إعادة تديين التسلط بتجريد العلمانية من تاريخ نضالها الطبقي


المنصور جعفر
2021 / 7 / 26 - 08:47     

1- الأسلوب البرجوازي الديني الشكل أو العلماني الشكل يهمش فكرة الثورة الشعبية:

حتى فشل الثورة الفرنسية كان شكلا الحكم البرجوازي: الشكل الديني التبرير والشكل العلماني التبرير شكلان للصراع الطبقي، لكنهما صارا شكلان لتبرير التحكم البرجوازي سواء بزعمهم التركيز على أهمية الدين أو بزعمهم التركيز على أهمية تحقيق العلمانية ، وبإسم وآثار أي من التركيزين يتم تهميش فكرة الثورة الطبقية.

هذان الشكلان البرجوازيان يستبعدان أي تحليل طبقي شعبي من قراءة الأمور الثقافية والدينية ويستبعدان أي قراءة ثقافية ودينية للأوضاع الطبقية والسياسية، وفي الحالتين يكون تصورهما لبعضهما وللآخرين أكثر من نصف ديني، وتفصيل هذا التصور إن:

(أ) ضد أسلوب الكيل بمكيالين تحتاج العلمية والعلمانية الحقيقية إلى رفض أسلوب التصوير الانتقائي (الديني /العلماني) بداية بفهم طبيعته المختلة عند دراسة أو تأمل النظم.

مثال للإختلال وللكيل بمكيالين في نصوص المقارنة بين النظم: كتابان: كتاب أبو الحسن الندوى وكتاب برنارد لويس، الإثنين كل في لغته وبلاغته بموضوع وعنوان "الإسلام والغرب" في الكتابان تظهر الإنتقائية مرتبطة بخلق صور مثالية ينسبها كل كاتب إلى جانبه السياسي، ودقة في ربط الصور السلبية بالنظام الخصم لثقافة الكاتب. يهتم الكتابان بتناول مثنوي للأمور المتشابكة العميقة يفردانها بأسلوب ( "أ" ضد "ب") أو (هلال/مريخ)؛ بشكل يفضل أحد جانبي المقارنة بتفصيل وإفاضة في عرض خطأ الآخر مقابل إختصار وتجميل لأخطاء الجانب الذي تريده. لاحديث مفيد فيهما عن علاقات سياسة وتجارة البحر المتوسط أو عن علاقة البترودولار.

عموما تسكت المقارنات السياسية المثنوية عن أي علاقة موجبة بين أي نظامين تقدمهما كخصمين أو يقدمان أنفسهما كخصمين، بينما تفيض في مدح أو في ذم علاقة أي منهما بدول مرتبطة بسياسة كاتب المقارنة.


(ب) هذه الانتقائية والمثالية والانحيازية من سمات الأسلوب الديني أو هي سمات سادت فيه.
كذلك يظهر في الكلام المثنوي عن علمانية ودينية أسلوب برجوازي اصيل قوامه التصوير اللاطبقي لأمور الثقافة والمجتمع والدولة، وهو أيضاً تصوير شبه للتصوير الديني.

(ج) النتيجة من تفضيل نظام معين باستعمال هذا الأسلوب الترجيحي هي تكرار سلبيات النظام المرفوض (سواء كان علمانياً أو دينياً)


2 - تحقيق العلمانية يحتاج ثورة طبقية:
(أ) العلمانية في اوروبا لم تكن نتيجة مصادفة أو نتيجة أفكار مجردة بل نشأت مرتبطة بمصالح الطبقة الصاعدة وبثورتها وتمكين المصالح والثورة من حكم وتنظيم المجتمع.

(ب) كان حدوث العلمانية نتيجة وخلاصة لنضال ومصالح الطبقة الصاعدة وسيطرتها على الحكم وليست لاحقة له، بمعنى ان الانتصار الطبقي شرط لها، لكنها لايمكن ان تسبقه في دولة دينية ومجتمع ديني.
من ثم تبدو فكرة تأجيل الثورة الطبقية إلى زمن تحدث فيه ثورة علمانية هو نوع من التأجيل المفتوح لأن تضاد معيشة غالبية الكادحين ومصلحة تماسيح السوق (مع فكرة ربط الرزق بالإيمان) يؤسس حالة تزيد توليد أو نفوذ الأفكار الدينية السياسية.


3 - دعم علمانية وليبرالية غرب أوروبا وأمريكا للإسلام السياسي ودعمهم للإرهاب:
بأشكال متنوعة قامت فئات الحكم البرجوازية واللببرالية الغرب أوروبية وعموم النظم العلمانية لدول مراكز الامبريالية وحلف الناتو ونظام البترودولار وآلة الدعاية الغربية قامت بدعم عناصر وعلاقات نموء قوى الإسلام السياسي في اليمن والخليج ومصر والسودان وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا إلخ. وكان هدف ذلك الدعم المشهور لعشرات السنين هو عرقلة نموء الوعي الثوري والثقافة التقدمية المؤدي إلى ثورة طبقية أو لتعطيل نموء نشاط وأهداف حكم تلك الدول.


4- فكرة الثورة الطبقية أساس نظري وعملي لتحقيق علمانية فعالة:
من الضرورة لتقدم المجتمع رفض ومقاومة أي إهمال لدور الثورة الطبقية في تغيير طبيعة الحكم، لأن إهمال موضوع الثورة الطبقية في السياسة والثقافة والمجتمع يخلق تحكماً دينياً جديد رغم انه يسمى نفسه "علمانية".


5- الدراسات الانتقادية والتغييرات الثورية ضرورة للإشتراكية والسلام
تمثل الأساليب الصورية تكراراً للشكل الديني، أما تحقيق الإشتراكية بإتباع خطوات الأسلوب العلمي في إصلاح الحاضر والمستقبل فيرتبط بإجراء دراسات انتقادية عميقة للماضي والحاضر والأهم دراسات تكريب المستقبل، وطالما إن الدراسات بدون عمل غير مجدية لذلك مهم أيضاً لتغيير الوضع السياسي وثقافته إحداث تغييرات عميقة في بنية الإقتصاد السياسي وتكويناته الإجتماعية.

في هذا السياق عن صراع شكلي الحكم البرجوازيين الديني والعلماني مهم النظر إلى طبيعة اسهامات بورليخ Michael Burleigh وكشفه صراع القوتين الطبقيتين للتسلط في أوروبا والعالم، سواء أخذت شكلاً آيدبولوجياً دينياً أو شكلاً آيديولوجياً علمانياً.
أول تلك الإسهامات ينبه للشكل الديني الذي أخذته فكرة العلمانية كعبادة للمال (اله، ونصوص، وكهنة وتكفير):
Earthly Power, Religion and Politics in Europe from the French Revolution to the Great War
والثاني اسمه:
Sacred Causes: Religion and Politics from the European Dictators to Al Qaeda
ومنه:
Sacred Causes: The Clash of Religion and Politics, from the Great War to the War on Terror
والجديد منهما عن ثقافة الإرهاب:
Blood and Rage: A Cultural History of Terrorism
موضوعات شبيهة في مجلة:
Totalitarismus und Demokratie and Ethnic and Racial Studies