التحريض الإرهابي -- يُنتِجُ دماراً في عقول الشباب --


عصام محمد جميل مروة
2021 / 8 / 12 - 16:16     

جريمة التحريض على فعل الإرهاب ليست بجديدة ولكنها تتمادى وتتغلغل مع تسارع الوقت والزمن ومن خلال سيطرة وهيمنة العقول المتحجرة في المجتمعات المتوالدة منذ (( آدم وحواء )) الى يومنا هذا الذي يبدو من خلاله معاودة التركيز في إدراج كافة اصحاب المصالح الدينية ولأغراض مشتركة في منح الإرهاب صيغة جديدة لتبوأ مراحل ومناصب منها الطليعية والطبيعية في اخذها زمام الأمور وإستغلالها السلطة امام مواقف ومصالح متأججة في الإرهاب والدوافع العامة والخاصة !؟.
لقد تم منذ ايام في الغرب الفرنسي إغتيال الكاهن الكاثوليكي " اوليفيه ميير " في بلدة سان لوران سور سير في نواحي مقاطعة لا فاندييه .
وكان القاتل ليس محترفاً وليس مسلماً !؟. بل من اللاجئين الأفارقة من دولة "رواندا " ، التي عانت الأمرين في التناحر والتقاتل العرقي الذي وصل الى ابواب مسدودة في حتمية التعايش المشترك ما بين القبائل المتحاربة منذ اواسط التسعينيات من القرن الماضي .
لكن القاتل " ايمانويل ابابيسنيغا " الذي تم التوافق عليه مع الكاهن سابقاً لكي يكون خادماً في الكنيسة مقابل حصولهِ على كامل حقوقهِ في الإقامة الدائمة.
لكن الرد السلبي كان عاملاً اساسياً في إقدامهِ على قتل الكاهن وإن لم تكن العملية وضعت بمثابة الإرهاب !؟. لكنها تتشابه مع سابقاتها منذ اعوام قصيرة في فرنسا .
في مناسبة الأعياد الميلادية لدى معظم البلدان الأوروبية والمسيحية تتزين الساحات والميادين والشوارع الرئيسية في العواصم والمدن التي تستعد لإستقبال مناسبات الإحتفالات بالأعياد كعرف تاريخي في الانارة والإضاءة للمصابيح مع رمزية ظهور" بابا نويل" او "سانتا كلارا" او "حامل الهدايا" الذي يحلم كل طفل في ملاقاتهِ ولو مرةً واحدة في العمر.
ما حصل يوم الثلاثاء الماضي عندما هاجم "شريف شيكات" الشارع الذي تتجمع به أعمدة الزينة للأعياد في مدينة "ستراسبورغ" الفرنسية حيث كانت مزار وملتقى معظم السكان الذين يستعدون الى شراء الهدايا في تلك المناسبة .
لكن في ما نتج عن العملية الإرهابية التي نفذها وحيداً الإرهابي"شريف شيكات" 29عاماً والمولود في نفس المدينة كان قد عزم على القيام في تنفيذ الهجوم، بعد ما فتح النار من مسدسهِ مما ادى الى مصرع اكثر من اربعة أشخاص وجرح العشرات من المارة الأبرياء طعناً ، إن الذين وقعوا تحت نيران العنصر الذي حسب ما صرح والد مطلق النار "عبد الكريم شيكات" انني اكثر من مرة قد صارحته في عدم الاتصال بتلك المجموعات من الإرهابيين الذين يُشكلون خطراً ليس على "النصارى" وحدهم بل على الاسلام في كافة إنتماءاتهم ومذاهبهم .لكنه في كل مرة كان يخرج من السجن اشعر بإنه اكثر غضباً من الخطرات السابقة ، وصولاً الى عزمه على تنفيذ تلك العملية يوم الثلاثاء الماضي .وكان دائماً يشتكي من قلة فرص العمل بالرغم من إيجاده اللغة الفرنسية التي تعلمها في المدارس التي دخلها طيلة فترة إقامة عائلته في ستراسبورغ. في سوابق كثيرة من التاريخ الذي عاشهُ شريف شيكات حسب التصريح الذي ادلى به وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير بعد مقتل الإرهابي المجرم ، اننا قررنا ان يكون تحت المراقبة الأمنية منذ اكثر من خمسة سنوات، وله عشرات القضايا في جرائم مختلفة منها (السرقة والمخدرات والإخلال بالامن) في مراحل طويلةً بعد اعتداءات باريس التى وصلت الى مراحل خطيرة وأدت الى زهق الأرواح البريئة لأكثر من "300" ضحية بعد نشر جريدة "ساتير ماغازين " الصور الكاريكاتورية المسيئة الى شخصية رجل الاسلام الاول "النبي محمد" منذ ذلك الزمن اصبحت فرنسا مهددة امنياً من قبل تلك الخلايا النائمة والمنتشرة ليس في باريس وحدها بل في معظم المدن الفرنسية التي تستضيف على اراضيها اكثر (من اربعة ملايين) من ابناء المغرب العربي "المغرب،الجزائر،تونس،"، وفِي بعض الدول الأوروبية المجاورة الى فرنسا حيث تتمركز جاليات مغاربية ضخمة في ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وبريطانيا وهولندا وإيطاليا ،ومن المعروف بإن الدول المذكورة آنفاً قد تعرضت الى عمليات مشابهة في نفس الزمن والوقت القصير بعد ظهور منظمة داعش ، حيث كان هناك سهولة التنقل للأفراد الذين يريدون المشاركة و التطوع والجهاد في الحروب المتنقلة التي تلعب منظمة داعش دوراً اساسيا في تسهيل المهمات للدخول الى مناطق الحروب على أراضي كل من العراق وسوريا وليبيا وصولاً الى تنفيذ عمليات تصفية للأقباط في مصر من قبل مجموعات اتية من الخارج حسب التحقيقات الأمنية . في المحصلة النهائية بعد نتائج التقارير التي افرجت عنها وزارة الداخلية الفرنسية التي تشيرُ الى وجود المنظمات الإرهابية والتي تسعي ان تقوم في اي وقت من الزمن ممكن ضرب اي مكان في فرنسا وغيرها ،لذلك يجب علينا ان نكون اكثر تأهباً وتيقظاً حتى الاستعداد الى مواجهة تلك الخلايا النائمة التي تعمل في "الظلام الدامس والدائم" نحو تعكير مسيرتنا وحركة وحرية حياتنا اليومية .لكن تقرير الأمن الفرنسي لم يخلو من الاتهام المباشر الى بعض الجهات السياسية في اوروبا وخصوصاً الذين يعملون تحت "شعارات اليسار " هم وحدهم الذين ينتقدون العداء الاوروبي الى إيقاف وتنظيم الهجرة، التي دخلت على المجتمع الفرنسي مؤخراً في جوانبها السلبية "والشعوبية" التي حققت نجاح تم مراقبته في صعود اليمين وتراجع اليسار في معظم دول اوروبا الغربية،
مع الادانة التامة من قبل كل الذين لا يروّن في مثل تلك الهجمات الإرهابية التي تدكُ مضاجع الأبرياء قبل المستهدفين، هذا اذا كان هناك من يتوافق مع هذه الأساليب الدنيئة والوضيعة من هذا التعبير الغير انساني.ان التحريض على عمليات غسل الادمغة سواء كانوا من امثال شريف شيكات او من أولئك الذين ينفذون بلا مراجعة او مسائلة لإرضاء الأسياد لأنهم يقدمون على انتاج نوعاً من الجهل والتخلف والعيش والاحساس بإن البشرية جمعاء تعود ليس الى عصور الظلامية فحسب بل الى ما دون الزمان والتاريخ ، مهما كان لونهم او عرقهم يبقون مجرمون خارجون عن الشعور بالإنسانية ولا بد من ملاحقتهم ومحاكمتهم مهما طال الإنتظار،
ما شاهدناه على كافة وسائل الاعلام من شجب وادانة ورفض لذلك الأسلوب التحريضي هو الذي نرتقى الى تحقيقه من اجل السير معاً لبناء مجتمعات مدنية وديموقراطية تؤمن بالعولمة وتترك حرية الخيار الديني لمن يريد وليس أرغاماً .

عصام محمد جميل مروة .