عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إفساد الحياة السياسية...


محمد الحنفي
2021 / 8 / 7 - 20:44     

إن محاصرة الفساد، وتتبع الفاسدين، ومنعهم من إنتاج الفسادـ في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والقيام بالواجب في حقهم، هي مهمة سلطوية بامتياز. أما المستهدفون بالفساد، فهم إما:

1) مقاومون للفساد، وبالتالي: فإنهم يصيرون مستهدفين بالانتقام، من قبل الفاسدين، وزبانيتهم، من الذين سوظفون من قبل الفاسدين، لمحاربة مقاومة الفساد، وجعلهم ينتجون الإرهاب، الذي يجعل مقاومي الفساد، يطأطؤون رؤوسهم أمام الفساد، خوفا من انتقام الفاسدين.

2) أو ضحايا الفساد، الذي يمارسه تجار الممنوعات، أو تجار الضمائر الانتخابية، أو المهربون، أو الفساد الإداري، في الإدارة الجماعية، أو في غير الإدارة الجماعية، من إدارات القطاع العام، أو القطاع الخاص، على حد سواء.

ولتناول موضوع: (عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي، تساهم في إفساد الحياة السياسية)، لا بد من العمل على تحديد موضوع الفساد.

وموضوع الفساد، الذي يهمنا هنا، هو الفساد الانتخابي.

وبعد تحديد موضوع الفساد المطروح في الميدان، بمناسبة قرب موعد الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، في نفس الوقت. ذلك، أن الفساد الانتخابي، هو المسيطر الآن في الميدان. والدليل، هو النشاط الذي يقوم به تجار الانتخابات، في كل قرية وفي كل مدينة وفي كل إقليم وفي كل جهة وعلى مستوى التراب الوطني.

فتجار الانتخابات، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات)، يفصحون:

أولا: عن واقع السلطات المحلية، والإقليمية، والجهوية الفاسدة.

ثانيا: عن طبيعة المرشحين، الذين يراهنون على الفساد السياسي، والفساد الانتخابي بالخصوص، والذين يراهنون، بالدرجة الأولى، على شراء ضمائر الناخبين، من تجار الضمائر الانتخابية.

ثالثا: على قيام تجار الضمائر الانتخابية، في تكريس الفساد الانتخابي / السياسي.

رابعا: عن فساد الدولة القائمة على تكريس الفساد، بأوجهه المختلفة.

خامسا: عن أن المستقبل، لا يمكن أن يكون إلا فاسدا، بسبب تصعيد الفاسدين، إلى مختلف المجالس الجماعية، وإلى البرلمان، بغرفتيه.

سادسا: عن أن الفساد هو القاسم المشترك، بين مختلف مكونات الدولة، بمؤسساتها المختلفة.

سابعا: أن استئصال الفساد من الواقع، يقتضي استئصال الفساد من أجهزة الدولة المختلفة، ومن الجماعات الترابية، قبل استئصاله من الواقع.

ثامنا: أن أصل الفساد، يكمن في:

1) نهب ثروات الشعب المغربي، التي أصبحت تعد بعشرات الملايير المنهوبة.

2) توزيع امتيازات الريع، يمينا، وشمالا، على عملاء الدولة المخزنية.

تراكم الثروات الهائلة، وبدون حدود معينة، لدى تجار الممنوعات، يمينا، وشمالا، مشرقا، ومغربا، شمالا، وجنوبا.

فما هي ضرورة محاربة الفساد الانتخابي؟

ولماذا لا تعمل السلطات المحلية، على استئصال الفسادالانتخابي؟

هل تهاب السلطات المحلية، تجار الضمائر الانتخابية؟

هل تخاف من تحريضهم لجماهير الناخبين، لحماية تجار ضمائر الناخبين؟


هل يترتب عن محاربة السلطات القائمة، لتجار ضمائر الناخبين، في إفساد العملية الانتخابية من أصلها؟

هل تخاف السلطات من الحرية، والنزاهة، التي يجب أن تكون مضمونة، في أي انتخابات مقررة، سواء كانت جماعية، أو برلمانية؟

فما العمل من أجل التخلص من الفساد الانتخابي، ومن فساد السلطة، ومن الفساد الإداري، والسياسي؟

هل يعمل الشعب على الوعي بمحاربة الفساد الانتخابي؟

هل يساهم في محاربة الفساد الانتخابي؟

هل يمتنع الناخبون عن ممارسة الفساد الانتخابي؟

هل يستطيعون صنع مغرب آخر، لا وجود فيه لأي شكل من أشكال الفساد الانتخابي؟

هل يمكنهم صنع مجالس جماعية، وإقليمية، وجهوية، مشرفة لهذا الوطن؟

هل يمكنهم، إيجاد برلمان في مستوى برلمانات البلدان المتقدمة، والمتطورة؟

أليس من حق المجتمع المغربي، أن يتمتع بحقه في الديمقراطية؟

أليس المغرب الذي يتمتع فيه الشعب بحقه في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، هو غير المغرب، الذي لا يتمتع في الشعب بأي حق؟

وبعد طرحنا لهذه الأسئلة، الممنهجة لعملنا، نستطيع القول:

1) بأن ضرورة محاربة الفساد الانتخابي، كجزء لا يتجزأ من الفساد السياسي، الذي يعرفه المغرب، والذي اشتهر به المغرب، على المستويين: الداخلي، والخارجي، على جميع المستويات: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، إلى جانب الفساد السياسي.

والمغرب، في أشد الحاجة إلى أن يسترجع مكانته الدولية، على مستوى محاربة الفساد، واستئصاله من جذوره: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل إعادة تربية المواطنين، على محاربة الفساد، مهما كان مصدره، بما في ذلك، ما يصطلح على تسميته بالفساد الانتخابي، والذي يؤدي إلى تغيير الخريطة السياسية، بفعل الاتجار في الضمائر المعروضة للبيع، وبفعل شراء تلك الضمائر، من قبل المرشحين الفاسدين، الذين يصيرون مسؤولين، في مختلف الجماعات الترابية، وأعضاء في إحدى غرفتي البرلمان، ليعيث، باسم المسؤولية الجماعية، أو البرلمانية، فسادا في المغرب، الذي يتحول إلى بلد فاسد، بحكومة فاسدة، ودولة فاسدة، ومؤسسات فاسدة، على جميع المستويات.

ومحاربة الفساد، في مستوياته المختلفة، تقتضي:
ا ـ العمل على إيجاد مغرب جديد، بمؤسسات، لا وجود فيها، لأي شكل من أشكال الفساد.

ب ـ إيجاد تمثيلية شعبية، وفئوية، لا علاقة لها بالفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، تحرص على خدمة مصالح الشعب.

ج ـ إيجاد سمعة طيبة للمغرب، على المستوى الدولي، بسبب وقوفه ضد كل أشكال الفساد، وعلى رأسها: الفساد الانتخابي.

د ـ إيجاد مؤسسات تمثيلية، قائمة على أساس محاربة الفساد، ولا وجود للفساد فيها، ولا يمكن أن يتسرب إليها الفساد.

ه ـ بناء مغرب نظيف، لا وجود فيه لأي شكل من أشكال الفساد، الذي يسيء إلى سمعته.

2) والسلطات المحلية، لا تعمل على استئصال الفساد الانتخابي، بالخصوص، لأن المسؤولين عن هذه السلطات، تمرسوا على الفساد، ولم يعودوا يذكرون: أن من مسؤوليتهم العمل على محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وخاصة الفساد الإداري، الذي يمارس تحت مسؤوليتهم، وبمعرفة جميع من يتعامل مع إدارة هذه السلطات، التي يظهر أنها لا ترغب، أبدا، في الحد من تأثير الفساد، بأنواعه المختلفة، عن الحياة العامة، والخاصة، لكل فرد من أفراد الشعب المغربي، مع أن الشعب المغربي، في سريرته، لا يتعاطى مع الفساد، ولا يعمل على انتشاره، ولكنه يلجأ إليه، لظروف خاصة: اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية.

وقد كان المفروض، أن تدرك السلطات المحلية ذلك، وتعمل على الحد من تأثير انتشار الفساد على المواطنين، سعيا إلى جعل المغرب، خاليا من كل أشكال الفساد، التي تسيء إلى سمعته.

3) ويجب على السلطات المحلية، ان لا تسمح بارتكاب الإجرام، الذي يسيء إساءة مزدوجة: إساءة للشعب المغربي من جهة، وإساءة إلى سمعة المغرب من جهة ثانية. ومن هذا المنطلق, فإن على السلطات المحلية المسؤولة، أن لا تسمح، أبدا، بالاتجار في ضمائر الناخبين، مما يجعلها توقف تجار الضمائر الانتخابية، عند حدهم، وتمنعهم من الاتجار في تلك الضمائر، وإخضاعهم للمراقبة اليومية، على مستوى العلاقات العامة، المباشرة، وعلى مستوى الهواتف، للتأكد من التزامهم بعدم الاتجار في ضمائر الناخبين، وإلا، فإن الأمر يقتضي اعتقالهم، وعرضهم على أنظار المحكمة، لتقول كلمتها فيهم، نظرا لما يرتكبونه من جرائم، في حق الشعب المغربي، أو في حق المغرب، الذي يشتهر بين الدول، بالسمعة السيئة، التي تسيء إليه، وتجعله غير قادر على مواجهة التردي، الذي يعرفه المغرب.

وإذا كانت هذه السلطات، لا تقوم بدورها، في محاصرة الاتجار في ضمائر الناخبين، فإنها تعتبر شريكة في ارتكاب الجرائم، في حق الشعب المغربي، وفي حق سمعة المغرب، على المستوى الخارجي، والمشارك في الجريمة، يستوجب قيام أعلى سلطة، بإعلان الإجراءات الضرورية، لمحاربة الاتجار في ضمائر الناخبين، في أفق أن تصير الانتخابات، بدون فساد انتخابي، من أجل إعطاء وجه جديد للشعب المغربي، وللدولة المغربية، على المستوى العالمي.

وانطلاقا مما سبق، فإن على السلطة المغربية، أن لا تهاب تجار الضمائر الانتخابية، وأن لا تهاب من يبيعون ضمائرهم، لتجار الضمائر الانتخابية، وأن لا تهاب من يشتري تلك الضمائر، من تجار الضمائر الانتخابية؛ لأنهم، جميعا، يساهمون في ارتكاب نفس الجريمة، التي يعتبرون شركاء فيها: بائع الضمير، والتاجر الوسيط، ومشتري الضمير.

ولا علاقة لارتكاب الجريمة المذكورة أعلاه، بالسياسة، لأن المرشح باسم هيأة سياسية ما، تخلى عن مهمته السياسية، التي تقتضي منه إقناع الناخبين ببرنامجه الانتخابي، وأخذ يساوم، من أجل شراء ضمائر الناخبين. والناخب تحول من باحث عن الاقتناع، إلى عارض لضميره في سوق النخاسة، من أجل بيعه ليشتريه الوسيط، الذي يعيد بيعه، لأي مرشح يرغب فيه. وما داموا: ثلاثتهم، مشاركين في جريمة الإساءة إلى الشعب المغربي، وإلى سمعة المغرب، على المستوى الدولي، فإن على السلطات المحلية، أن تقوم بالدور المنوط بها، تجاه من يبيع إلى تجار الضمائر الانتخابية، وتجاه هؤلاء التجار، وتجاه من يشتري ضمائر الناخبين، من أجل العمل على الحد من ظاهرة الاتجار في الضمائر الانتخابية.

4) والسلطات المحلية، عندما يتعلق الأمر بحماية حرية، ونزاهة الانتخابات، وحماية أصوات ناخبي الشعب المغربي، وحماية سمعة المغرب، على المستوى الدولي، يجب أن لا تخاف من تحريض تجار ضمائر الناخبين، لجماهير الناخبين، لحماية تجار ضمائر الناخبين.

فتجار ضمائر الناخبين، لا يمارسون عملا مشروعا، حتى يستغيثوا بجماهير الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، إن لم يكونا قد باعوها لتجار ضمائر الناخبين، ليعيدوا البيع فيها.

والعمل عندما يكون غير مشروع، يمكن التخلص منه بسهولة، وخاصة على المستوى الانتخابي، الذي يصير وسيلة للتخلص من تجار الانتخابات، الذين يضبطون، وهم يقومون بعملية السمسرة، كما تسميهم وزارة الداخلية.

وكل من لا يقوم بعمل مشروع، فإنه لا يستطيع الدفاع عن عمله، عن طريق الاستعانة بالجماهير التي يتاجرون في ضمائرها. فأقصى ما يمكن أن تفعله الجماهير المذكورة، هو تسلم قيمة ضمائرها، التي تم بيعها إلى تجار ضمائر الناخبين، وأقصى ما يمكن أن يفعله تجار ضمائر الناخبين، هو بيع هذه الضمائر إلى المرشحين، بثمن مخالف، للثمن الذي تسلمه الناخبون، من تجار ضمائر الناخبين.

وما يمكن قوله: في هذا الإطار، أن الإجرام يتجسد في:

ا ـ الناخب، الذي يعرض ضميره للبيع. والضمير، هو أغلى ما يملكه الإنسان، فإذا باعه، يصير بدون ضمير. والكائن البشري، عندما يبيع ضميره، يفقد إنسانيته. والإنسانية عندما تفقد قيمتها، تتبخر، وعندما تتبخر الإنسانية، يبقى الكائن البشري، ككائن حيواني، بدون قيمة تذكر.

ب ـ سمسار ضمائر الناخبين، كما سمته وزارة الداخلية المغربية، أو التاجر في ضمائر الناخبين، يمارس، هو بدوره، الإجرام المضاعف، بشراء ضمائر الناخبين من جهة، وإعادة بيعها للمرشحين من جهة أخرى، لتتحول الضمائر، التي تكسب حامليها قيمتهم الإنسانية، إلى مجرد بضاعة. وتلك هي الجريمة الكبرى، ليصير ما لا يباع معروضا في السوق للبيع، فكأننا نتاجر في البشر.

ج ـ المرشح المشتري لضمائر الناخبين، التي توصله إلى المؤسسات، التي يمارس فيها نهب ثروات الشعب المغربي، خاصة إذا تمكن من شراء ضمائر الناخبين الكبار، بدون واسطة، وبدون حاجة إلى سمسار في ضمائر الناخبين، أو إلى تاجر في تلك الضمائر.

فالناخبون الكبار، يشرعون مباشرة في استرجاع الأموال التي اشتروا بها ضمائر الناخبين، بعرض ضمائرهم للبيع، لمن يدفع أكثر، حتى يصبح مالكا لضيعة الجماعة، التي يتصرف فيها، كما يتصرف في ضيعته الخاصة، ليمارس النهب، بدون حدود، وليجعل تجهيزات الجماعة المختلفة، والعاملة في مختلف أقسامها، ومصالحها، رهن إشارته، وفي خدمته، ليتفرغ هو إلى ممارسة شيء واحد، وهذا الشيء: هو عملية النهب، بدون حدود، لكل الموارد الجماعية، أو البرلمانية، حتى تمتلئ مختلف الحسابات التي يفتحها، في مختلف الأبناك، والتي لا تمتلئ أبدا، سواء كانت في الداخل، أو في الخارج، والتي توظف في الحصول على العقارات، في الداخل، وفي الخارج، على حد سواء، حتى يعوض ما خسره في شراء الضمائر، من تجار ضمائر الناخبين.

وهكذا نجد، من خلال ما رأينا، أن الناخبين، وتجار ضمائر الناخبين، يبيعون ضمائر الناخبين، إلى المرشحين، ليصيروا أعضاء جماعيين، أو برلمانيين، كلهم شركاء في ارتكاب جريمة تسليع ضمائر الناخبين، التي لا تصير نشيطة، إلا مرة كل خمس سنوات، أو ست سنوات، لتصعيد الناهبين، إلى مختلف المسؤوليات الجماعية، أو البرلمانية، من أجل احتراف عملية النهب، التي لا تعرف حدودا معينة، يمكن الوقوف عندها، والتوقف من ممارسة المزيد من النهب.

5) ويترتب عن ممارسة السلطات القائمة، بعدم اعتبار تجارة ضمائر الناخبين، إفسادا للعملية الانتخابية، من أصلها، خاصة، وأن هذه العملية فاسدة، بالتجارة في ضمائر الناخبين، التي تباع في سوق النخاسة، والتي يعمل على ترويجها، تجار ضمائر الناخبين، الذين لا حول لهم، ولا قوة، والذين يعملون ليل نهار، على نشر الفساد الانتخابي، الذي يجعل المرشحين، لا يفكرون في إقناع الناخبين ببرامجهم، وبعملهم على خدمة الناخبين، في حالة فوزهم في الانتخابات، بقدر ما يتجهون، بأنظارهم، نحو تجار ضمائر الناخبين، لشراء ما هم في حاجة إليه، من أجل الفوز في الانتخابات، التي لا يمكن اعتبارها حرة، ونزيهة، كما حصل في أي انتخابات عرفها المغرب، منذ سنة 1962.

ذلك أن السلطات القائمة، ومنذ ذلك الوقت، دأبت على السماح بالتجارة، في ضمائر الناخبين. ومنذ ذلك الوقت، والناخبون يبيعون ضمائرهم، إلى تجار الضمائر الانتخابية، الذين تعودوا على التحصيل على دخل مهم، من ممارسة هذه التجارة، التي تضمن دخلا مهما، يكفيهم في العيش طيلة خمس، أو ست سنوات؛ لأنه، بوساطتهم تلك، يحصلون على نسبة مهمة، قد تصل إلى 50 في المائة، عن كل ضمير يبيعونه، ليحصلوا على المزيد من الثروات، التي لا تتناسب أبدا، مع نيل بائع الضمير، لقيمة معينة، من تاجر ضمائر الناخبين. والمرشح المشتري للضمائر، لا يستفيد من الأموال التي تبقى عند بائع الضمائر، بقدر ما يستفيد من القدر الذي يدفع للناخب، الذي باع ضميره.

وليس من حق الناخب، البائع لضميره، أن يطالب باسترجاع ضميره، كما ليس له الحق في محاسبة المشتري للضمير، عن تحمله المسؤولية الجماعية، أو البرلمانية، خاصة، وأن الناخب البائع لضميره، كونه:

ا ـ قد باع مستقبله، ومستقبل أبنائه، ومستقبل الجماعة التي ينتمي إليها، ومستقبل هذا الوطن.

ب ـ أن أي مصلحة، لم تعد تربط الناخب بجماعته، ولا يمثل تلك الجماعة ماديا، ومعنويا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى وإن كان من مواليد تلك الجماعة؛ لأنه لم يوظف ضميره في خدمة مصالح الجماعة، وخدمة مصالح الوطن.

ج ـ أن يبيع ضميره، يرتكب جريمة في حق الأجيال الصاعدة، وأن من يتاجر في ضمائر الناخبين، يرتكب كذلك جريمة، وأن من يشتري تلك الضمائر، من تجار ضمائر الناخبين، يكون، كذلك، قد ارتكب جريمة في حق الأجيال الصاعدة، ليصير بذلك المسلسل الانتخابي، هو مسلسل ارتكاب الجرائم، في حق الأجيال الصاعدة، بدون حدود.

6) والسؤال المطروح، في هذا الإطار، هو:

هل تخاف السلطة المحلية من الحرية، والنزاهة، التي يجب أن تكون مضمونة، في أي انتخابات مقررة، سواء كانت جماعية، أو برلمانية، أو مهنية، وفي إطار الغرف المختلفة؟

والسلطات، التي يجب أن تلتزم الحياد، عليها أن تكون في مستوى المهام الموكولة إليها، وأن لا تخاف من الحرية، والنزاهة، وأن تعمل على جعل الانتخابات المختلفة: الجماعية، أو البرلمانية، أو المهنية، أو في إطار الغرف المختلفة، حرة، ونزيهة، وأن لا تحشر أنفها في الأمور التي تهم الأحزاب، وأن تجسد الحياد، فيما بين الأحزاب، حتى لا تقع في حيص بيص.

فالحرية في الانتخابات، أي انتخابات، كيفما كان نوعها، لا يمكن أن تعني: إلا حرية الناخب، وهو في خلوة التصويت، في الاختيار الحر، والنزيه، دون تدخل أية جهة، كيفما كانت هذه الجهة، فالحكم الوحيد، الذي يخضع له الناخب، هو حكم الضمير، الذي لا يباع، ولا يشترى، بقدر ما يعمل على صناعة المصير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، على أساس التحرر، والاقتناع بالاختيار الحر، والنزيه.

وإذا كان الأمر، يقتضي منا العمل، على تحقيق النزاهة، إلى جانب الحرية، فإن النزاهة كذلك، لا يمكن أن تخفى؛ لأن عرقلة الاختيار الحر، غير ممكن من أية جهة كانت، وغير خاضع لأي توجيه كان، وبعيدا عن أن يكون مخالفا لقناعة الناخب، واختياره، حتى يكون الاختيار الحر نزيها، وحتى تصير الانتخابات حرة، ونزيهة.

وضمان الحرية، والنزاهة، هو من واجب السلطات القائمة، التي عليها أن تعمل على إزالة كافة المثبطات، التي تعرقل كون الحرية، والنزاهة، مضمونين للناخب، عندما يسير إلى خلوته، لممارسة اختياره الحر، والنزيه.

والسلطات القائمة، عندما تضمن الحرية، وتضمن النزاهة، تكون قد أوفت الانتخابات حقها، وعملت على وضع مستقبل البلاد كلها، بشمالها، وجنوبها، بشرقها، وغربها، سكة التقدم، والتطور، في جميع المحلات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أن يصير التقدم، والتطور، في جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أن يصير التقدم، والتطور، وفق متوالية هندسية.

ومعلوم، أن الانتخابات، عندما تكون حرة، وتكون نزيهة، لا بد أن تكون في خدمة الشعب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لا في خدمة طبقة معينة، وفي خدمة السلطة المخزنية، أو في خدمة نخبة معينة، كما هم قائم دائما، عندما تكون الانتخابات، أي انتخابات، غير حرة، وغير نزيهة.

والفرق بين الانتخابات الحرة، والنزيهة، وبين الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة:

ا ـ أن الانتخابات الحرة، والنزيهة، لا وجود للفساد الانتخابي فيها، وتصير في خدمة الشعب، وفي خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على جميع المستويات.

ب ـ أن الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، يتخللها الفساد الانتخابي، من بدايتها، إلى نهايتها، وتصير في خدمة الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية، وتلحق أضرارا كبيرة، بمصالح الشعب المختلفة، وبمصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

7) وللتخلص من الفساد الانتخابي، ومن فساد الساكنة، ومن الفساد الإداري، والسياسي، لا بد من القيام بحملة تحسيسية:

ا ـ في صفوف العاملين في الإدارة المغربية، وعن طريق وسائل الإعلام السمعية البصرية، وخاصة، في منتصف النهار،من أجل تذكيرهم بدور الفساد الإداري، الذي يجب تحديد أنواعه، المتعلقة بالإرشاء، والارتشاء، وبالوصولية، والانتهازية، والمحسوبية، والزبونية، في أفق جعل العاملين في الإدارة المغربية، يحترمون الحق، والقانون، ويحافظون على احترام الحق، والقانون.

ب ـ في صفوف العاملين في مختلف الجماعات الترابية، الذين ينتشر في صفوفهم، كل أنواع الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، نظرا لكونهم يحترفون العمل، في وظائف جماعية فاسدة، حتى يصير العاملون في مختلف الجماعات الترابية، ممسكين عن ممارسة كل أنواع الفساد، التي تقتضي ممارستها: العمل في إدارة الجماعات الترابية، من أجل أن تصير جماعاتنا، مجالا لتمتع سكان الجماعة، أو من ينتمي إليها، بالحق، والقانون.

ج ـ سكان الجماعات الترابية، الذين تربوا، في الأصل، وفي الفصل، على ممارسة الفساد، في العلاقة مع إدارات الدولة: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، وفي العلاقة مع الإدارة الجماعية، التي ينتمي إليها، في أفق: أن يصير سكان أي جماعة، محكومين بالتربية على الحق، والقانون، ولا يمارسون، في الواقع، إلا الحق، والقانون، ويعدون أجيالهم على ممارسة الحق، والقانون، الذي يصير وسيلة، وهدفا، في نفس الوقت.

د ـ جماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن يلتزموا بالحق، وبالقانون، في ممارستهم اليومية، وفي عملهم، وفي علاقاتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أملا في أن تتحول القاعدة الاجتماعية، المتكونة، أساسا، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، متمسكة بالحق، والقانون، ونابذة للفساد في صفوفها، وعاملة على تطهير المجتمع من الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ه ـ في صفوف الطلبة، والتلاميذ، من خلال العمل اليومي للأساتذة، والمعلمين، ومن خلال تنظيم عروض، وندوات، في مختلف المؤسسات التعليمية، والجامعية، تتوج بمهرجانات حول دور الفساد، بأنواعه المختلفة، بما فيه الفساد الانتخابي، في الانحطاط الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبأهمية محاربة كافة أشكال الفساد، بما فيها الفساد الانتخابي، من أجل النهوض الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن أجل الرفع من مكانة الشعب المغربي، ومن أجل رفع مكانة المغرب، على المستوى الدولي.

وبعد عملية التحسيس هذه، التي تستهدف كافة العاملين في الإدارة المغربية، والعاملين في الجماعات الترابية، وسكان مختلف الجماعات الترابية، وجماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتلاميذ، والطلبة، أملا في أن يصير الموقف من الفساد، بأشكاله المختلفة، هو الرفض المطلق. وبعد ذلك نرى:

ا ـ ضرورة توجيه، وتذكير، إلى ممارسي الفساد، من أجل أن يمسكوا عن ممارستهم له: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بما في ذلك الإمساك عن ممارسة الفساد الانتخابي.

ب ـ ضبط المتلبسين، بممارسة الفساد، أنى كان نوع الفساد الذي يمارسونه، وخاصة الفساد الانتخابي، وتقديمهم، في حالة تلبس، إلى المحاكمة، ليقول القضاء كلمته فيهم.

ج ـ إعداد قائمة، بأسماء، من أسمتهم وزارة الداخلية، بسماسرة الانتخابات، الذين يمارسون التجارة في ضمائر الناخبين، وعرضها على الجماهير الشعبية، المستهدفة بالانتخابات، حتى يتجنبوا التعامل معهم، باعتبارهم مجرمين في حق الشعب المغربي، وفي حق هذا الوطن المغربي، الذي يتلقى من الفاسدين: الصفعة، تلو الصفعة.

د ـ إعداد لائحة بأسماء المرشحن، الذين يشترون ضمائر الناخبين، بعد سحب ترشيحاتهم، وإشهارها، بواسطة وسائل الإعلام المعتمدة بالمغرب، وعرضهم أمام القضاء ليقول كلمته فيهم من أجل أن نتجنب، مستقبلا، تحويل مناسبة إجراء الانتخابات، إلى سوق للنخاسة، تباع، وتشترى فيه: ضمائر الناخبين، من أجل المرور إلى مراكز القرار: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي: المادي، والمعنوي، والذي يتم استغلاله، في أفق الوصول إلى نهب أكبر قدر ممكن، من ثروات الشعب المغربي، خاصة، وأننا أصبحنا نسمع: أن النهب، لم يعد يتم بالملايين، كما كان، بل أصبح يتم بعشرات الملايير، مما يدل على أن مستقبل الشعب المغربي، سيصبح تحت رحمة الناهبين، المجرمين في حق الشعب المغربي، وفي حق مستقبل الأجيال الصاعدة.

ه ـ وضع برنامج، لتتبع الناخبين، على المستوى المحلي، وعلى المستوى الوطني، لما يصير عليه المنتخبون، بعد وصولهم إلى الجماعات الترابية، المحلية، والإقليمية، والجهوية، وإلى البرلمان، بغرفتيه: غرفة مجلس النواب، وغرفة مجلس المستشارين، وتسجيل ما يرتكبونه من نهب للثروات، على حساب الشعب المغربي، الأمر الذي يترتب عنه: أن المنتخبين، الذين يصلون إلى مراكز القرار، من أجل النهب، يجب العمل على التخلص منهم.

فالتخلص من الفساد، إذن، هي مهمة الشعب المغربي، والذي يضع ترتيب التخلص من الفساد، هي السلطات الثلاث للدولة المغربية:

السلطة التشريعية، التي عليها أن تعد التشريعات الضرورية، التي تصير معتمدة من قبل السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.

السلطة التنفيذية، التي تعمل على تطبيق تلك التشريعات، من أجل محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وكل من وقف ضد تطبيق تلك التشريعات، يحال على القضاء، ليقول كلمته فيه، لتمسكه بشروط إنتاج الفساد، بما فيه الفساد الانتخابي.

السلطة القضائية، التي تناقش، عبر جلسات علنية، التهم الموجهة إلى المتمسكين بحالة الفساد، القائمة في المجتمع، رافضين الامتثال للتشريعات التي تم إعدادها، من قبل السلطة التشريعية، وإصدار الأحكام اللازمة، والتي على السلطة التنفيذية، الالتزام بتنفيذها في حق الناهبين.

ولكن الأهم، في كل ذلك، هو الالتزام، وهو امتلاك الشعب للوعي بخطورة الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما فيه الانتخابي، على مستقبله، ومستقبل أجياله.

والوعي بالفساد، هو الدافع الأساسي، للامتناع عن إنتاج الفساد، وممارسته، في مختلف الميادين، كما أنه، هو الدافع الأساسي، لمحاربة كل أشكال الفساد، في أفق إيجاد مغرب، بدون فساد، يجري فيه كل شيء، على أساس الحق، والقانون.

8) وعلى الشعب المغربي، أن يهتم بخطورة الفساد، على مستقبله، وعلى مستقبل أجياله، وأن يعمل انطلاقا من خطة معينة، في أفق استئصال الفساد، من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، أملا في جعل الواقع المغربي، خاليا من الفساد، مهما كان نوعه، بما في ذلك الفساد الانتخابي.

ولكن قبل العمل على استئصال الفساد، لا بد من الوعي به، ولا بد من انتشار الوعي به، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يصيرون حاملين للوعي، الذي يجعلهم يمتنعون عن ممارسته، في الحدود الدنيا، إن لم ينتقلوا إلى محاربته ميدانيا، لتعم محاربة الفساد، بصفة عامة، والفساد الانتخابي، بصفة خاصة، جميع فئات الشعب المغربي، المتضررة من الفساد، في مستوياته المختلفة، وسعيا إلى جعل الإنسان، لا يقوى على مواجهة الحياة، إلا إذا كانت هذه الحياة، خالية من الفساد، مهما كان نوع هذا الفساد.

والشعب المغربي، عندما يتخلص من الفساد، يتفرغ إلى البناء الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يخدم مصلحة الأجيال الصاعدة، التي لا تعرف إلى الفساد طريقا، سعي إلى جعل الحياة، بدون فساد، هي الحياة، الطبيعية، التي ينعم فيها الإنسان بالخيرات المادية، والمعنوية، التي لا علاقة لها بأي شكل من أشكال الفساد، التي لم تعد مقبولة، في واقع الشعب المغربي، ولم يعد الشعب المغربي، يتقبل، حتى السماع عنها، خاصة، وأن الفساد يعتبر من موانع التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

والشعب المغربي الذي مل من الفساد، صار يحرص على أن يكون الفضاء الذي يتحرك فيه، خاليا من كل أنواع الفساد، بما في ذلك: الفساد الانتخابي، الذي يقف وراء إنتاج أنواع الفساد الأخرى.

والتخلص من كل أشكال الفساد، هو الوسيلة المثلى، لإنضاج شروط التحول الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق مغرب متقدم، ومتطور، وديمقراطي، ومتحرر، وعادل.

ونحن، عندما نسعى إلى مغرب بدون فساد، فإننا نسعى، في نفس الوقت، إلى التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، التي لا فرق فيها بين إنسان، وإنسان آخر.

9) والشعب المغربي، عندما يمتلك الوعي بخطورة الفساد، على مختلف أشكاله، بما فيه الفساد الانتخابي، فإنه يلزم جميع أفراده، بالامتناع عن ممارسة أي شكل من أشكال الفساد المتعارف عليها، على أنها فساد اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي، وخاصة ما صار يعرف بالفساد الانتخابي، الذي يقود إلى إفساد أجهزة الدولة المختلفة، بما فيها أجهزة الجماعات الترابية، جهاز البرلمان، وغيره، خاصة: وأن كافة أشكال الفساد، ليس لها نفس الأثر، الذي يكون للفساد الانتخابي، الذي يؤثر على المسار التنموي، برمته، وعلى جميع المستويات، ومهما كانت الشروط.

فالامتناع عن ممارسة الفساد الانتخابي، هي مهمة الشعب المغربي، بامتياز، من الشمال، ومن الجنوب، ومن الشرق، ومن الغرب، وعلى جميع المستويات الشعبية، ولكن بعد امتلاك الوعي، بخطورة ممارسة الفساد الانتخابي، على الواقع الاقتصادي، وعلى الواقع الاجتماعي، وعلى الواقع الثقافي، وعلى الواقع السياسي؛ لأن الفساد الانتخابي، الذي تعتبر أدلجة الدين الإسلامي، جزءا لا يتجزأ منه، يصير منتجا، كذلك، للتأثير على الواقع، في تجلياته المختلفة، أملا في الوصول إلى التخلص من الفساد الانتخابي، بالخصوص، من منطلق: أنه يقف وراء إنتاج أشكال الفساد الأخرى.

والتخلص من الفساد الانتخابي، يقود إلى:

ا ـ التخلص من التفكير في بيع الضمائر الانتخابية، مما يجعل عارضي ضمائرهم للبيع، يختفون من السوق، ويتحول كل مغربي، إلى الدفاع عن ضميره، الذي لا يستخدمه إلا في الاختيار الحر، والنزيه.

ب ـ التخلص من توظيف الدين، المؤدلج لتضليل الناس، من أجل الوصول إلى مراكز القرار الجماعي، أو البرلماني، باسم الدين الإسلامي.

ج ـ التخلص من سماسرة الانتخابات، كما سمتهم وزارة الداخلية، أو تجار الضمائر الانتخابية، كما نسميهم نحن، في هذه المقالة، وسماسرة أدلجة الدين الإسلامي، مما يجعل مجال الانتخابات، خاليا من سماسرة الانتخابات، أو من تجار الضمائر الانتخابية، ومن سماسرة أدلجة الدين الإسلامي، الذين يبيعون الوهم، التي يحل محلها جميعا الدعاية للبرنامج الانتخابي، الذي يتعاطى معه الناخبون، انطلاقا مما يستفيدون منه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وغير ذلك، مما تحرص الجماهير الشعبية على تحقيقه، في أفق التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

د ـ اختفاء تفكير المرشحين، في شراء الضمائر الانتخابية، تبعا لاختفاء عارضي ضمائرهم للبيع، ولاختفاء السماسرة، أو التجار في ضمائر الناخبين. وهو ما يترتب عنه: اختفاء ترشيح، أو قبول ترشيح الفاسدين، من ذوي الماضي الأسود، الذين يعتمدون على كثرة عارضي ضمائرهم للبيع، وعلى كثرة سماسرة الضمائر الانتخابية، أو المتاجرين فيها.

وعندما يختفي ترشيح الفاسدين، أو قبول ترشيحهم، فإن ذلك معناه: أن مآل الانتخابات: أن تكون حرة، ونزيهة.

والانتخابات، عندما تصير حرة، ونزيهة، تصير ديمقراطية.

والانتخابات الديمقراطية، تعتبر هدفا أسمى. والهدف الأسمى، يقتضي اعتماد الديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، كما يقتضي أن تكون الديمقراطية بمضامين اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، حتى يصير مفهوم الديمقراطية، شاملا لكل المضامين، التي تعطي للديمقراطية مدلول التحرير، ومدلول العدالة الاجتماعية.

10) ونحن، كشعب مغربي، نكون قد تقدمنا إلى الأمام، من منطلق امتناع ناخبينا، جملة، وتفصيلا، عن بيع ضمائرهم؛ لأن ذلك معناه:

ا ـ أن الناخبين، أصبحوا يحملون وعيا متقدما، ومتطورا، يحول دون مساهمتهم في بيع ضمائرهم، ما دام ذلك فيه إساءة إلى الشعب، وإلى الوطن ككل.

ب ـ إنهم أصبحوا يمتنعون عن التحول، إلى مجرد حيوانات، تعرض للسمسرة، أو للبيع، في سوق النخاسة، ليزايد عليه المرشحون الفاسدون، وعلى يد سماسرة، أو تجار الضمائر الانتخابية، الذين يعتبر وجودهم، في حد ذاته، إساءة إلى الشعب المغربي، وإساءة إلى المغرب، كوطن للشعب المغربي.

ج ـ إنهم صاروا يدركون خطورة التلاعب، بمصالح المغرب، الذي تبين أنه أصبح مملوكا للفاسدين، الناهبين لثروات الشعب المغربي، بعد أن وصلوا إلى مراكز القرار، عن طريق شراء الضمائر الانتخابية، من سماسرة الانتخابات، أو من تجار الضمائر الانتخابية.

د ـ إدراكهم: أن الوقت، قد حان، لإيقاف الفاسدين، الناهبين لثروات الشعب المغربي، منذ وجودهم، والامتناع عن بيع الضمائر لهم، وحتى لا يجد سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وينقرض البيع، والشراء، في مجال الضمائر الانتخابية.

ه ـ تخليص المجتمع، من الفساد المترتب عن وجود قاعدة عريضة، من عارضي ضمائرهم للبيع، وعن وجود سماسرة الضمائر الانتخابية، أو المتاجرين فيها، وعن وجود المرشحين الفاسدين، الناهبين لثروات الشعب المغربي، والعاملين على شراء ضمائر الناخبين، من أجل العودة إلى النهب، الذي لم يعد مقبولا منهم؛ لأنه آن الأوان، لوضع حد للمرشحين الفاسدين، الذين يعرف الشعب، جيدا، المكان الذي يليق بهم، عقابا لهم على ممارستهم، لنهب ثروات الشعب المغربي، الذي يعتبر بمثابة انتهاك للمقدس.

11) امتناع الناخبين، عن عرض ضمائرهم للبيع، يعتبر مساهمة في تطهير صناديق الاقتراع من الفساد الانتخابي، الذي لا يمكن أن يخلص الشعب منه، إلا الناخبون، الذين يصيرون ممتلكين للوعي، بخطورة الفساد الانتخابي، على القطاع الاقتصادي، وعلى القطاع الاجتماعي، وعلى القطاع الثقافي، وعلى القطاع السياسي؛ لأن جل القطاعات المختلفة، تتأثر بالفساد الانتخابي، نظرا لكون الانتخابات الحرة، والنزيهة، لا تكون إلا خالية من الفساد. أما الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، وبتوجه مخزني، من السلطات المخزنية، القائمة، التي لا تستحيي لا من الله، الذي يعلم السر وأخفى، ولا من الشعب، الذي لا ينسى أبدا، ما قام به الحكم المخزني القائم، في حق أبنائه.

فكل الدلائل، والحجج، والبراهين، تثبت أن الحكم المخزني، بأجهزته المختلفة، هو صاحب الكلمة الأولى، والأخيرة، فيما يجري في هذا الوطن، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. فللحكم المخزني: الأمر، والنهي. والمؤسسلت القائمة، هي مجرد مؤسسات للواجهة، ولا اعتبار لها، من وجهة نظر السلطة المخزنية، التي تتحكم في السلطة التنفيذية، التي توجه السلطة التشريعية، والسلطة القضائية. والقوانين التي تصدرها المؤسسة التشريعية، لا عبرة بها؛ لأن المؤسسة التشريعية، ناجمة عن انتخابات غير حرة، وغير نزيهة، ولا يمكن أن تصدر عنها، إلا التشريعات التي تسبقها تعليمات المؤسسة المخزنية؛ لأنه عندما تتعارض القوانين مع التعليمات، فمؤسستنا القضائية، تعطي الأولوية للتعليمات، والقضاة الذين يعطون الأولوية للقانون، يكافأون بالانتقام منهم، ويعاد النظر في الأحكام التي أصدروها، في حق الماثلين أمامهم، خاصة، وأن القضاء نفسه، تسرب إليه الفساد، بشكل، أو بآخر.

ولذلك، فمؤسستنا التشريعية، تقام على أساس انتشار الفساد الانتخابي، والسلطة التنفيذية من ألفها إلى يائها ـ كما يقولون ـ وفي مستوياتها المختلفة، يعم فيما بينها الفساد. والسلطة القضائية، تخضع لتعليمات السلطة التنفيذية الفاسدة، مما يدل على أنها، هي أيضا، فاسدة. والفساد، لا يمكن أن ينتج إلا الفساد؛ لأن كل الأحكام التي تصدر عن قضائنا المغربي، تشتم منها رائحة فساد الرشوة، أو فساد التعليمات، ولا تنتظر، أبدا، أن يصدر عن القضاء حكم، محكوم بمنطق القانون، حتى وإن كان، هذا القانون، صادرا عن المؤسسة التشريعية، القائمة على أساس انتشار الفساد الاجتماعي، فلا مكان له أمام التعليمات، التي على القاضي أن يعمل على تكييفها قانونيا، لإبراز، أن كلمة القضاء، كلمة قانونية، وليست من التعليمات، كما هو واقع، في الحالات العادية، وفي الحالات الاستثنائية.

والناخبون، عندما يمتنعون عن بيع ضمائرهم، يعون، جيدا، خطورة الفساد، في أوجهه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويصرون على أن تذهب أصواتهم إلى الجهات التي تستحقها، والتي يعون، جيدا، من هي.

وما العمل من أجل أن تصل إلى مراكز القرار؟

حتى يستفيد الشعب من خدماتها، بما في ذلك، سكان الجماعات الترابية، التي تنهب، جملة، وتفصيلا، من قبل المسؤولين الجماعيين، الذين وصلوا إلى مراكز القرار، اعتمادا على انتشار الفساد الانتخابي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

12) والناخبون، عندما يمتلكون الوعي بخطورة الفساد، يستطيعون الامتناع عن القيام بإنتاج الفساد، ويوظفون أصواتهم في الاتجاه الصحيح، من أجل تمكين غير الفاسدين، من الوصول إلى مراكز القرار الجماعي، أو الوطني، من أجل خدمة الشعب المغربي، من قبل أبنائه، الذين يحاربون كل مظاهر الفساد، بما فيه مظهر الفساد الانتخابي.

فامتلاك الوعي بخطورة الفساد، بصفة عامة، والفساد الانتخابي، بصفة خاصة، يعتبر شرطا للقطع مع الفساد، جملة، وتفصيلا، سواء كان هذا الفساد اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو سياسيا، أو إداريا، وغير ذلك؛ لأن القطع مع الفساد، هو البوابة التي ندخل منها، إلى التنمية الهادفة، إلى التحرر من التبعية، ومن خدمة الدين الخارجي.

والتحرر بمفهومه الشامل، يستلزم العمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يمكننا، في نفس الوقت، من تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على أساس العدل بين الناس: في الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة.

والأمل الذي يتحقق بالعدل بين الناس، أو بين جميع أفراد المجتمع، هو السيادة على النفس الشعبية، التي تعتبر مصدر السلطات، التي توكل إلى من يتم انتخابهم، في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، حتى يسعوا إلى المحافظة على مصالح الشعب، والعمل على تنمية تلك المصالح، تنمية شاملة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لتأكيد سيادة الشعب على نفسه، ولجعل تلك السيادة: ترقى إلى مستوى الإنسان، على مستوى الاختيار الحر، والنزيه.

فالاختيار الحر، للعضوية الجماعية الترابية، الذي لا يحضر فيه إلا الاقتناع ببرنامج معين، يستجيب لإرادة الشعب، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد. أما النزاهة: فلا تتحقق: إلا إذا كان ذلك الاختيار غير قائم، على توجيه معين، أو على تعاقد معين، أو على بيع الضمير، لمرشح معين؛ لأن كل ذلك، يفسد النزاهة. وعلى الناخب أن يختار، ما يجعله منزها عن التوجيه، وعن التعاقد، وعن بيع الضمير.

ذلك، أن النزاهة في الانتخابات، بالخصوص، تعتبر صعبة التحقق، وصعبة المنال، في نفس الوقت؛ لأن شرط النزاهة، صعب التوفر، خاصة، وأن النزاهة، لا تتحقق إلا بالعمل المسؤول، والخالي من كل الشبهات، التي تسيء إلى أن ننساق اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وإساءة تلك الشبهات، هي، أيضا، إساءة إلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى مكانة الدولة، بين مختلف الدول. الأمر الذي يترتب عنه: أن الحرص على النزاهة، هو حرص على عدم الإساءة إلى الإنسان، وإلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى سمعة الدولة، بين الدول المختلفة، التي تتباهى باحترامها لحرية، ونزاهة الانتخابات.

13) والغاية من الانتخابات الحرة، والنزيهة، إيجاد مجالس جماعية، وإقليمية، وجهوية، وبرلمانية، مشرفة لهذا الوطن؛ لأن شرف المجالس المختلفة، شرف لهذا الوطن، وشرف هذا الوطن، من شرف المجالس، وشرف المجالس، من شرف الشعب، وشرف الشعب، من شرف الناخب، الذي يحرص على حرية، وعلى نزاهة الانتخابات، التي لا تعرف أي شكل، من أشكال الفساد، مهما كان، وكيفما كان. ونظرا لأن الانتخابات الحرة، والنزيهة، خالية من كل أشكال الفساد؛ لأن حرص الشعب، وحرص الناخب، على حرية، وعلى نزاهة الانتخابات، هو التعبير الحي، على تحمل المسؤولية الشعبية، في أن تكون الانتخابات حرة، ونزيهة، وهو ما يعني: أن سيادة الشعب على نفسه، هي المدخل: لجعل الشعب يتحمل مسؤوليته، في جعل الانتخابات حرة، ونزيهة.

أما إذا لم يكن الشعب سيد نفسه، فإنه يفعل أي شيء، يخطر بالبال، إلا أن يكون حرا، ونزيها، يحرص على أن تكون الانتخابات حرة، ونزيهة؛ لأنه ليس سيد نفسه.

والسيادة على النفس: تقتضي أن تكون الكلمة للشعب، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وما دامت الكلمة ليست للشعب، فإننا نجد:

ا ـ أن سماسرة الانتخابات، أو التجار في ضمائر الناخبين، يسيطرون على المجال الانتخابي، في المدن، وفي الأقاليم، وفي كل مناحي الحياة، التي تتاثر بأوامر سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وتنتهي بنواهيهم؛ لأنهم، هم المعنيون بالتصويت، وبالاختيار؛ ولكن، بناء على الذي يختار المشتري ضميره، بقدر أكبر. فلا مجال لأن يصوت على شخص، لم يدفع له أي شيء، حتى وإن كان ذلك الشخص المرشح، هو الذي يخدم المصالح: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يتعطش الشعب المغربي، إلى تصعيد من يخدم مصالحه، إلى المسؤولية المنتخبة، جملة، وتفصيلا.

ب ـ أن قيام السلطات المسؤولة، بإعطاء التوجيه للناخبين، من أجل التصويت على فلان، أو علان، الذي يخدم مصالح السلطة المخزنية، والسلطة الطبقية الحاكمة، وحماية مصالح مختلف العملاء، التي لا يمكن أن تحمى، هكذا، بدون التصويت. وهذا التوجيه السلطوي، في أي انتخابات، لا وجود فيها لا للحرية، ولا للنزاهة.

ج ـ الحرص على ترشيح ذوي الماضي الأسود، نظرا لدورهم في إفساد الحياة السياسية، بما فيها الفساد الانتخابي، الذي يصعب شيوعه في المجتمع، ما لم يكن هناك فاسدون، يتقنوت عملية إفساد الانتخابات: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى يصير فسادها مسيئا للمجتمع، وللشعب، وللوطن، وللدولة المغربية، على المستوى الدولي.

د ـ الحرص على تغييب المراجع الانتخابية، التي يحل محلها، الاتجار في ضمائر الناخبين، والتوجيه السلطوي للناخبين، ووجود مرشحين من ذوي الماضي الأسود، حتى ترتبط انتخابات الحاضر، بانتخابات الماضي، على مستوى إعادة إنتاج الفساد الانتخابي؛ لأن شروط إنتاجه، لا زالت قائمة. وبالتالي: فإن الفساد الانتخابي، يبقى متمكنا من الواقع، ما دام معتمدا من قبل السلطات المخزنية، التي تسمح به، ومن قبل الأحزاب السياسية، التي تزكي الفاسدين، الذين يمدونها بالأموال الطائلة، ومن قبل المرشحين الفاسدين، ومن قبل سماسرة الانتخابات، أو التجار في ضمائر الناخبين، ومن قبل الناخبين، الذين يبيعون ضمائرهم.

فمن يتحمل مسؤولية الاستمرار في إنتاج الفساد الانتخابي؟

من خلال ما رأينا في الفترات السابقة، نجد أن المسؤول الأول عن الاستمرار في إنتاج الفساد الانتخابي:

ا ـ الدولة المخزنية، بالدرجة الأولى، لأن هذا الفساد، يخدم مصالحها بالدرجة الأولى: مصالح الدولة المخزنية على جميع المستويات، وخاصة المستوى السياسي / الانتخابي.

ب ـ السلطة المخزنية المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، التي لا تحرك ساكنا، تجاه إنتاج الفساد، وتجاه الفاسدين، وتجاه سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات).

ج ـ الأحزاب السياسية، التي تزكي ترشيح الفاسدين، الذين تعلم مسبقا: أنهم فاسدون، وكأن هذه الأحزاب، تراهن على شراء ضمائر الناخبين.

د ـ المرشحون الفاسدون، الذين لا يعولون، لا على حرية الانتخابات، ونزاهتها، ولا على البرنامج الانتخابي، خاصة، وأن علاقتهم بسماسرة الانتخابات، أو بتجار ضمائر الناخبين، تقتضي منهم: إرضاءهم بالمزيد من العطاء، وبالمزيد من شراء الضمائر، وبالتالي: فإن المستفيد من شراء ضمائر الناخبين، لا بد أن يحصل على التصعيد، ليصبح الفاسدون أعضاء في أي مجلس جماعي، أو في البرلمان.

ه ـ تجار ضمائر الناخبين، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات)، والذين يقومون بدور رئيسي، في بيع أحياء بكاملها، أو دواوير، أو قبائل، أو غير ذلك، ليجني من تجار ضمائر الناخبين، في بضعة أيام، ما لم يستطع جنيه، خلال العمر كله.

والناخبون، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، والذين تتوطد علاقتهم بسماسرة الانتخابات، الذين يربطون العلاقة بالناخبين، وبالمرشحين، في نفس الوقت، لندرك: أن كل من له علاقة بالانتخابات الفاسدة، أصلا، فاسد. وهذه المسؤولية، تقتضي ضرورة الوعي بها، وانعكاس فساد الانتخابات، على مستقبل المغرب.

13) والناخبون، الذين لا يستطيعون تحصين أنفسهم ضد الفساد الانتخابي، ولا يستطيعون تحقيق حرية، ونزاهة الانتخابات الجماعية، فإن هؤلاء لا يستطيعون، كذلك، إيجاد برلمان يرقى إلى مستوى برلمانات البلدان المتقدمة، والمتطورة، نظرا؛ لأن تلك البلدان المتقدمة، والمتطورة:

ا ـ لا تسمح باعتماد الفساد الانتخابي، الذي يعتبر منطلقا، عندنا، لإيجاد مؤسسات جماعية، أو برلمانية فاسدة، لا يبحث أعضاؤها إلا عن مصالحهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا تهمهم مصلحة الشعب في شيء.

ب ـ أن الناخبين في البلدان المتقدمة، لا يعرضون ضمائرهم على رصيف الانتخابات، من أجل بيعها، كما هو الشأن بالنسبة إلينا، حيث نجد: أن الناخبين يحددون إلى من يبيعون مسبقا، ليشتريها منهم سماسرة، أو تجار الانتخابات، الذين يتاجرون في ضمائر الناخبين، وليعيدوا بيعها للمرشحين، بالثمن الذي يريدون، ولا يبيعونها إلا للمرشح، الذي يعتمد على شراء ضمائر الناخبين.

ج ـ المرشحون عندهم، لا يعولون على شراء ضمائر الناخبين، بقدر ما يعولون على الدعاية لبرنامجهم الانتخابي، وصولا إلى أن تصير الانتخابات حرة، ونزيهة، على خلاف ما نحن عليه، حيث لا يعول المرشحون إلا على شراء ضمائر الناخبين، وبالثمن الذي يحدده سماسرة، أو تجار الانتخابات، لكل ضمير من ضمائر الناخبين، من أجل الوصول إلى مراكز القرار، لممارسة النهب المضاعف، ولخدمة المصالح الخاصة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

د ـ انعدام المتاجرين في ضمائر الناخبين، على خلاف ما عندنا، نحن، حيث نجد أن سماسرة الانتخابات، أو المتاجرين في ضمائر الناخبين، الذين تجب معرفتهم، بدقة، وإخضاعهم للمراقبة الدقيقة، ورصد علاقتهم بالناخبين، وبالأحزاب السياسية، أو بالمرشحين، وبالناخبين على حد سواء، والعمل على محاصرتهم، ومنعهم من التجارة في ضمائر الناخبين، وإن أصروا، يتم إيقافهم من قبل الشرطة القضائية، والتحقيق معهم، وعرضهم أمام المحكمة، ليقول القضاء كلمته فيهم، حتى يرتدعوا، ويتخلوا عن التجارة في ضمائر الناخبين، التي تعتبر إساءة إلى الناخبين، وإلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى الدولة المغربية، التي تسوء سمعتها على المستوى الدولي، والتي يجب التخلي عنها، بصفة نهائية، أملا في إعادة تربية الناخبين، على التعبير عن رأيهم، بواسطة صناديق الاقتراع، وعلى الاختيار الحر، والنزيه، لمن يمثله أمام الهيئات الجماعية، والبرلمانية، سواء كان أغلبية، أو معارضة.

وهؤلاء المتاجرون، في ضمائر الناخبين، لا وجود لهم في البلدان الديمقراطية؛ لأنه لا يوجد عندهم من يفكر في بيع ضميره، كما لا يوجد عندهم سماسرة الانتخابات، أو من يفكر في شراء ضمائر الناخبين. ومن الطبيعي، جدا، أن لا يوجد عندهم سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، الذين يقومون بدور الوسيط، بين الناخب، والمرشح. وما يوجد عندهم فعلا، هو:

ا ـ وعي الناخب المتقدم، والمتطور، والذي يمتلك الوعي بالحرص على التعبير عنه، بالاختيار الحر، والنزيه، لمن يمثله في المؤسسة الجماعية، أو البرلمانية، بخلاف ما عندنا، نحن، الذين لا يوجد عندنا إلا ناخب، يفتقر إلى الوعي المتقدم، والمتطور، الذي حل محله الوعي المتخلف، الذي لا يرى في الانتخابات، إلا وسيلة للتجارة في ضمائر الناخبين، وفي قيمة كل ضمير، وما ذا يستفيد كل بائع ضميره، لو باع ضمائر التاخبين من الأسرة، ومن العائلة. الأمر الذي يترتب عنه: أن الناخب في بلادنا متخلف، ويحرص على أن يبقى متخلفا، ويغرق جماعته، أو وطنه في التخلف، إلى ما لا نهاية؛ لأنه بممارسته للفساد الانتخابي، يغرق الوطن في التخلف.

ب ـ وعي المرشح، بأهمية، ودور البرنامج الانتخابي، في جعل الناخب ينساق وراء الاقتناع ببرنامج مرشح معين، فيختار التصويت عليه، في الانتخابات، التي لا تكون إلا حرة، ونزيهة، بخلاف ما عندنا، فإن المرشح لا برنامج له، وحتى إذا كان لحزبه برنامج معين، فإنه لا يعول عليه، بقدر ما يعول على شراء ضمائر الناخبين، مستعينا، في ذلك، بمن سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات)، أو تجار الضمائر الانتخابية ،كما نسميهم، نحن، من أجل أن يحظى بالفوز، ليصل إلى مراكز القرار بعد ذلك، لممارسة النهب، الذي يستهدف ثروات الشعب المغربي، وليحصل على المزيد من الامتيازات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تمكن من مراكمة الثروات الهائلة.

وهكذا، نجد أن المجالس عندهم: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، لا وجود فيها للفساد الانتخابي، في الوقت الذي لا وجود عندنا لشيء اسمه الحرية، والنزاهة في الانتخابات؛ لأن الفساد الانتخابي، كما أسميه، شخصيا، الذي يعتمده الناخبون، والمرشحون، وسماسرة، وتجار الانتخابات، على حد سواء، أعدم مفهوم الحرية، والنزاهة، في الانتخابات، وجعل منها مجرد انتخابات، تقوم على أساس الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يساهم فيه سماسرة، أو تجار الانتخابات، بشكل كبير، ولا يمكن التخلص منه، إلا بالقيام بثورة انتخابية، تحرق الأخضر، واليابس، من أجل استئصال الفساد الانتخابي، من جذوره، حتى يتم إعادة النظر، في الأساليب التي تتبع في أي انتخابات، يعرفها هذا الشعب، الذي تصبح قيمته فيما يساويه ناخبه، عن طريق سماسرة، أو تجار الانتخابات.

وهذا الوطن، الذي ترتبط سمعته بطبيعة الانتخابات، التي تجري فيه، وبطبيعة المؤسسات المنتخبة، التي لا يمكن اعتبارها منتخبة، في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، والتي لا يفكر أعضاؤها إلا في مصلحتهم، ولا يفكرون، أبدا، لا في مصالح العمال، ولا في مصالح باقي الأجراء، ولا في مصالح سائر الكادحين، الذين يتم شراء ضمائرهم، خاصة، وأن من يشتري الضمائر، يمكنه أن يجعل أي شيء لمصلحته الخاصة، على حساب الشعب، وعلى حساب الوطن. أما من باع الضمير، يكون قد باع المستقبل، فلا يحق له أن يطرح السؤال:

لماذا نتأخر؟

19) ومن حق الشعب المغربي، أن يتمتع بحقه في الديمقراطية. إلا أن العقلية القائمة عند الناخب، وعند تجار الانتخابات، وعند المرشحين، تقبر الإرادة الشعبية، في تحقيق الديمقراطية. فجميع المنظمات الجماهيرية: الجمعوية، والنقابية، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، التي تتغلغل في صفوف الشعب المغربي. تعمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمطالبة بالديمقراطية، بمضامينها المذكورة، لا يعني إلا أن هذه المنظمات الجماهيرية، والأحزاب السياسية، تفضل عدم اللجوء إلى العنف المادي، أو المعنوي، في انتزاع هذا الحق، الذي يتم تقديمه بصورته المشبوهة، التي التي يسمونها بالانتخابات، التي يتم فيها عرض ضمائر الناخبين للبيع، إما مباشرة، أو بواسطة تجار ضمائر الناخبين، الذين يسمون بسماسرة الانتخابات.

فالديمقراطية، إما أن تكون، أو لا تكون.

والديمقراطية، لا يمكن أن تكون إلا بمضمون اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، يسري بين المواطنين، على مدار الساعة، وعلى مدى أيام السنين، والعقد، وعلى مدى عمر الإنسان. وهي تقتضي: أن الدولة تعمل، بناء على القوانين المتلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى يتمتع كل فرد من الشعب بحقوقه: في الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة، حتى يعتبر مواطنا حقيقيا، مادام قد ولد على تربة أرض هذا الوطن.

إلا أن المسؤولين عن هذا الوطن، أمام العالم، وتاريخيا، يعتبرون أن مفهوم الديمقراطية، لا يتجاوز أن يكون إلا مجرد انتخابات. والانتخابات، كما تخطط لها وزارة الداخلية، يفترض فيها وجود:

ا ـ جماهير الناخبين، الذين يتم تسجيلهم ضمن لوائح الانتخابات، الذين يصبح لهم صوت مؤثر: على المستوى المحلي، وعلى المستوى الوطني. وبما أن جماهير الناخبين، في معظمها، لا تحمل أي شكل من أشكال الوعي، وبما أنهم ينتمون، في غالبيتهم، إلى المسحوقين في هذا الوطن، فإن إمكانية إغرائهم ببيع ضمائرهم، في أي انتخابات، ليست حرة، وليست نزيهة.

ب ـ المرشحين الذين لا يعولون على على تأثير البرنامج الانتخابي، الذي يتقدمون به للجماهير، والذين يحرصون، كل الحرص، على شراء ضمائر الناخبين، من أجل الوصول إلى مراكز القرار الجماعي، أو الوطني.

ج ـ وفي إطار كون الناخبين، يعرضون ضمائرهم للبيع، فإن تجار ضمائر الناخبين، الذين ينشطون في شراء ضمائر الناخبين، وإعادة بيعها للمرشحين، الذين لا يعتمدون على برنامجهم الانتخابي، بقدر ما يعولون على شراء ضمائر الناخبين، عن طريق اللجوء إلى تجار ضمائر الناخبين، ليشتري حاجته منها، بالمقابل الذي يتم الاتفاق عليه إما مع الناخبين مباشرة، وإما مع سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، والذي لا يسلم إلا جزءا بسيطا منه إلى الناخب، مقابل الإدلاء بصوته إلى المرشح المعني.

وهذا النوع، من الديمقراطية، الذي تباع فيه ضمائر الناخبين، على رصيف الانتخابات، ومن قبل تجار ضمائر الناخبين، لا يمكن اعتبارها ديمقراطية حقيقية. فهي لا تتجاوز أن تكون ديمقراطية الواجهة، كما سماها الفقيد: القائد العظيم، أحمد بنجلون. وبالتالي: فإن هذه الديمقراطية، هي ديمقراطية مشوهة، تحضر بحضور الانتخابات، وتختفي باختفائها، لتصير إفرازاتها المشوهة، إفرازات، ليست ديمقراطية. وهذه الديمقراطية، لا مضامين لها.

20) والمغرب، الذي يتمتع فيه الشعب بحقه في التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، هو غير المغرب، الذي لا يتمتع فيه الشعب بأي حق.

فالمغرب الذي نريد، هو مغرب التحرر، تحرر الإنسان، من كل القيود الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى ينطلق هذا الإنسان، رجلا كان، أو امرأة، في اتجاه المستقبل، الذي تتحقق فيه المساواة بين الناس جميعا، وبين الرجال، والنساء، بما في ذلك الإرث. ولتذهب دونية المرأة، إلى الجحيم، وتحرر الدولة من التبعية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن خدمة الدين الخارجي، وتحرر الاقتصاد الوطني، من الارتباط بالاقتصاد الرأسمالي العالمي، وتحرر الأرض، أو ما تبقى منها، من الاحتلال الأجنبي، وتحرر الشعب، من الاستلاب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والقيام بحملات إعلامية واسعة، في اتجاه جعل الشعب، يمتلك وعيه بالواقع، في تجلياته المختلفة، حتى يتأتى له الحرص على مواجهة كافة أشكال الاستلاب، التي تمارس عليه، من قبل الطبقة الحاكمة، في أفق تدجين الأمة، بدون تحرير الإنسان، والأرض، والشعب، والدولة، حتى نبقى محتلين بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة. والمحتل التابع، لا يستطيع مغادرة المكان، الذي يقيم فيه، إلا بإرادة الآخر، أو بإذن منه، بخلاف المغرب الذي يريدون، هو مغرب استعباد الإنسان، واحتلال الأرض، بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، وهو مغرب الدولة التابعة، والاقتصاد غير المتحرر، والشعب المضلل، حتى لا تقوم له قائمة.

والمغرب الذي نريد، هو مغرب الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يتم تفعيلها اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في كل لحظة، وفي كل يوم، وفي كل سنة، وفي كل عمر الأجيال المتعاقبة، وعلى مدى التراب الوطني. هو مغرب الانتخابات الحرة، والنزيهة، التي تنتفي فيها كل مظاهر الفساد الانتخابي، حتى لا نجد ناخبا يعرض ضميره للبيع، على رصيف الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، ولا متجرا في ضمائر الناخبين، ولا مرشحا يعتمد على شراء ضمائر الناخبين؛ لأنه، في الانتخابات الحرة، والنزيهة، يختفي كل ذلك، لإيجاد مؤسسات في خدمة الشعب، وفي خدمة المستقبل، وفي خدمة التغيير.

أما المغرب الذي يريدون، فهو مغرب الاستبداد المخزني، الذي لا يتم التراجع عنه، ولو قيد أنملة، لا يتمتع فيه الإنسان بأي حق، من حقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. هو مغرب الحرمان من كل الحقوق الإنسانية، والشغلية، وهو مغرب الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، التي تفرز لنا مؤسسات منتخبة: جماعية، وبرلمانية فاسدة، تستغلها الطبقة الحاكمة، فيما يخدم مصالحها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليبقى الشعب في ظل تحكم المؤسسات الفاسدة، مهمشا، يعاني من الانعكاس سلبا، على مجموع أفراده، الذين يعانون من الحرمان، من كل الحقوق الإنسانية، والشغلية، التي تذهب فيها إلى جيوب المستغلين، على اختلاف مستوياتهم.

والمغرب الذي نريد، هو مغرب العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة: المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

فتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، شرط تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لأن الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، هي، كذلك، شرط لتحرر الإنسان، والشعب، والأرض، والدولة. وإلا فلا معنى لشعار العدالة الاجتماعية، إذا لم يتحقق في إطار التحرير، والديمقراطية، في أفق التحقيق الشامل للاشتراكية.

أما المغرب الذي يريدون، فهو مغرب الاستغلال المادي، والمعنوي، الذي ينتفي، في إطاره، تحقيق العدالة الاجتماعية؛ لأن الاستغلال، والعدالة الاجتماعية، نقيضان لا يجتمعان أبدا. فإما أن يسود الاستغلال، وإما أن تسود العدالة الاجتماعية.

وإذا كانت العدالة الاجتماعية، شرط تحقيق التحرر، والديمقراطية، فإن الاستغلال، لا يمكن أن يمارس إلا في إطار الاستعباد، والاستبداد، نظرا للعلاقة الجدلية، بين الاستغلال، والاستعباد، والاستبداد. وهو ما يعني: ضرورة النضال، من أجل التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، من أجل انعتاق الشعب، من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

وخلاصة القول: إن تحرير الإنسان، والشعب، من العبودية، وتحرير الأرض من الاحتلال، وتحرير الدولة من التبعية، يقتضي النضال ضد استعباد الأفراد، والشعب، وضد احتلال الأرض، من قبل الأجانب، وضد رهن الدولة المغربية، بالتبعية لمراكز الهيمنة الرأسمالية، وأن الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، يقتضي النضال ضد الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأنه لا ديمقراطية مع الاستبداد، ولا ديمقراطية بدون مضامين: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية. أما ديمقراطية الواجهة، التي تسميها السلطات المخزنية بالديمقراطية، ما هي إلا تضليل للشعب المغربي، حتى يقبل باختصار الديمقراطية في الانتخابات.

ذلك، أن الانتخابات، لا يمكن أن تكون ديمقراطية، إلا في إطار المفهوم الحقيقي للديمقراطية، بمضامينها المذكورة. وإلا، فإن الانتخابات، ما هي إلا ممارسة لتقديم ديمقراطية الواجهة، التي لا تكون إلا فاسدة، ولا تكون لا حرة، ولا نزيهة. فالحرية، والنزاهة، شرط ديمقراطية الانتخابات، أما إذا افتقدت الحرية، والنزاهة فيها، فإنها ليست ديمقراطية، وأن الهدف منها، هو ممارسة التضليل على الشعب.

وهكذا، نكون قد وقفنا على ضرورة محاربة الفساد، بصفة عامة، والفساد الانتخابي، بصفة خاصة. والسلطات المحلية، ملزمة بالوقوف على الفساد، بصفة عامة، وعلى الفساد الانتخابي، بصفة خاصة، وبالعمل على استئصاله؛ لأن على السلطات المحلية، أن لا تهاب تجار الضمائر الانتخابية، الذين يعيثون فسادا في صفوف الناخبين، كلما كانت هناك انتخابات جماعية، أو برلمانية، مما يحول هذه الانتخابات، إلى انتخابات فاسدة، كما عليها أن لا تخاف من تحريضهم لجماهير الناخبين، العميلة لتجار ضمائر الناخبين، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات)، ولا يترتب، أبدا، عن محاربة السلطات القائمة، لتجار ضمائر الناخبين، إفساد العملية الانتخابية، بقدر ما تدخل في إطار عملية حرية الانتخابات، ونزاهتها.

وإذا لم تقم السلطات بواجبهان تجاه تجار ضمائر الناخبين، فإن ذلك، لا يعني إلا أن هذه السلطات فاسدة، وتنتعش من الفساد، وتدخل، هي بدورها، في إطار حماية الفساد، لخوفها من الحرية، والنزاهة، سواء كانت هذه الانتخابات جماعية، أو برلمانية، وحاولنا استعراض الدواعي المؤدية، إلى التخلص من الفساد التنظيمي، ومن فساد السلطة، ومن الفساد الإداري، والسياسي، مع ضرورة أن يعمل الشعب، على الوعي، بضرورة محاربة الفساد الانتخابي، بالخصوص، كباقي أشكال الفساد الأخرى. وهذا الوعي، يقود الشعب، مباشرة، إلى المساهمة في محاربة الفساد الانتخابي، ومن منطلق مساهمة الشعب، في محاربة الفساد، يمتنع الناخبون عن إنتاج الفساد الانتخابي، فيمتنعون عن بيع ضمائرهم إلى سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين. والناخبون، بذلك، يساهمون في تطهير صناديق الاقتراع من الفساد الانتخابي، وهم، بذلك، يعملون على صنع مغرب آخر، لا وجود فيه لأي شكل من أشكال الفساد. وهم، بذلك، يمكنهم إيجاد مجالس جماعية، وإقليمية، وجهوية، مشرفة لهذا الوطن، كما يمكنهم إيجاد برلمان في مستوى برلمانات البلدان المتقدمة، والمتطورة.

ومن حق المجتمع المغربي، أن يتمتع بحقه في الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كمساهمة في جعل المغرب، يتمتع فيه الشعب المغربي، بحقه في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية. وهو مغرب، يختلف عن المغرب، الذي لا يتمتع فيه الشعب، بأي حق، كيفما كان هذا الحق مشروعا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وهكذا، نجد أننا في معالجتنا لموضوع:

(عندما لا تعمل السلطات، على محاصرة الفساد الانتخابي، تساهم في إفساد الحياة السياسية).

نكون قد أشرفنا على الانتهاء، بعد تقديم الخلاصة المركزة، لنصل إلى أن السلطة سلطتان:

سلطة قائمة على أساس احترام الإرادة الشعبية، وهي السلطة القائمة على أساس تحقيق التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

وسلطة مخزنية، قائمة على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. وهذه السلطة، لا علاقة لها باحترام الإرادة الشعبية، بقدر ما لها علاقة بالطبيعة المخزنية، للسلطة المفروضة على الشعب، من أجل استعباده، والاستبداد به، في أفق إخضاعه للاستغلال.

فهل يتحرر الشعب من هذه السلطة المخزنية؟

وهل يفرض تمتعه بحقه في الديمقراطية؟

وهل يحقق العدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية؟