صمود و زوال .. الرأسمالية 5


موسى راكان موسى
2021 / 8 / 7 - 13:16     

العمل في أبسط تعريفاته هو بذل الجهد .

يقسم العمل إلى عمل يدوي و عمل ذهني : العمل اليدوي من جهة غلبة الممارسة الحركية للجسد ، العمل الذهني من جهة غلبة الممارسة الذهنية ــ هذا التقسيم لا يعني الفصل تماما بين الممارسة الحركية و الممارسة الذهنية .

هناك تقسيم آخر للعمل من جهة الإرتباط بالإنتاج .. العمل المنتج و العمل الغير منتج .

من غير الصحيح حصر العمل المنتج بالعمل اليدوي ، العمل المنتج لا يكون كذلك بالنسبة لعمل فرد أو مجموعة أفراد .. العمل يكون عملا منتجا بالنسبة لخط إنتاجي ؛ و هذا الخط الإنتاجي قد يجمع عمال يدويين و عمال ذهنيين .

ز. العمل هو بذل الجهد .. كل عمل و أي عمل هو بذل للجهد .
ح. شدة بذل الجهد للفرد تقاس بمتوسط العمل الاجتماعي .

الخدمة أو ما يمكن تسميته العمل الخدماتي ليس عملا ذهنيا دائما .. و ليس دائما عملا غير منتجا ؛ لا خلاف أن ما تقوم به العمالة المنزلية (خدم المنازل) يقع تصنيفه كعمل يدوي .. و عملهم لا يندرج كعمل منتج طالما بقي عملها خارج خط إنتاجي من أي نوع ــ إذا الخدمة أو العمل الخدماتي مفهوم ملتبس .. يمكنه أن يكون عملا يدويا و أيضا عملا ذهنيا .. يمكنه أن يكون عملا منتجا و أيضا عملا غير منتجا .. و أيضا يمكنه أن يكون احتيالا ؛ و يمكن للخدمة الجمع بين كل ذلك .

يكون العمل منتجا متى ما :
ــ أرتبط بخط إنتاجي معين .
أو ــ أرتبط بإعادة إنتاج قوى عمل الخط الإنتاجي المعين .

لكن سنصادف مشكلة طبيعة هذا الإرتباط من جهة المباشرة و الفعالية .. على سبيل المثال قد تبدو المدرسة الصناعية التدريبية ذات إرتباط مباشر بخط الإنتاج و إعادة إنتاج قوى العمل .. لكن ماذا عن المدارس الأخرى [التي تسبقها من جهة المرحلة الزمنية أو التي تختلف عنها في الاختصاص] ؟ ــ إذا الإرتباط سينقسم إلى ثلاث : على إرتباط مباشر / على إرتباط غير مباشر / لا إرتباط ؛ الإرتباط أو العلاقة ليست واضحة بما فيه الكفاية على الصعيد الموضوعي الاجتماعي .. لذا ستلعب "التفسيرات/التبريرات" الذاتية دورا ليس بهين .. فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار الخدمات الترفيهية على اختلاف أنواعها ذات إرتباط غير مباشر لكونها تقع في فترة الراحة (جزء من إعادة إنتاج قوى العمل) .. كما و يمكن لبعض هذه الخدمات أن تكون ذات إرتباط مباشر إن كانت تقدم أثناء العمل .. و أيضا يمكن لبعضها أن تكون دون إرتباط بحكم كونها كماليات .

في الماضي كان أصحاب مهنة الطب و مهنة المحاماة على درجة من "الحياء" لطلب مقابل لما يقدمونه من "جهد مبذول" [إذ جرت العادة أن لا يطلب المحامي و لا الطبيب مقابل بدل خدماته .. و يكتفي بما تجود به أنفس من قدم إليهم خدماته] .. اليوم تجد على الأغلب "التسعيرة" قبل تقديم "الجهد المبذول" ــ مع هيمنة النمط الرأسمالي شرعت فئات و طبقات بل و حتى مجتمعات بتقليد بعض ظواهر الرأسمالية .. كمسألة العقد القانوني .. لكن التقليد لا يتجاوز استنساخ الظواهر ؛ و هذا أدى إلى لغط اعتبار بعض الدول رأسمالية بالحكم على بعض ظواهر ارتبطت فعلا بالرأسمالية .. كما و أدى ببعض الباحثين إلى ابتداع مفاهيم عجائبية كـ"البروليتاريا المتبرجزة" .