عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إفساد الحياة السياسية.....3


محمد الحنفي
2021 / 7 / 27 - 10:22     

7) وللتخلص من الفساد الانتخابي، ومن فساد الساكنة، ومن الفساد الإداري، والسياسي، لا بد من القيام بحملة تحسيسية:

ا ـ في صفوف العاملين في الإدارة المغربية، وعن طريق وسائل الإعلام السمعية البصرية، وخاصة، في منتصف النهار،من أجل تذكيرهم بدور الفساد الإداري، الذي يجب تحديد أنواعه، المتعلقة بالإرشاء، والارتشاء، وبالوصولية، والانتهازية، والمحسوبية، والزبونية، في أفق جعل العاملين في الإدارة المغربية، يحترمون الحق، والقانون، ويحافظون على احترام الحق، والقانون.

ب ـ في صفوف العاملين في مختلف الجماعات الترابية، الذين ينتشر في صفوفهم، كل أنواع الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، نظرا لكونهم يحترفون العمل، في وظائف جماعية فاسدة، حتى يصير العاملون في مختلف الجماعات الترابية، ممسكين عن ممارسة كل أنواع الفساد، التي تقتضي ممارستها: العمل في إدارة الجماعات الترابية، من أجل أن تصير جماعاتنا، مجالا لتمتع سكان الجماعة، أو من ينتمي إليها، بالحق، والقانون.

ج ـ سكان الجماعات الترابية، الذين تربوا، في الأصل، وفي الفصل، على ممارسة الفساد، في العلاقة مع إدارات الدولة: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، وفي العلاقة مع الإدارة الجماعية، التي ينتمي إليها، في أفق: أن يصير سكان أي جماعة، محكومين بالتربية على الحق، والقانون، ولا يمارسون، في الواقع، إلا الحق، والقانون، ويعدون أجيالهم على ممارسة الحق، والقانون، الذي يصير وسيلة، وهدفا، في نفس الوقت.

د ـ جماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن يلتزموا بالحق، وبالقانون، في ممارستهم اليومية، وفي عملهم، وفي علاقاتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أملا في أن تتحول القاعدة الاجتماعية، المتكونة، أساسا، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، متمسكة بالحق، والقانون، ونابذة للفساد في صفوفها، وعاملة على تطهير المجتمع من الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ه ـ في صفوف الطلبة، والتلاميذ، من خلال العمل اليومي للأساتذة، والمعلمين، ومن خلال تنظيم عروض، وندوات، في مختلف المؤسسات التعليمية، والجامعية، تتوج بمهرجانات حول دور الفساد، بأنواعه المختلفة، بما فيه الفساد الانتخابي، في الانحطاط الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبأهمية محاربة كافة أشكال الفساد، بما فيها الفساد الانتخابي، من أجل النهوض الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن أجل الرفع من مكانة الشعب المغربي، ومن أجل رفع مكانة المغرب، على المستوى الدولي.

وبعد عملية التحسيس هذه، التي تستهدف كافة العاملين في الإدارة المغربية، والعاملين في الجماعات الترابية، وسكان مختلف الجماعات الترابية، وجماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتلاميذ، والطلبة، أملا في أن يصير الموقف من الفساد، بأشكاله المختلفة، هو الرفض المطلق. وبعد ذلك نرى:

ا ـ ضرورة توجيه، وتذكير، إلى ممارسي الفساد، من أجل أن يمسكوا عن ممارستهم له: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بما في ذلك الإمساك عن ممارسة الفساد الانتخابي.

ب ـ ضبط المتلبسين، بممارسة الفساد، أنى كان نوع الفساد الذي يمارسونه، وخاصة الفساد الانتخابي، وتقديمهم، في حالة تلبس، إلى المحاكمة، ليقول القضاء كلمته فيهم.

ج ـ إعداد قائمة، بأسماء، من أسمتهم وزارة الداخلية، بسماسرة الانتخابات، الذين يمارسون التجارة في ضمائر الناخبين، وعرضها على الجماهير الشعبية، المستهدفة بالانتخابات، حتى يتجنبوا التعامل معهم، باعتبارهم مجرمين في حق الشعب المغربي، وفي حق هذا الوطن المغربي، الذي يتلقى من الفاسدين: الصفعة، تلو الصفعة.

د ـ إعداد لائحة بأسماء المرشحن، الذين يشترون ضمائر الناخبين، بعد سحب ترشيحاتهم، وإشهارها، بواسطة وسائل الإعلام المعتمدة بالمغرب، وعرضهم أمام القضاء ليقول كلمته فيهم من أجل أن نتجنب، مستقبلا، تحويل مناسبة إجراء الانتخابات، إلى سوق للنخاسة، تباع، وتشترى فيه: ضمائر الناخبين، من أجل المرور إلى مراكز القرار: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي: المادي، والمعنوي، والذي يتم استغلاله، في أفق الوصول إلى نهب أكبر قدر ممكن، من ثروات الشعب المغربي، خاصة، وأننا أصبحنا نسمع: أن النهب، لم يعد يتم بالملايين، كما كان، بل أصبح يتم بعشرات الملايير، مما يدل على أن مستقبل الشعب المغربي، سيصبح تحت رحمة الناهبين، المجرمين في حق الشعب المغربي، وفي حق مستقبل الأجيال الصاعدة.

ه ـ وضع برنامج، لتتبع الناخبين، على المستوى المحلي، وعلى المستوى الوطني، لما يصير عليه المنتخبون، بعد وصولهم إلى الجماعات الترابية، المحلية، والإقليمية، والجهوية، وإلى البرلمان، بغرفتيه: غرفة مجلس النواب، وغرفة مجلس المستشارين، وتسجيل ما يرتكبونه من نهب للثروات، على حساب الشعب المغربي، الأمر الذي يترتب عنه: أن المنتخبين، الذين يصلون إلى مراكز القرار، من أجل النهب، يجب العمل على التخلص منهم.

فالتخلص من الفساد، إذن، هي مهمة الشعب المغربي، والذي يضع ترتيب التخلص من الفساد، هي السلطات الثلاث للدولة المغربية:

السلطة التشريعية، التي عليها أن تعد التشريعات الضرورية، التي تصير معتمدة من قبل السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.

السلطة التنفيذية، التي تعمل على تطبيق تلك التشريعات، من أجل محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وكل من وقف ضد تطبيق تلك التشريعات، يحال على القضاء، ليقول كلمته فيه، لتمسكه بشروط إنتاج الفساد، بما فيه الفساد الانتخابي.

السلطة القضائية، التي تناقش، عبر جلسات علنية، التهم الموجهة إلى المتمسكين بحالة الفساد، القائمة في المجتمع، رافضين الامتثال للتشريعات التي تم إعدادها، من قبل السلطة التشريعية، وإصدار الأحكام اللازمة، والتي على السلطة التنفيذية، الالتزام بتنفيذها في حق الناهبين.

ولكن الأهم، في كل ذلك، هو الالتزام، وهو امتلاك الشعب للوعي بخطورة الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما فيه الانتخابي، على مستقبله، ومستقبل أجياله.

والوعي بالفساد، هو الدافع الأساسي، للامتناع عن إنتاج الفساد، وممارسته، في مختلف الميادين، كما أنه، هو الدافع الأساسي، لمحاربة كل أشكال الفساد، في أفق إيجاد مغرب، بدون فساد، يجري فيه كل شيء، على أساس الحق، والقانون.

8) وعلى الشعب المغربي، أن يهتم بخطورة الفساد، على مستقبله، وعلى مستقبل أجياله، وأن يعمل انطلاقا من خطة معينة، في أفق استئصال الفساد، من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، أملا في جعل الواقع المغربي، خاليا من الفساد، مهما كان نوعه، بما في ذلك الفساد الانتخابي.

ولكن قبل العمل على استئصال الفساد، لا بد من الوعي به، ولا بد من انتشار الوعي به، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يصيرون حاملين للوعي، الذي يجعلهم يمتنعون عن ممارسته، في الحدود الدنيا، إن لم ينتقلوا إلى محاربته ميدانيا، لتعم محاربة الفساد، بصفة عامة، والفساد الانتخابي، بصفة خاصة، جميع فئات الشعب المغربي، المتضررة من الفساد، في مستوياته المختلفة، وسعيا إلى جعل الإنسان، لا يقوى على مواجهة الحياة، إلا إذا كانت هذه الحياة، خالية من الفساد، مهما كان نوع هذا الفساد.

والشعب المغربي، عندما يتخلص من الفساد، يتفرغ إلى البناء الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يخدم مصلحة الأجيال الصاعدة، التي لا تعرف إلى الفساد طريقا، سعي إلى جعل الحياة، بدون فساد، هي الحياة، الطبيعية، التي ينعم فيها الإنسان بالخيرات المادية، والمعنوية، التي لا علاقة لها بأي شكل من أشكال الفساد، التي لم تعد مقبولة، في واقع الشعب المغربي، ولم يعد الشعب المغربي، يتقبل، حتى السماع عنها، خاصة، وأن الفساد يعتبر من موانع التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

والشعب المغربي الذي مل من الفساد، صار يحرص على أن يكون الفضاء الذي يتحرك فيه، خاليا من كل أنواع الفساد، بما في ذلك: الفساد الانتخابي، الذي يقف وراء إنتاج أنواع الفساد الأخرى.

والتخلص من كل أشكال الفساد، هو الوسيلة المثلى، لإنضاج شروط التحول الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق مغرب متقدم، ومتطور، وديمقراطي، ومتحرر، وعادل.

ونحن، عندما نسعى إلى مغرب بدون فساد، فإننا نسعى، في نفس الوقت، إلى التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، التي لا فرق فيها بين إنسان، وإنسان آخر.

9) والشعب المغربي، عندما يمتلك الوعي بخطورة الفساد، على مختلف أشكاله، بما فيه الفساد الانتخابي، فإنه يلزم جميع أفراده، بالامتناع عن ممارسة أي شكل من أشكال الفساد المتعارف عليها، على أنها فساد اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي، وخاصة ما صار يعرف بالفساد الانتخابي، الذي يقود إلى إفساد أجهزة الدولة المختلفة، بما فيها أجهزة الجماعات الترابية، جهاز البرلمان، وغيره، خاصة: وأن كافة أشكال الفساد، ليس لها نفس الأثر، الذي يكون للفساد الانتخابي، الذي يؤثر على المسار التنموي، برمته، وعلى جميع المستويات، ومهما كانت الشروط.

فالامتناع عن ممارسة الفساد الانتخابي، هي مهمة الشعب المغربي، بامتياز، من الشمال، ومن الجنوب، ومن الشرق، ومن الغرب، وعلى جميع المستويات الشعبية، ولكن بعد امتلاك الوعي، بخطورة ممارسة الفساد الانتخابي، على الواقع الاقتصادي، وعلى الواقع الاجتماعي، وعلى الواقع الثقافي، وعلى الواقع السياسي؛ لأن الفساد الانتخابي، الذي تعتبر أدلجة الدين الإسلامي، جزءا لا يتجزأ منه، يصير منتجا، كذلك، للتأثير على الواقع، في تجلياته المختلفة، أملا في الوصول إلى التخلص من الفساد الانتخابي، بالخصوص، من منطلق: أنه يقف وراء إنتاج أشكال الفساد الأخرى.

والتخلص من الفساد الانتخابي، يقود إلى:

ا ـ التخلص من التفكير في بيع الضمائر الانتخابية، مما يجعل عارضي ضمائرهم للبيع، يختفون من السوق، ويتحول كل مغربي، إلى الدفاع عن ضميره، الذي لا يستخدمه إلا في الاختيار الحر، والنزيه.

ب ـ التخلص من توظيف الدين، المؤدلج لتضليل الناس، من أجل الوصول إلى مراكز القرار الجماعي، أو البرلماني، باسم الدين الإسلامي.

ج ـ التخلص من سماسرة الانتخابات، كما سمتهم وزارة الداخلية، أو تجار الضمائر الانتخابية، كما نسميهم نحن، في هذه المقالة، وسماسرة أدلجة الدين الإسلامي، مما يجعل مجال الانتخابات، خاليا من سماسرة الانتخابات، أو من تجار الضمائر الانتخابية، ومن سماسرة أدلجة الدين الإسلامي، الذين يبيعون الوهم، التي يحل محلها جميعا الدعاية للبرنامج الانتخابي، الذي يتعاطى معه الناخبون، انطلاقا مما يستفيدون منه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وغير ذلك، مما تحرص الجماهير الشعبية على تحقيقه، في أفق التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

د ـ اختفاء تفكير المرشحين، في شراء الضمائر الانتخابية، تبعا لاختفاء عارضي ضمائرهم للبيع، ولاختفاء السماسرة، أو التجار في ضمائر الناخبين. وهو ما يترتب عنه: اختفاء ترشيح، أو قبول ترشيح الفاسدين، من ذوي الماضي الأسود، الذين يعتمدون على كثرة عارضي ضمائرهم للبيع، وعلى كثرة سماسرة الضمائر الانتخابية، أو المتاجرين فيها.

وعندما يختفي ترشيح الفاسدين، أو قبول ترشيحهم، فإن ذلك معناه: أن مآل الانتخابات: أن تكون حرة، ونزيهة.

والانتخابات، عندما تصير حرة، ونزيهة، تصير ديمقراطية.

والانتخابات الديمقراطية، تعتبر هدفا أسمى. والهدف الأسمى، يقتضي اعتماد الديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، كما يقتضي أن تكون الديمقراطية بمضامين اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، حتى يصير مفهوم الديمقراطية، شاملا لكل المضامين، التي تعطي للديمقراطية مدلول التحرير، ومدلول العدالة الاجتماعية.