تونس: بعض أسئلة للمعنيين ماذا بعدُ ؟ وعمّا تدافعون اليوم وأين تتموقعون؟؟؟


بشير الحامدي
2021 / 8 / 4 - 17:46     

كلماتي هذه لكل من أعرفهم ...
إلى الأصدقاء الذين جمعتنا محطات نضالية من موقع مستقل مقاوم
وإلى كل الشبيبة المحبطة جراء عشر سنوات من الانقلاب وتطمح للقطع مع المنظومة التي نصبت نفسها مكان نظام بن علي.
كلماتي هذه أيضا إلى الذين لم يصمدوا وجرتهم الحركة إلى الاصطفاف سواء باسم "نكون حيث تكون الجماهير" أو باسم "نساند سياسة قيس سعيد ولا نساند قيس سعيد" أو باسم أن "قيس سعيد قام بما لم تقم به الحركة في عشر سنين".
لننظر لكل هذا ونفصل القول فيه بتكثيف شديد فالذائقة اليوم ميالة للاختزال وبعيدة عن قبول التحليل المعمق محكومة بالتسرع بعيدة عن منطق التفكيك والتركيب والاستنتاج.
أصدقائي نعم الشعب التونسي ضاق الأمرين من حكم الخوانجية في العشر سنوات الأخيرة ولكنه لم يكتو بجور الخوانجية وحدهم إن منظومة كاملة كانت تشتغل وتحكم وتقمع ويتصارع داخلها شقان على الهيمنة والتفرد بالنفوذ وهؤلاء ليسوا في الأخير إلا ممثلين لشقيها البرجوازيين المتصارعين على النفوذ الاقتصادي والدولة وقد أدى هذا الصراع أن أصبحت المنظومة ككل مهددة بالسقوط ولا إمكانية للاستمرارها إلا بإزاحة شق من شقوقها عن النفوذ ولو بالسلاح.
مقاومة المنظومة بتعدد فاعليها كانت هي بدورها في أزمة مشتتة متغافلة عن مسألة الاستقلالية التنظيمية والسياسية وعن التوحد على مشروع مقاوم يلف حوله الأغلبية التي لا تملك حول المحاور الثلاثة التي انقلب عليها في 17 ديسمبر وهي السيادة على القرار والسيادة على الموارد والثروات والمحاسبة.
لنكن واضحين الجماهير التي تقولون إنكم تريدون أن تكونوا حيث تكون كتلتان اليوم كتلة غالبيتها جماهير أفقها مشروع قيس سعيد المتوقف عند تغيير المنظومة من داخلها وبأجهزتها والذي توضح الآن كثيرا وبانت حدوده: تغيير النظام السياسي وقوانين الانتخابات ومحاسبة بعض السياسيين المرفوعة ضدهم قضايا أو متعلقة بهم أحكام قضائية وكتلة من اللبراليين المتمسكين بالانتقال الديمقراطي وبديموقراطيته لكن دون هيمنة من قبل حزب النهضة ... هذه هي الجماهير التي تريدون أن تكونوا حيث تكون؟؟؟
الأغلبية أصدقائي المفروض أن نكون إلى جانبها اليوم هي كتلة أخرى كبيرة جدا واسعة لا ممثل سياسي لها ولا تعبيرة سياسية لها ... إنها في المزارع والحقول والإدارات والمعامل وفي الكليات والمعاهد إنها الأغلبية التي تتعارض مصالحها مع الشقين الخوانجية وظلالهم وسعيد وظلاله ... إنها الأغلبية التي مطالبها أبعد من حل البرلمان وتعويضه ببرلمان يقول نعم للسيد الرئيس وأبعد من تغيير النظام السياسي ... إنها الأغلبية التي مطالبها اليوم متعلقة ليس بالخبز بل بالسيادة على مصادر الخبز وليس بعودة العمل في مناجم الفسفاط بل بالسيادة على ثروة الفسفاط وليس ببعث بعض المشاريع التشغيلية هنا وهناك بل بحل مسألة البطالة جذريا وليس بمصالحة الفاسدين ومن نهبوا ثروة البلاد بل بمصادرة أملاكهم ومحاسبتهم.
لنكن واضحين هل هذه هي سياسة قيس سعيد قطعا لا ... إذن فأي سياسة تساندون بعد أن نسلم معكم جدلا أنكم لا تساندون سعيد بل تساندون سياسته؟؟؟
هل تساندون سياسة المحاور التي يخضع لها؟؟؟
هل تساندون رضوخه للمولين وأمريكا وفرنسا؟؟؟
هل تساندون سياسته في تغيير النظام السياسي وتغيير قوانين الانتخابات؟؟؟
هل ستصير الانتخابات كما سيضع قوانينها شق سعيد أو بمعية المجمع السياسي الذي يدعمه أخيرا طريقا لتحقيق حكم الشعب وتحقيق المهام التي ذكرت؟؟؟
هل سنراكم في قوائم سيد الرئيس لدعمه وتحقيق مطالب الشعب؟؟؟
صحيح أن ما قام به قيس سعيد لا يمكن أن يقوم به غيره لسبب واحد هو أن لا أحد يشغل المنصب الذي له إمكانية تفعيل الفصل 80 وأن لا أحد غيره يشغل منصب رئيس الجمهورية. من يقدر على القيام بأكثر مما قام به قيس سعيد هي الأغلبية التي لا ترونها الآن ولم تروها طيلة العشر سنوات الأخيرة وانصرفتم لأحزابكم ومجموعاتكم وأيديولوجياتكم التي استبدلتموها اليوم بأوهام تغيير السيستام من داخله وبأدواته وركبتم موجة الهوجة والغبار والضجيج.
RELAX فالصراع يدور في الفوق وبين شقوق المنظومة ومفروض أن تكون مهامكم الاستقلال التنظيمي والسياسي ولكم في التاريخ عبر من "كرنسكي" الثورة الروسية لـ "دوتشي" إيطاليا فكونوا حيث يجب أن تكونوا ولا تسيروا ضد مصالح الأغلبية فالبركة لا تستحق حجرا لتحريكها بقدر ما تستحق أحجارا ورملا كثيرا لردمها برمتها.
...
كلماتي لكم تستمد مشروعيتها من اعتقادي أن لا شيء تغير في الجوهر بعد 10 سنوات من 17 ديسمبر فصراع المنقلبين مازال مستمرا وأن ما يجري ليس أكثر من صراع بينهم لفرض وضع جديد من الاستقرار في محاولة لتجاوز أزمة السيستام ستدفع الأغلبية ثمنه من دمها وعرقها. ومن أن المطلوب القطع مع هذا الاصطفاف ووعي أن المعركة مازالت معركة الأغلبية التي لا تملك ضد الأقلية المنقلبة بشقيها وأننا مازلنا مطالبين مع الأغلبية ومن داخلها بالاستقلالية السياسية والتنظيمية عنهما وبتحقيق مهمة يسقط الانتقال الديمقراطي وتسقط قواه.

4 أوت 2021