البيئة العالميّة .
كلّ هذا واقع و لا يمكن لأيّ كان الهروب منه . إمّا أن نغيّره تغييرا راديكاليّا ، على نحو صحيح ، و إمّا سيتغيّر كلّ شيء على نحو سلبيّ جدّا .
2- لا يمكن إصلاح هذا النظام ليكون نظاما " أفضل " – يجب الإطاحة به .
لا يمكن للنظام الرأسمالي أن يوجد دون إستغلال للجماهير الشعبيّة وجعل الحياة بائسة بالنسبة إلى الغالبيّة العظمى من الإنسانيّة ، و في الوقت نفسه يمثّل هذا النظام تهديدا متصاعدا لمستقبل الإنسانيّة . ( و قد حلّلت الأسباب الأساسيّة لهذا في مقال " السلع و الرأسماليّة – و التبعات الفظيعة لهذا النظام – شرح أساسي " ، يمكنكم الحصول عليه من موقع revcom.us).
و نظام الحكم السياسي – " الديمقراطيّة " – الذى وُجد في هذه البلاد كان دائما و لا يزال ديمقراطيّا – في إطار هذا النظام و الذين يحكمونه . و هذه " الديمقراطيّة " الرأسماليّة غطاء و وسيلة لما يحكم حقّا هذه البلاد – دكتاتوريّة الطبقة الرأسماليّة – هيمنتها على السلطة السياسيّة و القوّة الرسميّة ( المفترض أنّها " شرعيّة " ) و العنف على غرار زمن قتل الشرطة مرارا و تكرارا لا سيما لذوى البشرة السوداء و السمراء و الأمريكيّين الأصليّين .
و يُسيطر الرأسماليّون على الإنتخابات و كلّ مؤسّسة مهيمنة أخرى في هذه البلاد . و التصويت في ظلّ هذا النظام سواء للديمقراطيّين أم للجمهوريّين هو تصويت لأحزاب الطبقة الحاكمة – ممثّلين لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي – المصمّمين على الحفاظ على سير النظام رغم التكاليف الرهيبة بالنسبة لجماهير الإنسانيّة و حتّى مع التهديد الحقيقي جدّا الذى يمثّله هذا للإنسانيّة في وجودها . و مهما كانت الوعود التي يطلقها هؤلاء السياسيّين – و مهما كانت الخطط التي يحاولون رسمها لجعل الأشياء " أعدل " أو أكثر " مساواة " في ظلّ هذا النظام – لا شيء من هذا سيغيّر الطبيعة الأساسيّة لهذا النظام و الطريقة التي عليه أن يعمل وفقها لأنّها طبيعته ذاتها.
علاقات الإستغلال و الإضطهاد المبنيّة في أسس هذا النظام تفرضها المؤسّسات الرسميّة للسلطة و العنف - الكنغرس و الرئاسة و المحاكم و خاصة الشرطة و الجيش .
فقط ثورة – ثورة حقيقيّة تلحق في نهاية المطاف الهزيمة بهذه المؤسّسات الرسميّة للسلطة و العنف و تُنشأ نظاما إقتصاديّا و سياسيّا مختلفا راديكاليّا ، بهدف إلغاء الإستغلال و الإضطهاد – فقط هذه الثورة يمكنها أن تعالج كلّ هذا على نحو يكون حقّا في مصلحة الجماهير الشعبيّة و الإنسانيّة قاطبة . ( في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته هناك نظرة شاملة و عرض ملموس لهذا المجتمع الأفضل و المختلف راديكاليّا – خطّة عمليّة لما يجب القيام به بعد إفتكاك السلطة و لكيف نعيد تنظيم المجتمع على أساس مغاير و تحرّريّ تماما .)

لماذا يعدّ هذا الزمن زمنا تصبح فيه الثورة ممكنة حتّى في بلد قويّ مثل هذا

1- تصبح ثورة ممكنة حتّى في بلد قويّ مثل هذا حينما تنشا عوامل ثلاثة أساسيّة :
- أزمة في المجتمع و في الحكم تكون عميقة و تمزّق " السير العادي للأشياء " بحيث أنّ الذين يحكموننا منذ مدّة طويلة جدّا لم يعودوا قادرين على فعل ذلك بالطريقة " العاديّة " التي إعتاد الناس القبول بها .
- شعب ثوريّ يعدّ الملايين و الملايين يكون " ولاءه " لهذا النظام تمزّق و تصميمه على القتال من أجل مجتمع أعدل أكبر من خشيته القمع العنيف لهذا النظام .
- قوّة ثوريّة منظّمة – متكوّنة من أعداد متزايدة بإستمرار من الناس من ضمن الأكثر إضطِهادا و لكن أيضا من عديد فئات المجتمع الأخرى – قوّة تعتمد على و تعمل بمنهجيّة لتطبيق المقاربة الأكثر علميّة من أجل البناء للثورة ثم إنجازها ، وهو بصورة متصاعدة محطّ أنظار الجماهير الشعبيّة الباحثة عن قيادتها لإحداث تغيير راديكالي نحتاجه بصفة إستعجاليّة .
2- و هذه العوامل التي تجعل الثورة ممكنة غير موجودة الآن بالذات بيد أنّ هذا زمن من الأزمان النادرة التي يمكن خلالها إيجاد هذه العوامل من أجل الثورة .
و سبب أساسي للماذا هذا صحيح هو أنّ هناك الآن إنقسامات كبيرة جدّا صلب الطبقة الحاكمة للبلاد ، و في البلاد ككلّ – و أكثر من ذلك :
هذه الإنقسامات صلب السلطات الحاكمة في المجتمع الأوسع لا يمكن معالجتها داخل الإطار الموجود و الذى وحّد الأشياء معا لقرابة 150 سنة منذ بُعيد نهاية الحرب الأهليّة التي أدّت إلى إلغاء العبوديّة ، لا يمكن معالجتها على أساس " الديمقراطيّة " الرأسماليّة التي كانت للأداة " العاديّة " للحكم الرأسمالي ( الدكتاتوريّة الرأسماليّة ) لوقت طويل جدّا .
شيء مختلف راديكاليّا سيُعوّض الإطار الذى قد وُجد لكلّ هذا الوقت – و مثلما يشير بدقّة " البيان و النداء " :
إنّ الأزمة و الإنقسامات العميقة في المجتمع الآن لا يمكن أن يحلاّ إلاّ بواسطة وسيلة راديكاليّة ، وسيلة من نوع أو آخر – فإمّا أن تكون وسيلة رجعيّة راديكاليّا إضطهاديّة و مدمّرة بشكل إجرامي و إمّا وسيلة تحريريّة ثوريّة راديكاليّة .
3- و إليكم الأسباب الأساسيّة لبلوغ الأشياء هذه النقطة .
حتّى و إن كانت " الديمقراطيّة ، مع الحرّية و العدالة للجميع " كذب صراح ، فإنّ هذا الكذب كان حاسما بالنسبة إلى حكّام هذه البلاد لإبقاء الأشياء معا في ظلّ هذا النظام - و خاصة إبقاء الناس المضطهَدين فى ظلّ هذا النظام يعتقدون فى إمكانيّة جعل هذا النظام أعدل . لهذا كلا حزبا الطبقة الحاكمة كانا متّفقين عموما لفترة زمنيّة طويلة على العمل ضمن الإطار نفسه لحكم هذه البلاد -–لقد إتّفقا على القبول بنتائج الإنتخابات و إجراء " إنتقال سلميّ للسلطة " بين مختلف ممثّلى النظام عينه ، ديمقراطيّون كانوا أم جمهوريّون .
و مع تغيّر الظروف في هذه البلاد و في العالم ككلّ، و مع مرور الوقت منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية ( قبل 75 سنة )، بات من الضروري بالنسبة للطبقة الحاكمة سعيا منها للحفاظ على " النظام و الاستقرار " في هذه البلاد ، أن تقدّم تنازلات للنضال ضد تفوّق البي و التفوّق الذكوري و بعض العلاقات الإضطهاديّة الأخرى ، بينما في الوقت نفسه تشدّد على أنّ كلّ هذا جزء من " خلق المزيد من الوحدة الأكمل " و" المزيد من تحسين الديمقراطيّة الكبرى التي وُجدت دائما في هذه البلاد". و قد كان ضروريّا أيضا بالنسبة إلى حكّام هذه البلاد أن يواصلوا الترويج إلى أنّها " قائدة العالم الحرّ " الذى يقولون إنّه يجب أن يظلّ مهيمنا على العالم في حين أنّه في الواقع أكبر قوّة إضطهاديّة و تدميريّة تنهب جماهير الناس و كذلك الأرض.
لكن قسما من الطبقة الرأسماليّة الحاكمة يمثّله الحزب الجمهوريّ قد قاوم طويلا حتّى هذه التنازلات الجزئيّة للنضال ضد الإضطهاد و صار مقتنعا بأنّ هذه التغييرات مضت أبعد من اللازم الآن و أنّها تهدّد بتحطيم ما وحّد البلد و سمح له بالهيمنة على العالم .
أمسى الجمهوريّون حزبا فاشيّا – حزبا قائما على تفوّق البيض و على التفوّق الذكوري السافرين العدوانيّين و على علاقات إضطهاديّة أخرى – حزب مقتنع بأنّه هو الوحيد الجدير بالحكم ، و يتحرّك للتلاعب بالإنتخابات و محو الأصوات بُغية الكسب السلطة و التمسّك بها و يرفض القبول بنتاج الانتخابات التي لا يفوز بها و يصمّم على دوس و إفساد " حكم القانون " و يدوس حقوق الإنسان و يتبنّى ما يساوى دكتاتوريّة رأسماليّة غير مقنّعة و وهو مستعدّ إلى إستخدام العنف ليس فقط ضد الجماهير الشعبيّة بل كذلك ضد منافسيه من الطبقة الحاكمة . و قد قام هؤلاء الجمهوريّين بتعبأة قسم له أهمّيته من الناس الذين يعتقدون بشدّة و بحماس لاعقلاني أنّ تفوّق البيض و التفوّق الذكوري و علاقات إضطهاديّة أخرى ( فضلا عن نهب البيئة بلا قيود و لا حدود ) يجب الدفاع عنهم و فضهم بصرامة . و قد دفعوا إلى حالة جنون خبيث معانقين كلّ أنواع نظريّات المؤامرة ، إلى جانب الأصوليّة المسيحيّة المجنونة كإجابة على التهديد الذى يرونه لشعارهم ( أو " ما أمر به الإلاه " ) و تشديدهم على مزيد التنازلات للنضال ضد الإضطهاد و الفتّاك الذى " جعل أمريكا عظيمة ".
و بعدُ أضحت هذه الإنقسامات عميقة الجذور في المؤسّسات الكبرى لهذه البلاد بما في ذلك الجيش و ستصبح بصفة متصاعدة أحدّ و تنفجر صراحة مع تواصل إحتدام الأشياء في المجتمع ككلّ و صلب الطبقة الحاكمة .
و هذه الإنقسامات العميقة و إحتدام النزاع لا يمكن تجاوزهما – كلّ هذا لا يمكن " إعادته إلى سالف عهده " – في الإطار و بالطريقة التي ظلّت بها البلد إلى الآن موحّدة في ظلّ حكم طبقة رأسماليّة موحّدة تقريبا .
4- للجمهوريّين بعض الميزات الهامة نسبة إلى الديمقراطيّين في هذا النزاع .
الديمقراطيّون ملتزمون ب " اللعب وفق القواعد " و " التعويل على ضوابط " " ديمقراطيّة " الدكتاتوريّة الرأسماليّة بينما يتحرك الجمهوريّون لتمزيق هذه الضوابط و الحكم بواسطة دكتاتوريّة رأسماليّة سافرة و غير مقنّعة .
الطبيعة المميّزة لهذه البلاد – بتاريخ إبادتها الجماعيّة و عبوديّتها و تواصل تفوّق البيض و " المساومات " المتكرّرة التي أعطت سلطة غير متناسبة ( سلطة أكبر ممّا يمثّله عدد سكّان ) للولايات الجنوبيّة للكنفدراليّة السابقة ، و ولايات أخرى ذات عدد سكّان ريفيّين هام من الناس " الذين ينزعون نحو المحافظة " – هذه ميزة أخرى يملكها الجمهوريّون الفاشيّون .
و إذا ظلّت هذه المعركة في إطار هذا النظام ، لن توجد نتائج رهيبة عامة فحسب بل يمكن لهذا على الأرجح أن يُفضي إلى إنتصار الجمهوريّين الفاشيّين ما سيشدّد و يسرّع من الكارثة المحدقة بالنسبة للإنسانيّة ككلّ .
لكن ليس على الأمور – و لا يجب أن – تظلّ في إطار هذا النظام .



ما يجب القيام به لإغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة

1- مثلما أشار إلى ذلك " بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل القيام بثورة فعليّة " " لقد رأينا القوّة الكامنة لثورة تجلّت بقوّة فقط في الصائفة الفارطة حينما نهض معا ملايين الناس من كافة الأجناس و الأنواع الإجتماعيّة عبر البلاد بأكملها ، ضد الإضطهاد العنصريّ و إرتكاب الشرطة لجرائم القتل . و قد شاهدنا هذه القوّة الكامنة في الإحتجاجات الجماهيريّة للنساء ، في بلدان عبر العالم قاطبة ، الرافضات القبول بإهانتهنّ و دوس حقوقهنّ . "
لكن هذه الإمكانيّات الكامنة للثورة يجب أن تتحوّل إلى واقع ثورة فعليّة بالقيام بالعمل و النضال الضروريّين لجعل الجماهير الشعبيّة واعية بالحاجة الملحّة إلى الثورة و بالإمكانيّة الحقيقيّة للثورة - و لتنظيمها كقوّة مصمّمة من أجل الثورة.
2- لأجل إغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة ، يجب أن نعترف بأنّ الوضع الذى نواجه كما هو فعلا : يحتاج الناس إلى رفع رؤوسهم و توسيع مجال رؤيتهم و النظر أبعد ممّا يحيط بهم مباشرة ،و القطيعة مع الأوهام و " الحلول " الزائفة و أن يتبنّوا المنهج العلمي للشيوعيّة الجديدة ليحصلوا على فهم أساسي و يواصلوا تعميق هذا الفهم لما يحدث عمليّا و ما هي الرهانات الكبرى لكلّ هذا و ليس ما هو سلبيّ جدّا فحسب بل كذلك الإمكانيّات الإيجابيّة جدّا لتغيير راديكالي الموجودة صلب كلّ هذا .
و بوجه خاص ن يعنى هذا الإلتحاق بالشيوعيّين الثوريّين – و الأعداد المتزايدة من الناس الذين ينجلبون إلى ما تعنيه كلّ هذه الثورة – ليتعمّقوا في " البيان و النداء " و يعملوا من أجل الثورة التي ينادى بها .
3- و يوفّر هذا الوضع النادر مع تعمّق و إحتدام النزاعات صلب القوى الحاكمة و في المجتمع ككلّ أساسا أقوى و إنفتاحات أكبر لكسر قبضة هذا النظام على الجماهير الشعبيّة .
و في منتهى الأهمذية هو الفهم العميق لهذا :
مع تطوّر هذا الوضع و تزايد عدم قدرة الطبقة الحاكمة على الحكم بالطريقة القديمة ، يمكن ان يصبح المجتمع و تصبح الحياة اليوميّة للجماهير الشعبيّة من مختلف أنحاء المجتمع بصفة متصاعدة غير مستقرّين و تسودهما الفوضى ب" تقطّعات " متواترة ؟؟؟؟ في الطريقة " العاديّة " التي كانت تسير بها الأشياء .
و مع إخفاق " الطريقة العاديّة " التي كانت تحكم المجتمع في غبقاء الأمور موحّدة – و تمزّق المجتمع بصورة متنامية – يمكن أن يهتزّ إعتقاد الناس في أنذ " الطريقة التي كانت عليها الأشياء على الدوام " هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للأشياء أن تكون عليها . يمكن أن يجعل ذلك الناس أكثر إنفتاحا على التساؤل عن - بالمعنى الحقيقيّ يمكن أن تفرض على الناس أن يتساءلوا عن – الطريقة التي كانت عليها الأشياء و ما إذا يجب عليهم البقاء على هذا النحو . و يرجّح أكثر أن يحدث هذا إذا كانت القوى الثوريّة تعمل في صفوف الجماهير مسلّطة الضوء على الواقع الأعمق لما يجرى و لماذا و مقدّمة أنّ هناك بديل للحياة على هذا النحو .
" البيان و النداء " يسجّل نقطة هامة للغاية هي أنّ الإنقسامات و النزاعات في صفوف القوى الحاكمة ( و المجتمع ككلّ ) قد أفرزت ثقبا كبرى في قناع النظام زائدة في فضح طبيعته الحقيقيّة و كذبة أنّ هذا هو " أعظم بلد في العالم " و " منارة الحرّية " و " قائد العالم الحرّ ".
و إنّها لمسؤوليّة كلّ فرد يُقرّ بالحاجة العميقة إلى الثورة – و الإمكانيّة النادرة في مثل هذا الزمن للقيام عمليّا بالثورة – أن يخو بلا كلل و أحيانا بشراسة النضال لكسب المزيد و المزيد من الناس لإحداث قطيعة راديكاليّة مع الإطار الخانق و المهين لهذا النظام و لإتّخاذ التوجّه و الدوافع الثوريّة المعروضة في " البيان و النداء " و العمل وفقها .
و بدلا من البقاء في " مسارك الخاص " و " البحث عن المصلحة الخاصة " بينما يتحرّك هذا النظام نحو حتّى المزيد من السحق الحيويّ لأيّة آمال في عالم يستحقّ الحياة فيه ، يحتاج الناس النظر إلى الصورة الشمل مركّزين على المصالح الأوسع للإنسانيّة و إمكانيّة عالم أفضل بكثير – و السعي إلى تحويل هذا إلى واقع .
وبدلا من إيجاد التبريرات للمضيّ مع الأشياء كما كانت و الوقوف على الربوة ( أو حتّى تشويه ) الثورة ، يحتاج الناس إلى الإنضمام إلى صفوف الثورة و ليس التفريط في الفرصة النادرة للمساهمة في إنشاء شيء أفضل بكثير .
و بدلا من الإندفاع بحماس فى أعمال إحباط فرديّة أو محاولات الهجوم على هذا النظام بقوى صغيرة الحجم و منعزلة ليست لها فرصة النجاح ، يحتاج الناس إلى توجيه غضبهم و كرههم للظلم إلى بناء حركة ملايين يمكن أن تكون لهم فرصة حقيقيّة لإلحاق الهزيمة بهذا النظام و القيام بثورة حقيقيّة .
و بدلا من التصارع التقاتل ، ما يحتاج الناس القيام به الآن هو الوحدة للدفاع عن بعضهم البعض – معارضين كلّ العنف الظالم و ليس شنّ الهجمات على أي شخص و في الوقت نفسه عدم السماح للشرطة أو العصابات الفاشيّة ط المدنيّة " بأن تعنّف الناس بشكل طائش و تقتلهم . كما يحتاج الناس إلى القيام بهذا كجزء من بناء القوى من أجل الثورة .
و عوضا عن إستهزاء و البعض بالبعض الآخر و التهجّم عليهم و الإنقسام إلى " هويّات "، يجب العمل على توحيد كلّ الأفراد من أيّة زاوية من زوايا المجتمع يمكن توحيدهم في القتال ضد الإضطهد و الظلم بهدف وضع نهاية لهذا النظام الذى يمثّل مصدرا لهذا الإضطهاد و هذا الظلم .
و بدلا من التذيّل للحمار الديمقراطي – بمحاولته الإبقاء على هذا النظام الوحشيّ و التعاطي مع الخطر الفاشيّ المتنامي بالتعويل على " السيرورات العاديّة " لهذا النظام و الجهود المشؤومة لمعالجة الإنقسامات التي تتعمّق يوميّا – يحتاج الناس إلى العمل من أجل الثورة التي نحتاجها بصفة ملحّة و التعاطي مع الخطر الفاشيّ كجزء من القيام بذلك .
و إليكم قطة هامة أخرى من " البيان و النداء " :
هذه الأيّام ثمّة الكثير من الحديث عن حرب أهليّة أخرى ، خاصة من لدن الفاشيّين ، في الحكومة و في المجتمع الأوسع ، الذين يعتقدون أنّه سيكون بوسعهم إنجاز لقد رأينا القوّة الكامنة لثورة تجلّت بقوّة فقط في الصائفة الفارطة حينما نهض معا ملايين الناس من كافة الأجناس و الأنواع الإجتماعيّة عبر البلاد بأكملها ، ضد الإضطهاد العنصريّ و إرتكاب الشرطة لجرائم القتل . و قد شاهدنا هذه القوّة الكامنة في الإحتجاجات الجماهيريّة للنساء ، في بلدان عبر العالم قاطبة ، الرافضات القبول بإهانتهنّ و دوس حقوقهنّ .وحيدة الجانب في حقّ الذين يكرهونهم بمن فيهم السود و غيرهم من ذوى البشرة السمراء و " المهاجرين غير القانونيّين " و النساء المغرورات " و الذين لا يقبلون بالعلاقات الجنسيّة و الجندريّة " التقليديّة و ب " الضوابط " " التقليديّة " . و هذا الوضع يحتاج أن نغيّره بحيث توجد جماهير شعبيّة مستعدّة لإلحاق الهزيمة بهؤلاء الفاشيّين و القيام بذلك كجزء من التخلص من كامل هذا النظام الذى ولّد و قام برعاية هؤلاء الفاشيّين ، إلى جانب الفظائع الأخى التي يرتكبها بلا توقّف .
ما نحتاج إليه هو " إعادة الإستقطاب من أجل الثورة " – جعل الثورة الحقيقيّة قوّة نشيطة و متنامية البأس متكوّنة من الآلاف ثمّ من الملايين من الناس المنتظمين للعمل من أجل و كسب المزيد و المزيد من الناس إلى هذه الثورة – مغيّرين راديكاليّا " الأرضيّة " التي عليها سيتمّ القتال في سبيل الثورة .
4- عاملين إنطلاقا من الساس العلمي و المقاربة الإستراتيجيّة للثورة المستندة إلى العلم و التي تطوّرت مع الشيوعيّة الجديدة، نحتاج إلى النضال بلا كلل لبناء قوى منظّمة لإنشاء أفضل الإمكانيّات ثمّ إنجاز الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة .
و مثلما تمّ التشديد على ذلك في " البيان و النداء " :
" و تنظيم الناس إلى صفوف الثورة يعنى بلوغ كافة أنواع الناس – ليس مجرّد الناس أين تحدث إحتجاجات و تمرّدات ضد الإضطهاد و الظلم و إنّما في كلّ زاوية من زوايا المجتمع – ناشرين الكلمة حول الثورة و مجمّعين الناس ( في الحياة الحقيقيّة و عبر الأنترنت ) للخوض في لماذا ثمّة ضرورة ثورة فعليّة ، و ماذا تعنيه مثل هذه الثورة ، و أيّ صنف من المجتمع تهدف إلى إرسائه . و هذا سيمكّن الناس الجدد بالنسبة إلى الثورة من أن يصبحوا هم أنفسهم منظِّمون من أجل الثورة و من إنتداب المزيد و المزيد من الناس للقيام بالشيء نفسه . "
و
" و على هذا الأساس ، و عبر الصفوف المتنامية للثورة و العمل معا كقوّة جبّارة متنامية ، سيكون ممكنا إجتذاب و تنظيم الأعداد الضروريّة و بناء القوّة الضروريّة لنكون في موقع القيام باللازم . "
مع نموّ القوى الثوريّة عدديّا و كقوّة منظّمة ، تتصدّى للسلطة ، و تغيّر الناس ، من اجل الثورة ، ستتمكّن من إجتثاب أعداد حتّى أكبر إلى صفوفها و تزداد تأثيرا في المجتمع ككلّ ، كاسبة المزيد من الناس من مختلف أقسام المجتمع و مغيّرة بطريقة أكثر إيجابيّة الأرضيّة لفضح الطبيعة الحقيقيّة لهذا النظام و ما المعني حقّا بالإنقسامات ضمن الطبقة الحاكمة ، و توضحّ أنّ مصالح الجماهير المضطهَدَة و الناس المحبّين للعدالة في كلّ مكان في تعارض مباشر و جوهريّ مع كامل هذا النظام.
و يمكن للقوى الثوريّة ، من خلال تأثير قوتّها المتنامية أن توجد وضعا حيث يصبح بشكل متصاعد من العسير على السلطات الحاكمة المنقسمة عميق الإنقسام ،أن تعوّل على مؤسّساتها للعنف المنظّم لتعمل بصفة موحّدة للإطاحة بالتمرّد الشرعيّ للناس ، و حيث كلّ حركة يقومون بها لسحق هذا التمرّد ستؤدّى إلى مزيد الغضب في صفوف الجماهير ، مع المزيد يلتحقون بصفوف الثورة . و تتمزّق أكثر المؤسّسات الحاكمة ذاتها بفعل الإنقسامات الداخليّة . و يمكن لقوّة هذه الثورة خاصة مع نموّها من الآلاف إلى الملايين أن تمارس تأثيرا كي ، في صلب هذه المؤسّسات المفاتيح من السلطة المنظّمة و العنف المنظّم لهذا النظام ، المزيد و المزيد من صفوفهم – العديد من الذين ينحدرون من أكثر المضطهَدين في المجتمع – يقع كسبهم ليتماثلوا مع و يرفضوا أن يكونوا جزءا من الهجوم الغاشم على و قمع الجماهير الشعبيّة التي تقاتل في سبيل وضع نهاية للظلم و الإضطهاد .
5- كلّ هذا سيوجد الظروف الأكثر مواتاة لإنجاز المقاربة الإستراتيجيّة التي تطوّرت للقتال من أجل ثورة فعليّة النضال الشامل من أجل السلطة في المجتمع ككلّ . ( و قد قُدّمت هذه الإستراتيجيا في بيان " بصدد إمكانية الثورة " ، وهي محلّلة أكثر في خطابى ، " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن نقوم بالثورة " وكذلك في مقال " ثورة حقيقيّة ، فرصة حقيقيّة للإنتصار ، مزيد تطوير إستراتيجيا الثورة " – و جميعها متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us )
خاتمة
ثمّة أساس لإغتنام فرصة نادرة للقيام بالثورة حتّى في بلد قويّ مثل هذا – يمكن أن توجد فرصة حقيقيّة للإنتصار – إذا وُجد ، ضمن أعداد متزايدة من الناس الذين لم يعودوا يقبلون بالحياة في ظلّ هذا القتل للبشر و النظام الخانق للأرواح ، الفهم المستند إلى العلم ، و التصميم و الجرأة على تحويل هذا إلى واقع .