تفقير الطبقة العاملة محليا وعالميا


عبد السلام أديب
2021 / 8 / 2 - 10:47     

الطبقة العاملة هي طبقة فقيرة بالضرورة أو أنها مفقرة بالضرورة من طرف اعدائها الطبقيين و على رأسهم الطبقة البرجوازية ثم توابعها البرجوازيون الصغار بمختلف مسمياتهم كبيروقراطيات إدارية ونقابية وسياسية ورجال الدين بما في ذلك منافقي الاسلام السياسي.

فالعقيدة البرجوازية تقوم على ان اجر العامل لا يجب مطلقا ان يتجاوز حد الكفاف، فمهما اتخذ من قرارات للزيادة في الأجور الاسمية بالاتفاق مع السياسيين والنقابيين في مسرحيات حوار هزلية الا وهناك قرارات أخرى موازية للزيادة في الضرائب وفي الاسعار مما يعيد الأجور الى مستوى حد الكفاف. كما أن المحافظة على الأجور المتدنية يعظم نهب فائض القيمة ويرفع من معدلات الأرباح الرأسمالية.

ويستحيل ان يتحقق التراكم الرأسمالي بدون استغلال الطبقة العاملة الفقيرة بحيث ان التراكم يتزايد مع تزايد عدد الفقراء طردا، فرأس المال يتكون من رأسمال ثابت وهو عمل سابق ميت تم الاستحواذ عليه ونهبه نتيجة استغلال قوة عمل الطبقة العاملة المفقرة سابقا فتحول الى نقود والى أدوات انتاج والى تكنولوجيات كما يتكون من رأسمال متغير أو حي وهو المبالغ النقدية التي تدفع كأجور للطبقة العاملة التي يجب الضغط عليها دائما لتبقى في مستوى حد الكفاف، ومن خلال هذا التركيب العضوي لرأس المال المتغير دائما لصالح رأس المال الميت على حساب رأس المال الحي(حيث غالبا ما يستبدل العمال بالآلات وبالتكنولوجيات الحديثة والقاء الملايين من العمال نحو البطالة كجيش احتياطي للعمل منخفض الاجر) يتحقق التراكم الرأسمالي، فسعادة الرأسماليين تتم على حساب افقار الطبقة العاملة، فالصراع الطبقي الأصلي هو هذا الاستغلال الطبقي لقوة عمل الطبقة العاملة، أما مقاومة العمال لأشكال الاستغلال فمجرد ردود فعل على الصراع الطبقي الأصلي، والذي تتحالف ضده البرجوازية وأجهزة الدولة عبر القمع الوحشي للاضرابات العمالية والنقابات والأحزاب السياسية ورجال الدين.

من الشائع في الديموقراطيات البرجوازية ان تتاجر الأحزاب والنقابات ورجال الدين بمعاناة الطبقة العاملة من الاستغلال الرأسمالي لقوة عملها فتضع برامج إصلاحية وتدبج الخطب الخادعة للطبقة العاملة لجر هذه الأخيرة نحو صناديق الاقتراع والتصويت لاحد مكوناتها للادعاء بان الطبقة العاملة تصادق على سياساتها الاقتصادية التي لن تحيد عن نفس المبدأ البرجوازي في الاستغلال. وأخطر هؤلاء هم رجال الدين الذين يكرسون الاستغلال الرأسمالي دينيا والكل يتذكر مقولة بنكيران حينما اصبح رئيس حكومة حيث قال بأن فقر الطبقة العاملة هو بسبب الابتعاد عن الصلاة وليس بسبب الاستغلال، هذا الاستفلال الذي مكنه من تقاعد مريح مدى الحياة يصل الى 7 ملايين سنتيم في الشهر. علما ان بنكيران نهب تقاعد الطبقة العاملة وصندوق المقاصة الذي يحافظ على مستوى بعض الأسعار في متناول العمال كما امر بقمع إضرابات الطبقة العاملة والاقتطاع من اجورها
الجميع يتاجر في فقر الطبقة العاملة ويعمل على تكريس تفقيرها بما في ذلك ما يسمى المثقفون اليساريون الذين يفبركون مشاريع إصلاحية وهمية سياسية واقتصادية واجتماعية كما هو الشأن بالنسبة للنموذج الجديد للتنمية أو حتى بالنسبة للمشاريع المضادة التي تقترح اصلاح هذا النموذج، فما دام الواقع القائم هو نظام برجوازي أوتوقراطي فلا شيء يمكنه زعزعة القانون الحديدي للاستغلال الرأسمالي لتفقير الطبقة العاملة وافقارها.

صحيح ان المقاومة والصراع الطبقي سيستمران موضوعيا ويتصاعدان تدريجيا وينشران الوعي الطبقي، صحيح ان الاستغلال الرأسمالي لفقر الطبقة العاملة يخلف دوريا، محليا وعالميا، أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، نظرا لهيمنة قانون ميل معدل الربح نحو التدهور بسبب الانحراف المزمن للتركيب العضوي لرأس المال لصالح رأس المال الميت على حساب رأس المال الحي، وما يخلقه من تراكم الإنتاج الزائد غير القابل للتصريف. انها الازمة التاريخية العميقة التي يعيشها نمط الإنتاج الرأسمالي خلال السنوات الأخيرة والتي جعلت الأنظمة الرأسمالية تنحرف نحو الفاشية واعتماد سلطات قمعية خطيرة بمبررات عدة من بينها مسرحيات مواجهة وباء كرونا. لكن الحقيقة هو خوفها من تنامي الوعي بخطورة الاستغلال الرأسمالي للإنسان وللبيئة وببلوغ هذا النظام حدوده التاريخية مما يستدعي ثورات عمالية في كل مكان للإطاحة به واعتماد نمط انتاج شيوعي لا مكان فيه للطبقات وللدولة وللعمل المأجور. انه المستحيل الممكن في ظل الازمة الختامية لنمط الإنتاج الرأسمالي.