عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إفساد الحياة السياسية.....4


محمد الحنفي
2021 / 8 / 2 - 12:19     

10) ونحن، كشعب مغربي، نكون قد تقدمنا إلى الأمام، من منطلق امتناع ناخبينا، جملة، وتفصيلا، عن بيع ضمائرهم؛ لأن ذلك معناه:

ا ـ أن الناخبين، أصبحوا يحملون وعيا متقدما، ومتطورا، يحول دون مساهمتهم في بيع ضمائرهم، ما دام ذلك فيه إساءة إلى الشعب، وإلى الوطن ككل.

ب ـ إنهم أصبحوا يمتنعون عن التحول، إلى مجرد حيوانات، تعرض للسمسرة، أو للبيع، في سوق النخاسة، ليزايد عليه المرشحون الفاسدون، وعلى يد سماسرة، أو تجار الضمائر الانتخابية، الذين يعتبر وجودهم، في حد ذاته، إساءة إلى الشعب المغربي، وإساءة إلى المغرب، كوطن للشعب المغربي.

ج ـ إنهم صاروا يدركون خطورة التلاعب، بمصالح المغرب، الذي تبين أنه أصبح مملوكا للفاسدين، الناهبين لثروات الشعب المغربي، بعد أن وصلوا إلى مراكز القرار، عن طريق شراء الضمائر الانتخابية، من سماسرة الانتخابات، أو من تجار الضمائر الانتخابية.

د ـ إدراكهم: أن الوقت، قد حان، لإيقاف الفاسدين، الناهبين لثروات الشعب المغربي، منذ وجودهم، والامتناع عن بيع الضمائر لهم، وحتى لا يجد سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وينقرض البيع، والشراء، في مجال الضمائر الانتخابية.

ه ـ تخليص المجتمع، من الفساد المترتب عن وجود قاعدة عريضة، من عارضي ضمائرهم للبيع، وعن وجود سماسرة الضمائر الانتخابية، أو المتاجرين فيها، وعن وجود المرشحين الفاسدين، الناهبين لثروات الشعب المغربي، والعاملين على شراء ضمائر الناخبين، من أجل العودة إلى النهب، الذي لم يعد مقبولا منهم؛ لأنه آن الأوان، لوضع حد للمرشحين الفاسدين، الذين يعرف الشعب، جيدا، المكان الذي يليق بهم، عقابا لهم على ممارستهم، لنهب ثروات الشعب المغربي، الذي يعتبر بمثابة انتهاك للمقدس.

11) امتناع الناخبين، عن عرض ضمائرهم للبيع، يعتبر مساهمة في تطهير صناديق الاقتراع من الفساد الانتخابي، الذي لا يمكن أن يخلص الشعب منه، إلا الناخبون، الذين يصيرون ممتلكين للوعي، بخطورة الفساد الانتخابي، على القطاع الاقتصادي، وعلى القطاع الاجتماعي، وعلى القطاع الثقافي، وعلى القطاع السياسي؛ لأن جل القطاعات المختلفة، تتأثر بالفساد الانتخابي، نظرا لكون الانتخابات الحرة، والنزيهة، لا تكون إلا خالية من الفساد. أما الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، وبتوجه مخزني، من السلطات المخزنية، القائمة، التي لا تستحيي لا من الله، الذي يعلم السر وأخفى، ولا من الشعب، الذي لا ينسى أبدا، ما قام به الحكم المخزني القائم، في حق أبنائه.

فكل الدلائل، والحجج، والبراهين، تثبت أن الحكم المخزني، بأجهزته المختلفة، هو صاحب الكلمة الأولى، والأخيرة، فيما يجري في هذا الوطن، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. فللحكم المخزني: الأمر، والنهي. والمؤسسلت القائمة، هي مجرد مؤسسات للواجهة، ولا اعتبار لها، من وجهة نظر السلطة المخزنية، التي تتحكم في السلطة التنفيذية، التي توجه السلطة التشريعية، والسلطة القضائية. والقوانين التي تصدرها المؤسسة التشريعية، لا عبرة بها؛ لأن المؤسسة التشريعية، ناجمة عن انتخابات غير حرة، وغير نزيهة، ولا يمكن أن تصدر عنها، إلا التشريعات التي تسبقها تعليمات المؤسسة المخزنية؛ لأنه عندما تتعارض القوانين مع التعليمات، فمؤسستنا القضائية، تعطي الأولوية للتعليمات، والقضاة الذين يعطون الأولوية للقانون، يكافأون بالانتقام منهم، ويعاد النظر في الأحكام التي أصدروها، في حق الماثلين أمامهم، خاصة، وأن القضاء نفسه، تسرب إليه الفساد، بشكل، أو بآخر.

ولذلك، فمؤسستنا التشريعية، تقام على أساس انتشار الفساد الانتخابي، والسلطة التنفيذية من ألفها إلى يائها ـ كما يقولون ـ وفي مستوياتها المختلفة، يعم فيما بينها الفساد. والسلطة القضائية، تخضع لتعليمات السلطة التنفيذية الفاسدة، مما يدل على أنها، هي أيضا، فاسدة. والفساد، لا يمكن أن ينتج إلا الفساد؛ لأن كل الأحكام التي تصدر عن قضائنا المغربي، تشتم منها رائحة فساد الرشوة، أو فساد التعليمات، ولا تنتظر، أبدا، أن يصدر عن القضاء حكم، محكوم بمنطق القانون، حتى وإن كان، هذا القانون، صادرا عن المؤسسة التشريعية، القائمة على أساس انتشار الفساد الاجتماعي، فلا مكان له أمام التعليمات، التي على القاضي أن يعمل على تكييفها قانونيا، لإبراز، أن كلمة القضاء، كلمة قانونية، وليست من التعليمات، كما هو واقع، في الحالات العادية، وفي الحالات الاستثنائية.

والناخبون، عندما يمتنعون عن بيع ضمائرهم، يعون، جيدا، خطورة الفساد، في أوجهه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويصرون على أن تذهب أصواتهم إلى الجهات التي تستحقها، والتي يعون، جيدا، من هي.

وما العمل من أجل أن تصل إلى مراكز القرار؟

حتى يستفيد الشعب من خدماتها، بما في ذلك، سكان الجماعات الترابية، التي تنهب، جملة، وتفصيلا، من قبل المسؤولين الجماعيين، الذين وصلوا إلى مراكز القرار، اعتمادا على انتشار الفساد الانتخابي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

12) والناخبون، عندما يمتلكون الوعي بخطورة الفساد، يستطيعون الامتناع عن القيام بإنتاج الفساد، ويوظفون أصواتهم في الاتجاه الصحيح، من أجل تمكين غير الفاسدين، من الوصول إلى مراكز القرار الجماعي، أو الوطني، من أجل خدمة الشعب المغربي، من قبل أبنائه، الذين يحاربون كل مظاهر الفساد، بما فيه مظهر الفساد الانتخابي.

فامتلاك الوعي بخطورة الفساد، بصفة عامة، والفساد الانتخابي، بصفة خاصة، يعتبر شرطا للقطع مع الفساد، جملة، وتفصيلا، سواء كان هذا الفساد اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو سياسيا، أو إداريا، وغير ذلك؛ لأن القطع مع الفساد، هو البوابة التي ندخل منها، إلى التنمية الهادفة، إلى التحرر من التبعية، ومن خدمة الدين الخارجي.

والتحرر بمفهومه الشامل، يستلزم العمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يمكننا، في نفس الوقت، من تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على أساس العدل بين الناس: في الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة.

والأمل الذي يتحقق بالعدل بين الناس، أو بين جميع أفراد المجتمع، هو السيادة على النفس الشعبية، التي تعتبر مصدر السلطات، التي توكل إلى من يتم انتخابهم، في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، حتى يسعوا إلى المحافظة على مصالح الشعب، والعمل على تنمية تلك المصالح، تنمية شاملة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لتأكيد سيادة الشعب على نفسه، ولجعل تلك السيادة: ترقى إلى مستوى الإنسان، على مستوى الاختيار الحر، والنزيه.

فالاختيار الحر، للعضوية الجماعية الترابية، الذي لا يحضر فيه إلا الاقتناع ببرنامج معين، يستجيب لإرادة الشعب، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد. أما النزاهة: فلا تتحقق: إلا إذا كان ذلك الاختيار غير قائم، على توجيه معين، أو على تعاقد معين، أو على بيع الضمير، لمرشح معين؛ لأن كل ذلك، يفسد النزاهة. وعلى الناخب أن يختار، ما يجعله منزها عن التوجيه، وعن التعاقد، وعن بيع الضمير.

ذلك، أن النزاهة في الانتخابات، بالخصوص، تعتبر صعبة التحقق، وصعبة المنال، في نفس الوقت؛ لأن شرط النزاهة، صعب التوفر، خاصة، وأن النزاهة، لا تتحقق إلا بالعمل المسؤول، والخالي من كل الشبهات، التي تسيء إلى أن ننساق اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وإساءة تلك الشبهات، هي، أيضا، إساءة إلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى مكانة الدولة، بين مختلف الدول. الأمر الذي يترتب عنه: أن الحرص على النزاهة، هو حرص على عدم الإساءة إلى الإنسان، وإلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى سمعة الدولة، بين الدول المختلفة، التي تتباهى باحترامها لحرية، ونزاهة الانتخابات.

13) والغاية من الانتخابات الحرة، والنزيهة، إيجاد مجالس جماعية، وإقليمية، وجهوية، وبرلمانية، مشرفة لهذا الوطن؛ لأن شرف المجالس المختلفة، شرف لهذا الوطن، وشرف هذا الوطن، من شرف المجالس، وشرف المجالس، من شرف الشعب، وشرف الشعب، من شرف الناخب، الذي يحرص على حرية، وعلى نزاهة الانتخابات، التي لا تعرف أي شكل، من أشكال الفساد، مهما كان، وكيفما كان. ونظرا لأن الانتخابات الحرة، والنزيهة، خالية من كل أشكال الفساد؛ لأن حرص الشعب، وحرص الناخب، على حرية، وعلى نزاهة الانتخابات، هو التعبير الحي، على تحمل المسؤولية الشعبية، في أن تكون الانتخابات حرة، ونزيهة، وهو ما يعني: أن سيادة الشعب على نفسه، هي المدخل: لجعل الشعب يتحمل مسؤوليته، في جعل الانتخابات حرة، ونزيهة.

أما إذا لم يكن الشعب سيد نفسه، فإنه يفعل أي شيء، يخطر بالبال، إلا أن يكون حرا، ونزيها، يحرص على أن تكون الانتخابات حرة، ونزيهة؛ لأنه ليس سيد نفسه.

والسيادة على النفس: تقتضي أن تكون الكلمة للشعب، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وما دامت الكلمة ليست للشعب، فإننا نجد:

ا ـ أن سماسرة الانتخابات، أو التجار في ضمائر الناخبين، يسيطرون على المجال الانتخابي، في المدن، وفي الأقاليم، وفي كل مناحي الحياة، التي تتاثر بأوامر سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وتنتهي بنواهيهم؛ لأنهم، هم المعنيون بالتصويت، وبالاختيار؛ ولكن، بناء على الذي يختار المشتري ضميره، بقدر أكبر. فلا مجال لأن يصوت على شخص، لم يدفع له أي شيء، حتى وإن كان ذلك الشخص المرشح، هو الذي يخدم المصالح: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يتعطش الشعب المغربي، إلى تصعيد من يخدم مصالحه، إلى المسؤولية المنتخبة، جملة، وتفصيلا.

ب ـ أن قيام السلطات المسؤولة، بإعطاء التوجيه للناخبين، من أجل التصويت على فلان، أو علان، الذي يخدم مصالح السلطة المخزنية، والسلطة الطبقية الحاكمة، وحماية مصالح مختلف العملاء، التي لا يمكن أن تحمى، هكذا، بدون التصويت. وهذا التوجيه السلطوي، في أي انتخابات، لا وجود فيها لا للحرية، ولا للنزاهة.

ج ـ الحرص على ترشيح ذوي الماضي الأسود، نظرا لدورهم في إفساد الحياة السياسية، بما فيها الفساد الانتخابي، الذي يصعب شيوعه في المجتمع، ما لم يكن هناك فاسدون، يتقنوت عملية إفساد الانتخابات: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى يصير فسادها مسيئا للمجتمع، وللشعب، وللوطن، وللدولة المغربية، على المستوى الدولي.

د ـ الحرص على تغييب المراجع الانتخابية، التي يحل محلها، الاتجار في ضمائر الناخبين، والتوجيه السلطوي للناخبين، ووجود مرشحين من ذوي الماضي الأسود، حتى ترتبط انتخابات الحاضر، بانتخابات الماضي، على مستوى إعادة إنتاج الفساد الانتخابي؛ لأن شروط إنتاجه، لا زالت قائمة. وبالتالي: فإن الفساد الانتخابي، يبقى متمكنا من الواقع، ما دام معتمدا من قبل السلطات المخزنية، التي تسمح به، ومن قبل الأحزاب السياسية، التي تزكي الفاسدين، الذين يمدونها بالأموال الطائلة، ومن قبل المرشحين الفاسدين، ومن قبل سماسرة الانتخابات، أو التجار في ضمائر الناخبين، ومن قبل الناخبين، الذين يبيعون ضمائرهم.

فمن يتحمل مسؤولية الاستمرار في إنتاج الفساد الانتخابي؟

من خلال ما رأينا في الفترات السابقة، نجد أن المسؤول الأول عن الاستمرار في إنتاج الفساد الانتخابي:

ا ـ الدولة المخزنية، بالدرجة الأولى، لأن هذا الفساد، يخدم مصالحها بالدرجة الأولى: مصالح الدولة المخزنية على جميع المستويات، وخاصة المستوى السياسي / الانتخابي.

ب ـ السلطة المخزنية المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، التي لا تحرك ساكنا، تجاه إنتاج الفساد، وتجاه الفاسدين، وتجاه سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات).

ج ـ الأحزاب السياسية، التي تزكي ترشيح الفاسدين، الذين تعلم مسبقا: أنهم فاسدون، وكأن هذه الأحزاب، تراهن على شراء ضمائر الناخبين.

د ـ المرشحون الفاسدون، الذين لا يعولون، لا على حرية الانتخابات، ونزاهتها، ولا على البرنامج الانتخابي، خاصة، وأن علاقتهم بسماسرة الانتخابات، أو بتجار ضمائر الناخبين، تقتضي منهم: إرضاءهم بالمزيد من العطاء، وبالمزيد من شراء الضمائر، وبالتالي: فإن المستفيد من شراء ضمائر الناخبين، لا بد أن يحصل على التصعيد، ليصبح الفاسدون أعضاء في أي مجلس جماعي، أو في البرلمان.

ه ـ تجار ضمائر الناخبين، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات)، والذين يقومون بدور رئيسي، في بيع أحياء بكاملها، أو دواوير، أو قبائل، أو غير ذلك، ليجني من تجار ضمائر الناخبين، في بضعة أيام، ما لم يستطع جنيه، خلال العمر كله.

والناخبون، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، والذين تتوطد علاقتهم بسماسرة الانتخابات، الذين يربطون العلاقة بالناخبين، وبالمرشحين، في نفس الوقت، لندرك: أن كل من له علاقة بالانتخابات الفاسدة، أصلا، فاسد. وهذه المسؤولية، تقتضي ضرورة الوعي بها، وانعكاس فساد الانتخابات، على مستقبل المغرب.